الأحد، 13 نوفمبر 2016

01- قراءة كتاب تمام المنة من مجلس 1 إلى مجلس 10

المجلس الأول
قراءة كتاب تمام المنة

المقدمة و المياة
إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.
وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه.
البداية السبت 12 صفر 1438 هـ .
عملنا مدارسة كتاب تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة
للشيخ : عادل يوسف العزازي .

لتحميل الكتاب من قناة : مكتبة طالب العلم .على برنامج التلجرام
رابط القناة    https://telegram.me/maktabty
هنا 
رابط الكتاب على القناة - الهاشتاج -: 
#تمام_المنة_في_فقه_السنة_للعزازي_مضغوط
والمدارسة عبارة عن القراءة في الكتاب مع التدوين وتخريج الأحاديث والآيات من مصادرها . وقد يترتب عليه بعض الاختلافات عن الأحاديث الواردة في الكتاب .


كتاب الطهارة
أحكام المياه
معنى الطهارة :
لغة : النظافة والنزاهة من الأدناس.
واصطلاحًا: ارتفاع الحدث وزوال النجس.
" والحدث" وصف معنوي يقوم بالبدن إذا وجد سبب يمنع من العبادة ،
وهو قسمان ؛ حدث أصغر يوجب الوضوء، وحدث أكبر يوجب الغسل ، ويرفع الحدث بالوضوء والغسل أو ما يقوم مقامهما وهو التيمم .
وأما النجس: فهو مستقذر يمنع من صحة العبادة ، وزوال النجس يكون بتنقيته عما أصابه.



وأما أحكام الطهارة فنبدأ أولًا بأحكام المياه .
أحكام المياه

الأصل أن الماء " طاهر مطهِّر " فهو طاهر في نفسه ومطهرلغيره لقوله تعالى"وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا "الفرقان48ا
ولقوله تعالى "فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا " المائدة : 6
أرشدت الآية الأولى أن الماءَ طهورٌ ، وهو : الطاهر المطهِّر ، وأرشدت الآية الثانية أن الماء هو الأصل في التطهير من الحدث ،
فإن عُدم كان التطهير بالصعيد الطيب .
وعلى هذا فكل ما يصدق عليه إطلاق لفظ " الماء" – بدون أي إضافة أو تغيير يخرجه عن إطلاقه – تصح الطهارة به ،
فعلى هذا : تصح الطهارة بما نزل من السماء من مطر وثلج وبَرَد؛وذلك لما ثبت في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : -
"كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، إذا كبَّر في الصلاةِ ، سكتَ هُنَيَّةً قبل أن يَقرأَ . فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ! بأبي أنت وأمي ! أرأيتَ سكوتَك بين التكبيرِ والقراءةِ ، ما تقول ؟ قال " أقول : اللهمَّ ! باعِدْ بيني وبين خطايايَ كما باعدتَ بين المشرقِ والمغربِ . اللهمَّ ! نقِّني من خطاياي كما يُنقَّى الثوبُ الأبيضُ من الدَّنَسِ . اللهمَّ ! اغسِلْني من خطايايَ بالثَّلجِ والماءِ والبَرَدِ" .
الراوي : أبو هريرة-المحدث : مسلم-المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 598 -خلاصة حكم المحدث : صحيح.


ومعنى "هُنَيَّةً" قليلًا من الزمن ، و "و الدَّنَسِ"الوسخ والقذر .
وتصح الطهارة بمياه البحار والأنهار والآبار وكل ما نبع من الأرض ؛

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سألَ رجلٌ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ ،إنَّا نركبُ البحرَ، ونحملُ معَنا القليلَ منَ الماءِ ، فإن توضَّأنا بِهِ عطَشنا أفنتوضَّأُ من ماءِ البحرِ ؟ فقالَ: رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ" هوَ الطَّهورُ ماؤُهُ ، الحلُّ ميتتُهُ" .
الراوي : أبو هريرة- المحدث : الألباني- المصدر : صحيح النسائي- الصفحة أو الرقم: 331 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.

ولا تصح الطهارة بالماء الذي أضيف إليه شيء آخر غيّره - بأن غيّر أحد أوصاف الماء : الطعم ، أو اللون ، أو الرائحة - تغييرًا يخرجه عن إطلاق اسم الماء عليه ، كماء الورد وماء الزعفران ونحوهما .

  تدريبات
س ما معنى الطهارة إصطلاحًا ؟

س يُرفعُ الحدثُ بـ ...... ؟
مع التفصيل.

س ما الصواب وما الخطأ في الصور الآتية مع التفصيل:
*رجلٌ توضأ ثم خرجَ منه ريحٌ وقطرةُ بولٍ ؛ فذهب وأعاد الوُضوءَ ثمَّ صلى.
*رجلٌ توضأَ ثمَّ خرجَ منهُ ريحٌ ؛فذهب وغسلَ فرجَهُ ثمَّ توضأَ وصلى.
* رجلٌ خرجَ ليصلي في المسجدِ ؛ فمرَّ على ماءٍ بالطريقِ وخاضَ فيه بقدميهِ ؛ فلما وصلَ المسجدَ خلعَ نعليهِ وأعاد الوُضوءَ .
* رجلانِ خرجَا للصلاةِ ولم يجدا ماءً للوُضوءِ ؛ وكانت هناك أمطارٌ ؛أحدهما تيممَ بالصعيدِ ؛ والآخرُ توضأَ من ماءِ المطرِ .
ومرَّ ثالثٌ وأخذَ الثلوجَ النازلة مع المطر وتوضأ بها
ومر رابعٌ فوقف تحت شجرةٍ وتوضأَ من ماء المطر فقال له رجلٌ لعلَّ الماءَ وهو نازلٌ على الشجر صادفَ نجاسةً فلا يجوز لك الوُضوءَ حتى تتيقن من طهارتها .

إجابة التدريبات
س ما معنى الطهارة إصطلاحًا ؟
ج معنى الطهارة اصطلاحًا ارتفاع الحدث وزوال النجس.
س يُرفعُ الحدثُ بـ ...... ؟
ج يُرفعُ الحدثُ بالوضوءِ إذا كان حدثًا أصغرًا . و بالغسلِ والوضوءِ إذا كان حدثًا أكبرًا .

س ما الصواب وما الخطأ في الصور الآتية مع التفصيل:
*رجلٌ توضأ ثم خرجَ منه ريحٌ وقطرةُ بولٍ ؛ فذهب وأعاد الوُضوءَ ثمَّ صلى.
ج لاتصح صلاتُهُ لأنه لم يُزِلْ النجسَ المتمثل في قطرةِ البولِ .

*رجلٌ توضأَ ثمَّ خرجَ منهُ ريحٌ ؛فذهب وغسلَ فرجَهُ ثمَّ توضأَ وصلى.
ج لايلزمه غسلَ الفرجِ طالما لم يخرج مع الريحِ نجاسةٌ، ويلزمه رفع الحدثِ الأصغرِ فقط بالُضوءِ.
أما لو خرج مع الريح نجاسةٌ ففعلهُ صحيحٌ وهو إزالة النجسِ أولًا بغسل الفرجِ ؛ ثم رفع الحدثِ الأصغرِ بالوضوءِ.

* رجلٌ خرجَ ليصلي في المسجدِ ؛ فمرَّ على ماءٍ بالطريقِ وخاضَ فيه بقدميهِ ؛ فلما وصلَ المسجدَ خلعَ نعليهِ وأعاد الوُضوءَ .
ج ليس عليه إعادة للوضوء لأن الأصل في المياه الطهارة إلا إذا وجد قرينة بيِّنَة على نجاسة هذا الماء ، كخروج الماء من مجاري الصرف الصحي فيكون الأصل فيها النجاسة ، فيزيل النجس فحسب وليس عليه إعادة للوضوء .
* رجلانِ خرجَا للصلاةِ ولم يجدا ماءً للوُضوءِ ؛ وكانت هناك أمطارٌ ؛أحدهما تيممَ بالصعيدِ ؛ والآخرُ توضأَ من ماءِ المطرِ .
ومرَّ ثالثٌ وأخذَ الثلوجَ النازلة مع المطر وتوضأ بها
ومر رابعٌ فوقف تحت شجرةٍ وتوضأَ من ماء المطر فقال له رجلٌ لعلَّ الماءَ وهو نازلٌ على الشجر صادفَ نجاسةً فلا يجوز لك الوُضوءَ حتى تتيقن من طهارتها .

ج أحدهما تيممَ بالصعيدِ : فعله ليس صحيحًا لأنه لم يعدم الماء فماء المطر طاهرٌ مطهَرٌ .
ج والآخرُ توضأَ من ماءِ المطرِ : هذا فعلهُ صحيحٌ فماء المطر طاهرٌ مطهَرٌ .
ج ومرَّ ثالثٌ وأخذَ الثلوجَ ... : هذا فعلهُ صحيحٌ فالثلج طاهرٌ مطهَرٌ .

ج تحت شجرةٍ وتوضأَ من ماء المطر : هذا فعلهُ صحيحٌ وليس عليه التحري لأن الأصل في المياه الطهارة .
وكل هذه الأحكام للحديث :
" ....اللهمَّ ! اغسِلْني من خطايايَ بالثَّلجِ والماءِ والبَرَدِ"
الراوي : أبو هريرة-المحدث : مسلم-المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 598 -خلاصة حكم المحدث : صحيح.
****************** 


المجلس الثاني

قراءة كتاب تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة
مسائل متعلقة بالمياه :

1 الماء المستعمل :
وهو المنفصل عن أعضاء المتوضئ والمغتسل : حكمه حكم الأصل ؛ أي أنه طاهر مطهر ، وسواء في ذلك وجد ماء آخر أو لم يجد ، وذلك لما يأتي :
أولًا : عن الرُّبيِّع بنت مُعوِّذ رضي الله عنها "أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ مسحَ برأسِه مِن فضلِ ماءٍكانَ في يدِهِ .
الراوي : الربيع بنت معوذ بن عفراء|المحدث : الألباني|المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 130 |خلاصة حكم المحدث : حسن
ثانيًا : عموم قوله تعالى "فَلَمغ، تَجِدُواْ مَاءً فَتَيَمَّمُواْ" المائدة: 6}وهذا " ماء" ولم يأت دليل ينص على خروجه عن طهوريته فيبقى على حكمه .
ثالثًا : اعتبارًا بالأصل إذ أنه طاهر التقى بأعضاء المستعمل له وهي طاهرة ، فلم يفقده ذلك من طهوريته شيئًا .
2 الماء الذي خالطه طاهر :
حكمه : أنه باق على أصله - طاهرٌ مُطَهِرٌ - حتى لو تغير بأن ظهر فيه لون هذا الطاهر ، أو طعمه ، أو ريحه بشرط أن لا يكون التغير فاحشًا يخرجه عن إطلاق اسم " الماء" عليه ، فإن أخرجه عن إطلاق اسم " الماء" عليه ، فالماء طاهر فقط لكنه غير مطهر ، فلا تصح الطهارة به كما سبق .
فعن أم هانئ رضي الله عنها قالت :" إنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ اغتسلَ وميمونةَ من إناءٍ واحدٍ في قصعةٍ فيها أثرُالعَجينِ"
الراوي : أم هانئ بنت أبي طالب|المحدث : الألباني|المصدر : صحيح ابن ماجه-الصفحة أو الرقم: 308 |خلاصة حكم المحدث : صحيح|
وعنِ ابنِ مسعودٍ رضي الله عنه قالَ : "إذا غسلَ الجنبُ رأسَهُ بالخِطميِّ أجزأَهُ"

الراوي : - |المحدث : ابن حزم|المصدر : المحلى-الصفحة أو الرقم: 1/200 |خلاصة حكم المحدث : ثابت
"والخِطميِّ" : ضرب من النبات يغسل به الرأس .

3 الماء الذي خالطته نجاسة

حكمه كما يلي :
أإذا تغير بهذه النجاسة أحد أوصاف الماء وهي : طعمه ، أو لونه ، أو ريحه . فإن الماء يصير نجسًا . والدليل على ذلك : الإجماع .
قال ابن المنذر رحمه الله " أجمعوا على أن الماء القليل أو الكثير إذا وقعت فيه نجاسة فغيرت للماء طعمًا أو لونًا أو ريحًا : أنه نجس ما دام كذلك " .
بإذا لم يتغير أحد أوصافه السابقة : فالماء على أصله : "طاهر مطهر"، سواء في ذلك قليل الماء وكثيره .
والدليل على ذلك ما رواه أصحاب السنن عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال:

قيلَ يا رسولَ اللهِ أنتَوضَّأُ مِن بئرِبُضاعةَ وَهيَ بئرٌ يُلقَى فيها الحِيَضُ ولحومُ الكلابِ والنَّتنُ ؟ فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ" إنَّ الماءَ طَهورٌ لا ينجِّسُهُ شيءٌ"

الراوي :أبو سعيد الخدري|المحدث :الألباني|المصدر :صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم:66|خلاصة حكم المحدث :صحيح

ومعنى " الحِيَض" بكسر الحاء وفتح الياء : الخرق التي يمسح بها دم الحيض.
وهذا الحديث صريح بمنطوقه على طهارة الماء ، وأنه لا ينجسه شيء ، وقد تقدم نقل الإجماع على ثبوت النجاسة إذا تغير أحد أوصافه فقط .
وقد يقول قائل : يعارض هذا الحديثَ حديثُ القلتين ، ولفظه :
"إذابلغ الماءُ قُلَّتينِ لم يَحملِ الخَبَثَ" وفي روايةٍ لم يُنَجِّسْهُ شيٌء.الراوي :عبدالله بن عمر|المحدث :الألباني|المصدر :إرواء الغليل-الصفحة أو الرقم:172|خلاصة حكم المحدث :صحيح
لأن مفهومه أن ما دون القلتين يحمل الخبث .
والجواب : أنه لا معارضة بين الحديثين لأنه يقال :

أولًا : إذا بلغ قلتين فأكثر فإنه لا يحمل الخبث في أي حال من الأحوال ، لأن كثرته تحول دون ظهور النجاسة فيه أو تأثره بها وهذا موافق للحديث الأول : قيلَ يا رسولَ اللهِ أنتَوضَّأُ مِن بئرِبُضاعةَ وَهيَ بئرٌ يُلقَى فيها الحِيَضُ ولحومُ الكلابِ والنَّتنُ ؟ فقالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ "إنَّ الماءَ طَهورٌ لا ينجِّسُهُ شيءٌ"

الراوي :أبو سعيد الخدري|المحدث :الألباني|المصدر :صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم:66|خلاصة حكم المحدث :صحيح

ثانيًا : وأما دون القلتين فلم ينص الحديث على أنه يحمل الخبث ، لكن يُفهم منه أنه مظنة حمل الخبث ، وليس فيه أنه يحمل الخبث نصًّا ، ولا أن ما يحمله من الخبث يخرجه عن الطهورية إلا إذا تغير أحد أوصافه .
قال صديق حسن خان رحمه الله "إن ما دون القلتين إن حمل الخبث حملًا استلزم تغير ريح الماء ، أو لونه ، أو طعمه فهذا هو الأمر الموجب للنجاسة والخروج عن الطهورية ، وإن حمله حملًا لا يغير أحد تلك الأوصاف فليس هذا الحمل مستلزمًا للنجاسة " .
تنبيه :زاد عبد الرزاق عن ابن جريج بسند مرسل " بقلال هجر " .
قال ابن جريج : وقد رأيت قلاق هجر ، فالقلة تسمع قربتين وشيئًا .
قلت : ويقدره بعض المعاصرين بنحو (200) مائتي كيلو جرام .
4 ما يقع في الماء :
من ورق الأشجار والطحلب ، أو ما تحمله الريح فتسقطه في الماء ،أو تجذبه السيول من العيدان والتبن ونحوه فيتغير الماء به ، كل ذلك لا يخرجه عن طهوريته بمعنى أنه باق على أصله : " طاهر مطهر " لعموم قوله تعالى :
" فَلَمغ، تَجِدُواْ مَاظ“ءظ— فَتَيَمَّمُواْ" المائدة: 6- وهذا واجد للماء فلا يجوز العدول عنه إلى غيره .
وبناءً على ما تقدم فما يوضع في المياه من مطهرات فإنها لا تخرجه عن طهوريته حتى لو وجد أثرها في الماء لأنها لا تخرجه عن إطلاق اسم الماء عليه.

5 إذا وقع تراب في الماء فغيره :
لا يمنع طهورية الماء ، لأن التراب يوافق الماء في صفتيه : الطهارة والطهورية ، ولأن صاحبه واجد للماء كما تقدم .
6 الماء الآجن :
وهو الذي تغير بطول مكثه في المكان ، حكمه : أنه باقٍ على إطلاقه ، فعلى هذا لو وضع ماء في خزان مدة طويلة فتغير جاز الوضوء به .
قال ابن المنذر رحمه الله " وأجمعوا على أن الوضوء بالماء الآجن من غير نجاسة حلت فيه ؛جائز غير ابن سيرين قال : لا يجوز .
قال ابن قدامة : وقول الجمهور أولى .


7 قال ابن قدامة رحمه الله " وإذا كان على العضو طاهر كالزعفرانوالعجين فتغير به الماء وقت غسله لم يمنع حصول الطهارة به " .
قلت : وعلى هذا لو اغتسل بالصابون ثم أراق الماء على جسده وعليه الصابون ونحوه فالغسل صحيح . وقد تقدم أثر ابن مسعود :
"إذا غسلَ الجنبُ رأسَهُ بالخِطميِّ أجزأَهُ"
الراوي : - |المحدث : ابن حزم|المصدر : المحلى-الصفحة أو الرقم: 1/200 |خلاصة حكم المحدث : ثابت.


8 يجوز الوضوء بالماء المشمس والماء الساخن :
وليس هناك دليل
يمنع من استعمالهما ، وعلى ذلك فلا بأس باستخدام السخانات الشمسية.
بل ثبت عن عمر وابنه عبد الله رضي الله عنه جواز استعمالهما – أعني : الماء المشمس ، والماء الساخن - ، فروي الدارقطني عن عمر رضي الله عنه :
" أنه كان يُسخَّنُ له ماءٌ في قُمْقُمٍ ، فيغتسلُ به" .

الراوي :أسلم مولى عمر بن الخطاب|المحدث :الألباني|المصدر :إرواء الغليل-الصفحة أو الرقم:16|خلاصة حكم المحدث :صحيح
و" القمقم " ما يسخن فيه الماء من نحاس وغيره .
وعن أيوب قال : سألت نافعًا عن الماء الساخن ؟ فقال :
"عنِ ابنِ عمرَ أنه كان يغتسلُ بالحَميمِ"

الراوي :نافع مولى ابن عمر|المحدث :الألباني|المصدر :إرواء الغليل-الصفحة أو الرقم:17|خلاصة حكم المحدث :صحيح
و"الحميم " : هو الماء الساخن .


9 يجوز الوضوء بماء زمزم :
فعن على بن أبي طالب رضي الله عنه
"أنَّ رسولَ اللهِ دعا بسَجْلٍ مِنْ ماءِ زمزمَ فشرِب منه وتوضأ"

الراوي :أسامة بن زيد|المحدث :الألباني|المصدر :إرواء الغليل- الصفحة أو الرقم:13|خلاصة حكم المحدث :حسن.


10 إذا شك في نجاسة ماء كان أصله طاهرًا ، أو شك في طهارته
وكان أصله نجسًا ، حكم باليقين في كلتا المسألتين ، وهو الأصل الذي كان عليه ؛ فما كان أصله الطهارة فهو طاهر ، وما كان أصله النجاسة فهو نجس ، وكذلك لو شك في الأرض هل هي نجسه أم طاهرة ؟ فالأصل أنها طاهرة .


11 إذا اشتبه عليه ماء طهور بماء نجس ، أو اشتبه عليه ثوب طاهر بثياب نجسة ،
فالصحيح أنه يتحرى بقدر ما يستطيع ، ويستعمل ما يغلب على ظنه طهارته ، وفي المسألة نزاع ، والصحيح ما ذكرته ( راجع الشرح الممتع .


12 إذا أزيلت النجاسة عن الماء ، بأن تغيرت بنفسها أو بإضافة ماء طهور إليه ، أو نحو ذلك بحيث لم يظهر أثر للنجاسة من طعم أو لون أو رائحة ، فالماء في هذه الحالة يصير طاهرًا مطهرًا .


13يرى مجلس هيئة كبار العلماء بالسعودية أن مياه الرشح والمجاري التي
تنقَّى ويتخلص مما طرأ عليها من النجاسات بواسطة الطرق الفنية الحديثة لأعمال التقنية بحيث لا يرى فيها تغير بنجاسة في طعم ولا لون ولا ريح ، فإن المجلس يرى طهارتها ، واستعمالها في إزالة الخبث ، والحدث – أي أنها طاهرة مطهرة - ، ويرى جواز شربها إلا إذا كانت هناك أضرار صحية فيمتنع عن ذلك محافظة على النفس ، وهو ما يستحسنه المجلس .
********************** 

المجلس الثالث
قراءة كتاب تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة
حكم الآسآر

معنى السؤر :
الأسآر جمع سؤر ، والسؤر : فضلة الشرب ، أي ما يتبقى في الإناء بعد شربه .
حكمه :

(1)  سؤر الآدمي :
الآدمي طاهر في نفسه ، وسؤره وعرقه طاهران سواء كان مسلمًا أو كافرًا ،وسواء كان رجلًا أو امرأة ، وسواء كانت المرأة حائضًا أو غير حائض اعتبارًا بأصل الخلقة وتكريم الله للإنسان .
والدليل على طهارة المسلم : ما ثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :
لقِيَني رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم وأنا جُنُبٌ ، فأخَذ بيدي ، فمَشَيتُ معَه حتى قعَد ،فانسَلَلتُ، فأتيتُ الرَّحلَ ، فاغتسَلتُ ثم جئتُ وهو قاعدٌ ، فقال : أين كنتَ يا أبا هِرٍّ . فقلتُ له ، فقال : سُبحانَ اللهِ يا أبا هِرٍّ إنَّ المُؤمنَ لا يَنجُسُ.
الراوي : أبو هريرة-المحدث : البخاري-المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 285 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.

والدليل على طهارة الكافر "توضأ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مِنْ مَزَادَةِ مُشرِكَةٍ"
الراوي : - |المحدث : الألباني|المصدر : إرواء الغليل- الصفحة أو الرقم: 36 |خلاصة حكم المحدث : لم أجده.
وربط ثمامة بن أثال وهو مشرك بسارية من سواري المسجد "الحديث":

"بعَث النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَيلًا قِبَلَ نَجدٍ، فجاءَتْ برجلٍ من بني حَنيفَةَ، يُقالُ له ثُمامَةُ بنُ أُثالٍ، فربَطوه بسارِيَةٍ من سَواري المسجدِ، فخرَج إليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : أطلِقواثُمامَةَ. فانطَلَق إلى نخلٍ قريبٍ منَ المسجدِ، فاغتَسَل ثم دخَل المسجدَ، فقال : أَشهَدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأن محمدًا رسولُ اللهِ .
الراوي : أبو هريرة-المحدث : البخاري-المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 462 -خلاصة حكم المحدث :صحيح.

- أنَّ يهودِيَّةً أتَتْ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلمَ بشاةٍ مسْمُومَةً فأكَلَ منهَا ، فجِيءَ بهَا ، فقيلَ : ألا نقتلها ؟ قال  " لا  ." فمَا زِلتُ أعرِفُهَا في لهَوَاتِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ .
الراوي : أنس بن مالك - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 2617 | خلاصة حكم المحدث : صحيح- الدرر السنية .
الشرح : قَبِلَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم هديَّةَ امرأةٍ يَهوديَّة، قيل: هي زينبُ بنت الحارث امرأةُ سَلَامِ بنِ مِشْكَمٍ، وذلك بعد غزوة خَيْبَرَ، فأكَلَ من شاةٍ أعدَّتْها ووضعَتِ السُّمَّ في الموضع الذي يُحبُّه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم من لحمِ الشَّاة، فأكَل السُّمَّ فدفَع اللهُ عنه عاجلَ شرِّها؛ فقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((إنَّ الشَّاةَ تُخبِرُني)) يعني أنَّها مسمومةٌ؛ فلم يَمُتْ في حينِها، وما زال أثرُها يُرَى فيه ويُعرَفُ، كما قال أنسٌ رضي الله عنه: ما زلتُ أَعرِفُها في لَهَوَاتِ رسولِ الله صلَّى الله عليه وسلَّم، واللَّهَوَاتُ: جمعُ لَهَاةٍ، وهي اللَّحمةُ المُتدلِّية من الحنك الأعلى، ولم يأمُرِ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بقتلِها في حينها. الدرر السنية


وأما قوله تعالى "إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ "التوبة : 28 . فالمقصود النجاسة المعنوية ، وهي نجاسة الاعتقاد .
وأما الدليل على طهارة سؤر الحائض : عن عائشة رضي الله عنها قالت "كنتُ أشربُ وأناحائضٌ، ثم أُنَاوِلُه النبيَّ- صلى الله عليه وسلم ،فيَضَعُ فاه على موضِعِ فيَّ، فيشرب، وأَتَعَرَّقُ العَرَقَ وأنا حائضٌ ، ثم أُنَاوِلُه النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فيَضَعُ فاه على مَوضِعِ فيَّ . ولم يَذْكُرْ زُهَيْرٌ :فيَشْرَبُ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 300 - خلاصة حكم المحدث : صحيح

و" العرق " : هو العظم الذي أخذ منه مُعظم اللحم ، وبقي منه القليل .

(2) سؤر الحيوان مأكول اللحم :

الحيوان المأكول اللحم طاهر ، وعرقه وسؤره طاهران .
والدليل على ذلك : " البراءة الأصلية " ؛ إذ الأصل الطهارة ، لذا فقد نقل ابن قدامة عن ابن المنذر رحمه الله قال"وأجمع أهل العلم على أن سؤر ما أكل لحمهة طاهر ويجوز شربه والوضوء به .

(3)  سؤر الهرة :
وهي طاهرة ، وعرقها وسؤرها .
والدليل على ذلك "عَن كبشةَ بنتِ كعبِ بنِ مالِكٍ وَكانَت عندَ ابنِ أبي قتادةَ، أنَّ أبا قتادةَ دخلَ علَيها، قالت: فسَكَبتُ لَهُ وَضوءًا، قالت: فَجاءت هرَّةٌ تَشربُ، فأصغَى لَها الإناءَ حتَّى شَرِبت، قالَت كَبشةُ: فرآني أنظرُ إليهِ، فقالَ: أتَعجبينَ يا بنتَ أخي؟ فقلتُ: نعَم، قالَ: إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: إنَّها ليسَت بنجَسٍ، إنَّما هيَ مِنَ الطَّوَّافينَ عليكُم، أوِ - الطَّوَّافاتِ -
الراوي : أبو قتادة-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 92 -خلاصة حكم المحدث : صحيح

 (4) سؤر البغال والحمير :

قال ابن قدامة رحمه " والصحيح عندي طهارة البغل والحمار ،فالنبي صلى الله عليه وسلم كان يركبها في زمنه وفي عصر الصحابة ، فلو كان نجسًا لبين النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، ولأنهما لا يمكن التحرز منهما لمقتنيهما ، فأشبها السِّنَّور " . ومعنى " السِّنَّور" الهرة .

(5)  سؤر السباع وجوارح الطير والحشرات ونحو ذلك ،
اختلف أهل العلم في سؤر السباع ، فذهب بعضهم إلى طهارتها اعتبارًا بالأصل ، لماورد في الحديث أنه سئل"أنتوضَّأُ بما أفضَلَتِ الحمُرُ ؟ قالَ : نعَم ، وبِما أفضَلتِ السِّباعُ كلُّها"
الراوي : جابر بن عبدالله- المحدث : الألباني- المصدر : تمام المنة الصفحة أو الرقم: 47 - خلاصة حكم المحدث :ضعيف.
، وقد أورد النووي أثرًا عن عمر وهو أثر مرسل ، لكن قال النووي في " المجموع " 1/ 174 : إلا أن هذا المرسل له شواهد تقويه . وذهب آخرون إلى نجاسة سؤرها مستدلين بما ثبت في الحديث : عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال : "سمِعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وَهوَ يُسأَلُ عنِ الماءِ يَكونُ في الفَلاةِ مِنَ الأرضِ وما ينوبُهُ مِنَ السِّباعِ والدَّوابِّ ؟ قالَ : فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : إذَا كانَ الماءُ قُلَّتينِ لم يحمِلِ الخبثَ"الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : أحمد شاكر - المصدر : شرح سنن الترمذي-الصفحة أو الرقم: 1/97 - خلاصة حكم المحدث : صحيح
قالوا : وظاهر هذا يدل على نجاسة سؤر السباع ، إذ لو لا ذلك لم يكن لهذا الشرط فائدة ، ولكان التقييد بها ضائعًا . قلت : وفي الاستدلال بذلك نظر ؛ فقد قال الخطابي رحمه الله : "وقد يحتمل أن يكون ذلك من أجل أن السباع إذا وردت المياه خاضتها وبالت فيها ، وتلك عادتها وطباعها ، وقلما تخل أعضاؤها من لوث أبوالها ورجيعها ، وقد ينتابها في جملة السباع : الكلاب ، وآسارها نجسة ببيان السنة " .
قال ابن قدامة رحمه الله " ورخص في سؤر ذلك : الحسن ، وعطاء ، والزهري ، ويحيى الأنصاري ، وبكير بن الأشج ، وربيعة ، وأبو الزناد ، ومالك والشافعي ، وابن المنذر " .
(6) سؤر الكلب والخنزير :
وحكمة : النجاسة ؛ أما سؤر الكلب فلقوله صلى الله عليه وسلم : " طَهورُ إناءِ أحدِكم، إذا ولَغ فيه الكلبُ ، أن يغسِلَه سبعَ مرَّاتٍ . أُولاهنَّ بالتُّرابِ"الراوي : أبو هريرة - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 279 - خلاصة حكم المحدث : صحيح
وهو دليل على نجاسته .
وأما الخنزير، فلقوله تعالى "أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ " الأنعام :145. أي نجس ، فما تولد منه يكون نجسًا ، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد ، وذهب مالك والأوزاعي وداود إلى طهارة سؤرهما ، والقول الأول أرجح ، والله أعلم .

 ****************

أسئلة على المجلس الثالث
*مر رجل على بئر وأراد الوضوء لكنه وجد كلبًا يشرب من البئر وهو يعلم بنجاسة سؤر الكلب . فتيمم وصلى .
الجواب :
كان عليه الوضوء من هذا الماء لأنه طاهر مطهر  لأنه أكثر من قلتين لما ورد في الحديث  -
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال  "سمِعتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وَهوَ يُسأَلُ عنِ الماءِ يَكونُ في الفَلاةِ مِنَ الأرضِ وما ينوبُهُ مِنَ السِّباعِ والدَّوابِّ ؟ قالَ : فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ : إذَا كانَ الماءُ قُلَّتينِ لم يحمِلِ الخبثَ" الراوي : عبدالله بن عمر - المحدث : أحمد شاكر - المصدر : شرح سنن الترمذي-الصفحة أو الرقم: 1/97 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
*دخل رجل بيته وكانت امرأته حائضًا وبالبيت هرة ودجاج ووجد إناء فأراد الوضوء منه فخشي أن تكون زوجته شربت منه وهي حائض أو الهرة والدجاج يكونوا شربوا منه أيضا فلم يتوضأ منه وبحث عن ماءٍ غيره.
الجواب :هذا الماء طاهرٌ في نفسه  مَطَهِّرٌ لغيرهِ:   
أ- لأن سؤر الحائض طاهر والدليل حديث عائشة
:"كنتُ أشربُ وأناحائضٌ، ثم أُنَاوِلُه النبيَّ- صلى الله عليه وسلم ،فيَضَعُ فاه على موضِعِ فيَّ، فيشرب، وأَتَعَرَّقُ العَرَقَ وأنا حائضٌ ، ثم أُنَاوِلُه النبيَّ صلى الله عليه وسلم ، فيَضَعُ فاه على مَوضِعِ فيَّ . ولم يَذْكُرْ زُهَيْرٌ :فيَشْرَبُ.
الراوي : عائشة أم المؤمنين - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 300 - خلاصة حكم المحدث : صحيح
ب- وسؤر الهرة طاهر
والدليل على ذلك  "عَن كبشةَ بنتِ كعبِ بنِ مالِكٍ وَكانَت عندَ ابنِ أبي قتادةَ، أنَّ أبا قتادةَ دخلَ علَيها، قالت: فسَكَبتُ لَهُ وَضوءًا، قالت: فَجاءت هرَّةٌ تَشربُ، فأصغَى لَها الإناءَ حتَّى شَرِبَتْ، قالَت كَبشةُ: فرآني أنظرُ إليهِ، فقالَ: أتَعجبينَ يا بنتَ أخي؟ فقلتُ: نعَم، قالَ: إنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ قالَ: إنَّها ليسَت بنجَسٍ، إنَّما هيَ مِنَ الطَّوَّافينَ عليكُم، أوِ - الطَّوَّافاتِ -
الراوي : أبو قتادة-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم-92 خلاصة حكم المحدث : صحيح.
د- وسؤر الدجاج طاهر لأنه مأكول اللحمِ
الحيوان المأكول اللحم طاهر ، وعرقه وسؤره طاهران .
والدليل على ذلك : " البراءة الأصلية " ؛ إذ الأصل الطهارة ، لذا فقد نقل ابن قدامة عن ابن المنذر رحمه الله قال"وأجمع أهل العلم على أن سؤر ما أُكل لحمه طاهر ويجوز شربه والوضوء به .

*مر رجل بوعاء به ماء وبجواره نصراني شرب منه ، فأحجم عن الشرب منه أو الوضوء منه.
.الجواب : الآدمي طاهر سواء كان مسلمًا أو كافرًا والدليل بقاء الكافر بالمسجد فلو كان نجسًا ما أبقاه الرسول صلى الله عليه بالمسجد:
"بعَث النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم خَيلًا قِبَلَ نَجدٍ، فجاءَتْ برجلٍ من بني حَنيفَةَ، يُقالُ له ثُمامَةُ بنُ أُثالٍ، فربَطوه بسارِيَةٍ من سَواري المسجدِ، فخرَج إليه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فقال : أطلِقوا ثُمامَةَ. فانطَلَق إلى نخلٍ قريبٍ منَ المسجدِ، فاغتَسَل ثم دخَل المسجدَ، فقال : أَشهَدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ، وأن محمدًا رسولُ اللهِ .
الراوي : أبو هريرة- المحدث : البخاري- المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 462 -خلاصة حكم المحدث : صحيح.


  ****************
المجلس الرابع 




قراءة كتاب تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة


أحكام النجاسات

وفيه مسائل:

المسألة الأولى : وجوب إزالة النجاسة
قال تعالى : "وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ " المدثر : 4 . وقال صلى الله عليه وسلم : " أكثرُ عذابِ القبرٍِمن البولِ"الراوي : أبو هريرة-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح ابن ماجه الصفحة أو الرقم 283 -خلاصة حكم المحدث : صحيح
وعن أبي سعيد الخدري في قصة خلعه صلى الله عليه وسلم لنعله في الصلاة قال : " بينما رسول اللهِ يصلى بأصحابه إذ خلع نعليه فوضعهما عن يساره فخلع الناس نعالهم فلما قضى رسول اللهِ صلاته قال : ما حملكم على إلقائكم نعالكم ؟ قالوا رأيناك ألقيت نعلك فألقينا نعالنا قال : إن جبريل أتانى فأخبرنى أنفيهماقذرًا".الراوي : أبو سعيد الخدري-المحدث : الألباني-المصدر : إرواء الغليل-الصفحة أو الرقم: 284 -خلاصة حكم المحدث : صحيح
وسيأتي الحديث في آخر أبواب النجاسة ، وغير ذلك من الأحاديث المذكورة في الباب التي تدل على وجوب إزالة النجاسة .
*************

المسألة الثانية : أنواع النجاسات
أولًا الميتة : وهو كل ما مات دون تذكية ، والدليل على نجاسة الميتة ما ثبت في الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : تُصُدِّقَ على مولاةٍ لميمونةَ بشاةٍ ، فماتت، فمرَّ بها رسولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم- فقال :هلَّاأخذْتُمإهابَها، فدبغتموه ، فانتفعتم به ؟فقالوا : إنها مِيِّتَةٌ . فقال : إنما حُرِّمَ أكلُها.
الراوي : عبدالله بن عباس-المحدث : مسلم-المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 363 -خلاصة حكم المحدث : صحيح.
وعنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أيُّماإِهابٍ دُبِغَ فقد طَهُرَ"الراوي : عبدالله بن عباس-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم: 1728 -خلاصة حكم المحدث : صحيح
فدل ذلك على أن الأصل في الميتة النجاسة ، وأن تطهير جلدها يكون بالدباغ .
ومعنى : " الإهاب" : الجلد قبل الدبغ .
ويلحق بحكم الميتة ما يأتي :
(أ‌) إذا قطع من البهيمة شيء قبل ذبحه فهو ميتة :
فعن واقد الليثي رضي الله عنه قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم أخاأحاديث "ما
قُطعَ من البَهيمةِ وهي حيَّةٌ فهي مَيتةٌ" .الراوي : أبو واقد الليثي-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح أبي داود- الصفحة أو الرقم: 2858 -خلاصة حكم المحدث : صحيح


فعلى هذا ما يقطع من سنمة الجمل ، أو إلية الضأن ، أو ما يفعله بعض من يتولون الذبح في المذابح العامة من قطع أذن ، أو بتر قدم ونحوه يدخل في حكم الميتة ، فلا يحل أكله ، وهو نجس .
(ب‌) الحيوان الغير مأكول اللحم : حكمه حكم الميتة حتى لو ذُكِّي بالذبح ؛
إذ من شروط صحة التذكية : حلُّ المذكَّى ، ففي الصحيحين عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : " خرجْنا مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إلى خيبرَ . ثم إنَّ الله فتحها عليهم فلما أمسى الناسُ ، اليومَ الذي فُتِحتعليهم ، أوقَدوا نيرانًا كثيرةً . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . " ما هذه النيرانُ ؟ على أيِّ شيءٍ تُوقدونَ ؟ " قالوا : على لحمٍ . قال " على أيِّ لحمٍ ؟ " قالوا : على لحمِ حُمُرٍ إنسيةٍ. فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . "أَهريقوها واكسِروها " فقال رجلٌ : يا رسولَ اللهِ ! أوَنُهرِيقُها ونغسلُها . قال : " أو ذاك".

الراوي : سلمة بن الأكوع-المحدث : مسلم-المصدر : صحيح مسلم- الصفحة أو الرقم: 1802 -خلاصة حكم المحدث : صحيح.

فهذا الحديث يُستدل به علىنجاسة لحم الحيوان الذي لا يؤكل وإن ذُكِّي ،لأن الأمر بكسر الآنية أولًا ثم الغسل ثانيًا يدلان على النجاسة .
وفي بعض الروايات التصريح بنجاستها وذلك قوله " أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم جاءَه جاءٍ فقال : أُكِلَتِ الحُمُرُ، ثم جاءَهُ جاءٍ فقال : أُكِلَتِ الحُمُرُ ثم جاءَهُ جاءٍ فقال : أُفنيَتْ الحُمُرُ، فأمَرَ مُناديًا فنادَى في الناسِ : إنَّ اللَّهَ ورسولَهُ يَنهَيانِكُم عَن لُحومِ الحُمُرِ الأهليَّةِ، فإنَّهارِجسٌ . فأُكْفِئَتْ القُدورُ، وإنَّها لَتَفورُ باللَّحمِ.الراوي : أنس بن مالك-المحدث : البخاري-المصدر : صحيح البخاري- الصفحة أو الرقم: 5528 -خلاصة حكم المحدث : صحيح.

ويستثنى من ذلك أمور :
1- ميتة السمك والجراد: فإنهما طاهرتان لحلهما ، ومما يدل على حل ميتة البحر قوله صلى الله عليه وسلم فيه :
" سُئل النبيُّ عن ماءِ البحرِ قال : هوالطهورُ ماؤُه، الحلُّ ميتتُه
" .الراوي : - -المحدث : الألباني-المصدر : غاية المرام1- الصفحة أو الرقم 22 - خلاصة حكم المحدث : صحيح
وعلى هذا فيباح ميتة البحر على أي حالة وجد ؛ طافيًا كان أو غير طاف ،وسواء كان بفعل آدمي ، أو قذف به البحر ، أو نحو ذلك .
وأما الدليل على حِلِّ الجراد : فعن ابن أبي أوفى رضي الله عنه قال "غَزَونا معَ رسولِ اللَّهِ سبعَ غَزواتٍ نأكلُ معَهُ الجرادَ. الراوي : عبدالله بن أبي أوفى-المحدث : الألباني-المصدر : غاية المرام-الصفحة أو الرقم: 24 -خلاصة حكم المحدث : صحيح.
قال الحافظ رحمه الله / وقد أجمع العلماء على جواز أكله بغير تذكية.
2- عظم الميتة وشعرها وقرنها وظفرها ونحو ذلك عدا الجلد : طاهر إذ لا دليل على نجاسته ، وهذا ما رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في الفتاوى قال :"وهذا قول جمهور السلف ".

قال الزهري رحمه الله في عظام الموتى – نحو الفيل وغيره -:" أدركت ناسًا من سلف العلماء يمتشطون بها ويدهنون ".

وأما جلد الميتة : فإنه نجس لكنه يطهر بالدباغ ، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال :" تُصُدِّقَ على مولاةٍ لميمونةَ بشاةٍ ، فماتت، فمرَّ بها رسولُ اللهِ-صلى الله عليه وسلم- فقال :هلَّاأخذْتُمإهابَها، فدبغتموه ، فانتفعتم به ؟فقالوا : إنها مِيِّتَةٌ . فقال : إنما حُرِّمَ أكلُها. الحديث .

الراوي : عبدالله بن عباس-المحدث : مسلم-المصدر : صحيح مسلم- الصفحة أو الرقم: 363 -خلاصة حكم المحدث : صحيح
وعنه أيضًا قال : قال :صلى الله عليه وسلم : " أيُّما إِهابٍ دُبِغَ فقد طَهُرَ "
الراوي : عبدالله بن عباس-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح الترمذي-الصفحة أو الرقم1728-خلاصة حكم المحدث : صحيح
وتقدم أن معنى " الإهاب " : الجلد قبل الدبغ
مسألة : هل يُطهِّر الدباغ كل الجلود ؟ : ذهب بعض أهل العلم إلى أن الدباغ يطهر كل الجلود حتى جلد الكلب والخنزير لعموم قوله : " أيما " التي تدل على العموم ، ورجح ذلك الشوكاني والصنعاني . وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي ، واستثنى الحنفية جلد الخنزير ، واستثنى الشافعي الكلب والخنزير .
ويرى آخرون أن ما كانت تحله الذكاة ( الذبح ) ، فإنه جلد ميتته يطهر بالدباغ ،
وعلى هذا فلا يطهر إلا جلد ميتة مأكول اللحم فقط إذا دبغ ، ودليلهم ما ورد في بعض
ألفاظ الحديث " - سُئِلَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ عن جُلودِ الميتةِ ؟ فقالَ: "دباغُهاذَكاتُها".الراوي : عائشة أم المؤمنين-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح النسائي-الصفحة أو الرقم 4256 -خلاصة حكم المحدث : صحيح.
فالدبغ إذًا لجلد الميتة بمثابة الذكاة للحيوان .
وهذا القول رجحه الشيخ ابن عثيمين في " الشرح الممتع "ورجحه شيخ الإسلام في الفتاوي ،وهو قول الأوزاعي وابن المبارك وإسحاق بن راهوية وأبي ثور .
و" الإنفحة " : شيء أصفر يخرج من بطن الحيوان ، يعصر في صوفة مبتلة في اللبن فيغلظ .

(1) وأما لبن الميتة وإنفحتها : فقد قال ابن تيمية رحمه الله :والأظهر أن إنفحة الميتة ولبنها طاهر ، وذلك لأن الصحابة لما فتحوا بلاد العراق أكلوا جبن المجوس ، وكان هذا ظاهرًا شائعًا بينهم .

ميتة ما لا نفس له سائلة : والمراد الذي لا يسيل له دم إذا مات ، أو جرح كالذباب ، والجراد ، والعقرب فهذه لا تنجس بموتها ـ واستدل العلماء على ذلك بما ثبت

(2) في صحيح البخاري ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إذاوقع الذبابُ في إناءِ أحدِكم فليغمسْه كلَّه ، ثم ليطرحْه ، فإن في أحدِ جناحيه شفاءً وفي الآخرِ داءً"

الراوي : أبو هريرة-المحدث : البخاري-المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 5782 -خلاصة حكم المحدث : صحيح.
فلم يأمر بإراقة الشراب ، ومعلوم أنه لو كان ينجسه لأمر بإراقته ، والله أعلم .


ثانيا : أي من النجاسات – لحم الخنزير :

قال تعالى "قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ" الأنعام : آية 145.

والضمير في قوله : { فَإِنَّهُ رِجْسٌ} يرجع إلى أقرب مذكور ، وهو " لحم الخنزير".
*************
المجلس الخامس


قراءة كتاب تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة


أحكام النجاسات / تابع المسألة الثانية :أنواع النجاسات


ثالثًا : بول الآدمي وغائطه :

قال صديق حسن خان رحمه الله : بل نجاستهما من باب الضرورة الدينية كما لا يخفى على من له اشتغال بالأدلة الشرعية .

أما الغائط : فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا وطِئ أحدُكم بنعلِه الأذَى فإنَّ التُّرابَ له طَهورٌ"
الراوي : أبو هريرة|المحدث : الألباني|المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 385 |خلاصة حكم المحدث : صحيح
وعن أنس رضي الله عنه – قال : "كان النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إذا تَبَرَّزلحاجَتِه،أتَيتُه بماءٍ فيَغسِلُ به .
الراوي : أنس بن مالك|المحدث : البخاري|المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 217 |خلاصة حكم المحدث : صحيح
وأما البول : فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " مرَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بحائطٍ مِن حيطانِ المدينةِ ، أو مكةَ ، فسمِع صوتَ إنسانَينِ يُعَذَّبانِ في قُبورِهما، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم :يُعَذَّبانِ وما يُعَذَّبانِ في كبيرٍ . ثم قال :بلَى،كانأحدُهما لا يَستَتِرُ من بوْلِه، وكان الآخَرُ يمشي بالنَّميمَةِ.ثم دَعا بجَريدَةٍ، فكسَرَها كِسرَتَينِ، فوضَع على كُلِّ قَبرٍ منهما كِسرَةً، فقيل له : يا رسولَ اللهِ ، لِمَ فعَلتَ هذا ؟ قال : لَعلَّه أنْ يُخَفَّفَ عنهما ما لم تَيبَسا أو: إلى أن يَيبَسا .
الراوي : عبدالله بن عباس|المحدث : البخاري|المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 216 |خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
وفي رواية لمسلم " لا يستنزه من بوله " والمقصود عدم التحفظ .
ومما يدل على نجاستهما أيضًا : حديث الأعرابي الذي بال في المسجد فعن أنس رضي الله عنه قال :
"أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم رأى أعرابيًا يَبولُ في المسجدِ ، فقال : دَعوه. حتى إذا فرَغ ،دَعا بماءٍ فصَبَّه عليه.
الراوي : أنس بن مالك|المحدث : البخاري|المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 219 |خلاصة حكم المحدث : صحيح
زاد مسلم : عن أنس رضي الله عنه قال " بينما نحن في المسجدِ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم إذ جاء أعرابيٌّ . فقام يبولُ في المسجدِ . فقال أصحابُ رسولِ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : مَهْ مَهْ . قال : قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم لا تُزْرِمُوه . دَعُوهُ فتركوه حتى بال .ثم إن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم دعاه فقال له إن هذه المساجدَ لاتَصْلُحُ لشيءٍ من هذا البولِ ولا القَذَرِ . إنما هي لِذِكرِ اللهِ عز وجل، والصلاةِ، وقِراءةِ القرآنِ ، أو كما قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم . قال فأمر رجلًا من القومِ، فجاء بدَلْوٍ من ماءٍ، فشَنَّهُ عليه .
الراوي : أنس بن مالك|المحدث : مسلم|المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 285 |خلاصة حكم المحدث : صحيح

حكم بول الصبي :
عن أمِّ قيسٍ بنتِ مِحصَنٍ : أنها أتَتْ بابنٍ لها صغيرٍ ، لم يأكُلِ الطعامَ ، إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، فأجلَسَه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم في حَجرِه ، فبال على ثوبِه ، فدعا بماءٍ ، فنضَحه ولم يَغسِلْه .
الراوي : أم قيس بنت محصن-المحدث : البخاري-المصدر : صحيح البخاري الصفحة أو الرقم: 223 |خلاصة حكم المحدث : صحيح
وعن أبي السمح رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم"يُغسلُ من بولِ الجاريةِ، ويرَشُّ من بولِ الغُلامِ"

الراوي : أبو السمح مالك وقيل إياد خادم النبي-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح النسائي-الصفحة أو الرقم: 303 |خلاصة حكم المحدث : صحيح

وهذه الأحاديث يستفاد منها أحكام :
(1) نجاسة بول الصبي .
(2) يخفف في تطهير بول الغلام الذكر بالرش ، وأما بول البنت فيجب فيه الغسل .
(3) يشترط في ذلك أن يكون الغلام لم يأكل الطعام ، والمراد لم يحصل لهالاغتذاء بغير اللبن على سبيل الاستقلال بمعنى أنه صار يشتهي الطعام ؛ بحيث إذا منع منه بكى .


رابعًا : بول ورَوْث الحيوان :
الحيوان إما مأكول اللحم : وإما غير مأكول اللحم :
أما مأكول اللحم: فالصحيح طهارة بوله وروثه ، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه " أن رهطا من عكل، أو قال : عرينة ، ولا أعلمه إلا قال : من عكل ، قدموا المدينة ، فأمر لهم النبي صلى الله عليه وسلم بلقاح ، وأمرهم أن يخرجوا فيشربوا من أبوالها وألبانها ، فشربوا حتى إذا برئوا قتلوا الراعي واستاقوا النعم ، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم غدوة ، فبعث الطلب في إثرهم ، فما ارتفع النهار حتى جئ بهم ، فأمر بهم فقطع أيديهم وأرجلهم ، وسمر أعينهم ، فألقوا بالحرة يستسقون فلا يسقون . قال أبو قلابة : هؤلاء قوم سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم ، وحاربوا الله ورسوله .الراوي : أنس بن مالك-المحدث : البخاري-المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 6805 -خلاصة حكم المحدث : صحيح
ومعنى " اجتووا " أي استوخموها ، مشتق من الجوى وهو داء في الجوف ، "واللقاح " هي الناقة إذا كانت غزيرة اللبن .
وقد استدل بهذا الحديث مَنْ قال بطهارة بول ما يؤكل لحمه . وهذا مذهب مالك وأحمد وغيرهما .
قال الشوكاني رحمه الله : ويؤيده أيضًا أن الأشياء على الطهارة حتى تثبت النجاسة
وأما غير مأكول اللحم :فقد ذهب بعض أهل العلم إلى نجاسة بوله وروثه ، واستدلوا لذلك بحديث ابن مسعود رضي الله عنه قال "أتى النبيُّ صلى الله عليه وسلم الغائطَ ، فأمرني أن آتيه بثلاثةِ أحجارٍ، فوجدتُ حجرين، والتمستُ الثالثَ فلم أجدْه،فأخذتُ روثةً فأتيتُه بها، فأخذ الحجرين وألقى الروثةَ، وقال: هذا ركسٌ.وقال إبراهيمُ بنُ يوسفَ عن أبيه عن أبي إسحاقٍ: حدثني عبدُ الرحمنِ.
الراوي : عبدالله بن مسعود-المحدث : البخاري-المصدر : صحيح البخاري
-الصفحة أو الرقم: 156 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
وذهب آخرون إلى القول بطهارة بول وروث غير مأكول اللحم عدا روث الحمار فقط لهذا الحديث .
قال صديق حسن خان رحمه الله : فالحق الحقيق بالقبول الحكم بنجاسة ما ثبت بجاسته بالضرورة الدينية ، وهو بول الآدمي وغائطه ، وأما ما عداها فإن ورد فيه ما يدل على نجاسته كالروثة – يعني روثة الحمار كما في حديث ابن مسعودوجب الحكم بذلك ، وإن لم يرد فالبراءة الأصلية كافية في نفي التعبد بكون الشيء نجسًا من دون دليل ، فإن الأصل في جميع الأشياء الطهارة ، والحكم بنجاستها حكم تكليفي تعم به البلوى ، ولا يحل إلا بعد قيام الحجة .
***
خامسًا : لعاب الكلب
لعاب الكلب نجس لقوله صلى الله عليه وسلم " طَهورُ إناءِ أحدِكم،إذا ولَغ فيه الكلبُ ، أن يغسِلَه سبعَ مرَّاتٍ . أُولاهنَّ بالتُّرابِ"
الراوي : أبو هريرة-المحدث : مسلم-المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 279 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.


فقوله " طَهُور " دليل على أنه تنجس بولوغ الكلب ، وكذلك أمره بغسل الإناء ، وفي بعضها بإراقة الماء ، وأما عن كيفية تطهيره فسيأتي في المسألة التالية من هذا الفصل .
دليل نجاسة بول وروث الحيوان غير

المأكول:حديث ابن مسعود رضى الله عنه قال: «أتى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْغَائِطَ، فَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَهُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَالْتَمَسْتُ الثَّالِثَ فَلَمْ أَجِدْهُ، فَأَخَذْتُ رَوْثَةً، فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَأَخَذَ الْحَجَرَيْنِ، وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: هَذَا رِكْسٌ- » (رواه البخاري).

رِكْسٌ : كلمة رِكس الواردة في الحديث وصفًا للروثة لا تعني النجاسة تعني الرَّجِيع. هنا .

¢واختلف العلماء في بول وروث الحيوان غير المأكول¢فقيل: نجس، وهو مذهب الأئمة الأربعة .
¢وقيل: طاهر، وهو مذهب داود الظاهري، والشعبي
والبخاري ، رحمهم الله جميعا.
¢-قلت : ومن الأدلة على نجاسة بول وروث الحيوان غير المأكول:
- مفهوم المخالفة - لمَّا عَلل طهارةَ الهرةِ بأنها منَ الطوافينَ علينا، عُلم أن المقتضي لنجاستها قائم، وهو كونها محرمة، لكن عارضه مشقة التحرز منها، فطهرت لذلك دفعًا للحرج، ومعنى ذلك أن الِهرة لو لم تكن طوافة علينا لكان سؤرها نجسًا، وإذا كان هذا في سؤرها، فما بالك في بولها، فإنه أشد نجاسة من سؤرها.
¢-
الراجح والله أعلم بالصواب، مذهب القائلين بنجاسة أبوال البهائم الحية غير المأكولة، وذلك لقوة أدلتهم وسلامتها من الاعتراضات القادحة.
(موسوعة أحكام الطهارة)
هنا
كلمة رِكس الواردة في الحديث وصفًا للروثة لا تعني النجاسة تعني الرجيع
*******************
المجلس السادس

قراءة كتاب تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة

أحكام النجاسات /تابع المسألة الثانية :أنواع النجاسات

سادسًا : حكم الدم

يختلف دم الحيض عن غيره من الدماء .

أما دم الحيض فنجس : فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن خولة بنت يسار رضي الله عنها قالت:

يا رسولَ اللهِ ! ليسَ لي إلا ثوبٌ واحدٌ ، وأنا أحيضُ فيهِ ؟ قالَ : فإذا طَهرْتِ فاغسِلِي موضعَ الدمِ، ثمَّ صلِّي فيهِ "قالتْ : يا رسولَ اللهِ ! إنْ لمَ يخرجْ أثرُه ؟ قالَ يكفيكِ الماءُ ، ولا يضرُّكِ أثرُهُ"

الراوي : خولة بنت يسار|المحدث : الألباني|المصدر : التعليقات الرضية

الصفحة أو الرقم: 113/1 |خلاصة حكم المحدث : صحيح

وأما غيره من الدماء فالراجح أنه طاهر سواء كان مسفوحًا أو غير مسفوح ، لما رواه أبو داود ، وابن خزيمة عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: خرَجنا معَ رسولِ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ - يَعني في غزوةِ ذاتِ الرِّقاعِ - فأَصابَ رجلٌ امرأةَ رجلٍ منَ المشرِكينَ ، فحلَفَ أن لا أنتَهيَ حتَّى أُهَريقَ دمًا في أَصحابِ محمَّدٍ ، فَخرجَ يتبعُ أثرَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ، فنزَلَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ منزلًا ، فقالَ : مَن رجُلٌ يَكْلؤُنا ؟ فانتَدبَ رجلٌ منَ المُهاجرينَ ورجُلٌ منَ الأنصارِ ، فقالَ : كونا بفَمِ الشِّعبِ ، قالَ : فَلمَّا خرجَ الرَّجُلانِ إلى فَمِ الشِّعبِ اضطجعَ المُهاجريُّ ، وقامَ الأنصاريُّ يصلِّي ، وأتى الرَّجلُ فلمَّا رأى شخصَهُ عرفَ أنَّهُ ربيئةٌ للقومِ ، فرماهُ بسَهْمٍ فوضعَهُ فيهِ فنزعَهُ، حتَّى رماهُ بثَلاثةِ أسهمٍ ، ثمَّ رَكَعَ وسجدَ ، ثمَّ انتبَهَ صاحبُهُ ، فلمَّا عرفَأنَّهُم قد نذَروا بِهِ هربَ ، ولمَّا رأى المُهاجِريُّ ما بالأنصاريِّ منَ الدَّمِ ، قالَ : سُبحانَ اللَّهِ ألا أنبَهْتَني أوَّلَ ما رمى ، قالَ : كنتَ في سورةٍ أقرَؤُها فلَم أحبَّ أن أقطعَها

الراوي : جابر بن عبدالله|المحدث : الألباني|المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 198 |خلاصة حكم المحدث : حسن|

هذا الحديث دليل على أن الدم ليس بنجس كما أنه لا ينقض الوضوء ؛ إذ لو كان نجسًا لخرج هذا الصحابي من الصلاة ، ويبعد أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بهذه الحادثة لتوفر دواعيهم على السؤال عن مثل ذلك .

وعن الحسن البصري رحمه قال : ما زال المسلمونَ يُصَلُّونَ في جِرَاحاتِهِم"

الراوي : الحسن البصري|المحدث : الألباني|المصدر : تمام المنة-الصفحة أو الرقم: 50 |خلاصة حكم المحدث : رواه البخاري معلقا بغير إسناد، وقد وصله ابن أبي شيبة بإسناد صحيح

عنِ ابنِ عمرَ : أنَّهُ عصرَ بَثرةً بوجهِهِ فخرجَ منها دمٌ ففَتَّهُ بين إصبعيْهِ وقام فصلَّى

الراوي : - |المحدث : ابن حزم|المصدر : المحلى-الصفحة أو الرقم: 1/260 |خلاصة حكم المحدث : صحيح

بزقَ ابنُ أبي أَوفى دمًا فمضى في صلاتِهِ

الراوي : عطاء بن السائب|المحدث : ابن حجر العسقلاني|المصدر : فتح الباري لابن حجر-الصفحة أو الرقم: 1/336 |خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح

والأصل في الأشياء الطهارة ، ولم يدل دليل صريح على نجاسة الدم ، وأما قوله تعالى {قُل لَّا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَىظ° طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَن يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَّسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} الأنعام : آية 145.

فالضمير في قوله : { فَإِنَّهُ رِجْسٌ} يعود إلى أقرب مذكور ، فالرجس المقصود في الآية يعود إلى لحم الخنزير".

تنبيه : أورد النووي والقرطبي وغيرهما في كتبهم الإجماع على نجاسة الدم ، وقد عارض هذه الدعوى الشيخ الألباني رحمه الله فقال : ... ودعوى الاتفاق على نجاسته منقوضة بما سبق من القول ، والأصل الطهارة ، فلا تترك إلا بنص صحيح يجوز به ترك الأصل ، وإذ لم يرد شيء من ذلك ، فالبقاء على الأصل هو الواجب) .

وممن رجح طهارة الدم : الشيخ ابن عثيمين ، وصديق حسن خان ، والشوكاني ، رحمهم الله .

قلت : استدل الإمام النووي رحمه الله بحديث جابر المذكور على أن خروج الدم لا ينقض الوضوء ، فكذلك يمكننا أن نستدل به أنه غير نجس لأن الصحابي أتم صلاته رغم خروج الدم .

سابعًا : المذي :

المذي : ماء رقيق لزج يخرج عند الشهوة ، بلا شهوة ولا دفق ولا يعقبه فتور ، وربما لا يحس بخروجه ، وسواء في ذلك الرجل والمرأة .

عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال :كنتُ رجلًا مَذَّاءً ، فأمَرتُ رجلًا أن يَسأَلَ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، لمكانِ ابنتِه ، فسأَل فقال :توضَّأْواغسِلْ ذكَرَك .

الراوي : علي بن أبي طالب|المحدث : البخاري|المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 269 |خلاصة حكم المحدث : صحيح

وفي رواية : "لِيَغْسِلْ ذَكرَه وأُنثَييهِ"

الراوي : المقداد بن الأسود|المحدث : الألباني|المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 208 |خلاصة حكم المحدث : صحيح

والمقصود بالأنثيين : الخصيتين .

وعن سهل بن حنيف رضي الله عنه قال : كنتُ ألقى منَ المَذيِ شدَّةً، وَكُنتُ أُكْثرُ منَ الاغتِسالِ ، فسألتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عن ذلِكَ ، فقالَ:إنَّما يجزيكَ من ذلِكَ الوضوءُ ، قلتُ: يا رسولَ اللَّهِ ، فَكَيفَ بما يصيبُ ثوبي منهُ ؟ قالَ: يَكْفيكَ بأن تأخذَ كفًّا من ماءٍ ، فتنضَحَ بِها من ثوبِكَ ، حيثُ ترى أنَّهُ أصابَهُ"

الراوي : سهل بن حنيف|المحدث : الألباني|المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 210 |خلاصة حكم المحدث : حسن

في الحديثين السابقين دليل على نجاسة المذي ، وأنه يتعين تطهيره بالماء على النحو الآتي :

أ – أما الطهارة منه : فبأن يغسل ذكره وأنثييه-الخصيتين-

ب – وأما ما يصيب الثوب : فيكفيه أن يرش عليه كفًّا من ماء كما في الرواية الثانية .

ثامنًا : المني :

المني : ماء أبيض غليظ يخرج من الإنسان بشهوة ، ويخرج بتدفق ويعقبه فتور ، وله رائحة تشبه رائحة البيض الفاسد ، ومني المرأة رقيق أصفر .

عن عائشةَ قالَتْ : كنْتُ أفرُكُ المنيَّ من ثوبِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فيصلِّي فيه
الراوي : عائشة أم المؤمنين|المحدث : الألباني|المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 372 |خلاصة حكم المحدث : صحيح

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسْلِتُ المنيَّ من ثوبِهِ بعرْقِ الإذْخِرِ ، ثُمَّ يصَلِّي فيه ، ويحتُّه من ثوبِه يابِسًا ثُمَّ يُصَلِّي فيه"
الراوي : عائشة أم المؤمنين|المحدث : الألباني|المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم: 4953 |خلاصة حكم المحدث : حسن

و"الإذخر " نبات من حشيش الأرض .

في هذا الحديث دليل على أنه يكفي في إزالة المني : سلته أو غسله إن كان رطبًا ، وفركه إن كان يابسًا ، وسواء في ذلك الرجل والمرأة .

وأما عن حكمه : فهو طاهر على أصح الأقوال ، ودليل ذلك ما تقدم من الأحاديث .

لأنه لو كان نجسًا لأمر بغسله ، ومما يدل على طهارته أيضًا أن المني هو أصل الإنسان ، والإنسان طاهر فكذلك المني .

وقد ثبت الحكم بطهارة المني عن عمر وأنس وأبي هريرة رضي الله عنهما .

ويدل الحديث أيضًا على أنه لو بقي أثر المني بعد سلته ، أو غسله ، أو فركه فإن ذلك لا يؤثر في صحة الصلاة ففي رواية : سألتُ سُليمانَ بنَ يسارٍ : في الثوبِ تُصيبُهُ الجَنابةُ ، قال : قالتْ عائشة :كنتُ أغْسلُهُ مِن ثوبِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ، ثم يَخرُجُ إلى الصلاةِ ، وأثرُ الغسلِ فيهِ : بُقَعُ الماءِ .

الراوي : عائشة أم المؤمنين|المحدث : البخاري|المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 231 |خلاصة حكم المحدث : صحيح

تاسعًا : الودي :
الودي : ماء أبيض ثخين يخرج بعد كَدِر- يعني : متغير - ، وهو نجس وفيه الوضوء ، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال "المني والودي والمذي ؛ أما المني ففيه الغسل ، وأما المذي والودي ففيهما الوضوء ويغسل ذكره ".

*********************** 


المجلس السابع
قراءة كتاب
تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة

أحكام النجاسات /تابع المسألة الثانية :أنواع النجاسات
عاشرًا الخمر ؛والمسألة الثالثة: في تطهير النجاسات


عاشرًا : الخمر:
اختلف العلماء في حكم نجاسة الخمر فبعضهم يرى نجاستها ، وبعضهم يرى طهارتها ، وهو الراجع من حيث الدليل إذ الأصل طهارة الأشياء حتى يأتي دليل يدلُّ على نجاستها ، وأما القول بنجاستها لكونها محرمة فلا ينهض دليلًا لأنه ليس كل محرم نجسًا .
وأما ما استدل به القائلون بالنجاسة بقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ"المائدة : 90 فليس فيه دليل على النجاسة ، لأن المقصود بقوله تعالى : {رِجْسٌ} هنا هو الرجس " المعنوي " وليس "الحسي " ،ومما يدل على ذلك : أن الأنصاب والميسر والأزلام المذكورة في الآية لا توصف بالرجس الحسي ، وحيث إن الخمر قد عطفت عليها في الحكم فإنها تأخذ نفس الحكم بأن النجاسة معنوية وليست حسية ، وهذا ما ذهب إليه الليث بن سعد وربيعة الرأي والمزني صاحب الشافعي وأيده الشيخ الألباني في " تمام المنة " ، ورجحه كذلك الشيخ ابن عثيمين في " الشرح الممتع " .
وإناء الخمر إذا أريق ما به من الخمر ، وغسل بأي شيء يزيل الخمر حتى ذهب أثر الخمر جاز الانتفاع به ، لكن إذا كانت زجاجات خاصة تعرف بأنها زجاجات خمور ، فالأولى تركها حتى لو غسلت ، لا لكونها نجسة ، ولكن دفعًا للتهمة وسوء الظن بمن يستعملها .
ملحوظة :
القيء والقلس والمخاط والبصاق لا دليل على نجاستها ، والصحيح أنها طاهرة ، كما أنها لا تنقض الوضوء .

المسألة الثالثة: في تطهير النجاسات


(1) تطهير دم الحيض :
عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت : " جاءت امرأةٌ إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم . فقالت : إحدانايصيبُ ثوبَها من دَمِ الحَيْضَةِ . كيف تصنعُ به ؟ قال تَحُتُّه . ثم تَقْرُصُه بالماءِ . ثم تنضحُه . ثم تصلي فيه .
الراوي : أسماء بنت أبي بكر|المحدث : مسلم|المصدر : صحيح- مسلم-الصفحة أو الرقم: 291 |خلاصة حكم المحدث : صحيح
ومعنى " الحت " الحك ، والمقصود إزالة عين الدم بأن تدلك موضع الدم ، والمقصود بـ " النضح " الغسل .
كما ورد في رواية أخرى عند ابن خزيمة وابن حبان بإسناد صحيح من حديث أم قيس بنت محصن وفيه قالت :
سألتُ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ عن دمِ الحيضِ يَكونُ في الثَّوبِ قالَ:حُكِّيهِ بضِلَعٍ، واغسليهِ بماءٍ وسِدرٍ

الراوي : أم قيس بنت محصن|المحدث : الألباني|المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 363 |خلاصة حكم المحدث : صحيح

و"الضلع" عود ونحوه .
ملحوظة : بقاء أثر النجاسة بعد إزالة عينة لا يضر ، خصوصًا إذا تعسرت إزالته لقوله صلى الله عليه وسلم " أنَّ خَوْلَةَ بنتَ يَسارٍ أَتَتِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ فقالتْ يا رسولَ اللهِ إنَّهُ ليس لي إِلَّا ثَوْبٌ واحِدٌ وأنا أَحِيضُ فيهِ فكيفَ أَصْنَعُ قال إذا طَهُرْتِ فَاغْسِلِيهِ ثُمَّ صَلِّي فيهِ فقالتْ فإنْ لمْ يَخْرُجْ الدَّمُ قال يَكْفيكِ الماءُ، ولا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ "
الراوي : أبو هريرة|المحدث : الألباني|المصدر : السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم: 298 |خلاصة حكم المحدث : صحيح


(2) تطهير الإناء من ولوغ الكلب .
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " طَهورُ إناءِ أحدِكم ، إذا ولَغ فيه الكلبُ ، أن يغسِلَه سبعَ مرَّاتٍ .أُولاهنَّ بالتُّرابِ"
الراوي : أبو هريرة|المحدث : مسلم|المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 279 |خلاصة حكم المحدث : صحيح
دل هذا الحديث على نجاسة لعاب الكلب ، وأنه يُنجِّس الإناء إذا ولغ فيه ، ومعنى " الولوغ " : أن يدخل لسانه في الإناء ويحركه ، سواء شرب ، أو لم يشرب .

ولتطهير الإناء من ولوغ الكلب – بعد إراقة الماء الذي ولغ فيه – أن يغسله سبع مرات على أن يجعل في أول غسلة تراب .
تنبيه : الحديث ورد في ولوغ الكلب فقط ، فلا يدل هذا الحديث على نجاسة بقية أجزائة على الصحيح .
قال ابن تيمية رحمه الله " والأظهر أن شعر الكلب طاهر ؛ لأنه لم يثبت فيه دليل شرعي " .

(3) تطهير النعل إذا أصابته نجاسة :
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا وطِئ أحدُكم بنعلِه الأذَى فإنَّ التُّرابَ له طَهورٌ"
الراوي : أبو هريرة|المحدث : الألباني|المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 385 |خلاصة حكم المحدث : صحيح
وعن أبي سعيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لِمَ خَلعتُمْ نعالَكُم ؟ فَقالوا : يا رسولَ اللَّهِ رأَيناكَ خلَعتَ فخَلَعنا، قالَ: إنَّ جِبريلَ أتاني، فأخبَرَني أنَّ بهِما خبثًا، فإذا جاءَ أحدُكُم إلى المسجِدِ فليَقلِب نَعليهِ فلينظُر فيهِما فإن رأى بِهما خَبثًا فليَمسحهُ بالأَرضِ ثم ليُصلِّ فيهِما .
الراوي : أبو سعيد الخدري|المحدث : الوادعي|المصدر : الصحيح المسند-الصفحة أو الرقم: 422 |خلاصة حكم المحدث : صحيح ، رجاله رجال الصحيح
دلت هذه الأحاديث على أن النعل أو الخف المتنجس يكفي في تطهيره أن يدلك بالأرض حتى يذهب أثر هذه النجاسة .

(4) تطهير ذيل المرأة إذا أصابته نجاسة :
الواجب على المرأة أن تطيل ثوبها حتى لا تتكشف ولا يظهر منها شيء ، ولكن قد يعلق بذيل ثوبها نجاسة إن هي مرت عليها ، فماذ تفعل ؟
روى أحمد وأبو داود أن امرأة قالت " أنَّها سأَلت أمَّ سلمةَ زوجَ النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ فقالت: إنِّي امرأةٌ أطيلُ ذيلي وأمشي في المَكانِ القذِرِ، فقالَت أمُّ سلَمةَ: قالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ "يطَهِّرُهُ مابعدَهُ"
الراوي : حميدة|المحدث : الألباني|المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 383 |خلاصة حكم المحدث : صحيح


وعلى هذا فيكفيها مشيها في المكان الطاهر ، فتطهره الأرض.

(5) تطهير الأرض :
" أنَّ أبا هُرَيرَةَ رضي الله عنه قال : قام أعرابيٌ فبال في المسجدِ، فتَناوَلَه الناسُ، فقال لهمُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : دَعُوه وهَريقوا 1على بَولِه سَجْلًا من ماءٍ، أو ذَنُوبًا من ماءٍ، فإنما بُعِثتُم مُيَسِّرينَ، ولم تُبعَثُوا مُعَسِّرينَ .
الراوي : أبو هريرة|المحدث : البخاري|المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 220 |خلاصة حكم المحدث : صحيح
في هذا الحديث دليل على أن الأرض إذا أصابتها نجاسة فإنها تطهر بصب الماء عليها .
وقد وردت آثار أن الأرض تطهر أيضًا بالجفاف ، فعن أبي قلابة قال : إذا جفت الأرض فقد زكت .
وثبت هذا أيضًا عن ابن الحنفية والحسن البصري .
هذا إذا كانت النجاسة مائعة – أي سائلة – أما إذا كان لها جرم وأثر – أي جامدة – فلا تطهر إلا بزوال عينها أو استحالتها إلى شيء آخر .

(6) تطهير الأطعمة الجامدة إذا وقعت فيها نجاسة .
عن ابن عباس رضي الله عنهما عن ميمونة رضي الله عنها " أن رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم سُئِلَ عَن فأرَةٍ سقطتْ في سَمْنٍ ، فقال "ألْقوهاوماحولها فاطرَحوهُ ، وكلوا سَمْنَكُمْ" .
الراوي : ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم|المحدث : البخاري|المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 235 |خلاصة حكم المحدث : صحيح
وقد فرق جمهور العلماء بين السمن إن كان جامدًا ، وإن كان مائعًا ، فرأوا أنه إن كان جامدًا ألقيت النجاسة وما حولها والباقي يكون على أصل الطهارة ، وأما إن كان مائعًا فذهب البعض إلى الحكم بنجاسته كله ، وذهب آخرون إلى أنه لا ينجس إلا بالتغير ، وهو مذهب ابن عباس وابن مسعود وغيرهما . وهذا هو الراجح وهو مذهب الزهري والبخاري ، ورجحه ابن تيمية . والله أعلم .
وأما إذا وقعت الفأرة في السمن وخرجت حية ولم تمت ، فالسمن طاهر ، سواء كان جامدًا أو مائعًا .
تنبيهات :
(1) تقدم في المسألة السابقة تطهير بول الغلام ، وتطهير جلود الميتة وتطهير المذي . فراجعه . انظر (ص38)

(2) الآنية المصقولة كالمرآة والسكين والزجاج ونحوها ، يكفي في طهارتها المسح الذي يزيل أثر النجاسة .

(3) إذا مات حيوان في بئر ونحوه ، فإن كان الماء لم يتغير فهو طاهر، وأما إن تغير فإنه ينزح منه من الماء حتى يطيب ا.هـ
1 وفي رواية وأهريقوا

أن أعرابيًّا بالَ في المسجدِ ، فثارَ إليه الناسُ ليقَعوا به، فقال لهم رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: دعوه، وأهْريقوا على بولِه ذَنوبًا من ماءٍ، أو سَجْلاً من ماءٍ، فإنما بُعثتُم مُيَسِّرين ولم تُبْعثوا مُعَسِّرين.

الراوي : أبو هريرة | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري

الصفحة أو الرقم: 6128 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح- شرح الحديث
وورد في كتاب رياض الصالحين بلفظ أريقوا فمما أورده المصنف -رحمه الله- في باب "الحلم والأناة والرفق" ما جاء عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال"بال أعرابي في المسجد، فقام الناس إليه ليقعوا فيه، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: دعوه، وأريقوا على بوله سَجْلاً من ماء، أو ذَنوبًا من ماءِ، فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين"رواه البخاري. لكن نأخذ من المصدر مباشرة وهو صحيح البخاري نفسه أو الدرر السنية ،لأن رياض الصالحين ليس كتاب سنة مستقل بذاته ولكنه أورد الأحاديث الواردة في السنن المختلفة فنرجع للمنبع وهو كتاب السنة نفسه عند التعارض
************ 
إذا أصابت النجاسة الفرش الكبيرة كالسجاد ونحوه

إذا أصابت النجاسة الفرش الكبيرة كالسجاد ونحوه : فإن تطهيرها يكون بصب الماء على الموضع النجس حتى يغلب الماء ما وقع من النجاسة ؛ ثم يقوم بشفط الماء المتنجس بالإسفنجة أو بغيرها من الآلات ، فإن زالت النجاسة بذلك ، ولم يبق لها أثر : فهذا هو المطلوب ، وإن لم تذهب أعاد غسلها مرة ثانية وثالثة حتى يغلب على ظنه زوالها.
ولا يضر بقاء لون النجاسة في الفرش أو الثياب ، ما دام قد زال عينها ؛ ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم في دم الحيض يصيب الثوب : يَكْفِيكِ الْمَاءُ وَلَا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ ) رواه الإمام أحمد (8412) وصححه الشيخ الألباني .
قال النووي رحمه الله : " واعلم أن الواجب في إزالة النجاسة الإنقاء فإن كانت النجاسة حكمية ، وهي التي لا تشاهد بالعين كالبول ونحوه ، وجب غسلها مرة ولا تجب الزيادة ، ولكن يستحب الغسل ثانية وثالثة ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم : إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثا .
وأما إذا كانت النجاسة عينية ، كالدم وغيره : فلا بد من إزالة عينها ، ويستحب غسلها بعد زوال العين ثانية وثالثة " انتهى من " شرح مسلم " .
وسئل علماء " اللجنة الدائمة " (5/364) " استعمل كثير من الناس الكماليات في فرش حجر المنزل ، فهل إذا بال الطفل مثلا على الفرشة ، على مختلف سنه ، يكفي صب الماء وتطهر من النجاسة ، نظرا إلى أن الفرشة قد تكون كبيرة ، وقد تكون لاصقة بالأرض ، أو تكون مثبتا عليها دواليب كبيرة وسرر أو لا ؟
فأجابوا : إذا كان من بال على هذه الفرشة ونحوها غلامًا لم يأكل الطعام : كفى في تطهيرها رش الماء عليها حتى يعم موضع النجاسة منها، ولا يجب عصرها ولا غسلها .
وإن كان قد أكل الطعام ، أو كان جارية سواء أكلت الطعام أم لا : فلا بد لتطهيرها من الغسل، ويكفي صب الماء على موضع النجاسة، ولا يجب نزع الفرشة ولا عصرها كالنجاسة على الأرض ؛ لما ثبت في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه : " أن أعرابيا بال في المسجد فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصب على بوله دلو من الماء " انتهى .
وسئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : ما صفة تطهير الفرش الكبير من النجاسة ؟ وهل العصر في الغسل للنجاسة معتبر بعد إزالة عينها ؟
فأجاب: " صفة غسل الفرش الكبيرة من النجاسة : أن يزيل عين النجاسة أولاً إذا كانت ذات جرم ، فإن كانت جامدة أخذها ، وإن كانت سائلة كالبول نشفه بإسفنج حتى ينتزعه ، ثم بعد ذلك يصب الماء عليه حتى يظن أنه زال أثره ، أو زالت النجاسة ، وذلك يحصل في مثل البول بمرتين أو ثلاث ، وأما العصر فإنه ليس بواجب ، إلا إذا كان يتوقف عليه زوال النجاسة ، مثل أن تكون النجاسة قد دخلت في داخل هذا المغسول ، ولا يمكن أن ينظف داخله إلا بالعصر فإنه لابد أن يعصر " انتهى من فتاوى " نور على الدرب " .
وأما إذا كانت النجاسة الواقعة على الفرش والسجاد نجاسة كلب ، فالواجب غسلها سبع مرات ، وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (41090).
ثانيًا:
إذا جفت النجاسة بحيث لم يظهر لها أثر من لون أو طعم أو رائحة ، ففي المسألة خلاف بين العلماء ، والراجح أن الماء لا يتعين في إزالة النجاسة ، بل متى زال وصفها : زال حكمها ، سواء بالماء أو بغيره من المائعات ، أو بطول مكثه وتعرضه للهواء والشمس والرياح .
سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله ـ : " أن الأرض تطهر من نجاسة البول إذا جفت بتأثير الشمس ، فهل لابد من تأثير الشمس ، أم مجرد الجفاف ؟ وهل حكم الفرش داخل البيت كذلك ، سواء التصقت بالأرض أم لا ؟
فأجاب: ليس المراد بكون الأرض تطهر بالشمس والريح : مجرد الجفاف ؛ بل لابد من زوال الأثر حتى لا يبقى صورة البول أو الشيء النجس .
وعلى هذا فنقول : إذا حصل بول في أرض ، ويبس ، ولكن صورة البول لازلت موجودة ، يعني أثر البقعة ، فإنها لا تطهر بذلك .
لكن لو مضى عليها مدة ، ثم زال أثرها : فإنها تطهر بهذا ؛ لأن النجاسة عين يجب التخلي منها ، والتنزه منها ؛ فإذا زالت هذه العين بأي مزيل : فإنها تكون طاهرة .
وأما الفرش .. التي تفرش بها الأرض ، سواء كانت لاصقة بالأرض ، أم منفصلة : لابد أن تغسل ، وغسلها بأن يصب عليها الماء ، ثم ينشف بالإسفنج ، ثم يصب مرة ثانية وثالثة ، حتى يغلب على الظن أنه زال أثر النجاسة. " انتهى من فتاوى " نور على الدرب " .
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (145695).
ثالثًا:
لا يجوز للجنب أن يقرأ شيئا من القرآن لا من المصحف ولا من حفظه ، حتى يرفع حدثه.
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم : (10984).
مع أنه ينبغي الانتباه إلى أن المسلم إذا أجنب ، لا يقال هو نجس ، بل هو طاهر ؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَنْجُسُ) البخاري (275) ، ومسلم (271).
وأما إذا كان على بدنه شيء من النجاسة ؛ فإن ذلك لا ينقض الوضوء ، ولا يمنعه من قراء شيء من القرآن .
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم: (10672).
والله أعلم
**************** 
المجلس الثامن
قراءة تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة
المسألة الرابعة :
هل يتعين الماء في إزالة النجاسة أو يجوز بالماءِ وغيرهِ
الاستصحاب

تعريف ابن تيمية : البقاء على الأصل فيما لم يعلم ثبوته وانتفاؤه بالشرع .
تعريف ابن القيم :
استدامة إثبات ما كان ثابتًا ، أو نفي ما كان منفيًا
هنا


تنازع الفقهاء في الروث الذي يصيب الثوب أو البدن ولا يعرف أهو لحمار أم لفرس فمنهم من يحكم بنجاسته على اعتبار أن الأصل في الأرواث النجاسة، ومنهم من يحكم بطهارته لأن الأصل في الأعيان الطهارة فأي الرأيين أقوى ولماذا؟

الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فالقائلون بنجاسة رََوْث ما لا يؤكل لحمه دون غيره وهم الأكثر قد اختلفوا في مسألة إصابة الثوب أو البدن ونحو ذلك برَوْثٍ يشك فيه هل هو رَوْث ما لا يؤكل أو رَوْث ما يؤكل على قولين:
الأول: الحكم بنجاسته.
الثاني: الحكم بطهارته.
والذي نختاره القول الثاني، لأن الأصل في الأعيان الطهارة، وقد بين هذا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله حيث قال: إذا شك في الرَّوْثَةِ هل هي من رَوْثِ ما يؤكل لحمه أو من رَوْثِ ما لا يؤكل لحمه، ففيها قولان للعلماء هما وجهان في مذهب أحمد أحدهما يحكم بنجاستها لأن الأصل في الأرْوَاثِ النجاسة.
والثاني: وهو الأصح يحكم بطهارتها، لأن الأصل في الأعيان الطهارة، ودعوى أن الأصل في الأرْواث النجاسة ممنوع، فلم يدل على ذلك لا نص ولا إجماع، ومن ادعى أصلاً بلا نص ولا إجماع فقد أبطل، وإذا لم يكن معه إلا القياس فَرَوْث ما يؤكل لحمه طاهر، فكيف يدَّعي أن الأصل نجاسة الأرْوَاث. ا.هـ .
وفي القواعد لابن رجب : ونص أحمد في رواية محمد بن أبي حرب في رَجُلٍ وطئ على رَوْثٍ لا يدري لحمار أو برذون فرخص فيه إذا لم يعرفه. ا.هـ
والله أعلم.
هنا .

وورد في :» القواعد لابن رجب » القاعدة الثامنة والخمسون بعد المائة إذا تعارض أصلان :
وَقَدْ مَنَعَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَرْوَاثِ النَّجَاسَةُ ، وَنَصَّ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْبٍ فِي رَجُلٍ وَطِئَ عَلَى رَوْثٍ لَا يَدْرِي لِحِمَارٍ أَوْ
بِرْذَوْنٍ فَرَخَّصَ فِيهِ إذَا لَمْ يَعْرِفْهُ .هنا .
البِرْذَوْنُ : يُطلق على غير العربي من الخيل والبغال ، من الفصيلة الخيلية ، عظيم الخِلْقة ، غليظ الأعضاء ، قوي الأرجل ، عظيم الحوافر.هنا .
********************** 
قال البخاري رحمه الله تعالى في " صحيحه " ( ك : الذبائح / بـ المسك ) :
قال الحافظ :

قَوْله ( بَاب الْمِسْك ) بِكَسْرِ الْمِيم الطِّيب الْمَعْرُوف , قَالَ الْكَرْمَانِيُّ مُنَاسَبَة ذِكْره فِي الذَّبَائِح أَنَّهُ فَضْلَة مِنْ الظَّبْي .

قُلْت : وَمُنَاسَبَته لِلْبَابِ الَّذِي قَبْله وَهُوَ جِلْد الْمَيْتَة إِذَا دُبِغَ تَطْهُر مِمَّا سَأَذْكُرُهُ , قَالَ الْجَاحِظ : هُوَ مِنْ دُوَيْبَّة تَكُون فِي الصِّين تُصَاد لِنَوَافِجِهَا وَسُرُرهَا , فَإِذَا صِيدَتْ شُدَّتْ بِعَصَائِب وَهِيَ مُدْلِيَة يَجْتَمِع فِيهَا دَمهَا , فَإِذَا ذُبِحَتْ قُوِّرَتْ السُّرَّة الَّتِي عُصِبَتْ وَدُفِنَتْ فِي الشَّعْر حَتَّى يَسْتَحِيل ذَلِكَ الدَّم الْمُخْتَنِق الْجَامِد مِسْكًا ذَكِيًّا بَعْد أَنْ كَانَ لَا يُرَام مِنْ النَّتْن , وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْقَفَّال : إِنَّهَا تَنْدَبِغ بِمَا فِيهَا مِنْ الْمِسْك فَتَطْهُر كَمَا يَطْهُر غَيْرهَا مِنْ الْمَدْبُوغَات , وَالْمَشْهُور أَنَّ غَزَال الْمِسْك كَالظَّبْيِ لَكِنْ لَوْنه أَسْوَد وَلَهُ نَابَانِ لَطِيفَانِ أَبْيَضَانِ فِي فَكّه الْأَسْفَل , وَأَنَّ الْمِسْك دَم يَجْتَمِع فِي سُرَّته فِي وَقْت مَعْلُوم مِنْ السَّنَة فَإِذَا اِجْتَمَعَ وَرِمَ الْمَوْضِع فَمَرِضَ الْغَزَال إِلَى أَنْ يَسْقُط مِنْهُ , وَيُقَال إِنَّ أَهْل تِلْكَ الْبِلَاد يَجْعَلُونَ لَهَا أَوْتَادًا فِي الْبَرِّيَّة تَحْتَكّ بِهَا لِيَسْقُط . وَنَقَلَ اِبْن الصَّلَاح فِي " مُشْكِل الْوَسِيط " أَنَّ النَّافِجَة فِي جَوْف الظَّبْيَة كَالْإنْفَحَة فِي جَوْف الْجَدْي , وَعَنْ عَلِيّ بْن مَهْدِيّ الطَّبَرِيّ الشَّافِعِيّ أَنَّهَا تُلْقِيهَا مِنْ جَوْفهَا كَمَا تُلْقِي الدَّجَاجَة الْبَيْضَة , وَيُمْكِن الْجَمْع بِأَنَّهَا تُلْقِيهَا مِنْ سُرَّتهَا فَتَتَعَلَّق بِهَا إِلَى أَنْ تَحْتَكّ .
هنا .
يقول الشيخ مانصه :
المِسْك وفأرته، ويكون من نوع من الغزلان يُسمَّى :غزال المسك.
يُقال: إنهم إذا أرادوا استخراج المِسْكِ، فإِنهم يُركِضُونه فينزل منه دم من عند سُرَّته، ثم يأتون بخيط شديد قويٍّ فيربطون هذا الدم النازل ربطاً قويًّا من أجل أن لا يتَّصل بالبدن فيتغذَّى بالدَّم، فإِذا أخذ مدَّة فإنه يسقط، ثم يجدونه من أطيب المسك رائحة.
وهذا الوعاء يُسمَّى فأرة المِسْك، والمِسْكُ هو الذي في جوفه.
ولهذا يقول المتنبي:
فإنْ تَفُقِ الأنامَ وأنت منهم** فإِنَّ المِسْكَ بعضُ دم الغزال


انظر [ص 98 /1 من الشرح الممتع على زاد المستقنع - للعلامه ابن عثيمين ] رحمه الله. هنا .
****************** 

المجلس التاسع 
قراءة كتاب تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة 


باب الآنية
معنى الآنية : جمع إناء ، وهو الوعاء .
حكم الآنية : الأصل في الآنية : الحِل ، ولا فرق بين الأواني الصغيرة و الكبيرة ، كما لا فرق بين الأواني الثمينة المصنوعة من الجواهر والزمرد ، والماس ، وبين الأواني الرخيصة ، فيباح اتخاذها واستعمالها لعموم قوله تعالى
"هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا "البقرة : 29 ؛ فيباح تملكها والاتجار فيها بالبيع والشراء ، والانتفاع بها باستخدامه في الطعام والشراب ونحوها.
وإنما تكره الأواني الثمينة لما فيها من الخُيَلاء والإسراف ، ولكن يستثنى مما سبق ما يتعلق بآنية الذهب والفضة ، وما يتعلق بآنية المشركين ، وهذا ما أفصله في السطور الآتية :
آنية الذهب والفضة :
عن حذيفة رضي الله عنه قال :سمعتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يقولُ "
لا تَلبَسوا الحريرَ ولا الدِّيباجَ ، ولا تشربوا في آنيةِ الذهبِ والفضةِ ، ولا تأكلوا في صِحافِهَا ، فإنَّها لهم في الدنيا ولنا في الآخرةِ " .
الراوي : حذيفة بن اليمان | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 5426 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
يدل هذا الحديث على تحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة للرجال والنساء على السواء ،
وأما التحلي بهما : فإن الذهب يحرم على الرجال وإنما يباح لهم خاتم الفضة ، وأما النساء فيباح لهن التحلي بهما .
واختلف العلماء في حكم استعمال الذهب والفضة في غير الأكل والشرب ؛ فالجمهور على تحريم ذلك ، وذهب الشوكاني في نيل الأوطار إلى جوازه لعدم نهوض الدليل على هذا التحريم ، ولأنه اقتصر في الحديث على ذكر الطعام والشراب ، ولما ثبت عن عبد الله موهب قال : أرسلني أهلي إلى أُمِّ سلمةَ بقدحٍ من ماءٍ - وقبض إسرائيلُ ثلاثَ أصابعَ - من فضةٍ ، فيه شعرٌ من شعرِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، وكان إذا أصابَ الإنسانَ عينٌ أو شيءٌ بعث إليها مِخْضَبَه، فاطلعتُ في الجُلجُلِ، فرأيتُ شعراتٍ حُمرًا.
الراوي : عثمان بن عبدالله بن موهب - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 5896 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.
و"
الجُلجُلِ " : إناء شبه الجرس ، و" الـ مِخْضَبَة " : إناء من جملة الأواني .
وعلى هذا فيجوز الوضوء والاغتسال وجميع الاستعمالات عدا الأكل والشرب من إناء ذهب أو فضة ، وهو الراجح ، وهذا ما رجحه الصنعاني أيضًا في " سُبل السلام " ، ورجحه الشيخ ابن عثيمين في " الشرح الممتع "
ملاحظات :


  1. مما ورد في الوعيد لمن أكل أو شرب في آنية الذهب والفضة ما ثبت في الصحيحين عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الَّذي يشرَبُ في آنيةِ الفضَّةِ إنَّما يُجَرجِرُ في بطنِه نارَ جَهنَّمَ"

الراوي : أم سلمة هند بنت أبي أمية - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 5634 - خلاصة حكم المحدث : صحيح
وفي لفظ لمسلم "
مَن شرِب في إناءٍ من ذهبٍ أو فضةٍ ، فإنما يُجرجرُ في بطنهِ نارًا من جهنمَ"
الراوي : أم سلمة هند بنت أبي أمية - المحدث : مسلم - المصدر : صحيح مسلم-الصفحة أو الرقم: 2065 - خلاصة حكم المحدث : صحيح
وهذا يدل على أن الأكل والشرب فيهما من كبائر الذنوب .


  1. لا يلحق هذا الحكم بنفائس الأحجار كالياقوت والجواهر لأن الأصل الإباحة ، ولا دليل على تحريم استعمالها ولو في الأكل والشرب .
  2. يجوز تضبيب الإناء بالفضة إذا انكسر ، ولا يمنع ذلك من استعمال الإناء ، فعن أنس رضي الله عنه "أنَّ قَدَحَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ انكسرَ ، فاتخذَ مكان الشَّعْبِ سلسلةً من فضةٍ . قال عاصمٌ : رأيتُ القَدَحَ وشربتُ فيهِ "

الراوي : أنس بن مالك - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 3109 - خلاصة حكم المحدث : صحيح
و" الشعب ": بكسر الشين المشددة هو الشق ، و" السَلْسَلة" : هو الشيء بالشيء .


  1. اعلم أن الآنية المباحة إذا كانت على صورة حيوان مثلًا فإنها تحرم ، ويكون التحريم لا لذاتها ولكن لغيرها .
  2. إذا لم يجد إناءًا يشرب أو يأكل فيه إلا إناء ذهب أو فضة جاز ذلك للضرورة .


آنية الكفار :
يجوز الأكل والشرب في آنية الكفار ، وذلك لما ثبت "
لما فُتحتْ خيبرُ أُهديتْ لرسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ شاةٌ فيها سُمٌّ .
الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 4249 | خلاصة حكم المحدث : صحيح

ولما ثبت في الصحيحين من حديث عمران بن حصن رضي الله عنه في حديث طويل وفيه :
أنه توضأ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ مِنْ مَزَادَةِ مُشرِكَةٍ
الراوي : - | المحدث : الألباني - المصدر : إرواء الغليل-الصفحة أو الرقم: 36 | خلاصة حكم المحدث : لم أجده
و" المزادة" : القربة التي يوضع فيها الماء .
ولكن الأولى عدم استعمال آنيتهم إلا بعد غسلها إذا عُلم أنهم يطبخون فيها الخنزير ويشربون فيها الخمر ، فعن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال : - قُلتُ : يا نبيَّ اللهِ، إنا بأرضِ قَومٍ أهلِ الكتابِ، أفنَأكُلُ في آنِيَتِهِم ؟ وبأرضِ صَيدٍ، أَصيدُ بقَوسي، وبكلبي الذي ليس بمُعَلَّمٍ وبكلبي المُعَلَّمِ، فما يَصلُحُ لي ؟ قال : أمَّا ما ذَكَرتَ من أهلِ الكتابِ : فإن وَجَدتُم غيرَها فلا تأكُلوا فيها، وإن لم تجِدوافاغسِلوها وكُلوا فيها . وما صِدتَ بقَوسِك فذَكَرتَ اسمَ اللهِ فكُلْ، وما صِدتَ بكلبِك المُعَلَّمِ فذَكَرتَ اسمَ اللهِ فكُلْ، وما صِدتَ بكلبِك غيرِ مُعَلَّمٍ فأَدرَكتَ ذَكاتَه فكُلْ " .
الراوي : أبو ثعلبة الخشني - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 5478 | خلاصة حكم المحدث : صحيح
وفي رواية لأحمد وأبي داود : " قال : قلتُ : يا نبيَّ اللهِ إنْ أرضَنا أرضُ أهلِ كتابٍ ، وإنَّهمْ يأكلونَ لحمَ الخنزيرِ ، ويشربونَ الخمرَ ، فكيفَ أصنعُ بآنيتهِمْ وقدورِهمْ ؟ قال : إنْ لمْ تَجِدوا غيرَها فارْحضوها واطبُخوا فِيها واشرَبوا . قال : قلتُ : يا رسولَ اللهِ ما يحلُّ لنا ممَّا يحرمُ علينا ؟ قال : لا تَأكلوا لحومَ الحُمرِ الإنسيةِ ، ولا كلَّ ذي نابٍ مِنَ السباعِ"

الراوي : أبو ثعلبة الخشني - المحدث : الوادعي - المصدر : أحاديث معلة
الصفحة أو الرقم: 397 - خلاصة حكم المحدث : رجاله رجال الصحيح ، وهو منقطع
       
تعقيب خارج الكتاب
"المنقطع" عبارة عن سقط بالإسناد؛ سواء كان في أي مكان منه على اختلاف الاصطلاح في كونه معلقًا أو مرسلاً أو منقطعًا بأثناء السند، ولو تعدد الاتقطاع بأكثر من موطن لزمه الاسم مادام الانقطاع ليس على التوالي.

أما "المقطوع" فكان من صفات المتن لأن نسبة الكلام إلى قائله هنا تختلف، فالمرفوع متنه من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو فعله والموقوف متنه من كلام الصحابي أو فعله والمقطوع متنه من كلام التابعي أو مَن هو دونه أو فعله.
فنسبة الكلام إلى قائله - المتن - هي التي تعنيها هذه التسمية.
فائدة . ليس كل منقطع ضعيف.
قال الشيخ العلوان في شرحه لموقظة الذهبي"ليس كل حديث حكم عليه بالانقطاع يحكم عليه بالضعف فهذا الامام علي ابن المديني و ابن ابي شيبة و الدارقطني و الترمذي و الاكابر يحكمون على مرويات ابي عبيدة عن ابيه بالانقطاع لكن يقبلونها لأنه يروي بواسطة أهل بيته" ص82 . ملتقى أهل الحديث .
******************* 

المجلس العاشر
قراءة كتاب تمام المنة في فقه الكتاب وصحيح السنة 
أبواب قضاء الحاجة
قضاء الحاجة :

كناية عن خروج البول والغائط ، وقد يُعبرُ عنه بباب " الاستطابة ، أو " التخلي " ، أو " التبرز " ، وكلها عبارات صحيحة .

آداب قضاء الحاجة :

ولقضاء الحاجة آداب شرعها الإسلام كما يلي :

(1) أن يقول عند دخول الخلاء :
" باسم الله ، اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث " فعن أنس رضي الله عنه قال :
"كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ إذا دخلَ الخلاءَ قالَ أعوذُ باللهِ منَ الخبُثِ والخبائثِ"
الراوي : أنس بن مالك-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح ابن ماجه
الصفحة أو الرقم: 246 -خلاصة حكم المحدث : صحيح
و" الخُبُث " – بضم الخاء والباء – هم ذكور الشياطين . و" الخبائث " إناثهم ، وتضبط أيضًا " الخُبْث" بسكون الباء ، ومعناها : الشر ، ويكون معنى " الخبائث " النفوس الشريرة .

وأما " التسمية " : فقد ورد رواية عن أنس رضي الله عنه بلفظ "كان إذا دخل الكَنيفَ قال : بسمِ اللهِ ، اللهمَّ إِنَّي أعوذُ بكَ منَ الخبُثِ والخبائِثِ"
الراوي : أنس بن مالك - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الجامع-الصفحة أو الرقم: 4714 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - انظر شرح الحديث رقم 22895
ولهذا الحديث شاهد لمشروعية البسملة من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه مرفوعًا :
" سَتْرُما بينَ أَعْيُنِ الجِنِّ و عَوْرَاتِ بَنِي آدمَ إذا دخلَ أحدُهُمْ الخلاءَ أنْ يقولَ : بسمِ اللهِ"
الراوي : علي بن أبي طالب-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح الجامع

الصفحة أو الرقم: 3611 -خلاصة حكم المحدث : صحيح.

والمراد بقوله : " إذا دخل الخلاء " أي : إذا أراد الدخول ، وقد صرح بذلك في رواية الأدب المفرد " للبخاري قال : وقد ثبت الأمر بهذه الاستعاذة عند إرادة الخلاء.

وهذا في الأمكنة المعدة لذلك ، وأما في الفضاء فيقول الدعاء عند أول الشروع في تشمير الثياب : وهو مذهب الجمهور .

(2) أن يقول إذا خرج من الخلاء : " غفرانك" .
عن عائشة رضي الله عنها قالت " كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ إذا خرجَ منَ الخلاءِ قالَ غُفرانَك"
الراوي : عائشة أم المؤمنين|المحدث : الألباني|المصدر : صحيح الترمذي
الصفحة أو الرقم: 7 |خلاصة حكم المحدث : صحيح
(3) لا يستصحب ما فيه ذكر الله عز وجل : إلا إنْ خُشِيَ عليه الضياع ، وذلك لأن في استصحاب ما فيه ذكر الله عز وجل ما يشعر بعدم التعظيم وقد قال الله تعالى "وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ " الحج : 30.


(4) أن لا يرد على أحد السلام أثناء قضاء الحاجة :
عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما " أنَّ رجلًا مرَّ علَى النَّبيِّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ وَهوَ يبولُ فسلَّمَ عليهِ فقالَ لَه رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ "إذا رأيتَني علَى مثلِ هذهِ الحالةِ فلا تسلِّم عليَّ فإنَّكَ إن فعَلتَ ذلِكَ لم أردَّ عليكَ"

الراوي : جابر بن عبدالله-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح ابن ماجه
الصفحة أو الرقم: 287 -خلاصة حكم المحدث : صحيح
فدل ذلك على أنه لا يرد السلام ، ويلحق به كل كلام فيه ذكر الله عز وجل كترديد الأذان ونحوه ، لكنه لا يدل على منع الكلام مطلقًا ، وأما الحديث الآخر بلفظ "لايتناجَى اثنانِ على غائِطِهِما ، ينظرُ كلُّ واحدٍ منهُما إلى عَورةِ صاحبِهِ ، فإنَّ اللهَ يمقتُ على ذلكَ"

الراوي : أبو سعيد الخدري-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح الترغيب
الصفحة أو الرقم: 155 -خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره
الحديث – لا يدل على تحريم مطلق الكلام ، وإنما يدل على تحريم النظر إلى العورات وكلام كل منهما للآخر حال نظره إلى عورة صاحبه .
(5) أن يبتعد ويستتر عن أعين الناس :
عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما قال " كانَ أحبَُّ ما استترَ بِه النَّبِيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لحاجتِهِ هدَفٌ أو حائِشُ نَخلٍ"

الراوي : عبدالله بن جعفر بن أبي طالب-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح ابن ماجه-الصفحة أو الرقم: 277 -خلاصة حكم المحدث : صحيح
و" الهدف" كلُّ مرتفعٍ من بِناء وكثيف ، أو رمل ، أو جبل ، و" حائش النخل " جماعتُُه أي: نخلٌ مجموعٌ .
وعن جابر رضي الله عنه قال : " كانَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ لا يأتي البَرازَ حتَّى يتغيَّبَ فلا يُرى"

الراوي : جابر بن عبدالله-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح ابن ماجه

الصفحة أو الرقم: 272 - خلاصة حكم المحدث : صحيح

و " البَرَاز " – بفتح الباء - : اسم للفضاء الواسع من الأرض كنى به عن حاجة الإنسان ، كما يُكنى عنها بالغائط والخلاء .

فالحديث الأول دليل على الاستتار عند قضاء الحاجة عمومًا ، سواء كان للبول أم للغائط .
والحديث الثاني دليل على الابتعاد حال الغائط ، وأما عند التبول فيرخص في ترك التباعد – مع وجوب الاستتار – وذلك لحديث حذيفة رضي الله عنه قال " رأيتُني أنا والنبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم نتَماشَى ، فأتى سُباطَةَ قومٍ خلفَ حائطٍ ، فقام كما يقومُ أحدُكم ، فبال ، فانتبَذتُ منه ، فأشار إليَّ فجئتُه ، فقُمتُ عِندَ عَقِبِه حتى فرَغ.

الراوي : حذيفة بن اليمان-المحدث : البخاري-المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 225 -خلاصة حكم المحدث : صحيح
والمقصود بقوله " فبال " أي قائمًا كما ورد ذلك صريحًا عند البخاري .
و " السُّبَاطة " – بضمِّ السينِ وفتحِ الباءِ - ؛ المكانُ الذي يُلقَى فيه المزابلُ .
(6) أن لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض :
عن ابن عمر رضي الله عنهما " أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ كانَ إذا أرادَ حاجَةً لايرفَعُ ثوبَهُ حتَّى يَدنوَ منَ الأرضِ"

الراوي : عبدالله بن عمر-المحدث : الألباني-المصدر : صحيح أبي داود-الصفحة أو الرقم: 14 -خلاصة حكم المحدث : صحيح