الخميس، 24 أبريل 2014

جواهر القواعد المثلى

دورة شرح متن القواعد المثلى

لتحميل الكتاب الإلكتروني
القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى
لمؤلفه : الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين
رحمه الله
هنا
ونسخ الكتاب
هنا
نسخة المتن والشرح
هنا

وهذا رابط تصفح الكتاب ( المتن)

هنا 


  بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه

مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ

فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.

وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ

إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ»
[آل عِمْرَان:١٠٢].

«يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ

وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً

وَاتَّقُوا اللَّـهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّـهَ كَانَ

عَلَيْكُمْ رَقِيبًا»
[النِّسَاء:١].

«يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّـهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا *

يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّـهَ

وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا» [الْأَحْزَاب:٧٠-٧١].

أَمَّا بَعْدُ:

فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّـهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ

مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا،

وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.

ثم أَمَّا بَعْدُ:
إن خير ما أنفق فيه الإنسان عمره، وأوقاته وأنفاسه طلب

العلم وتعلم العلم وتعليمه، الذي هو من أفضل العبادات

وأجل القربات

فإن الاشتغال بالعلم النافع المستمد من كتاب الله عز وجل

وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم والعمل بهذا العلم هو

سبيل الفلاح وسبب السعادة في الدنيا والآخرة لأن هذا

العلم هو ميراث النبوة الذي من أخذ به أخذ بحظ وافر

ولأن العمل بهذا العلم مبني على جادة قويمة

وصراط مستقيم ، لذا نقدم قبسة من قبسات علم المعتقد ،

نظرًا لأهمية دراسة المعتقد

فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)1، وإن أعظم الفقه في الدين هو الفقه الأكبر كما سماه السلف الصالح، أعني: فقه العقيدة والأصول والمسلمات والثوابت التي يقوم عليها الدين،

شرح مجمل أصول أهل السنة
1
«من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين . وإنما أنا قاسم ويعطى الله»
الراوي: معاوية بن أبي سفيان المحدث: مسلم - المصدر:
صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1037
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية

قال مسلم في صحيحه

1721 1037- وَحَدَّثَنِي حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ،قال:أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ حَدَّثَنِي حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ
" سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَخْطُبُ يَقُولُ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ
«مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَيُعْطِي اللَّهُ»

صحيح مسلم - كِتَاب الزَّكَاةِ - لا تلحفوا في المسألة فوالله لا يسألني أحد منكم شيئا فتخرج له مسألته مني شيئا وأنا له كاره فيبارك له فيما أعطيته
موقع الإسلام
*مقدمة لدورة 
جواهر القواعد المثلى




قواعد وأصول في منهج تلقي العقيدة السلفية

أولًا: مصدر العقيدة هو الكتاب والسنة الصحيحة وإجماع السلف الصالح:
هذه المصادر هي أساس دين الإسلام، ويرتكز على ثلاثة أصول وهي:
1 ـ تعظيم النصوص الشرعية والانقياد لها.
2 ـ الاعتماد على الأحاديث الصحيحة.
3 ـ صحة فهم النصوص.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فَمَنْ بَنَى الْكَلَامَ فِي الْعِلْمِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ الْمَأْثُورَةِ عَنْ السَّابِقِينَ فَقَدْ أَصَابَ طَرِيقَ النُّبُوَّةِ وَكَذَلِكَ مَنْ بَنَى الْإِرَادَةَ وَالْعِبَادَةَ وَالْعَمَلَ وَالسَّمَاعَ الْمُتَعَلِّقَ بِأُصُولِ الْأَعْمَالِ وَفُرُوعِهَا مِنْ الْأَحْوَالِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالسُّنَّةِ وَالْهَدْيِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ فَقَدْ أَصَابَ طَرِيقَ النُّبُوَّةِ وَهَذِهِ طَرِيقُ أَئِمَّةِ الْهُدَى ([1]).

([1])مجموع الفتاوى (2/278).


ثانيًا: كل ما صح من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجب قبوله والعمل به، وإن كان آحادًا في العقائد والأحكام وغيرها:
لأن كل ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو حق وصدق ولا ريب فيه، قال تعالى: "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" ]النجم: 2-3[.
وقد أمر الله سبحانه بطاعة نبيه -صلى الله عليه وسلم- فقال تعالى: "وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" ]الحشر: 7[.

ثالثًا: المرجع في فهم الكتاب والسنة، هو النصوص المبينة لها بفهم السلف الصالح:
قال عمر بن الخطاب في رسالته لأبي موسى الأشعري: ثُمَّ الْفَهْمَ الْفَهْمَ فِيمَا أَدْلَى إلَيْك مِمَّا وَرَدَ عَلَيْك مِمَّا لَيْسَ فِي قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ، ثُمَّ قَايِسْ الْأُمُورَ عِنْدَ ذَلِكَ وَاعْرَفْ الْأَمْثَالَ، ثُمَّ اعْمِدْ فِيمَا تَرَى إلَى أَحَبِّهَا إلَى اللَّهِ وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ ([2]).


([2]) جزء من رسالة عمر رضي الله عنه، لأبي موسى الأشعري، أخرجها الدارقطني في السنن (4381)، وابن أبي الدنيا في القضاء (80)، والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (1/492).
قال ابن تيمية في منهاج السنة (6/71) (ورسالة عمر المشهورة في القضاء إلى أبي موسى الأشعري تداولها الفقهاء، وبنوا عليها واعتمدوا على ما فيها من الفقه، وأصول الفقه).
وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (4/196) (وساقه ابن حزم من طريقين، وأعلهما بالانقطاع، لكن اختلاف المخرج فيها مما يقوي أصل الرسالة، لا سيما في بعض طرقه أن راويه اخرج الرسالة مكتوبة).
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين ( 1/76) (وهذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول، وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة، والحاكم والمفتي أحوج شيء إليه وإلى تأمله والتفقه فيه).
وللشيخ مشهور حسن حفظه الله بحث قيم ومفيد في تخريج هذه الرسالة في تحقيقه لإعلام الموقعين (2/ 159 – 163).





قال ابن القيم: صِحَّةُ الْفَهْمِ وَحُسْنُ الْقَصْدِ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى عَبْدِهِ، بَلْ مَا أُعْطِيَ عَبْدٌ عَطَاءً بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ وَلَا أَجَلُّ مِنْهُمَا، بَلْ هُمَا سَاقَا الْإِسْلَامِ، وَقِيَامُهُ عَلَيْهِمَا، وَبِهِمَا يَأْمَنُ الْعَبْدُ طَرِيقَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ فَسَدَ قَصْدُهُمْ وَطَرِيقُ الضَّالِّينَ الَّذِينَ فَسَدَتْ فُهُومُهُمْ، وَيَصِيرُ مِنْ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ حَسُنَتْ أَفْهَامُهُمْ وَقُصُودُهُمْ، وَهُمْ أَهْلُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِينَ أُمِرْنَا أَنْ نَسْأَلَ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَنَا صِرَاطَهُمْ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، وَصِحَّةُ الْفَهْمِ نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ، يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ، وَالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَالْغَيِّ وَالرَّشَادِ، وَيَمُدُّهُ حُسْنَ الْقَصْدِ، وَتَحَرِّي الْحَقَّ، وَتَقْوَى الرَّبِّ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَتَقْطَعُ مَادَّتُهُ اتِّبَاعَ الْهَوَى، وَإِيثَارَ الدُّنْيَا، وَطَلَبَ مَحْمَدَةِ الْخَلْقِ، وَتَرْكَ التَّقْوَى ([3]).


([3]) إعلام الموقعين (1/113).

ومن الأصول التي يجب الاعتماد عليها في فهم النصوص فهم الصحابة -رضي الله عنهم- ففيهم تكلم النبي -صلى الله عليه وسلم- و نزل الكتاب وهم معه، فهم أعلم الناس بمراد الله وبمراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاصة بعد ما كثرت البدع وقلَّ العلم وفسدت الأفهام وهجرت السنة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يَحْتَاجُ الْمُسْلِمُونَ إلَى شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَعْرِفَةُ مَا أَرَادَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَلْفَاظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِأَنْ يَعْرِفُوا لُغَةَ الْقُرْآنِ الَّتِي بِهَا نَزَلَ، وَمَا قَالَهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَسَائِرُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي مَعَانِي تِلْكَ الْأَلْفَاظِ، فَإِنَّ الرَّسُولَ لَمَّا خَاطَبَهُمْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَرَّفَهُمْ مَا أَرَادَ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ، وَكَانَتْ مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ لِمَعَانِي الْقُرْآنِ أَكْمَلَ مِنْ حِفْظِهِمْ لِحُرُوفِهِ وَقَدْ بَلَّغُوا تِلْكَ الْمَعَانِيَ إلَى التَّابِعِينَ أَعْظَمَ مِمَّا بَلَّغُوا حُرُوفَهُ ([4]).


([4]) مجموع الفتاوى (4/12).
رابعًا: أصول الدين كلها بينها النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس لأحد أن يحدث شيئًا زاعمًا أنه من الدين
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما مات إلا بعد أن أتم الله به الدين، قال تعالى: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"


المائدة: 3.

العقل الصريح موافق للنقل الصحيح:
العقل خلق الله والدين أمره، فلا يمكن أن يتعارض الخلق والأمر؛ لأن كلاهما من الله -عز وجل- وكلاهما على الكمال والحق .

- اعلم أن للعقل منزلة عظيمة في دين الله، فقد جعله الله أداة للفهم ومناطًا للتكليف وأمر بحفظه ورعايته وحرَّم كل ما يفسده ويؤثر عليه، مثل شرب الخمر، وحثَّ الناس على التدبر والتفكر في آيات الله، قال تعالى: "أَفَلَا تَعْقِلُونَ " "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ" "أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ" "أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ". وقد ضل أناس وانحرفوا عن الصراط المستقيم في مسألة استخدام العقل، ما بين مفرطين في إهمال العقل وهم الصوفية الحُهال الذين ألغوا عقولهم، فكلما كان الشيخ أحمق وأجهل، كان بالله أعرف وعندهم أعظم.
وبين المقدسين للعقل وهم المتكلمون والجهمية ومن سار على نهجهم، فهم جعلوا العقل ندًا للشرع وحكمًا عليه، ومقدمًا عليه.

خامسًا: يحب الالتزام بالألفاظ الشرعية في العقيدة وتجنب الألفاظ البدعية التي أحدثها الناس:

ذلك حتى لا نقع في الألفاظ المحدثة التي تشتمل على معانٍ باطلة، فقد قال الله تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" البقرة: 104
سادسًا: أن العصمة للنبي -صلى الله عليه وسلم- والأمة في مجموعها معصومة من الاجتماع على ضلالة؛

لحديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يجمع الله أمتي على ضلالة" ([7]).


([7]) حسن لغيره: أبو داود (1510)، الترمذي (2167)، ابن ماجه (3950)، الحاكم (1/115)، اللفظ له.
حسنه بمجموع طرقه الألباني في الصحيحة (1331)، وكذا شيخنا العزازي في تحقيقه للفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (1/408 – 409)




إِنَّ اللهَ تعالى لا يجمَعُ أمتي على ضلالَةٍ ، و يدُ اللهِ على الجماعَةِ

الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1848- خلاصة حكم المحدث: صحيح

أما آحاد الأمةفلا عصمة لأحد منهم، وما اختلف فيه الأئمة وغيرهم فمرجعه إلى الله ورسوله، وما قام عليه الدليل، مع الاعتذار للمخطئ من مجتهدي الأمة.

ـ اعلم أن للعلماء زلات، وأنهم ليسوا مُحِقِّين على طول الخط، فإذا حكم العلماء الراسخون في العلم، بأن هناك ذلة لعالم ما فالواجب علينا رد هذه الزلة وعدم العمل بها ونعتذر للعالم؛ لأنه اجتهد فأخطأ.


ـ اعلم أن لكل مجتهد نصيب وليس كل مجتهد مصيب([1])، لحديث عمرو بن العاص : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" ([2]).




([1]) انظر للفائدة: كتاب تنبيه الهُمام فيمن لهم أجران (39 – 41) للمؤلف.

([2]) متفق عليه: البخاري (7352)، مسلم (1716).



"إذا حكم الحاكمُ فاجتهد ثم أصاب فله أجرانِ ، وإذا حكم فاجتهدَ ثم أخطأَ فله أجرٌ"

الراوي: عمرو بن العاص المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7352- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]



أصل المعلومة مستقى من الألوكة


إنمن أعظم مباحث العقيدة التي عني بها علماء سلف الأمة، والمتعلقة بذات اللهجل في علاه وهو مبحث الأسماء والصفات، وهو من أوسع أبواب العقيدة والتييجب على المسلم أن يحتوي عقله على الاعتقاد الصحيح الذي لا يشوبه أي تشويشأو بدع ضالة، ومن باب الحرص على تسهيل فهم المعتقد السليم للأسماء والصفاتقام علماء الأمة الأفذاذ بإنشاء علم عُرف بقواعد الأسماء والصفات.
هنا





قال الشيخ السعدي-رحمه الله- في كتاب "طريق الوصول ص 4 " في معرض كلامه على كتب شيخ الإسلام:"ومن أعظم ما فاقت به غيرها, وأهمه وتفردت على سواها: أن مؤلفها رحمه الله يعتنىغاية الاعتناء بالتنبيه على القواعد الكلية, والأصول الجامعة؛ والضوابط المحيطة فيكل فن من الفنون التي تكلم بها.

ومعلوم أن الأصول والقواعد للعلوم بمنزلة الأساسللبنيان, والأصول للأشجار؛ لا ثبات لها إلا بها ,والأصول تبنى عليها الفروعوالفروع تثبت وتتقوى بالأصول ,وبالقواعد والأصول يثبت العلم ويقوى ؛ وينمى نماءاًمطرداً ,وبها تعرف مآخذ الأصول ,وبها يحصل الفرقان بين المسائل التي تشتبه كثيراً"


وقال الشيخ السعدي –أيضا:"من محاسن الشريعة وكمالها وجلالهاأن أحكامها الأصولية والفروعية ,والعبادات والمعاملات,وأمورها كلها لها أصول وقواعدتضبط أحكامها وتجمع متفرقاتها ,وتنشر فروعها ؛ وتردها إلى أصولها ,فهي مبنية على الحكمةوالصلاح ؛ والهدى والرحمة,والخير والعدل ؛ ونفى أضداد ذلك."الرياض الناضرة المطبوع ضمنالمجموعة الكاملة(1 /522).

وقال الإمام الزركشي رحمه الله في المنثور في القواعد(1/ 6566 -):

"فإن ضبط الأمورالمنتشرة المتعددة في القوانين المتحدة, هي أوعى لحفظها ,وأدعى لضبطها ,وهى إحدىحِكَم العدد التي وُضع لأجلها ,والحكيم إذا أراد التعليم لابد أن يجمع بينبيانين :إجمالي تتشوف إليه النفس ,وتفصيلي تسكن إليه."
هنا
أهمية العلم الشرعي


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أما بعد:
فإن للعلم الشرعي أهمية كبرى في الإصلاح، وفي الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ولهذا أمر الله سبحانه وتعالى بالعلم، وحث عليه، وأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وحث عليه، وكان سلف الأمة يتميز بالاهتمام بالعلم، والاشتغال به، والعناية بتحصيله، ونحن أحوج ما نكون إلى العلم الشرعي لا سيّما في مثل هذه الأوقات، وفي مثل هذه الأزمان التي انتشر فيها الفساد العقائدي والأخلاقي إلى درجة كبيرة، فالعناية بالعلم أمر مهم جداً بالنسبة للدعاة إلى الله سبحانه وتعالى.


يقول الله سبحانه وتعالى: "فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ "[محمد:19]، ويقول سبحانه وتعالى: "شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "[آل عمران:18]، وروى البخاري عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين).
فالفقه في الدين علامة على إرادة الله سبحانه وتعالى لصاحب العلم الخير، فهو يعلم الإنسان صحة عقيدته وصحة عمله، ويعلمه الأخلاق والآداب الفاضلة، وكذلك يعلمه كيفية تصحيح عقائد الناس، وكيفية تصحيح أعمالهم وأخلاقهم وأهدافهم، والدعوة إذا خلت من العلم فهي دعوة فاشلة وباطلة؛ لأنها ستكون من البدع، وسيدعو صاحبها إلى البدع والضلالات والانحرافات، وكما وقع في تاريخ المسلمين من أشخاص ينتسبون إلى الدعوة، ويشتغلون بها، فلما اشتغلوا بها على غير بصيرة وعلى غير علم شرعي وقعوا في البدع وفي الضلالات.
ولهذا فإن رموز أهل البدع في تاريخ المسلمين كلهم ليسوا من أهل العلم، ولا يعرفون بالاشتغال بالعلم، فمثلاً: من أكبر الطوائف الضالة المنحرفة في تاريخ المسلمين الجهمية، ورأسها هو الجهم بن صفوان ، وهو لا يعرف عند أهل العلم بطلب للحديث، ولا بطلب للفقه، ولا العناية ولا اشتغال به، وكذلك أئمة البدع والضلالات على مر العصور لا يعرفون بالعلم، ولا يعرفون باشتغالهم بالعلم واهتمامهم به، ولهذا وقعت منهم هذه البدع، وأصبحوا ضالين مضلين، والعياذ بالله.
ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه في آخر الزمان عندما تظهر الفتن في حياة الناس يكون سبب ذلك انتشار وبروز الجهل، وخفاء العلم، ونسيانه عند الناس.
وأول شرك وقع فيه الإنسان كان بسبب نسيان العلم، وظهور الجهل، فوقع الشرك في أول أمة شركية وهم قوم نوح، ثم بعد ذلك جاء التوحيد على يد نوح عليه السلام، ثم بعد ذلك وقع الشرك، وهكذا حتى جاء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأظهر التوحيد والتزمت به هذه الأمة.
فالعلم الشرعي له أهمية كبرى في الإصلاح، وفي الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وبين الدعوة وبين العلم ارتباط كبير جداً، وقد عني السلف الصالح رضوان الله عليهم بعلم العقيدة بالذات؛ وسبب ذلك: أن علم العقيدة هو الذي يبنى عليه صحة دين الإنسان، يعني: كونه مسلماً أو غير مسلم، وكونه من أهل الجنة الخالدين فيها، أو من أهل النار الخالدين فيها، وهذا مبني على العقيدة؛ ولهذا اعتنوا بها اعتناء كبيراً، وشرحوها ووضحوها في واقعهم العملي وفي مصنفاتهم التي كتبوها للناس.
هنا

جوانب عناية السلف بالعقيدة


وكانت عناية السلف الصالح رضوان الله عليهم بالعقيدة من جانبين:
الجانب الأول: هو تصحيح العقيدة.
والجانب الثاني: هو تعميق العقيدة في النفوس.
أما تصحيح العقيدة فهو: إزالة الشوائب التي قد تعلق بها سواءً من أهل البدع والضلالات، أو من تسويلات الشيطان ووساوسه التي يحدثها في نفس الإنسان، ولهذا أوضحوا العقائد وبينوها، وصححوها تصحيحاً واضحاً، وتصحيح السلف رضوان الله عليهم لهذه العقيدة اتخذ مسلكين:
المسلك الأول: هو مسلك عرض العقيدة.
والمسلك الثاني: هو مسلك الرد على الطوائف الضالة في العقيدة.


وممن كتب مثلاً في عرض العقيدة وشرحها الإمام اللالكائي رحمه الله في كتابه شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، ومنهم عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه السنة، والبربهاري في كتاب شرح السنة، وعدد كبير من أهل العلم ألفوا كتباً سموها بالسنة، ومن الأئمة المشهورين البخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة، فقد جعلوا في مصنفاتهم كتباً عن العقائد، مثلاًً: كتاب الإيمان، والرد على الجهمية وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، وكتاب التوحيد والرد على المرجئة والجهمية، وغيرهم ممن أفرد كتباً خاصة بالسنة وبالعقيدة، يشرحون فيها العقيدة الصحيحة، ويوضحونها للناس.
وكذلك صححوا عقائد الناس عن طريق الرد على الفرق الضالة، فهذا الدارمي رحمه الله يصنف كتاباً يسميه: الرد على الجهمية، وكذلك الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله له كتاب سماه: الرد على الجهمية والزنادقة، وهناك عدد كبير من الأئمة صنفوا في الرد على الجهمية مثل ابن مندة رحمه الله فله كتاب في الرد على الجهمية، وبعض الأحيان قد يأخذون علماً من أعلام أهل البدع ويردون عليه، مثل رد الدارمي رحمه الله على بشر المريسي الحنفي بالذات، وقد خصوه برد خاص؛ لأنه كان إمام المعتزلة في زمانه، وعن بشر المريسي أخذ ابن أبي دؤاد الذي استطاع أن يقنع المأمون بفكرة خلق القرآن، وحصلت بعد ذلك الفتنة المشهورة والتي هي فتنة خلق القرآن، وامتحن بها أئمة أهل السنة، ونصر الله سبحانه وتعالى أئمة أهل السنة، وظفروا على أهل البدع، ومنذ ذلك الوقت أفل نجم المعتزلة فلم يظهر بعدها.
إذاً: هذه الجهة الأولى وهي تصحيح العقيدة.
الجهة الثانية: وهي تعميق العقيدة في النفوس، ومعنى ذلك: العناية والاشتغال بأعمال القلوب مثل: محبة الله سبحانه وتعالى، والخوف منه، والرجاء، والإنابة، والتوكل، والخشوع.. ونحو ذلك من أعمال القلوب، وهي من أعظم أعمال الإيمان، وهي من العقيدة؛ لأنه في فترة من الفترات ظن كثير من المنتسبين إلى السنة أن العقيدة هي مجرد عرض لبعض الأفكار في أسماء الله وفي صفاته وفي التوحيد وفي الإيمان، والرد على الفرق الضالة فقط، وظنوا أن هذه هي العقيدة، والعقيدة أشمل وأكبر من ذلك، فالعقيدة تعني: امتثال الاعتقاد الصحيح عملياً، وبناءه في النفس، ثم بعد ذلك إذا وجد ضلال في الاعتقاد فإنه يصحح، وإذا وجدت فرقة ضالة فإنه يرد عليها، والرد على أهل الضلال فرع من العقيدة وليس بأصل، فالأصل هو تعميق العقيدة في النفوس، ولهذا فإن آيات القرآن عنيت عناية كبيرة جداً في الاهتمام بتعميق الاعتقاد في نفوس الناس، فالسور المكية تتحدث كثيراً عن أسماء الله وعن صفاته، وتتحدث عن الإيمان، وعن معسكر أهل الإيمان، وتتحدث عن الكفر، وعن معسكر أهل الكفر، وعن صفات المؤمنين وعن صفات الكفار، وتميز بينهم، ففيها تمييز لصفوف أهل الإيمان وأهل الكفر، فالقرآن الكريم مليء بالعقيدة، بل لا تخلو آية من القرآن إلا وهي مبنية بناءً عقدياً، حتى الآيات التي تتحدث عن الأحكام الفقهية ففي الغالب تنتهي باسم من أسماء الله، قال تعالى: وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة:228]، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:218]، وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [آل عمران:154]، وحتى الآيات التي في الطلاق، والرجعة، والتي في البيع والشراء، والتي في الأموال، وهكذا نجد أنها تربط الإنسان بالعقيدة، وتبني الأحكام على العقائد، فالعقائد هي الأصول التي يبنى عليها كل شيء، فالأخلاق تنبني على العقائد، وكذلك الأعمال تنبني على العقائد، فالعقائد هي أصل وكل شيء يبنى عليها، ومن قوة المنهج السلفي أنه يربط كل شيء بالعقيدة، ويربط كل حياة الناس بالعقيدة فهو يربط الفقه بالعقيدة، ويربط السلوك والأخلاق بالعقيدة، ويربط السياسة بالعقيدة، ويربط اجتماعهم بالعقيدة، ويربط حياتهم الأسرية بالعقيدة، إذاً فالعقيدة قضية مهمة، ينبغي إدراكها والعناية بها.
والخلاف وقع في باب الأسماء والصفات، بالذات عندما ظهر الجعد بن درهم ، وقد ظهرت بوادر لهذا الخلاف في بداية زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقضي عليها، وقد جاء في الحديث: (أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يتناقشون في القدر، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغضب كأنما فقئ في وجهه حب الرمان ونهاهم، وقال: أبهذا أمرتم؟ تضربون كتاب الله بعضه ببعض؟!) فنهاهم عن ذلك.
وهذه حادثة وقعت وطريقة من طرق دراسة العقيدة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فكف الصحابة رضوان الله عليهم، لما نهاهم أن يضربوا كلام الله بعضه ببعض بغير علم.
الحادثة الثانية وقعت في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهي قصة صبيغ بن عَسَل أو ابن عِسْل أو ابن عِسَل المشهورة، وهو أنه كان يتتبع ويشتغل بعناية المتشابه، مثل قوله تعالى: وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا فناداه عمر وقال له: من أنت؟ قال: أنا عبد الله صبيغ ، قال: وأنا عبد الله عمر ، وقد كان أعد له عراجين النخل فضربه على رأسه حتى أدمى وجهه، وقال: كفى يا أمير المؤمنين! فقد ذهب والله! ما تجد في رأسي، فتركه عمر ، وقال: لو أنك من محلوقي الرءوس لفعلت بك وفعلت، يقصد: الخوارج، ثم بعد ذلك ذهب إلى البصرة وحبس فيها، أي: فرضت عليه إقامة جبرية، فلما خرجت الخوارج بعد ذلك قالوا: هيا يا صبيغ ! أي: اخرج معنا، فقال: نفعتني موعظة العبد الصالح، يقصد عمر الذي ضربه بعرجون النخل حتى أدمى رأسه، فأوقف عمر أيضاً هذا الطراز من البحث في باب أسماء الله وصفاته، وفي باب العقيدة عموماً.
فلما تقدم الزمان، وجاء زمن الدولة العباسية ظهر فيها من يطالب بالترجمة، ومن يطالب بتراجم كتب الفلاسفة، وممن ذكر ذلك السيوطي في كتاب اسمه: المنطق والكلام، وهو عن علم المنطق والكلام، وقد ذكر: أن المأمون أرسل إلى ملك الروم يطلب منه كتب الفلاسفة، وكان قد جمعها في مكان واحد وبنى عليها سوراً لا باب له؛ حتى لا يأخذها الرومان فتفرقهم، وعندما وصلت رسالة المأمون إلى ملك الروم نصحوه أن يعطي هذه الكتب للمأمون وقالوا المقولة المشهورة: إن هذه الكتب ما دخلت في بلد إلا فرقته ومزقته، وبالفعل أرسلها إلى المأمون ثم بعد ذلك ترجمت كتب الفلاسفة، وكانت هذه الترجمة وصمة عار في تاريخ المسلمين؛ لأن المسلمين ليسوا بحاجة إلى الفكر اليوناني الوثني في العقائد، فإن الله عز وجل أغنانا بالعقيدة الصحيحة، وبما ذكره في كتابه عن الكون، وعن الإنسان، وعن العقيدة التي ينبغي للإنسان أن يتمناها بعد الموت، ولهذا تعتبر هذه الحادثة من أعجب الحوادث؛ لأن العادة أن الأمة الضعيفة هي التي تأخذ من علوم الأمة القوية ومن أفكارها مثل حال العالم الإسلامي الآن فإنه يتقبل ما عند العالم الغربي من أفكار ونظريات، وهناك من يروج لها في حياة المسلمين اليوم، لكن العجيب أن الأمة في تلك الفترة كانت من أقوى الأمم، وكانت أمة رائدة قوية مسيطرة، ومع هذا أخذت من التراث اليوناني، وأصبح غزواً يونانياً على بلاد المسلمين.
فترجمت الكتب الفلسفية التي تتحدث عن الله، وعن الكون، وعن الإنسان، وعن النبوة، وعن العقائد، ترجمة هذه الكتب أثر تأثيراً كبيراً في عقول كثير ممن قرأها ممن ليس مشتغلاً بالعلم الشرعي، كما أن مناقشات كثير من هؤلاء الجهلة لأصحاب الديانات الأخرى، كالبوذية والديصانية وغيرها من الديانات الأخرى أثرت تأثيراً كبيراً في عقائد هؤلاء الأشخاص، وظهر مثل الجعد بن درهم الذي يقول: إن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً، وظهر الجهم بن صفوان وأنكر صفات الله عز وجل وأسماءه، وقال: ليس لله صفات وليس له أسماء، وإذا سئل: أين الله؟ قال: هذا الهواء الذي يجري بيننا، وسبب ذلك: أنه ناقش طائفة من الطوائف الضالة تسمى السمنية، وهؤلاء ينكرون الأشياء غير المحسوسة، أي: أنهم ينكرون الغيب، فقالوا للجهم : أين إلهك؟ صفه لنا؟ هل هو شيء تحسه؟ قال: لا، قالوا له: هل هو شيء تذوقه؟ قال: لا، قالوا: هل هو شيء تراه؟ قال: لا، قالوا: إذن أين إلهك؟! يقول المؤرخون: فاعتكف الجهم في بيته أربعين يوماً لا يصلي، ثم بعد ذلك خرج على الناس وقال: إن إلهي هو هذا الهواء وليس له اسم وليس له صفة، وهذا أشبه ما يكون بالإلحاد، فأنكر وجود الله عز وجل لكن بطريقة أخرى.
والمهم: أنها ظهرت بوادر طوائف تنفي صفات الله عز وجل، وصنفوا الكتب في ذلك وكتبوها، وصارت لهم طوائف وسموا بأهل الكلام؛ لأنهم اشتغلوا فيما لا فائدة فيه. قال بعضهم: إن أول مسألة نوقشت هي مسألة كلام الله عز وجل، وقال بعضهم غير هذا.
الشاهد: هو أن هذه الدراسة ستكون في باب واحد من أبواب العقيدة وهو باب الأسماء والصفات، وأبواب العقيدة كثيرة: باب الإيمان، باب التوحيد: توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، باب البعث والحياة البرزخية، باب النبوات.. وأبواب كثيرة.
وهذا باب توحيد الأسماء والصفات، والذي حواه هذا الكتاب المسمى: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى.
هنا



الحديث الآحاد

هنا

تاريخ العقيدة وتدوينها 

ترجمة لحياة الشيخ
محمد بن صالح العثيمين


من منا في الأوساط العلمية لا يعرف الشيخ ابن عثيمين وهو

الذي ملأ ذكره الدنيا وشاع علمه في الآفاق وشهد القاصي

والداني بفضله وعلو مكانته، ونعرض ومضات من ترجمته

،رغبة منا في أن تكون سيرة هذا الشيخ الجليل وغيره من

العلماء المخلصين الناصحين السائرين على نهج السلف الصالح

رضوان الله عليهم حافزاً إيمانياً وفرصة عظيمة للاستفادة من

الدروس والعبر التي تزخر بها أيامهم للتأسي

بهم واقتفاء آثارهم.

إنه ذلك العالم الجليل والمربي الفاضل والقدوة الصالحة والطود

الشامخ في العلم والزهد والصدق والإخلاص والتواضع والورع

والفتوى شيخ التفسير، والعقيدة والفقه، والسيرة النبوية

والأصول والنحو وسائر العلوم الشرعية، الداعي إلى الله

بصيرة المشهود له بصدق العمل، ومواقف الخير والدعوة

والإرشاد والإفتاء الذي انتفع بعلمه المسلمين في شتى أنحاء

العالم الإسلامي والذي أجمعت القلوب على قبوله ومحبته

وفضله وعلو مرتبته فضيلة شيخنا فقيد البلاد والأمة الإسلامية

العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله رحمة واسعة

وأسكنه الفردوس الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين

والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

اسمه ومولده:

هو أبو عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن

سليمان بن عبد الرحمن العثيمين الوهيبي التميمي.

كان مولده في ليلة السابع والعشرين من شهر

رمضان المبارك عام 1347هـ، في مدينة

عنيزة –إحدى مدن القصيم- بالمملكة العربية السعودية.

نشأته العلمية:

تعلم القرآن الكريم على جده من جهة أمه عبد

الرحمن بن سليمان الدامغ –رحمه الله- ثم تعلم

الكتابة وشيئاً من الأدب والحساب والتحق بإحدى

المدارس وحفظ القرآن عن ظهر قلب في سن

مبكرة، ومختصرات المتون في الحديث والفقه.

وكان فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي

رحمه الله- قد رتب من طلبته الكبار لتدريس

المبتدئين من الطلبة وكان منهم الشيخ محمد بن

عبد العزيز المطوع –رحمه الله-

فانضم إليه فضيلة شيخنا.

ولما أدرك ما أدرك من العلم في التوحيد والفقه

والنحو جلس في حلقة شيخه فضيلة الشيخ

العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي –رحمه الله-

فدرس عليه في التفسير والحديث والتوحيد

والفقه وأصوله والفرائض والنحو.



ويعتبر الشيخ عبد الرحمن السعدي شيخه الأول الذي

نهل من معين علمه وتأثر بمنهجه وتأصيله واتباعه

للدليل وطريقة تدريسه وتقريره وتقريبه العلم

لطلابه بأيسر الطرق وأسلمها، وقد توسم فيه

شيخه النجابة والذكاء وسرعة التحصيل فكان

به حفياً ودفعه إلى التدريس وهو لا يزال طالباً

في حلقته، قرأ على الشيخ عبد الرحمن بن علي

ابن عودان –رحمه الله- في علم الفرائض

حال ولايته القضاء في عُنَيْزَة.

وقرأ على الشيخ عبد الرزاق عفيفي –رحمه الله-

في النحو والبلاغة أثناء وجوده في عُنَيْزَة

ولما فتح المعهد العلمي بالرياض

أشار عليه بعض إخوانه أن يلتحق به فاستأذن

شيخه عبد الرحمن السعدي فأذن له فالتحق

بالمعهد العلمي في الرياض سنة 1372هـ

وانتظم في الدراسة سنتين انتفع فيهما بالعلماء

الذين كانوا يدرسون في المعهد حينذاك ومنهم

العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي والشيخ

عبد العزيز بن ناصر بن رشيد والشيخ عبد

الرحمن الأفريقي وغيرهم (رحمهم الله).

واتصل بسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن

عبد الله بن باز –رحمه الله- فقرأ عليه في

المسجد من صحيح البخاري، ومن رسائل شيخ

الإسلام ابن تيمية وانتفع منه في علم الحديث

والنظر في آراء فقهاء المذاهب والمقارنة بينها

ويعتبر سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز

شيخه الثاني في التحصيل والتأثر به.

وتخرج من المعهد العلمي ثم تابع دراسته الجامعية انتساباً

حتى نال الشهادة الجامعية من جامعة الإمام محمد بن سعود

الإسلامية في الرياض.
أعماله ونشاطه العلمي



بدأ التدريس منذ عام 1370هـ في الجامع الكبير بعُنَيْزَة

على نطاق ضيق في عهد شيخه عبد الرحمن السعدي وبعد أن




تخرج من المعهد العلمي في الرياض عين مدرساً في المعهد





العلمي بعنيزة عام 1374هـ.

  • وفي سنة 1376هـ توفي شيخه عبد الرحمن السعدي
رحمه الله- فتولى بعده إمامة المسجد بالجامع الكبير في عنيزة



والخطابة فيه والتدريس بمكتبة عنيزة الوطنية التابعة للجامع

والتي أسسها شيخه في عام 1359هـ

*ولما كثر الطلبة وصارت المكتبة لا تكفيهم صار يدرس في

المسجد الجامع نفسه واجتمع إليه طلاب كثيرون من داخل

المملكة وخارجها حتى كانو يبلغون المئات وهؤلاء يدرسون

دراسة تحصيل لا لمجرد الاستماع – ولم يزل مدرساً في

مسجده وإماماً وخطيباً حتى توفي –رحمه الله-

* استمر مدرساً بالمعهد العلمي في عُنَيْزَة حتى عام 1398هـ

وشارك في آخر هذه الفترة في عضوية لجنة الخطط ومنهاج

المعاهد العلمية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

وألف بعض المناهج الدراسية

* ثم لم يزل أستاذاً بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود

الإسلامية بالقصيم بكلية الشريعة وأصول الدين منذ العام

الدراسي 1398-1399هـ حتى توفي –رحمه الله-

*درّس في المسجد الحرام والمسجد النبوي في مواسم الحج

وشهر رمضان والعطل الصيفية

*شارك في عدة لجان علمية متخصصة عديدة داخل المملكة

العربية السعودية

*ألقى محاضرات علمية داخل المملكة وخارجها عن طريق

الهاتف

*تولى رئاسة جمعية تحفيظ القرآن الكريم الخيرية في عنيزة

منذ تأسيسها عام 1405هـ حتى وفاته –رحمه الله-


· كان عضواً في المجلس العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للعامين الدراسيين 1398 - 1399 هـ و 1399 - 1400 هـ.


  • كان عضواً في مجلس كلية الشريعة وأصول الدين ورئيساً لقسم العقيدة فيها.
كان عضواً في هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية منذ عام 1407هـ حتى وفاته –رحمه الله-




وكان بالإضافة إلي أعماله الجليلة والمسؤوليات الكبيرة

حريصاً على نفع الناس بالفتوى وقضاء حوائجهم ليلاً ونهاراً

حضراً وسفراً وفي أيام صحته ومرضه –رحمه

الله تعالى رحمة واسعة-



*كما كان يلزم نفسه باللقاءات العلمية والاجتماعية النافعة

المنتظمة المجدولة فكان يعقد اللقاءات المنتظمة الأسبوعية مع

قضاة منطقة القصيم وأعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي

عن المنكر في عنيزة ومع خطباء مدينة عنيزة ومع كبار طلابه

ومع الطلبة المقيمين في السكن ومع أعضاء مجلس إدارة

جمعية تحفيظ القران الكريم ومع منسوبي قسم العقيدة بفرع

جامعة الإمام بالقصيم.




*وكان يعقد اللقاءات العامة كاللقاء الأسبوعي في منزله واللقاء

الشهري في مسجده واللقاءات الموسمية السنوية التي كان

يجدولها خارج مدينته فكانت حياته زاخرة بالعطاء والنشاط

والعمل الدؤوب وكان مباركاً أينما توجه كالغيث من السماء

أينما حل نفع.




*أعلن فوزه بجائزة الملك فيصل العالية لخدمة

الإسلام للعام الهجري 1414هـ

وذكرت لجنة الاختيار في حيثيات فوز

الشيخ بالجائزة ما يلي:-




أولاً : تحليه بأخلاق العلماء الفاضلة التي من أبرزها

الورع ورحابة الصدر وقول الحق والعمل لمصلحة

المسلمين والنصح لخاصتهم وعامتهم.




ثانيا ً : انتفاع الكثيرين بعلمه تدريساً وإفتاءً وتأليفاً.




ثالثاً : إلقائه المحاضرات العامة النافعة في

مختلف مناطق المملكة.




رابعاً : مشاركته المفيدة في مؤتمرات إسلامية كبيرة.




خامساً: اتباعه أسلوباً متميزاً في الدعوة إلى الله بالمملكة والموعظة الحسنة وتقديمه مثلاً حياً لمنهج السلف الصالح فكراً وسلوكاً.



كان –رحمه الله- على جانب عظيم من العلم بشريعة الله

سبحانه وتعالى عمر حياته كلها في سبيل العلم وتحصيله ومن

ثم تعليمه ونشره بين الناس يتمسك بصحة الدليل وصواب

التعليل كما كان حريصاً أشد الحرص على التقيد بما كان عليه

السلف الصالح في الاعتقاد علماً وعملاً ودعوة وسلوكاً فكانت

أعماله العلمية ونهجه الدعوي كلاهما على ذلك النهج السليم.




*لقد أتاه الله سبحانه وتعالى ملكة عظيمة لاستحضار الآيات والأحاديث لتعزيز الدليل واستنباط الأحكام والفوائد فهو في هذا المجال عالم لا يشق له غبار في غزارة علمه ودقة استنباطه للفوائد والأحكام وسعة فقهه ومعرفته بأسرار اللغة العربية وبلاغتها.




*أمضى وقته في التعليم والتربية والإفتاء والبحث والتحقيق وله اجتهادات واختيارات موفقة، لم يترك لنفسه وقتاً للراحة حتى اذا سار على قدميه من منزله إلى المسجد وعاد إلى منزله فإن الناس ينتظرونه ويسيرون معه يسألونه فيجيبهم ويسجلون إجاباته وفتاواه.



*كان للشيخ –رحمه الله- أسلوب تعليمي رائع فريد فهو يسأل ويناقش ليزرع الثقة في نفوس طلابه ويلقي الدروس والمحاضرات في عزيمة ونشاط وهمة عالية ويمضي الساعات بدون ملل ولا ضجر بل يجد في ذلك متعته وبغيته من أجل نشر العلم وتقريبه للناس.





وتتركز جهوده ومجالات نشاطه العلمي –رحمه الله- فيما يلي:-







1- باشر التعليم منذ عام 1370هـ إلى آخر ليلة من شهر

رمضان عام 1421هـ (أكثر من نصف قرن) رحمه الله رحمة

واسعة. فالتدريس في مسجده بعنيزة يومي بل انه يعقد أكثر

من حلقة في اليوم الواحد في بعض أجزاء السنة.



التدريس في المسجد الحرام والمسجد النبوي في

مواسم الحج ورمضان والعطل الصيفية.



التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.



التدريس عن طريق الهاتف داخل المملكة وخارجها عن طريق المراكز الإسلامية.



2- إلقاء المحاضرات العامة المباشرة والدروس في مساجد

المملكة كلما ذهب لزيارة المناطق.




3- الجانب الوعظي الذي كان أحد اهتماماته وقد خصه بنصيب

وافر من دروسه للعناية به وكان دائماً يكرر على الأسماع الآية

الكريمة "واعلموا أنكم ملاقوه" ويقول "والله لوكانت قلوبنا حية

لكان لهذه الكلمة وقع في نفوسنا".



4- عنايته بتوجيه طلبة العلم وارشادهم واستقطابهم والصبر

على تعليمهم وتحمل أسئلتهم المتعددة والاهتمام بأمورهم.



5- الخطابة من مسجده في عنيزة وقد تميزت خطبه –رحمه الله- بتوضيح أحكام العبادات والمعاملات ومناسباتها للأحداث والمواسم فجاءت كلها مثمرة مجدية محققة للهدف الشرعي منها.



6- اللقاءات العلمية المنتظمة والمجدولة الأسبوعية منها والشهرية والسنوية.



7- الفتاوى وقد كتب الله له القبول عند الناس فاطمئنوا لفتاواه واختياراته الفقهية.




8- النشر عبر وسائل الإعلام من إذاعة وصحافة ومن خلال الأشرطة لسهولة تداولها والاستماع اليها.




9- وأخيراً توجت جهوده العلمية وخدمته العظيمة التي قدمها

للناس في مؤلفاته العديدة ذات القيمة العلمية ومصنفاته من

كتب ورسائل وشروح للمتون العلمية طبقت شهرتها الآفاق

وأقبل عليها طلبة العلم في أنحاء العالم وقد بلغت مؤلفاته أكثر

من تسعين كتاباً ورسالة



ولا ننسى تلك الكنوز العلمية الثمينة المحفوظة في أشرطة

الدروس والمحاضرات فإنها تقدر بآلاف الساعات فقد بارك الله

تعالى في وقت هذا العالم الجليل وعمره نسأل الله تعالى أن يجعل

كل خطوة خطاها في تلك الجهود الخيرة النافعة في ميزان

حسناته يوم القيامة تبوءه منازل الشهداء والصالحين بجوار

رب العالمين.




وقد أخذت المؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

التي أنشئت هذا العام 1422هـ على عاتقها مسؤولية العناية

والاهتمام بهذا التراث الضخم الذي خلقه شيخنا رحمه الله تعالى

على تحقيق ذلك الهدف السامي الذي ينشده الجميع لجعل ذلك

العالم العزيز متاحاً ومنشوراً في مختلف الوسائل الممكنة بإذن

الله تعالى وعونه وتوفيقه
ملامح من مناقبه وصفاته الشخصية







كان الشيخ رحمه الله تعالى قدوة صالحة ونموذجاً حياً، فلم يكن


علمه مجرد دروس ومحاضرات تلقى على أسماع الطلبة


وإنما كان مثالاً يحتذى في علمه وتواضعه وحلمه وزهده


ونبل أخلاقه.




*تميز بالحلم والصبر والجلد والجدية في طلب العلم وتعليمه


وتنظيم وقته والحفاظ على كل لحظة من




*عمره كان بعيداً عن التكلف كان قمة في التواضع والأخلاق


الكريمة والخصال الحميدة وقدوة عمله




وتعبده وزهده وورعه


*وكان بوجهه البشوش اجتماعياً يخالط


الناس ويؤثر فيهم ويدخل السرور إلى




قلوبهم تقرأ البشر يتهلل من محياه والسعادة تشرق


من جبينه وهو يلقي دروسه ومحاضراته.




*كان رحمه الله عطوفاً مع الشباب يستمع إليهم ويناقشهم

ويمنحهم الوعظ والتوجيه بكل لين وأدب.

*كان حريصاً على تطبيق السنة في جميع أموره.

ومن ورعه أنه كان كثير التثبيت فيما يفتي ولا

يتسرع في الفتوى قبل أن يظهر له الدليل فكان إذا أشكل عليه


أمر من أمور الفتوى يقول انتظر حتى أتأمل المسألة،

وغير ذلك من العبارات التي توحي بورعه وحرصه على

التحرير الدقيق للسائل الفقهية.

لم تفتر عزيمته في سبيل نشر العلم حتى أنه في رحلته العلاجية

إلي الولايات المتحدة الأمريكية قبل

ستة أشهر من وفاته نظم العديد من المحاضرات في المراكز

الإسلامية والتقى بجموع المسلمين من


الأمريكيين وغيرهم ووعظهم وأرشدهم كما أمهم في صلاة الجمعة.

*وكان يحمل هم الأمة الإسلامية وقضاياها في مشارق الأرض ومغاربها

*وقد واصل –رحمه الله تعالى- مسيرته التعليمية والدعوية بعد عودته من رحلته العلاجية

فلم تمنعه شدة المرض من الاهتمام بالتوجيه والتدريس في


الحرم المكي حتى قبل وفاته بأيام.




أصابه المرض قبل قضاء الله فتميز بنفس صابرة راضية


محتسبة، وقدم للناس نموذجاً حياً صالحاً


يقتدي به لتعامل المؤمن مع المرض المضني، نسأل الله تعالى


أن يكون في هذا رفعة لمنزلته عند رب العالمين.




*كان رحمه الله يستمع إلي شكاوى الناس ويقضي حاجاتهم قدر


استطاعته، وقد خصص لهذا العمل الخيري وقتاً محدداً في كل


يوم لاستقبال هذه الأمور وكان يدعم جمعيات البر وجمعيات


تحفيظ القرآن


*بل قد من الله عليه ووفقه لجميع أبواب البر والخير ونفع


الناس فكان شيخناً بحق مؤسسة خيرية


اجتماعية وذلك بفضل الله يؤتيه من يشاء

 
وفاته رحمه الله تعالى

رزئت الأمة الإسلامية جميعها قبل مغرب يوم

الأربعاء الخامس عشر من شهر شوال سنة 1421هـ



بإعلان وفاة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين

بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية

وأحس


بوقع المصيبة كل بيت في كل مدينة وقرية وصار

الناس يتبادلون التعازي في المساجد والأسواق



والمجمعات وكل فرد يحس وكأن المصيبة مصيبته

وحده وجاءت البرقيات وقدمت الوفود لتعزية خادم


الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز

وصاحب السمو الملكي ولي العهد وصاحب السمو


الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء –حفظهم

الله- بفقيد البلاد وفقيد المسلمين جميعاً وأخذ


البعض يتأمل ويتساءل عن سر هذه العظمة والمكانة

الكبيرة والمحبة العظيمة التي امتلكها ذلك الشيخ


الجليل في قلوب الناس رجالاً ونساء صغاراً

وكباراً؟ امتلأت أعمدة الصحف والمجلات في الداخل


والخارج شعراً ونثراً تعبر عن الأسى والحزن على

فراق ذلك العالم الجليل فقيد البلاد والأمة


الإسلامية. - رحمة الله تعالى -




وصلى على الشيخ في المسجد الحرام بعد صلاة

العصر يوم الخميس السادس عشر من شهر شوال



سنة 1421هـ الآلاف المؤلفة وشيعته إلي المقبرة

في مشاهد عظيمة لا تكاد توصف

ودفن بمكة المكرمة رحمه الله.


إن القبول في قلوب الناس منة عظيمة من الله

تعالى لمن يشاء من عباده، ولقد أجمعت القلوب على


محبته وقبوله وإنا لنرجوا الله سبحانه وتعالى


متضرعين إليه أن يكون الشيخ ممن قال


صلى لله عليه وسلم فيهم :" إذاأحب الله العبد نادى

جبريل أن الله يحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل

فينادي جبريل في أهل السماء:

إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء ثم

يوضع له القبول في أهل الأرض"(1)



وخلّف –رحمه الله- خمسة من البنين هم عبد الله وعبد

الرحمن وإبراهيم وعبد العزيز وعبد الرحيم،


جعل الله فيهم الخير والبركة والخلف الصالح.

فقد تزوج ـ رحمه الله ـ ثلاث مرات، الأولى :

ابنة عمه بنت سليمان بن محمد العثيمين

التي توفيت أثناء الولادة ،

ثم تزوج بعد وفاتها من ابنة الشيخ عبدالرحمن بن


الزامل العفيسان وظلت معه خمس سنوات

لم ينجب منها فطلقها

ثم تزوج بنت محمد بن إبراهيم التركي وهي أم أولادة ،

ولم يجمع بين زوجتين .



وبوفاته فقدت البلاد والأمة الإسلامية علماً من

أبرز علمائها وصلحاء رجالها الذين يذكروننا بسلفنا


الصالح في عبادتهم و نهجهم وحبهم لنشر العلم

ونفعهم لإخوانهم المسلمين.


نسأل الله تعالى أن يرحم شيخنا رحمة الأبرار

ويسكنه فسيح جناته وأن يغفر له وأن يجزيه عما قدم


للإسلام والمسلمين خيراً ويعوض المسلمين بفقده

خيراً والحمد لله على قضائه وقدره


وإنا لله وانا إليه راجعون




وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله

وأصحابه ومن اتبعهم بأحسان إلى يوم الدين.

_______________


(1)

تخريج السيوطي : (متفق عليه) عن أبي هريرة.
تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 283
في صحيح الجامع الصغير وزيادته


أثارت سيرة هذا العَلَم الفذ ووفاته

شجون وأحزان فقد




ُرزِأَت الأمة الإسلامية بفقد ثلاثة أعلام

للسُّـنة في فترات زمنية متلاحقة

ثم الشيخ مقبل

*فكانت وفاة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ


قُبيل فجر يوم الخميس الموافق

27 من المحرم 1420 هـ

أي 27 / 1 / 1420

ثم وفاة

*الشيخ محمد ناصر الدين الألباني محدث العصر

-رحمه الله-

في يوم السبت في الثاني و العشرين منجمادى الآخرة 1420هـ

أي 22/6/1420 هـ

ثم وفاة

* الشيخ محمد بن صالح بن العثيمين-رحمه الله

توفي يوم الأربعاء 15 من شوال سنة 1421 هـ

أي 15 / 10 / 1421 هــ

ثم وفاة
الشيخ مقبل بن هادي الوادعي - رحمه الله -


وكان ذلك بعد غروب شمس يوم السبت ، ليلة الأحد ،

بين مغرب وعشاء في

الأول من جمادى الأولى 1422هـ

جزاهم الله عنا خيرًا

وكل علماء الأمة الأحياء منهم والأموات

ونفعهم بآثارهم

وحقاً إنه لمصاب سابغ جلل، وخطب جسيم لا يحتمل، وبلاء

وبيل مروع إثر بلاء من قبله حلَّ، وليس من شيء يهيض جناح

الأمة مثل موت العلماء، فرحم الله شيوخنا فقد والله ما مُنيت

الأمة منذ عقود طويلة بمثل ما مُنيت به من موتهم: الشيخ عبد

العزيز بن عبد الله بن باز الزاهد الداعية، دثار الحكمة، ورواء

التأويل، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني، محدث العصر،

ورافع لواء السنة، وشمس الأمة، والشيخ العثيمين ، رحمهم

الله، وأجزل لهم الأجر، ووفّانا نعمة الشكر على ما أبقي فينا من

بعدهم من علم وقدوة حسنة ،ونعمة الصبر على مصابنا فيهما.

ومع عُظمِ البلاء يكون عُظمُ الأجر، وعُظمُ الأجر لا يكون إلا

وصوبه الصبر ومن سخط كان له السخط، ومن رضي كان له

الرضى، ولا يخفف من شدة وقع البلاء مثل ثلاث : عموم

البلاء، والصبر على شدته، والأجر الذي يوفاه الصابرون،

ورابعة هي : وِكاءُ الثلاث : ذكر موت النبي صلى الله عليه

وسلم (إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته بي، فإنها من

أعظم المصائب)

سلسلة الأحديث الصحيحة / تحقيق الشيخ الألباني / ج: 3 / حديث رقم :
1106 / التحقيق : صحيح

اللهم فآجرنا في مصيبتنا وأخلف لنا خيراً منها. واجمعنا بهم

في الفردوس الأعلى برحمتك يا أرحم الراحمين
لعمرك ماالرزية فقد مال *** ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد فـــــــــذ *** يموت لموته خلق كثير
 



أولًا: مصدر العقيدة هو الكتاب والسنة الصحيحة وإجماع السلف الصالح:
هذه المصادر هي أساس دين الإسلام، ويرتكز على ثلاثة أصول وهي:
1 ـ تعظيم النصوص الشرعية والانقياد لها.
2 ـ الاعتماد على الأحاديث الصحيحة.
3 ـ صحة فهم النصوص.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فَمَنْ بَنَى الْكَلَامَ فِي الْعِلْمِ الْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ عَلَى الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَالْآثَارِ الْمَأْثُورَةِ عَنْ السَّابِقِينَ فَقَدْ أَصَابَ طَرِيقَ النُّبُوَّةِ وَكَذَلِكَ مَنْ بَنَى الْإِرَادَةَ وَالْعِبَادَةَ وَالْعَمَلَ وَالسَّمَاعَ الْمُتَعَلِّقَ بِأُصُولِ الْأَعْمَالِ وَفُرُوعِهَا مِنْ الْأَحْوَالِ الْقَلْبِيَّةِ وَالْأَعْمَالِ الْبَدَنِيَّةِ عَلَى الْإِيمَانِ وَالسُّنَّةِ وَالْهَدْيِ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ مُحَمَّدٌ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَأَصْحَابُهُ فَقَدْ أَصَابَ طَرِيقَ النُّبُوَّةِ وَهَذِهِ طَرِيقُ أَئِمَّةِ الْهُدَى ([1]).

([1])مجموع الفتاوى (2/278).


ثانيًا: كل ما صح من سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وجب قبوله والعمل به، وإن كان آحادًا في العقائد والأحكام وغيرها:
لأن كل ما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- فهو حق وصدق ولا ريب فيه، قال تعالى: "وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى" ]النجم: 2-3[.
وقد أمر الله سبحانه بطاعة نبيه -صلى الله عليه وسلم- فقال تعالى: "وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" ]الحشر: 7[.

ثالثًا: المرجع في فهم الكتاب والسنة، هو النصوص المبينة لها بفهم السلف الصالح:
قال عمر بن الخطاب في رسالته لأبي موسى الأشعري: ثُمَّ الْفَهْمَ الْفَهْمَ فِيمَا أَدْلَى إلَيْك مِمَّا وَرَدَ عَلَيْك مِمَّا لَيْسَ فِي قُرْآنٍ وَلَا سُنَّةٍ، ثُمَّ قَايِسْ الْأُمُورَ عِنْدَ ذَلِكَ وَاعْرَفْ الْأَمْثَالَ، ثُمَّ اعْمِدْ فِيمَا تَرَى إلَى أَحَبِّهَا إلَى اللَّهِ وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ ([2]).


([2]) جزء من رسالة عمر رضي الله عنه، لأبي موسى الأشعري، أخرجها الدارقطني في السنن (4381)، وابن أبي الدنيا في القضاء (80)، والخطيب البغدادي في الفقيه والمتفقه (1/492).
قال ابن تيمية في منهاج السنة (6/71) (ورسالة عمر المشهورة في القضاء إلى أبي موسى الأشعري تداولها الفقهاء، وبنوا عليها واعتمدوا على ما فيها من الفقه، وأصول الفقه).
وقال ابن حجر في التلخيص الحبير (4/196) (وساقه ابن حزم من طريقين، وأعلهما بالانقطاع، لكن اختلاف المخرج فيها مما يقوي أصل الرسالة، لا سيما في بعض طرقه أن راويه اخرج الرسالة مكتوبة).
وقال ابن القيم في إعلام الموقعين ( 1/76) (وهذا كتاب جليل تلقاه العلماء بالقبول، وبنوا عليه أصول الحكم والشهادة، والحاكم والمفتي أحوج شيء إليه وإلى تأمله والتفقه فيه).
وللشيخ مشهور حسن حفظه الله بحث قيم ومفيد في تخريج هذه الرسالة في تحقيقه لإعلام الموقعين (2/ 159 – 163).





قال ابن القيم: صِحَّةُ الْفَهْمِ وَحُسْنُ الْقَصْدِ مِنْ أَعْظَمِ نِعَمِ اللَّهِ الَّتِي أَنْعَمَ بِهَا عَلَى عَبْدِهِ، بَلْ مَا أُعْطِيَ عَبْدٌ عَطَاءً بَعْدَ الْإِسْلَامِ أَفْضَلُ وَلَا أَجَلُّ مِنْهُمَا، بَلْ هُمَا سَاقَا الْإِسْلَامِ، وَقِيَامُهُ عَلَيْهِمَا، وَبِهِمَا يَأْمَنُ الْعَبْدُ طَرِيقَ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ فَسَدَ قَصْدُهُمْ وَطَرِيقُ الضَّالِّينَ الَّذِينَ فَسَدَتْ فُهُومُهُمْ، وَيَصِيرُ مِنْ الْمُنْعَمِ عَلَيْهِمْ الَّذِينَ حَسُنَتْ أَفْهَامُهُمْ وَقُصُودُهُمْ، وَهُمْ أَهْلُ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ الَّذِينَ أُمِرْنَا أَنْ نَسْأَلَ اللَّهَ أَنْ يَهْدِيَنَا صِرَاطَهُمْ فِي كُلِّ صَلَاةٍ، وَصِحَّةُ الْفَهْمِ نُورٌ يَقْذِفُهُ اللَّهُ فِي قَلْبِ الْعَبْدِ، يُمَيِّزُ بِهِ بَيْنَ الصَّحِيحِ وَالْفَاسِدِ، وَالْحَقِّ وَالْبَاطِلِ، وَالْهُدَى وَالضَّلَالِ، وَالْغَيِّ وَالرَّشَادِ، وَيَمُدُّهُ حُسْنَ الْقَصْدِ، وَتَحَرِّي الْحَقَّ، وَتَقْوَى الرَّبِّ فِي السِّرِّ وَالْعَلَانِيَةِ، وَتَقْطَعُ مَادَّتُهُ اتِّبَاعَ الْهَوَى، وَإِيثَارَ الدُّنْيَا، وَطَلَبَ مَحْمَدَةِ الْخَلْقِ، وَتَرْكَ التَّقْوَى ([3]).


([3]) إعلام الموقعين (1/113).

ومن الأصول التي يجب الاعتماد عليها في فهم النصوص فهم الصحابة -رضي الله عنهم- ففيهم تكلم النبي -صلى الله عليه وسلم- و نزل الكتاب وهم معه، فهم أعلم الناس بمراد الله وبمراد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خاصة بعد ما كثرت البدع وقلَّ العلم وفسدت الأفهام وهجرت السنة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: يَحْتَاجُ الْمُسْلِمُونَ إلَى شَيْئَيْنِ: أَحَدُهُمَا مَعْرِفَةُ مَا أَرَادَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَلْفَاظِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ بِأَنْ يَعْرِفُوا لُغَةَ الْقُرْآنِ الَّتِي بِهَا نَزَلَ، وَمَا قَالَهُ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ لَهُمْ بِإِحْسَانِ وَسَائِرُ عُلَمَاءِ الْمُسْلِمِينَ فِي مَعَانِي تِلْكَ الْأَلْفَاظِ، فَإِنَّ الرَّسُولَ لَمَّا خَاطَبَهُمْ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ عَرَّفَهُمْ مَا أَرَادَ بِتِلْكَ الْأَلْفَاظِ، وَكَانَتْ مَعْرِفَةُ الصَّحَابَةِ لِمَعَانِي الْقُرْآنِ أَكْمَلَ مِنْ حِفْظِهِمْ لِحُرُوفِهِ وَقَدْ بَلَّغُوا تِلْكَ الْمَعَانِيَ إلَى التَّابِعِينَ أَعْظَمَ مِمَّا بَلَّغُوا حُرُوفَهُ ([4]).


([4]) مجموع الفتاوى (4/12).
رابعًا: أصول الدين كلها بينها النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس لأحد أن يحدث شيئًا زاعمًا أنه من الدين
لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- ما مات إلا بعد أن أتم الله به الدين، قال تعالى: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا"


المائدة: 3.

العقل الصريح موافق للنقل الصحيح:
العقل خلق الله والدين أمره، فلا يمكن أن يتعارض الخلق والأمر؛ لأن كلاهما من الله -عز وجل- وكلاهما على الكمال والحق .

- اعلم أن للعقل منزلة عظيمة في دين الله، فقد جعله الله أداة للفهم ومناطًا للتكليف وأمر بحفظه ورعايته وحرَّم كل ما يفسده ويؤثر عليه، مثل شرب الخمر، وحثَّ الناس على التدبر والتفكر في آيات الله، قال تعالى: "أَفَلَا تَعْقِلُونَ " "أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ" "أَفَلَا تَتَفَكَّرُونَ" "أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ".
وقد ضل أناس وانحرفوا عن الصراط المستقيم في مسألة استخدام العقل، ما بين مفرطين في إهمال العقل وهم الصوفية الحُهال الذين ألغوا عقولهم، فكلما كان الشيخ أحمق وأجهل، كان بالله أعرف وعندهم أعظم.
وبين المقدسين للعقل وهم المتكلمون والجهمية ومن سار على نهجهم، فهم جعلوا العقل ندًا للشرع وحكمًا عليه، ومقدمًا عليه.

خامسًا: يحب الالتزام بالألفاظ الشرعية في العقيدة وتجنب الألفاظ البدعية التي أحدثها الناس:

ذلك حتى لا نقع في الألفاظ المحدثة التي تشتمل على معانٍ باطلة، فقد قال الله تعالى:
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ" البقرة: 104

سادسًا: أن العصمة للنبي -صلى الله عليه وسلم- والأمة في مجموعها معصومة من الاجتماع على ضلالة؛

لحديث ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لن يجمع الله أمتي على ضلالة" ([7]).


([7]) حسن لغيره: أبو داود (1510)، الترمذي (2167)، ابن ماجه (3950)، الحاكم (1/115)، اللفظ له.
حسنه بمجموع طرقه الألباني في الصحيحة (1331)، وكذا شيخنا العزازي في تحقيقه للفقيه والمتفقه للخطيب البغدادي (1/408 – 409)




إِنَّ اللهَ تعالى لا يجمَعُ أمتي على ضلالَةٍ ، و يدُ اللهِ على الجماعَةِ

الراوي: عبدالله بن عمر المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1848- خلاصة حكم المحدث: صحيح

أما آحاد الأمةفلا عصمة لأحد منهم، وما اختلف فيه الأئمة وغيرهم فمرجعه إلى الله ورسوله، وما قام عليه الدليل، مع الاعتذار للمخطئ من مجتهدي الأمة.

ـ اعلم أن للعلماء زلات، وأنهم ليسوا مُحِقِّين على طول الخط، فإذا حكم العلماء الراسخون في العلم، بأن هناك ذلة لعالم ما فالواجب علينا رد هذه الزلة وعدم العمل بها ونعتذر للعالم؛ لأنه اجتهد فأخطأ.


ـ اعلم أن لكل مجتهد نصيب وليس كل مجتهد مصيب([1])، لحديث عمرو بن العاص : أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" ([2]).




([1]) انظر للفائدة: كتاب تنبيه الهُمام فيمن لهم أجران (39 – 41) للمؤلف.

([2]) متفق عليه: البخاري (7352)، مسلم (1716).



"إذا حكم الحاكمُ فاجتهد ثم أصاب فله أجرانِ ، وإذا حكم فاجتهدَ ثم أخطأَ فله أجرٌ"

الراوي: عمرو بن العاص المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7352- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]



أصل المعلومة مستقى من الألوكة


إنمن أعظم مباحث العقيدة التي عني بها علماء سلف الأمة، والمتعلقة بذات اللهجل في علاه وهو مبحث الأسماء والصفات، وهو من أوسع أبواب العقيدة والتييجب على المسلم أن يحتوي عقله على الاعتقاد الصحيح الذي لا يشوبه أي تشويشأو بدع ضالة، ومن باب الحرص على تسهيل فهم المعتقد السليم للأسماء والصفاتقام علماء الأمة الأفذاذ بإنشاء علم عُرف بقواعد الأسماء والصفات.
هنا





قال الشيخ السعدي-رحمه الله- في كتاب "طريق الوصول ص 4 " في معرض كلامه على كتب شيخ الإسلام:"ومن أعظم ما فاقت به غيرها, وأهمه وتفردت على سواها: أن مؤلفها رحمه الله يعتنىغاية الاعتناء بالتنبيه على القواعد الكلية, والأصول الجامعة؛ والضوابط المحيطة فيكل فن من الفنون التي تكلم بها.

ومعلوم أن الأصول والقواعد للعلوم بمنزلة الأساسللبنيان, والأصول للأشجار؛ لا ثبات لها إلا بها ,والأصول تبنى عليها الفروعوالفروع تثبت وتتقوى بالأصول ,وبالقواعد والأصول يثبت العلم ويقوى ؛ وينمى نماءاًمطرداً ,وبها تعرف مآخذ الأصول ,وبها يحصل الفرقان بين المسائل التي تشتبه كثيراً"


وقال الشيخ السعدي –أيضا:"من محاسن الشريعة وكمالها وجلالهاأن أحكامها الأصولية والفروعية ,والعبادات والمعاملات,وأمورها كلها لها أصول وقواعدتضبط أحكامها وتجمع متفرقاتها ,وتنشر فروعها ؛ وتردها إلى أصولها ,فهي مبنية على الحكمةوالصلاح ؛ والهدى والرحمة,والخير والعدل ؛ ونفى أضداد ذلك."الرياض الناضرة المطبوع ضمنالمجموعة الكاملة(1 /522).

وقال الإمام الزركشي رحمه الله في المنثور في القواعد(1/ 6566 -):

"فإن ضبط الأمورالمنتشرة المتعددة في القوانين المتحدة, هي أوعى لحفظها ,وأدعى لضبطها ,وهى إحدىحِكَم العدد التي وُضع لأجلها ,والحكيم إذا أراد التعليم لابد أن يجمع بينبيانين :إجمالي تتشوف إليه النفس ,وتفصيلي تسكن إليه."
هنا
أهمية العلم الشرعي


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه وآله أفضل الصلاة وأتم التسليم.
أما بعد:
فإن للعلم الشرعي أهمية كبرى في الإصلاح، وفي الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ولهذا أمر الله سبحانه وتعالى بالعلم، وحث عليه، وأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وحث عليه، وكان سلف الأمة يتميز بالاهتمام بالعلم، والاشتغال به، والعناية بتحصيله، ونحن أحوج ما نكون إلى العلم الشرعي لا سيّما في مثل هذه الأوقات، وفي مثل هذه الأزمان التي انتشر فيها الفساد العقائدي والأخلاقي إلى درجة كبيرة، فالعناية بالعلم أمر مهم جداً بالنسبة للدعاة إلى الله سبحانه وتعالى.


يقول الله سبحانه وتعالى: "فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ "[محمد:19]، ويقول سبحانه وتعالى: "شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ "[آل عمران:18]، وروى البخاري عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله تعالى عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين).
فالفقه في الدين علامة على إرادة الله سبحانه وتعالى لصاحب العلم الخير، فهو يعلم الإنسان صحة عقيدته وصحة عمله، ويعلمه الأخلاق والآداب الفاضلة، وكذلك يعلمه كيفية تصحيح عقائد الناس، وكيفية تصحيح أعمالهم وأخلاقهم وأهدافهم، والدعوة إذا خلت من العلم فهي دعوة فاشلة وباطلة؛ لأنها ستكون من البدع، وسيدعو صاحبها إلى البدع والضلالات والانحرافات، وكما وقع في تاريخ المسلمين من أشخاص ينتسبون إلى الدعوة، ويشتغلون بها، فلما اشتغلوا بها على غير بصيرة وعلى غير علم شرعي وقعوا في البدع وفي الضلالات.
ولهذا فإن رموز أهل البدع في تاريخ المسلمين كلهم ليسوا من أهل العلم، ولا يعرفون بالاشتغال بالعلم، فمثلاً: من أكبر الطوائف الضالة المنحرفة في تاريخ المسلمين الجهمية، ورأسها هو الجهم بن صفوان ، وهو لا يعرف عند أهل العلم بطلب للحديث، ولا بطلب للفقه، ولا العناية ولا اشتغال به، وكذلك أئمة البدع والضلالات على مر العصور لا يعرفون بالعلم، ولا يعرفون باشتغالهم بالعلم واهتمامهم به، ولهذا وقعت منهم هذه البدع، وأصبحوا ضالين مضلين، والعياذ بالله.
ولهذا أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه في آخر الزمان عندما تظهر الفتن في حياة الناس يكون سبب ذلك انتشار وبروز الجهل، وخفاء العلم، ونسيانه عند الناس.
وأول شرك وقع فيه الإنسان كان بسبب نسيان العلم، وظهور الجهل، فوقع الشرك في أول أمة شركية وهم قوم نوح، ثم بعد ذلك جاء التوحيد على يد نوح عليه السلام، ثم بعد ذلك وقع الشرك، وهكذا حتى جاء نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وأظهر التوحيد والتزمت به هذه الأمة.
فالعلم الشرعي له أهمية كبرى في الإصلاح، وفي الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، وبين الدعوة وبين العلم ارتباط كبير جداً، وقد عني السلف الصالح رضوان الله عليهم بعلم العقيدة بالذات؛ وسبب ذلك: أن علم العقيدة هو الذي يبنى عليه صحة دين الإنسان، يعني: كونه مسلماً أو غير مسلم، وكونه من أهل الجنة الخالدين فيها، أو من أهل النار الخالدين فيها، وهذا مبني على العقيدة؛ ولهذا اعتنوا بها اعتناء كبيراً، وشرحوها ووضحوها في واقعهم العملي وفي مصنفاتهم التي كتبوها للناس.
هنا

جوانب عناية السلف بالعقيدة


وكانت عناية السلف الصالح رضوان الله عليهم بالعقيدة من جانبين:
الجانب الأول: هو تصحيح العقيدة.
والجانب الثاني: هو تعميق العقيدة في النفوس.
أما تصحيح العقيدة فهو: إزالة الشوائب التي قد تعلق بها سواءً من أهل البدع والضلالات، أو من تسويلات الشيطان ووساوسه التي يحدثها في نفس الإنسان، ولهذا أوضحوا العقائد وبينوها، وصححوها تصحيحاً واضحاً، وتصحيح السلف رضوان الله عليهم لهذه العقيدة اتخذ مسلكين:
المسلك الأول: هو مسلك عرض العقيدة.
والمسلك الثاني: هو مسلك الرد على الطوائف الضالة في العقيدة.


وممن كتب مثلاً في عرض العقيدة وشرحها الإمام اللالكائي رحمه الله في كتابه شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة، ومنهم عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله في كتابه السنة، والبربهاري في كتاب شرح السنة، وعدد كبير من أهل العلم ألفوا كتباً سموها بالسنة، ومن الأئمة المشهورين البخاري ومسلم وأصحاب السنن الأربعة، فقد جعلوا في مصنفاتهم كتباً عن العقائد، مثلاًً: كتاب الإيمان، والرد على الجهمية وكتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، وكتاب التوحيد والرد على المرجئة والجهمية، وغيرهم ممن أفرد كتباً خاصة بالسنة وبالعقيدة، يشرحون فيها العقيدة الصحيحة، ويوضحونها للناس.
وكذلك صححوا عقائد الناس عن طريق الرد على الفرق الضالة، فهذا الدارمي رحمه الله يصنف كتاباً يسميه: الرد على الجهمية، وكذلك الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله له كتاب سماه: الرد على الجهمية والزنادقة، وهناك عدد كبير من الأئمة صنفوا في الرد على الجهمية مثل ابن مندة رحمه الله فله كتاب في الرد على الجهمية، وبعض الأحيان قد يأخذون علماً من أعلام أهل البدع ويردون عليه، مثل رد الدارمي رحمه الله على بشر المريسي الحنفي بالذات، وقد خصوه برد خاص؛ لأنه كان إمام المعتزلة في زمانه، وعن بشر المريسي أخذ ابن أبي دؤاد الذي استطاع أن يقنع المأمون بفكرة خلق القرآن، وحصلت بعد ذلك الفتنة المشهورة والتي هي فتنة خلق القرآن، وامتحن بها أئمة أهل السنة، ونصر الله سبحانه وتعالى أئمة أهل السنة، وظفروا على أهل البدع، ومنذ ذلك الوقت أفل نجم المعتزلة فلم يظهر بعدها.
إذاً: هذه الجهة الأولى وهي تصحيح العقيدة.
الجهة الثانية: وهي تعميق العقيدة في النفوس، ومعنى ذلك: العناية والاشتغال بأعمال القلوب مثل: محبة الله سبحانه وتعالى، والخوف منه، والرجاء، والإنابة، والتوكل، والخشوع.. ونحو ذلك من أعمال القلوب، وهي من أعظم أعمال الإيمان، وهي من العقيدة؛ لأنه في فترة من الفترات ظن كثير من المنتسبين إلى السنة أن العقيدة هي مجرد عرض لبعض الأفكار في أسماء الله وفي صفاته وفي التوحيد وفي الإيمان، والرد على الفرق الضالة فقط، وظنوا أن هذه هي العقيدة، والعقيدة أشمل وأكبر من ذلك، فالعقيدة تعني: امتثال الاعتقاد الصحيح عملياً، وبناءه في النفس، ثم بعد ذلك إذا وجد ضلال في الاعتقاد فإنه يصحح، وإذا وجدت فرقة ضالة فإنه يرد عليها، والرد على أهل الضلال فرع من العقيدة وليس بأصل، فالأصل هو تعميق العقيدة في النفوس، ولهذا فإن آيات القرآن عنيت عناية كبيرة جداً في الاهتمام بتعميق الاعتقاد في نفوس الناس، فالسور المكية تتحدث كثيراً عن أسماء الله وعن صفاته، وتتحدث عن الإيمان، وعن معسكر أهل الإيمان، وتتحدث عن الكفر، وعن معسكر أهل الكفر، وعن صفات المؤمنين وعن صفات الكفار، وتميز بينهم، ففيها تمييز لصفوف أهل الإيمان وأهل الكفر، فالقرآن الكريم مليء بالعقيدة، بل لا تخلو آية من القرآن إلا وهي مبنية بناءً عقدياً، حتى الآيات التي تتحدث عن الأحكام الفقهية ففي الغالب تنتهي باسم من أسماء الله، قال تعالى: وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [البقرة:228]، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [البقرة:218]، وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ [آل عمران:154]، وحتى الآيات التي في الطلاق، والرجعة، والتي في البيع والشراء، والتي في الأموال، وهكذا نجد أنها تربط الإنسان بالعقيدة، وتبني الأحكام على العقائد، فالعقائد هي الأصول التي يبنى عليها كل شيء، فالأخلاق تنبني على العقائد، وكذلك الأعمال تنبني على العقائد، فالعقائد هي أصل وكل شيء يبنى عليها، ومن قوة المنهج السلفي أنه يربط كل شيء بالعقيدة، ويربط كل حياة الناس بالعقيدة فهو يربط الفقه بالعقيدة، ويربط السلوك والأخلاق بالعقيدة، ويربط السياسة بالعقيدة، ويربط اجتماعهم بالعقيدة، ويربط حياتهم الأسرية بالعقيدة، إذاً فالعقيدة قضية مهمة، ينبغي إدراكها والعناية بها.
والخلاف وقع في باب الأسماء والصفات، بالذات عندما ظهر الجعد بن درهم ، وقد ظهرت بوادر لهذا الخلاف في بداية زمن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فقضي عليها، وقد جاء في الحديث: (أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يتناقشون في القدر، فخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغضب كأنما فقئ في وجهه حب الرمان ونهاهم، وقال: أبهذا أمرتم؟ تضربون كتاب الله بعضه ببعض؟!) فنهاهم عن ذلك.
وهذه حادثة وقعت وطريقة من طرق دراسة العقيدة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، فكف الصحابة رضوان الله عليهم، لما نهاهم أن يضربوا كلام الله بعضه ببعض بغير علم.
الحادثة الثانية وقعت في زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وهي قصة صبيغ بن عَسَل أو ابن عِسْل أو ابن عِسَل المشهورة، وهو أنه كان يتتبع ويشتغل بعناية المتشابه، مثل قوله تعالى: وَالذَّارِيَاتِ ذَرْوًا فناداه عمر وقال له: من أنت؟ قال: أنا عبد الله صبيغ ، قال: وأنا عبد الله عمر ، وقد كان أعد له عراجين النخل فضربه على رأسه حتى أدمى وجهه، وقال: كفى يا أمير المؤمنين! فقد ذهب والله! ما تجد في رأسي، فتركه عمر ، وقال: لو أنك من محلوقي الرءوس لفعلت بك وفعلت، يقصد: الخوارج، ثم بعد ذلك ذهب إلى البصرة وحبس فيها، أي: فرضت عليه إقامة جبرية، فلما خرجت الخوارج بعد ذلك قالوا: هيا يا صبيغ ! أي: اخرج معنا، فقال: نفعتني موعظة العبد الصالح، يقصد عمر الذي ضربه بعرجون النخل حتى أدمى رأسه، فأوقف عمر أيضاً هذا الطراز من البحث في باب أسماء الله وصفاته، وفي باب العقيدة عموماً.
فلما تقدم الزمان، وجاء زمن الدولة العباسية ظهر فيها من يطالب بالترجمة، ومن يطالب بتراجم كتب الفلاسفة، وممن ذكر ذلك السيوطي في كتاب اسمه: المنطق والكلام، وهو عن علم المنطق والكلام، وقد ذكر: أن المأمون أرسل إلى ملك الروم يطلب منه كتب الفلاسفة، وكان قد جمعها في مكان واحد وبنى عليها سوراً لا باب له؛ حتى لا يأخذها الرومان فتفرقهم، وعندما وصلت رسالة المأمون إلى ملك الروم نصحوه أن يعطي هذه الكتب للمأمون وقالوا المقولة المشهورة: إن هذه الكتب ما دخلت في بلد إلا فرقته ومزقته، وبالفعل أرسلها إلى المأمون ثم بعد ذلك ترجمت كتب الفلاسفة، وكانت هذه الترجمة وصمة عار في تاريخ المسلمين؛ لأن المسلمين ليسوا بحاجة إلى الفكر اليوناني الوثني في العقائد، فإن الله عز وجل أغنانا بالعقيدة الصحيحة، وبما ذكره في كتابه عن الكون، وعن الإنسان، وعن العقيدة التي ينبغي للإنسان أن يتمناها بعد الموت، ولهذا تعتبر هذه الحادثة من أعجب الحوادث؛ لأن العادة أن الأمة الضعيفة هي التي تأخذ من علوم الأمة القوية ومن أفكارها مثل حال العالم الإسلامي الآن فإنه يتقبل ما عند العالم الغربي من أفكار ونظريات، وهناك من يروج لها في حياة المسلمين اليوم، لكن العجيب أن الأمة في تلك الفترة كانت من أقوى الأمم، وكانت أمة رائدة قوية مسيطرة، ومع هذا أخذت من التراث اليوناني، وأصبح غزواً يونانياً على بلاد المسلمين.
فترجمت الكتب الفلسفية التي تتحدث عن الله، وعن الكون، وعن الإنسان، وعن النبوة، وعن العقائد، ترجمة هذه الكتب أثر تأثيراً كبيراً في عقول كثير ممن قرأها ممن ليس مشتغلاً بالعلم الشرعي، كما أن مناقشات كثير من هؤلاء الجهلة لأصحاب الديانات الأخرى، كالبوذية والديصانية وغيرها من الديانات الأخرى أثرت تأثيراً كبيراً في عقائد هؤلاء الأشخاص، وظهر مثل الجعد بن درهم الذي يقول: إن الله لم يتخذ إبراهيم خليلاً، ولم يكلم موسى تكليماً، وظهر الجهم بن صفوان وأنكر صفات الله عز وجل وأسماءه، وقال: ليس لله صفات وليس له أسماء، وإذا سئل: أين الله؟ قال: هذا الهواء الذي يجري بيننا، وسبب ذلك: أنه ناقش طائفة من الطوائف الضالة تسمى السمنية، وهؤلاء ينكرون الأشياء غير المحسوسة، أي: أنهم ينكرون الغيب، فقالوا للجهم : أين إلهك؟ صفه لنا؟ هل هو شيء تحسه؟ قال: لا، قالوا له: هل هو شيء تذوقه؟ قال: لا، قالوا: هل هو شيء تراه؟ قال: لا، قالوا: إذن أين إلهك؟! يقول المؤرخون: فاعتكف الجهم في بيته أربعين يوماً لا يصلي، ثم بعد ذلك خرج على الناس وقال: إن إلهي هو هذا الهواء وليس له اسم وليس له صفة، وهذا أشبه ما يكون بالإلحاد، فأنكر وجود الله عز وجل لكن بطريقة أخرى.
والمهم: أنها ظهرت بوادر طوائف تنفي صفات الله عز وجل، وصنفوا الكتب في ذلك وكتبوها، وصارت لهم طوائف وسموا بأهل الكلام؛ لأنهم اشتغلوا فيما لا فائدة فيه. قال بعضهم: إن أول مسألة نوقشت هي مسألة كلام الله عز وجل، وقال بعضهم غير هذا.
الشاهد: هو أن هذه الدراسة ستكون في باب واحد من أبواب العقيدة وهو باب الأسماء والصفات، وأبواب العقيدة كثيرة: باب الإيمان، باب التوحيد: توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، باب البعث والحياة البرزخية، باب النبوات.. وأبواب كثيرة.
وهذا باب توحيد الأسماء والصفات، والذي حواه هذا الكتاب المسمى: القواعد المثلى في صفات الله وأسمائه الحسنى.
هنا



الحديث الآحاد

هنا

تاريخ العقيدة وتدوينها 

ترجمة لحياة الشيخ
محمد بن صالح العثيمين


من منا في الأوساط العلمية لا يعرف الشيخ ابن عثيمين وهو

الذي ملأ ذكره الدنيا وشاع علمه في الآفاق وشهد القاصي

والداني بفضله وعلو مكانته، ونعرض ومضات من ترجمته

،رغبة منا في أن تكون سيرة هذا الشيخ الجليل وغيره من

العلماء المخلصين الناصحين السائرين على نهج السلف الصالح

رضوان الله عليهم حافزاً إيمانياً وفرصة عظيمة للاستفادة من

الدروس والعبر التي تزخر بها أيامهم للتأسي

بهم واقتفاء آثارهم.

إنه ذلك العالم الجليل والمربي الفاضل والقدوة الصالحة والطود

الشامخ في العلم والزهد والصدق والإخلاص والتواضع والورع

والفتوى شيخ التفسير، والعقيدة والفقه، والسيرة النبوية

والأصول والنحو وسائر العلوم الشرعية، الداعي إلى الله

بصيرة المشهود له بصدق العمل، ومواقف الخير والدعوة

والإرشاد والإفتاء الذي انتفع بعلمه المسلمين في شتى أنحاء

العالم الإسلامي والذي أجمعت القلوب على قبوله ومحبته

وفضله وعلو مرتبته فضيلة شيخنا فقيد البلاد والأمة الإسلامية

العلامة محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله رحمة واسعة

وأسكنه الفردوس الأعلى مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين

والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً.

اسمه ومولده:

هو أبو عبد الله محمد بن صالح بن محمد بن

سليمان بن عبد الرحمن العثيمين الوهيبي التميمي.

كان مولده في ليلة السابع والعشرين من شهر

رمضان المبارك عام 1347هـ، في مدينة

عنيزة –إحدى مدن القصيم- بالمملكة العربية السعودية.

نشأته العلمية:

تعلم القرآن الكريم على جده من جهة أمه عبد

الرحمن بن سليمان الدامغ –رحمه الله- ثم تعلم

الكتابة وشيئاً من الأدب والحساب والتحق بإحدى

المدارس وحفظ القرآن عن ظهر قلب في سن

مبكرة، ومختصرات المتون في الحديث والفقه.

وكان فضيلة الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي

رحمه الله- قد رتب من طلبته الكبار لتدريس

المبتدئين من الطلبة وكان منهم الشيخ محمد بن

عبد العزيز المطوع –رحمه الله-

فانضم إليه فضيلة شيخنا.

ولما أدرك ما أدرك من العلم في التوحيد والفقه

والنحو جلس في حلقة شيخه فضيلة الشيخ

العلامة عبد الرحمن بن ناصر السعدي –رحمه الله-

فدرس عليه في التفسير والحديث والتوحيد

والفقه وأصوله والفرائض والنحو.



ويعتبر الشيخ عبد الرحمن السعدي شيخه الأول الذي

نهل من معين علمه وتأثر بمنهجه وتأصيله واتباعه

للدليل وطريقة تدريسه وتقريره وتقريبه العلم

لطلابه بأيسر الطرق وأسلمها، وقد توسم فيه

شيخه النجابة والذكاء وسرعة التحصيل فكان

به حفياً ودفعه إلى التدريس وهو لا يزال طالباً

في حلقته، قرأ على الشيخ عبد الرحمن بن علي

ابن عودان –رحمه الله- في علم الفرائض

حال ولايته القضاء في عُنَيْزَة.

وقرأ على الشيخ عبد الرزاق عفيفي –رحمه الله-

في النحو والبلاغة أثناء وجوده في عُنَيْزَة

ولما فتح المعهد العلمي بالرياض

أشار عليه بعض إخوانه أن يلتحق به فاستأذن

شيخه عبد الرحمن السعدي فأذن له فالتحق

بالمعهد العلمي في الرياض سنة 1372هـ

وانتظم في الدراسة سنتين انتفع فيهما بالعلماء

الذين كانوا يدرسون في المعهد حينذاك ومنهم

العلامة الشيخ محمد الأمين الشنقيطي والشيخ

عبد العزيز بن ناصر بن رشيد والشيخ عبد

الرحمن الأفريقي وغيرهم (رحمهم الله).

واتصل بسماحة الشيخ العلامة عبد العزيز بن

عبد الله بن باز –رحمه الله- فقرأ عليه في

المسجد من صحيح البخاري، ومن رسائل شيخ

الإسلام ابن تيمية وانتفع منه في علم الحديث

والنظر في آراء فقهاء المذاهب والمقارنة بينها

ويعتبر سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز

شيخه الثاني في التحصيل والتأثر به.

وتخرج من المعهد العلمي ثم تابع دراسته الجامعية انتساباً

حتى نال الشهادة الجامعية من جامعة الإمام محمد بن سعود

الإسلامية في الرياض.
أعماله ونشاطه العلمي



بدأ التدريس منذ عام 1370هـ في الجامع الكبير بعُنَيْزَة

على نطاق ضيق في عهد شيخه عبد الرحمن السعدي وبعد أن




تخرج من المعهد العلمي في الرياض عين مدرساً في المعهد





العلمي بعنيزة عام 1374هـ.

  • وفي سنة 1376هـ توفي شيخه عبد الرحمن السعدي
رحمه الله- فتولى بعده إمامة المسجد بالجامع الكبير في عنيزة



والخطابة فيه والتدريس بمكتبة عنيزة الوطنية التابعة للجامع

والتي أسسها شيخه في عام 1359هـ

*ولما كثر الطلبة وصارت المكتبة لا تكفيهم صار يدرس في

المسجد الجامع نفسه واجتمع إليه طلاب كثيرون من داخل

المملكة وخارجها حتى كانو يبلغون المئات وهؤلاء يدرسون

دراسة تحصيل لا لمجرد الاستماع – ولم يزل مدرساً في

مسجده وإماماً وخطيباً حتى توفي –رحمه الله-

* استمر مدرساً بالمعهد العلمي في عُنَيْزَة حتى عام 1398هـ

وشارك في آخر هذه الفترة في عضوية لجنة الخطط ومنهاج

المعاهد العلمية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية

وألف بعض المناهج الدراسية

* ثم لم يزل أستاذاً بفرع جامعة الإمام محمد بن سعود

الإسلامية بالقصيم بكلية الشريعة وأصول الدين منذ العام

الدراسي 1398-1399هـ حتى توفي –رحمه الله-

*درّس في المسجد الحرام والمسجد النبوي في مواسم الحج

وشهر رمضان والعطل الصيفية

*شارك في عدة لجان علمية متخصصة عديدة داخل المملكة

العربية السعودية

*ألقى محاضرات علمية داخل المملكة وخارجها عن طريق

الهاتف

*تولى رئاسة جمعية تحفيظ القرآن الكريم الخيرية في عنيزة

منذ تأسيسها عام 1405هـ حتى وفاته –رحمه الله-


· كان عضواً في المجلس العلمي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية للعامين الدراسيين 1398 - 1399 هـ و 1399 - 1400 هـ.


  • كان عضواً في مجلس كلية الشريعة وأصول الدين ورئيساً لقسم العقيدة فيها.
كان عضواً في هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية منذ عام 1407هـ حتى وفاته –رحمه الله-




وكان بالإضافة إلي أعماله الجليلة والمسؤوليات الكبيرة

حريصاً على نفع الناس بالفتوى وقضاء حوائجهم ليلاً ونهاراً

حضراً وسفراً وفي أيام صحته ومرضه –رحمه

الله تعالى رحمة واسعة-



*كما كان يلزم نفسه باللقاءات العلمية والاجتماعية النافعة

المنتظمة المجدولة فكان يعقد اللقاءات المنتظمة الأسبوعية مع

قضاة منطقة القصيم وأعضاء هيئة الأمر بالمعروف والنهي

عن المنكر في عنيزة ومع خطباء مدينة عنيزة ومع كبار طلابه

ومع الطلبة المقيمين في السكن ومع أعضاء مجلس إدارة

جمعية تحفيظ القران الكريم ومع منسوبي قسم العقيدة بفرع

جامعة الإمام بالقصيم.




*وكان يعقد اللقاءات العامة كاللقاء الأسبوعي في منزله واللقاء

الشهري في مسجده واللقاءات الموسمية السنوية التي كان

يجدولها خارج مدينته فكانت حياته زاخرة بالعطاء والنشاط

والعمل الدؤوب وكان مباركاً أينما توجه كالغيث من السماء

أينما حل نفع.




*أعلن فوزه بجائزة الملك فيصل العالية لخدمة

الإسلام للعام الهجري 1414هـ

وذكرت لجنة الاختيار في حيثيات فوز

الشيخ بالجائزة ما يلي:-




أولاً : تحليه بأخلاق العلماء الفاضلة التي من أبرزها

الورع ورحابة الصدر وقول الحق والعمل لمصلحة

المسلمين والنصح لخاصتهم وعامتهم.




ثانيا ً : انتفاع الكثيرين بعلمه تدريساً وإفتاءً وتأليفاً.




ثالثاً : إلقائه المحاضرات العامة النافعة في

مختلف مناطق المملكة.




رابعاً : مشاركته المفيدة في مؤتمرات إسلامية كبيرة.




خامساً: اتباعه أسلوباً متميزاً في الدعوة إلى الله بالمملكة والموعظة الحسنة وتقديمه مثلاً حياً لمنهج السلف الصالح فكراً وسلوكاً.



كان –رحمه الله- على جانب عظيم من العلم بشريعة الله

سبحانه وتعالى عمر حياته كلها في سبيل العلم وتحصيله ومن

ثم تعليمه ونشره بين الناس يتمسك بصحة الدليل وصواب

التعليل كما كان حريصاً أشد الحرص على التقيد بما كان عليه

السلف الصالح في الاعتقاد علماً وعملاً ودعوة وسلوكاً فكانت

أعماله العلمية ونهجه الدعوي كلاهما على ذلك النهج السليم.




*لقد أتاه الله سبحانه وتعالى ملكة عظيمة لاستحضار الآيات والأحاديث لتعزيز الدليل واستنباط الأحكام والفوائد فهو في هذا المجال عالم لا يشق له غبار في غزارة علمه ودقة استنباطه للفوائد والأحكام وسعة فقهه ومعرفته بأسرار اللغة العربية وبلاغتها.




*أمضى وقته في التعليم والتربية والإفتاء والبحث والتحقيق وله اجتهادات واختيارات موفقة، لم يترك لنفسه وقتاً للراحة حتى اذا سار على قدميه من منزله إلى المسجد وعاد إلى منزله فإن الناس ينتظرونه ويسيرون معه يسألونه فيجيبهم ويسجلون إجاباته وفتاواه.



*كان للشيخ –رحمه الله- أسلوب تعليمي رائع فريد فهو يسأل ويناقش ليزرع الثقة في نفوس طلابه ويلقي الدروس والمحاضرات في عزيمة ونشاط وهمة عالية ويمضي الساعات بدون ملل ولا ضجر بل يجد في ذلك متعته وبغيته من أجل نشر العلم وتقريبه للناس.





وتتركز جهوده ومجالات نشاطه العلمي –رحمه الله- فيما يلي:-







1- باشر التعليم منذ عام 1370هـ إلى آخر ليلة من شهر

رمضان عام 1421هـ (أكثر من نصف قرن) رحمه الله رحمة

واسعة. فالتدريس في مسجده بعنيزة يومي بل انه يعقد أكثر

من حلقة في اليوم الواحد في بعض أجزاء السنة.



التدريس في المسجد الحرام والمسجد النبوي في

مواسم الحج ورمضان والعطل الصيفية.



التدريس في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.



التدريس عن طريق الهاتف داخل المملكة وخارجها عن طريق المراكز الإسلامية.



2- إلقاء المحاضرات العامة المباشرة والدروس في مساجد

المملكة كلما ذهب لزيارة المناطق.




3- الجانب الوعظي الذي كان أحد اهتماماته وقد خصه بنصيب

وافر من دروسه للعناية به وكان دائماً يكرر على الأسماع الآية

الكريمة "واعلموا أنكم ملاقوه" ويقول "والله لوكانت قلوبنا حية

لكان لهذه الكلمة وقع في نفوسنا".



4- عنايته بتوجيه طلبة العلم وارشادهم واستقطابهم والصبر

على تعليمهم وتحمل أسئلتهم المتعددة والاهتمام بأمورهم.



5- الخطابة من مسجده في عنيزة وقد تميزت خطبه –رحمه الله- بتوضيح أحكام العبادات والمعاملات ومناسباتها للأحداث والمواسم فجاءت كلها مثمرة مجدية محققة للهدف الشرعي منها.



6- اللقاءات العلمية المنتظمة والمجدولة الأسبوعية منها والشهرية والسنوية.



7- الفتاوى وقد كتب الله له القبول عند الناس فاطمئنوا لفتاواه واختياراته الفقهية.




8- النشر عبر وسائل الإعلام من إذاعة وصحافة ومن خلال الأشرطة لسهولة تداولها والاستماع اليها.




9- وأخيراً توجت جهوده العلمية وخدمته العظيمة التي قدمها

للناس في مؤلفاته العديدة ذات القيمة العلمية ومصنفاته من

كتب ورسائل وشروح للمتون العلمية طبقت شهرتها الآفاق

وأقبل عليها طلبة العلم في أنحاء العالم وقد بلغت مؤلفاته أكثر

من تسعين كتاباً ورسالة



ولا ننسى تلك الكنوز العلمية الثمينة المحفوظة في أشرطة

الدروس والمحاضرات فإنها تقدر بآلاف الساعات فقد بارك الله

تعالى في وقت هذا العالم الجليل وعمره نسأل الله تعالى أن يجعل

كل خطوة خطاها في تلك الجهود الخيرة النافعة في ميزان

حسناته يوم القيامة تبوءه منازل الشهداء والصالحين بجوار

رب العالمين.





وقد أخذت المؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

التي أنشئت هذا العام 1422هـ على عاتقها مسؤولية العناية

والاهتمام بهذا التراث الضخم الذي خلقه شيخنا رحمه الله تعالى

على تحقيق ذلك الهدف السامي الذي ينشده الجميع لجعل ذلك

العالم العزيز متاحاً ومنشوراً في مختلف الوسائل الممكنة بإذن

الله تعالى وعونه وتوفيقه
ملامح من مناقبه وصفاته الشخصية







كان الشيخ رحمه الله تعالى قدوة صالحة ونموذجاً حياً، فلم يكن


علمه مجرد دروس ومحاضرات تلقى على أسماع الطلبة


وإنما كان مثالاً يحتذى في علمه وتواضعه وحلمه وزهده


ونبل أخلاقه.




*تميز بالحلم والصبر والجلد والجدية في طلب العلم وتعليمه


وتنظيم وقته والحفاظ على كل لحظة من




*عمره كان بعيداً عن التكلف كان قمة في التواضع والأخلاق


الكريمة والخصال الحميدة وقدوة عمله




وتعبده وزهده وورعه


*وكان بوجهه البشوش اجتماعياً يخالط


الناس ويؤثر فيهم ويدخل السرور إلى




قلوبهم تقرأ البشر يتهلل من محياه والسعادة تشرق


من جبينه وهو يلقي دروسه ومحاضراته.




*كان رحمه الله عطوفاً مع الشباب يستمع إليهم ويناقشهم

ويمنحهم الوعظ والتوجيه بكل لين وأدب.

*كان حريصاً على تطبيق السنة في جميع أموره.

ومن ورعه أنه كان كثير التثبيت فيما يفتي ولا

يتسرع في الفتوى قبل أن يظهر له الدليل فكان إذا أشكل عليه


أمر من أمور الفتوى يقول انتظر حتى أتأمل المسألة،

وغير ذلك من العبارات التي توحي بورعه وحرصه على

التحرير الدقيق للسائل الفقهية.

لم تفتر عزيمته في سبيل نشر العلم حتى أنه في رحلته العلاجية

إلي الولايات المتحدة الأمريكية قبل

ستة أشهر من وفاته نظم العديد من المحاضرات في المراكز

الإسلامية والتقى بجموع المسلمين من


الأمريكيين وغيرهم ووعظهم وأرشدهم كما أمهم في صلاة الجمعة.

*وكان يحمل هم الأمة الإسلامية وقضاياها في مشارق الأرض ومغاربها

*وقد واصل –رحمه الله تعالى- مسيرته التعليمية والدعوية بعد عودته من رحلته العلاجية

فلم تمنعه شدة المرض من الاهتمام بالتوجيه والتدريس في


الحرم المكي حتى قبل وفاته بأيام.




أصابه المرض قبل قضاء الله فتميز بنفس صابرة راضية


محتسبة، وقدم للناس نموذجاً حياً صالحاً


يقتدي به لتعامل المؤمن مع المرض المضني، نسأل الله تعالى


أن يكون في هذا رفعة لمنزلته عند رب العالمين.




*كان رحمه الله يستمع إلي شكاوى الناس ويقضي حاجاتهم قدر


استطاعته، وقد خصص لهذا العمل الخيري وقتاً محدداً في كل


يوم لاستقبال هذه الأمور وكان يدعم جمعيات البر وجمعيات


تحفيظ القرآن


*بل قد من الله عليه ووفقه لجميع أبواب البر والخير ونفع


الناس فكان شيخناً بحق مؤسسة خيرية


اجتماعية وذلك بفضل الله يؤتيه من يشاء

 
وفاته رحمه الله تعالى

رزئت الأمة الإسلامية جميعها قبل مغرب يوم

الأربعاء الخامس عشر من شهر شوال سنة 1421هـ



بإعلان وفاة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين

بمدينة جدة بالمملكة العربية السعودية

وأحس


بوقع المصيبة كل بيت في كل مدينة وقرية وصار

الناس يتبادلون التعازي في المساجد والأسواق



والمجمعات وكل فرد يحس وكأن المصيبة مصيبته

وحده وجاءت البرقيات وقدمت الوفود لتعزية خادم


الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز

وصاحب السمو الملكي ولي العهد وصاحب السمو


الملكي النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء –حفظهم

الله- بفقيد البلاد وفقيد المسلمين جميعاً وأخذ


البعض يتأمل ويتساءل عن سر هذه العظمة والمكانة

الكبيرة والمحبة العظيمة التي امتلكها ذلك الشيخ


الجليل في قلوب الناس رجالاً ونساء صغاراً

وكباراً؟ امتلأت أعمدة الصحف والمجلات في الداخل


والخارج شعراً ونثراً تعبر عن الأسى والحزن على

فراق ذلك العالم الجليل فقيد البلاد والأمة


الإسلامية. - رحمة الله تعالى -




وصلى على الشيخ في المسجد الحرام بعد صلاة

العصر يوم الخميس السادس عشر من شهر شوال



سنة 1421هـ الآلاف المؤلفة وشيعته إلي المقبرة

في مشاهد عظيمة لا تكاد توصف

ودفن بمكة المكرمة رحمه الله.


إن القبول في قلوب الناس منة عظيمة من الله

تعالى لمن يشاء من عباده، ولقد أجمعت القلوب على


محبته وقبوله وإنا لنرجوا الله سبحانه وتعالى


متضرعين إليه أن يكون الشيخ ممن قال


صلى لله عليه وسلم فيهم :" إذاأحب الله العبد نادى

جبريل أن الله يحب فلاناً فأحبه فيحبه جبريل

فينادي جبريل في أهل السماء:

إن الله يحب فلاناً فأحبوه، فيحبه أهل السماء ثم

يوضع له القبول في أهل الأرض"(1)



وخلّف –رحمه الله- خمسة من البنين هم عبد الله وعبد

الرحمن وإبراهيم وعبد العزيز وعبد الرحيم،


جعل الله فيهم الخير والبركة والخلف الصالح.

فقد تزوج ـ رحمه الله ـ ثلاث مرات، الأولى :

ابنة عمه بنت سليمان بن محمد العثيمين

التي توفيت أثناء الولادة ،

ثم تزوج بعد وفاتها من ابنة الشيخ عبدالرحمن بن


الزامل العفيسان وظلت معه خمس سنوات

لم ينجب منها فطلقها

ثم تزوج بنت محمد بن إبراهيم التركي وهي أم أولادة ،

ولم يجمع بين زوجتين .



وبوفاته فقدت البلاد والأمة الإسلامية علماً من

أبرز علمائها وصلحاء رجالها الذين يذكروننا بسلفنا


الصالح في عبادتهم و نهجهم وحبهم لنشر العلم

ونفعهم لإخوانهم المسلمين.


نسأل الله تعالى أن يرحم شيخنا رحمة الأبرار

ويسكنه فسيح جناته وأن يغفر له وأن يجزيه عما قدم


للإسلام والمسلمين خيراً ويعوض المسلمين بفقده

خيراً والحمد لله على قضائه وقدره


وإنا لله وانا إليه راجعون




وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله

وأصحابه ومن اتبعهم بأحسان إلى يوم الدين.

_______________


(1)

تخريج السيوطي : (متفق عليه) عن أبي هريرة.
تحقيق الألباني : (صحيح) انظر حديث رقم: 283
في صحيح الجامع الصغير وزيادته


أثارت سيرة هذا العَلَم الفذ ووفاته

شجون وأحزان فقد




ُرزِأَت الأمة الإسلامية بفقد ثلاثة أعلام

للسُّـنة في فترات زمنية متلاحقة

ثم الشيخ مقبل

*فكانت وفاة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ـ رحمه الله ـ


قُبيل فجر يوم الخميس الموافق

27 من المحرم 1420 هـ

أي 27 / 1 / 1420

ثم وفاة

*الشيخ محمد ناصر الدين الألباني محدث العصر

-رحمه الله-

في يوم السبت في الثاني و العشرين منجمادى الآخرة 1420هـ

أي 22/6/1420 هـ

ثم وفاة

* الشيخ محمد بن صالح بن العثيمين-رحمه الله

توفي يوم الأربعاء 15 من شوال سنة 1421 هـ

أي 15 / 10 / 1421 هــ

ثم وفاة
الشيخ مقبل بن هادي الوادعي - رحمه الله -


وكان ذلك بعد غروب شمس يوم السبت ، ليلة الأحد ،

بين مغرب وعشاء في

الأول من جمادى الأولى 1422هـ

جزاهم الله عنا خيرًا

وكل علماء الأمة الأحياء منهم والأموات

ونفعهم بآثارهم

وحقاً إنه لمصاب سابغ جلل، وخطب جسيم لا يحتمل، وبلاء

وبيل مروع إثر بلاء من قبله حلَّ، وليس من شيء يهيض جناح

الأمة مثل موت العلماء، فرحم الله شيوخنا فقد والله ما مُنيت

الأمة منذ عقود طويلة بمثل ما مُنيت به من موتهم: الشيخ عبد

العزيز بن عبد الله بن باز الزاهد الداعية، دثار الحكمة، ورواء

التأويل، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني، محدث العصر،

ورافع لواء السنة، وشمس الأمة، والشيخ العثيمين ، رحمهم

الله، وأجزل لهم الأجر، ووفّانا نعمة الشكر على ما أبقي فينا من

بعدهم من علم وقدوة حسنة ،ونعمة الصبر على مصابنا فيهما.

ومع عُظمِ البلاء يكون عُظمُ الأجر، وعُظمُ الأجر لا يكون إلا

وصوبه الصبر ومن سخط كان له السخط، ومن رضي كان له

الرضى، ولا يخفف من شدة وقع البلاء مثل ثلاث : عموم

البلاء، والصبر على شدته، والأجر الذي يوفاه الصابرون،

ورابعة هي : وِكاءُ الثلاث : ذكر موت النبي صلى الله عليه

وسلم (إذا أصاب أحدكم مصيبة فليذكر مصيبته بي، فإنها من

أعظم المصائب)

سلسلة الأحديث الصحيحة / تحقيق الشيخ الألباني / ج: 3 / حديث رقم :
1106 / التحقيق : صحيح

اللهم فآجرنا في مصيبتنا وأخلف لنا خيراً منها. واجمعنا بهم

في الفردوس الأعلى برحمتك يا أرحم الراحمين
لعمرك ماالرزية فقد مال *** ولا شاة تموت ولا بعير
ولكن الرزية فقد فـــــــــذ *** يموت لموته خلق كثير