الاثنين، 6 يناير 2020

إنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ

إنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ

"أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، التَقَى هو والمُشْرِكُونَ، فَاقْتَتَلُوا، فَلَمَّا مَالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى عَسْكَرِهِ، ومَالَ الآخَرُونَ إلى عَسْكَرِهِمْ، وفي أَصْحَابِ رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ رَجُلٌ، لا يَدَعُ لهمْ شَاذَّةً ولَا فَاذَّةً إلَّا اتَّبَعَهَا يَضْرِبُهَا بسَيْفِهِ، فَقالَ: ما أَجْزَأَ مِنَّا اليومَ أَحَدٌ كما أَجْزَأَ فُلَانٌ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أَما إنَّه مِن أَهْلِ النَّارِ، فَقالَ رَجُلٌ مِنَ القَوْمِ: أَنَا صَاحِبُهُ، قالَ: فَخَرَجَ معهُ كُلَّما وقَفَ وقَفَ معهُ، وإذَا أَسْرَعَ أَسْرَعَ معهُ، قالَ: فَجُرِحَ الرَّجُلُ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ بالأرْضِ، وذُبَابَهُ بيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحَامَلَ علَى سَيْفِهِ، فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَخَرَجَ الرَّجُلُ إلى رَسولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَقالَ: أَشْهَدُ أنَّكَ رَسولُ اللَّهِ، قالَ: وما ذَاكَ؟ قالَ: الرَّجُلُ الذي ذَكَرْتَ آنِفًا أنَّهُ مِن أَهْلِ النَّارِ، فأعْظَمَ النَّاسُ ذلكَ، فَقُلتُ: أَنَا لَكُمْ به، فَخَرَجْتُ في طَلَبِهِ، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَدِيدًا، فَاسْتَعْجَلَ المَوْتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِهِ في الأرْضِ وذُبَابَهُ بيْنَ ثَدْيَيْهِ ثُمَّ تَحَامَلَ عليه فَقَتَلَ نَفْسَهُ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عِنْدَ ذلكَ: إنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ، فِيما يَبْدُو لِلنَّاسِ، وهو مِن أَهْلِ النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ، فِيما يَبْدُو لِلنَّاسِ، وهو مِن أَهْلِ الجَنَّةِ".الراوي : سهل بن سعد الساعدي - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 2898 -خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر=

الشرح:
يَحْكي سَهْلُ بنُ سَعدٍ رضي الله عنه أنَّ رَسولَ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلَّم التَقى هو والمُشْرِكونَ فاقْتَتَلوا، فَلَمَّا مالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلَّم إلى عَسْكَرِه، أي: رَجَعَ بَعدَ فَراغِ القِتالِ في ذَلِكَ اليَومِ، ومالَ الآخَرونَ إلى عَسْكَرِهم، وفي أصْحابِ رَسولِ الله صَلَّى الله عليه وسلَّم رَجُل لا يَدَع لِلْمُشْرِكينَ "شاذَّة"، وهي: الَّتي تَكونُ مَعَ الجَماعةِ ثُمَّ تُفارِقُهم، "وَلا فاذَّةَ" وهي: الَّتي لَم تَكُنْ قَدْ اخْتَلَطَتْ بِهم أصلاً، إلَّا اتَّبَعَها يَضرِبُها بِسَيْفِه، أي: أنَّه لا يَرى شَيئًا إلَّا أتى عليه فَقَتَلَه، فَقالوا"ما أجْزَأَ"، أي: ما أغْنى مِنَّا اليَومَ أحَدٌ كَما أجْزَأَ فَلانٌ، فَبَيَّن صَلَّى الله عليه وسلَّم بِوَحْيٍ مِن اللهِ أنَّه مِن أهْلِ النَّارِ، فَقالَ رَجُلٌ مِن القَومِ: أنا "صاحِبُه"، أي: أصْحَبُه وأُلازِمُه لِأَنظُرَ السَّببَ الَّذي يَصيرُ به مِن أهْلِ النَّارِ؛ فَإنَّ فِعْلَه في الظَّاهِرِ جَميلٌ، وقَدْ أخْبَرَ صَلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه مِن أهْلِ النَّارِ، فلا بُدَّ لَه مِن سَبَب عَجيبٍ. فَيَحكي هَذا الرَّجُلُ أنَّه خَرَجَ معه فَكُلَّما وقَفَ وقَفَ معه، وإذا أسْرَعَ أسْرَع معَه، قالَ: فَجُرِحَ الرَّجُل جُرْحًا شَديدًا فاستَعْجَلَ المَوتَ، فَوَضَعَ نَصْلَ سَيْفِه في الأَرْضِ "وَذُبابَه"، أي: طَرَفَه الَّذي يَضرِب بِه بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحامَلَ، أي: مالَ عَلى سَيْفِه فَقَتَلَ نَفسَه، فَخَرَجَ الرَّجُلُ المُصاحِبُ لَه إلى رَسولِ اللهِ صَلَّى الله عليه وسلَّم، فَقالَ: أشْهَدُ أنَّك رَسولُ اللهِ، فَسَأَلَه: وما ذاكَ؟ فأَجابَه: الَّذي ذَكَرْتَ آنِفًا، أي: الآنَ أنَّه مِن أهْلِ النَّارِ، فَأَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِكَ، أي: كَبُرَ عليهم ذَلِكَ، فَقُلْتُ: أنا لَكُم بِه، فَخَرَجتُ في طَلَبِه، ثُمَّ جُرِحَ جُرْحًا شَديدًا، فاسْتَعْجَلَ المَوتَ فَوَضَعَ سَيْفَه في الأَرضِ وذَبابَه بَيْنَ ثَدْيَيْهِ، ثُمَّ تَحامَلَ عليه فَقَتَلَ نَفسَه. فَقالَ صَلَّى الله عليه وسلَّم عِندَ ذَلِكَ: إنَّ الرَّجُلَ ليَعمَل عَمَلَ أهْلِ الجَنَّةِ فيما يَبْدو، أي: يَظهَر لِلنَّاسِ وهو مِن أهْلِ النَّارِ، وإنَّ الرَّجُلَ ليَعمَل عَمَلَ أهْلِ النَّارِ فيما يَبْدو لِلنَّاسِ وهو مِن أهْلِ الجَنَّةِ.
في الحَديثِ: التَّحذيرُ مِن الِاغْتِرارِ بالأَعمالِ، وأنَّه يَنبَغي لِلعَبدِ ألَّا يَتَّكِلَ عليها ولا يَرْكَنَ إليها مَخافةً مِن انْقِلابِ الحالِ. = الدرر=

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق