تنبيه الأنام لتوحيد المنان
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّـهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.
وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّـهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ.وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّـهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بماعلمتنا،وارزقنا من كرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين، اللهم إنا نعوذ بك من علم لاينفع،ومن قلب لا يخشع، ومن عين لا تدمع، ومن دعوة لا يُستجابُ لها.
إن خيرَ ما أنفق فيه الإنسانُ عمرَهُ، وأوقاتَهُ وأنفاسَهُ طلبُ العلمِ وتعلمُ العلمِ وتعليمُهُ، الذي هو من أفضلِ العبادات وأجلِ القربات
فإن الاشتغال بالعلمِ النافع المستمد من كتاب الله عز وجل ؛ وسنة نبيهِ صلى الله عليه وسلم والعمل بهذا العلم هو سبيل الفلاح وسبب السعادة في الدنيا والآخرة ؛ لأن هذا العلم هو ميراث النبوة الذي من أخذ به أخذ بحظ وافر ولأن العمل بهذا العلم مبني على جادة قويمة وصراط مستقيم ،
قال الترمذي في سننه: حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ خِدَاشٍ الْبَغْدَادِيُّ ،قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْوَاسِطِيُّ ، قال:حَدَّثَنَا عَاصِمُ بْنُ رَجَاءِ بْنِ حَيْوَةَ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ كَثِيرٍ ، قَالَ : قَدِمَ رَجُلٌ مِنْ الْمَدِينَةِ عَلَى أَبِي الدَّرْدَاءِ وَهُوَ بِدِمَشْقَ , فَقَالَ : مَا أَقْدَمَكَ يَا أَخِي ؟ فَقَالَ : حَدِيثٌ بَلَغَنِي أَنَّكَ تُحَدِّثُهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : أَمَا جِئْتَ لِحَاجَةٍ ؟ ، قَالَ : لَا ، قَالَ : أَمَا قَدِمْتَ لِتِجَارَةٍ ؟ قَالَ : لَا ، قَالَ : مَا جِئْتُ إِلَّا فِي طَلَبِ هَذَا الْحَدِيثِ ؟ قَالَ : فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ الْعِلْمِ ، وَإِنَّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحِيتَانُ فِي الْمَاءِ ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ ، إِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ "
جامع الترمذي » كِتَاب الْعِلْمِ » بَاب مَا جَاءَ فِي فَضْلِ الْفِقْهِ عَلَى الْعِبَادَةِ ...
وصححه الألباني هنا
لذا نقدم قبسة من قبسات علم المعتقد ، نظرًا لأهمية دراسة المعتقد
فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)1، وإن أعظم الفقه في الدين هو الفقه الأكبر كما سماه السلف الصالح، أعني: فقه العقيدة والأصول والمسلمات والثوابت التي يقوم عليها الدين،
شرح مجمل أصول أهل السنة
«من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين . وإنما أنا قاسم ويعطي الله»
الراوي: معاوية بن أبي سفيان المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1037 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية
قال مسلم في صحيحه
1721 1037- وَحَدَّثَنِي
حَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى ، قال: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ،
قال:أَخْبَرَنِي يُونُسُ ، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ ، قَالَ حَدَّثَنِي
حُمَيْدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ:" سَمِعْتُ
مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَهُوَ يَخْطُبُ يَقُولُ إِنِّي
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ يُرِدْ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَإِنَّمَا أَنَا قَاسِمٌ وَيُعْطِي اللَّهُ»
صحيح مسلم - كِتَاب الزَّكَاةِ - لا تلحفوا في المسألة فوالله لا يسألني أحد منكم شيئا فتخرج له مسألته مني شيئا وأنا له كاره فيباركله فيما أعطيته
موقع الإسلام
الفقه هو: الفهم أي: يرزقه فهما ويرزقه ذكاء ومعرفة؛ بحيث إنه يستنبط الأحكام من الأدلة، وبحيث إنه يكون معه قوة إدراك وقوة فهم واستنباط من الأدلة، وهذا ما وهبه الله -تعالى- لكثير من الصحابة ومن بعدهم،
هنا
شرح الحديث
شبكة السنة النبوية وعلومها
أهمية دراسة العقيدة
أهمية دراسة العقيدة تتبين من وجهين:
الوجه الأول:أنها جزء من الدين , وبالتالي فكل النصوص الآمرة بأخذ الدين وتعلمه تتناول مسائل العقيدة بالأولوية.
الوجه الثاني:أنها أصل في أعمال الجوارح , بمعنى أن صلاح العقيدة يورث صلاح العمل والعكس بالعكس , وقد ضرب الله مثلا لذلك بأهل الكتاب حين قال:"أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ"
" آل عمران 24- 23:
تولوا وهم معرضون لاعتقادهم أن النار لن تمسهم إلا أيامًا معدودات
" لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ "
فالله -عز وجل- جعل افتراءهم في الدين , وفساد اعتقادهم، سببًا لفساد أعمالهم وأصلا لإعراضهم
شبكة النصيحة الإسلامية بتصرف
فغرس العقيدة في النفوس هو أمثَلُ طريقة لإيجاد عناصر صالحة تستطيع أن تقوم بدورها كاملاً في الحياة وتُسْهِم بنصيب كبير في تزويدها بما هو أنفع وأرشد؛ إذْ إنَّ هذا اللون من التربية يُضْفِي على الحياة ثوب الجمال والكمال، ويظلِّلها بظلال المحبَّة والسلام.
الوجه الأول:أنها جزء من الدين , وبالتالي فكل النصوص الآمرة بأخذ الدين وتعلمه تتناول مسائل العقيدة بالأولوية.
الوجه الثاني:أنها أصل في أعمال الجوارح , بمعنى أن صلاح العقيدة يورث صلاح العمل والعكس بالعكس , وقد ضرب الله مثلا لذلك بأهل الكتاب حين قال:"أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ"
" آل عمران 24- 23:
تولوا وهم معرضون لاعتقادهم أن النار لن تمسهم إلا أيامًا معدودات
" لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ "
فالله -عز وجل- جعل افتراءهم في الدين , وفساد اعتقادهم، سببًا لفساد أعمالهم وأصلا لإعراضهم
شبكة النصيحة الإسلامية بتصرف
فغرس العقيدة في النفوس هو أمثَلُ طريقة لإيجاد عناصر صالحة تستطيع أن تقوم بدورها كاملاً في الحياة وتُسْهِم بنصيب كبير في تزويدها بما هو أنفع وأرشد؛ إذْ إنَّ هذا اللون من التربية يُضْفِي على الحياة ثوب الجمال والكمال، ويظلِّلها بظلال المحبَّة والسلام.
العقيدة هي الالتزام بالأصول والمسلمات والقطعيات في أبواب الدين كله، وللعقيدة أهمية بالغة؛ إذ إنها هي الأسس والركائز التي يقوم عليها الدين، وللعقيدة الإسلامية خصائص وسمات منها: الوضوح والكمال والشمول، ونقاء المصادر، والبقاء والديمومة، بخلاف بقية العقائد الملفقة التي نهايتها الزوال والاضمحلال.
شرح مجمل أصول أهل السنة
ناصر العقل
مراتب الناس في التوحيد
الناس في التوحيد على مراتب، فمنهم من حقق التوحيد باجتناب المعاصي، ومنهم من قصر فيه بارتكاب المعاصي .
*معنى تحقيق التوحيد:
معنى تحقيقه هو علمه أولاً، أن يعلم التوحيد، ثم يتحلى به قلبُه وجوارحُهُ، ثم يجتنب ما يقتضي التوحيد تركه من الذنوب والبدع فضلاً عن الشرك؛ لأن الشرك إذا وقع فيه فإن كان كبيراً فهو مناف للتوحيد، وإن كان صغيراً فهو مناف لكمالِهِ، وكذلك الذنوب والمعاصي، فيكون تحقيقه هو تخليصه وتصفيته من البدع وشوائب الشرك والذنوب، فيخلصه بأن يكون عملُهُ خالصاً لله على طريقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيأتي به على الوجه الأكمل الذي أمر الله به بأن يكون عمله ما يقصد به إلا وجه الله جل وعلا، ولا يلتفت إلى غيره من معانٍ دنيوية، ولا من وجوه الناس ولا غيرهم، فمعنى ذلك أنه يقبل على الله بكليته، ولا يكون ملتفتاً بقلبه إلى غير الله جل وعلا من المؤثرات والأسباب، فمن كان كذلك فقد حقق التوحيد.
هنا
0تعريف العقيدة وعلاقتها بالتوحيد«
*العقيدة في اللغة :
مأخوذة
من العقد وهو ربط الشيء، واعتقدت كذا: عقدت عليه القلب والضمير.
والعقيدة: ما يدين به الإنسان، يقال: له عقيدة حسنة، أي: سالمةٌ
من الشك. والعقيدةُ عمل قلبي، وهي إيمانُ القلب بالشيء وتصديقُهُ به.
*عقيدة التوحيد
لفضيلة الشيخ صالح بن فوزان بن عبد الله آل فوزان
والعقيدة: الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده، والعقيدة في الدين ما يقصد به الاعتقاد دون العمل؛ كعقيدة وجود الله وبعث الرسل. والجمع: عقائد وخلاصة ما عقد الإنسان عليه قلبه جازماً به؛ فهو عقيدة، سواء كان حقاً، أم باطلاً
الوجيز في عقيدة السلف الصالح لعبد الحميد الأثري - ص29
العقيدة :قـد تكـون عقيـدة فاسـدة مثـل : عقيـدة النصـارى - التثليـث -، وعقائـد الفـرق الضالـة
وقـد تكـون عقيـدة حقـة ، فهـي عقيـدة المسـلم - التوحيـد -
والعقيدة الإِسلاميَّة : والعقيدة: الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده، والعقيدة في الدين ما يقصد به الاعتقاد دون العمل؛ كعقيدة وجود الله وبعث الرسل. والجمع: عقائد وخلاصة ما عقد الإنسان عليه قلبه جازماً به؛ فهو عقيدة، سواء كان حقاً، أم باطلاً
الوجيز في عقيدة السلف الصالح لعبد الحميد الأثري - ص29
العقيدة :قـد تكـون عقيـدة فاسـدة مثـل : عقيـدة النصـارى - التثليـث -، وعقائـد الفـرق الضالـة
وقـد تكـون عقيـدة حقـة ، فهـي عقيـدة المسـلم - التوحيـد -
هي
الإيمان الجازم بالله، وما يجب له في ألوهيته وربوبيته وأسمائه
وصفاته، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره
وشره، وبكل ما جاءت به النصوص الصحيحة من أصول الدين وأمور الغيب
وأخباره، وما أجمع عليه السلف الصالح. والتسليم لله تعالى في الحكم
والأمر والقدر والشرع، ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالطاعة والتحكيم والاتباع
مباحث في عقيدة أهل السنة والجماعة لناصر بن عبد الكريم العقل - ص9
والعقيدة الإِسلاميَّة:إِذا أُطلقت فهي عقيدة أَهل السُّنَّة والجماعة ؛ لأنَّها هي الإِسلام الذي ارتضاه اللّه دينا لعباده ، وهي عقيدة القرون الثلاثة المفضَّلة من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإِحسان .
الوجيز في عقيدة السلف الصالح لعبد الحميد الأثري - ص30
تنبيه
ليست العقيدة مجرد معرفة باردة بالله أو معرفة يستعلي صاحبها عن
الإقرار بها أو يرفض أن ينصـاع لحكمها ؛ بل هي عقيدة رضي بها قلبُ
صاحبِها وأعلن عنها بلسانه وارتضى المنهجَ الذي فرضه الله متصلاً بها .
ولذلك قال علماء السلف : " الإيمان : اعتقاد بالجنان ، ونطق باللسان ، وعمل بالأركان " .
فالعقيدة الإسلامية إجمالاً هي الإيمان ، وتفصيلا هي :ولذلك قال علماء السلف : " الإيمان : اعتقاد بالجنان ، ونطق باللسان ، وعمل بالأركان " .
( مجموعة
التصورات الإيمانية المستمدة من الكتاب والسنة وما يرتبط بها من
الإرادات التي يربط عليها القلب ويظهر أثر ذلك على اللسان والجوارح ما
أمكن )
وأقصد بالتصورات: قول القلب، وبالإرادات :عمل القلب، والإرادات والتصورات: هما الباطن الذي إذا صلح صلح الجسد كله ( اللسان والأعضاء ) .
([«شرح الإبانة» لابن بطَّة رَحِمَهُ اللهُ / ص: (349)])
فنحن نرى كثيراً من الناس يعرفون الحقيقة على وجهها ولكنّهم لا ينصاعون لها ، ولا يصوغون حياتهم وفقها بل قد يعارضون الحق الذي استيقنوه ويحاربونه.
وأقصد بالتصورات: قول القلب، وبالإرادات :عمل القلب، والإرادات والتصورات: هما الباطن الذي إذا صلح صلح الجسد كله ( اللسان والأعضاء ) .
الفرقُ بينَ: «قول اللِّسان وعمله، وعمل القلب وقوله»
قول القلب هو الاعتقاد ، وعَمل القلب هو نِيّته وإخلاصه . كما قال ابن أبي العزّ في " شرح الطحاوية " هنا
قول القلب هو الاعتقاد ، وعَمل القلب هو نِيّته وإخلاصه . كما قال ابن أبي العزّ في " شرح الطحاوية " هنا
سُئِلَ فضيلة الشَّيخ العلاَّمة / عبد العزيز بن عبد الله الرَّاجحي حَفِظَهُ اللهُ تَعَالَى:أحسن الله إليكم، وهَذا أيضًا سُؤالٌ مِنَ الشَّبكة يقولُ: قول شَيْخُ الإسْلام: "الإيمان: قول القلب واللِّسان، وعمل القلب واللِّسان والجوارح"، فما الفرقُ بينَ: قول اللِّسان وبين عمله، وكذلكَ الفرق بينَ: عمل القلب وقوله، وجزاكم الله خيرًا؟
فأجابَ: «قول اللِّسان»
هُوَ نُطقه، النُّطق والإقرار، كأنْ يقول: "أشهدُ أنْ لاَ إله إلاَّ
الله، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا رسُول الله"، قراءة القرآن، الذِّكر،
الدَّعوة، هذا قول اللِّسان، وقد يُسمَّى عملاً، يُسمَّى قول اللِّسان
عملاً كما سبق.
وذكرَ هَذا القاسم بن أبي عُبيد، في "كتاب الإيمان"،ذكرَ: "أنَّ قول اللِّسان يُسمَّى عملاً"، وأمَّا «قول القلب» تسليطه وإقراره، و«عمل القلب» هُوَ النِّيَّة، نيَّته وانْقياده وإخْلاصه، وعمل الجوارح معروف. نعم.اهـ.
فنحن نرى كثيراً من الناس يعرفون الحقيقة على وجهها ولكنّهم لا ينصاعون لها ، ولا يصوغون حياتهم وفقها بل قد يعارضون الحق الذي استيقنوه ويحاربونه.
- فهذا إبليس يعرف الحقائق الكبرى معرفة يقينية يعرف الله ، ويعرف صدق الرسل والكتب ولكنّه نذر نفسه لمحاربة الحق الذي يعرفه . 1
1-{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي}[إبراهيم:22]
{فلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} [إبراهيم:22].
-وفرعون كان يوقن بأن المعجزات التي جاء بها موسى إنما هي من عند الله ولكنه جحد بها استكباراً وعلواً كما قال الله في حقه وملئه : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّاً ) [النمل : 14] .وقد خاطب موسى فرعون قائلاً : ( قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ) [الإسراء : 102]
وأهل الكتاب يعرفون أنّ محمداً مرسل من ربه : (يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ) [البقرة : 146]
ولكنّهم لا يقرّون بذلك
هنا
1-{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي}[إبراهيم:22]
{فلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} [إبراهيم:22].
-وفرعون كان يوقن بأن المعجزات التي جاء بها موسى إنما هي من عند الله ولكنه جحد بها استكباراً وعلواً كما قال الله في حقه وملئه : ( وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّاً ) [النمل : 14] .وقد خاطب موسى فرعون قائلاً : ( قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ) [الإسراء : 102]
وأهل الكتاب يعرفون أنّ محمداً مرسل من ربه : (يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ) [البقرة : 146]
ولكنّهم لا يقرّون بذلك
هنا
***************
نمـوذج للمعرفــة التـي لا تعتبــر تصديقًــا
عـن
محمــود بـن لبيـد أخـي بنــي عبـد الأشـهل عـن سـلمة بـن سـلامة بـن
وقـش ـ وكـان مـن أصحـاب بـدر ـ وقـال : كـان لنـا جـار مـن يهـود فـي
بنـي عبـد الأشـهل .قـال : فخـرج علينـا يومـًا مـن بيتـه قبـل مبعـث النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بيسـير ، فوقـف علـى مجلـس عبـد الأشـهل .
قـال سـلمة : وأنـا يومئـذ أحـدث مـن فيـه سِـنًا علـى بـردة مضطجعـًا فيهـا بفنـاء أهلـي ، فذكـر البعـث والقيامـة والحسـاب والميـزان والجنـة والنـار ، فقـال ذلـك لقـومٍ أهـل شـركٍ أصحـاب أوثـانٍ لا يـرون أن بعثـًا كائـنٌ بعـد المـوت .
فقالـوا لـه : ويحـك يا فـلان ، تـرى هـذا كائنـًا ، أن النـاس يُبعثـون بعـد موتهـم إلـى دارٍ فيهـا جنـة ونـار يجـزون فيهـا بأعمالهـم ؟ قـال : نعـم ، والـذي يُحلَـفُ بـه لَـوَدَّ (1) أن لـه بحظـه (2) مـن تلـك النـار أعظـمَ تنـورٍ فـي الدنيـا يحمُّونَـهُ ، ثـم يدخلونـه إيـاه فيُطْبَـقُ بـه عليـه وأن ينجـو مـن تلـك النـار غـدًا .
قالـوا لـه : ويحـك ، ومـا آيـة ذلـك ؟
قـال : نبـي يبعـث مـن نحـو هـذه البـلادِ ، وأشـار بيـده نحـو مكـة واليمـن .
قالـوا : ومتـى تـراه ؟
قـال : فنظـر إلـيَّ وأنـا مـن أحدثهـم سِـنًّا ، فقـال : إن يسـتنفذ هـذا الغـلام عمـره يدركـه .
قـال سـلمة : فوالله مـا ذهـب الليـل والنهـار حتـى بعـث الله تعالـى رسـوله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ وهـو حـي (3) بيـن أظهرنـا فآمنـا بـه ، وكفـر بغيـًا وحسـدًا .
فقلنـا : ويلـك يـا فـلان ألسـت بالـذي قلـت لنـا فيـه مـا قلـت ؟ ! .
قـال : بلـى وليـس بـه .
رواه أحمد . وحسنه الشيخ مقبل ـ رحمه الله ـ في الجامع الصحيح مما ليس في الصحيحين / مجلد رقم : 5 / ص : 407 .
( 1 ) يَـوَدّ : أي : يَـوَدُّ الـذي رأى هـذه النـار .
( 2 ) بحظـه : أي : بنصيبـه .
( 3 ) وهـو : أي : اليهـودي .
**************
نمـــوذج للتصديـــق
قـال تعالـى : { وَمَرْيَـمَ ابْنَـتَ عِمْـرَانَ الَّتِـي أَحْصَنَـتْ فَرْجَـهَا فَنَفَخْنَـا فِيـهِ مِـن رُّوحِنَا وَصَدَّقَـتْ بِكَلِمَـاتِ رَبِّهَـا وَكُتُبِـهِ وَكَانَـتْ مِـنَ الْقَانِتِيـنَ } .
سورة التحريم / آية : 12
مـن تفسـير : تيسـير الكريـم الرحمـن
( للشيخ / عبد الرحمن السعدي ) :
قــال : وهـذا وصـف لهـا بالعلــم والمعرفــة ، فـإن التصديـق بكلمـات الله يشـمل كلماتـه الدينيــة والقدريـة .
والتصديـق بكتبـه يقتضـي معرفـة مـا بـه يحصـل التصديـق ، ولا يكـون ذلـك إلا بالعلـم والعمـل .
ولهـذا قـال تعالـى : " وَكَانَـتْ مِـنَ الْقَانِتِيـنَ " أي : المطيعيـن لله ، المداوميـن علـى طاعتـه بخشـية وخشـوع ، وهـذا وصـف لهـا بكمـال العمـل ، فإنهـا ـ رضي الله عنها ـ صِدِّيقـه ، والصديقيـة هـي كمـال العلـم والعمـل . ا.هـ
***************
تعريــف التوحيــد
*التوحيد في الاصطلاح
التوحيد لغة : مصدر وحَّد ، يوحِّد ، وهو جعل الشيء واحدًا .
لسان العرب / مادة : وحَّد .
لسان العرب / مادة : وحَّد .
*التوحيد في الاصطلاح
هو إفراد الله تعالى بما يختص به .
فتاوى أركان الإسلام / للشيخ محمد بن صالح العثيمين / ص : 9
وهذا - التوحيد - لا يتحقق إلا بنفيٍ وإثبات، نفي الحكم عما سوى المُوحَّد، وإثباته له، فمثلاً نقول: إنه لا يتم للإنسان التوحيد حتى يشهد أن لا إله إلا الله، فينفي الألوهية عما سوى الله عز وجل ويثبتها لله وحده، وذلك أن النفي المحض تعطيل محض، والإثبات المحض لا يمنع مشاركة الغير في الحكم، فلو قلت مثلاً:"فلان قائم"فهنا أثبتَّ له القيام لكنك لم توحده به، لأنه من الجائز أن يشاركه غيره في هذا القيام، ولو قلت:"لا قائم"فقد نفيت محضاً ولم تثبت القيام لأحد، فإذا قلت:"لا قائم إلا زيد"فحينئذ تكون وحدت زيداً بالقيام حيث نفيت القيام عمن سواه، وهذا هو تحقيق التوحيد في الواقع، أي أن التوحيد لا يكون توحيداً حتى يتضمن نفياً وإثباتاً.
العثيمين
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ليس التوحيد مجرد إقرار العبد بأنه: لا خالق إلا الله، وأن الله رب كل شيء ومليكه، كما كان عباد الأصنام مقرين بذلك وهم مشركون، بل التوحيد يتضمن من محبة الله، والخضوع له، والذل له، وكمال الانقياد لطاعته، وإخلاص العبادة له، وإرادة وجهه الأعلى بجميع الأقوال والأعمال، والمنع والعطاء، والحب والبغض، ما يحول بين صاحبه وبين الأسباب الداعية إلى المعاصي والإصرار عليها، ومن عرف هذا عرف قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)) ... وما جاء من هذا الضرب من الأحاديث، التي أشكلت على كثير من الناس، حتى ظنها بعضهم منسوخة! وظنها بعضهم قيلت قبل ورود الأوامر والنواهي واستقرار الشرع، وحملها بعضهم على نار المشركين والكفار، وأول بعضهم الدخول بالخلود وقال: المعنى لا يدخلها خالداً، ونحو ذلك من التأويلات المستكرهة. فإن الشارع صلوات الله وسلامه عليه لم يجعل ذلك حاصلاً بمجرد قول اللسان فقط، فإن هذا خلاف المعلوم بالاضطرار من دين الإسلام، لأن المنافقين يقولونها بألسنتهم، وهم تحت الجاحدين لها في الدرك الأسفل من النار.
بل لا بد من قول القلب، وقول اللسان.
وقول القلب: يتضمن من معرفتها والتصديق بها، ومعرفة حقيقة ما تضمنته من النفي والإثبات، ومعرفة حقيقة الإلهية المنفية عن غير الله، المختصة به، التي يستحيل ثبوتها لغيره، وقيام هذا المعنى بالقلب علماً ومعرفة ويقيناً وحالاً: ما يوجب تحريم قائلها على النار.
وتأمل حديث البطاقة التي توضع في كفة، ويقابلها تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل منها مد البصر، فتثقل البطاقة وتطيش السجلات، فلا يعذب صاحبها ومعلوم أن كل موحد له مثل هذه البطاقة،... ولكن السر الذي ثقل بطاقة ذلك الرجل هو أنه حصل له ما لم يحصل لغيره من أرباب البطاقات.
وتأمل أيضاً ما قام بقلب قاتل المائة من حقائق الإيمان التي لم تشغله عند السياق – الموت - عن السير إلى القرية فجعل ينوء بصدره، ويعالج سكرات الموت، لأن ذلك كان أمراً آخر، وإيماناً آخر ولذلك ألحق بأهل القرية الصالحة. وقريب من هذا ما قام بقلب البغي التي رأت ذلك الكلب وقد اشتد به العطش، يأكل الثرى فقام بقلبها ذلك الوقت مع عدم الآلة، وعدم المعين، وعدم من ترائيه بعملها ما حملها على أن غررت بنفسها في نزول البئر وملء الماء في خفها، ولم تعبأ بتعرضها للتلف وحملها خفها بفيها وهو ملآن حتى أمكنها الرقي من البئر، ثم تواضعها لهذا المخلوق الذي جرت عادة الناس بضربه، فأمسكت له الخف بيدها حتى شرب من غير أن ترجو منه جزاء ولا شكوراً. فأحرقت أنوار هذا القدر من التوحيد ما تقدم منها من البغاء فغفر لها .
وقد ورد في صحيح مسلم قوله صلى الله عليه وسلم ((من قال: لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله، حرم ماله ودمه وحسابه على الله))
الموسوعة العقدية
والعبـادة الخالصـة الحقـة ، مبنيـة علـي التوحيـد ، فكـل عبـادة لا توحيـد فيهـا فهـي باطلـة .
عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ قـال : قـال رسـول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" قـال الله تعالـى : أنـا أغنـى الشـركاء عـن الشـرك ، مـن عمـل عمـلاً أشـرك فيـه مَعِـيَ غَيـري ، تركتـه وشـركه "1 . ا . هـ .
1صحيح مسلم / كتاب : الزهد / باب : من أشرك في عمله غير الله / حديث رقم : 2289
وقـد بقـي النبـي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فـي مكـة بعـد البعثـة ثلاثـة عشـرَ عامـًا يدعـو النـاس إلـى التوحيـد ، وإصـلاح العقيـدة ، لأنهـا الأسـاس الـذي يقـوم عليـه بنـاء الديـن
وقـد احتـذى الدعـاة والمصلحـون فـي كـل زمـان حـذو الأنبيـاء والمرسـلين ، فكانـوا يبـدءون بالدعـوة إلـى التوحيـد ، وإصـلاح العقيـدة ، ثـم يتجهـون بعـد ذلـك إلـى الأمـر ببقيـة أوامـر الديـن .
أنـواع التوحيـد
أنـواع التوحيـد تدخـل كلهـا فـي تعريـف عـام وهـو :
إفـراد الله سـبحانه وتعالـى بمـا يختـص بـه .
هنـاك مـن أهـل العلـم مـن قسـم التوحيـد إلـى ثلاثـة أقسـام وهـي :
1ـ توحيـد الربوبيـة .
2ـ توحيـد الألوهيـة .
3 ـ توحيـد الأسـماء والصفـات .
وقـد اجتمعـت هذه الأنواع الثلاثة فـي قولـه تعالـى :
« رَبُّ السَّـمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَـا بَيْنَهُمَـا فَاعْبُـدْهُ وَاصْطَبِـرْ لِعِبَادَتِـهِ هَـلْ تَعْلَـمُ لَـهُ سَـمِيّاً » سورة مريم / آية : 6
قـال الشـيخ العثيميـن : والعلمـاء ـ علمـوا ذلـك التقسـيم ـ بالتتبـع والاسـتقراء والنظـر فـي الآيـات والأحاديـث فوجـدوا أن التوحيـد لا يخـرج عـن هـذه الأنـواع الثلاثـة . ا . هـ .
فتـاوى العقيـدة للشـيخ العثيميـن : ص : 6
ومن العلماء من قسم التوحيد إلى قسمين فقط وهما:
♥ توحيد المعرفة والإثبات وهو يقابل:
توحيـد الربوبيـة وتوحيـد الأسـماء والصفـات
♥ توحيد الطلب والقصد وهو يقابل:
توحيد الألوهية
* قال ابن أبي العز الحنفي في شرحه على العقيديةالطحاوية:
ثم التوحيد الذي دعت إليه رسل الله، ونزلت به كتبه نوعان:
1/ توحيد في الإثبات والمعرفة.
2/ وتوحيد في الطلب والقصد.
وهـذا التقسـيم إنمـا هـو للتفهيـم والبيـان ، وإلا فاللـه لايقبـل التوحيـد مـن إنسـان أخـل بأحـد أنواعـه .
ما حقيقة أنواع التوحيد الثلاثة ؟
أولاً : توحيــد الربوبيــة
أولاً : توحيــد الربوبيــة
هـو
الإيمـان بأن الـرب هـو الخالـق ، الـرازق ، المحيـي ، المميـت ،
مُنَـزِّل الكتـب ، مرسـل الرسـل ، المجـازي فـي الدنيـا والآخـرة ، وإفـراده سـبحانه بكـل هـذا .
فتوحيد الربوبية توحيد الله تعالى بأفعاله كالخلق والرَّزق والإحياء والإماتة وغيرها من أفعاله التي اختص بها ولم يشاركه فيها أحد.
ومـن خـلال هـذا التعريـف نجـد أن :
أقسـام توحيـد الربوبيـة هـى :
1 ـ قــدر كونــي :
قـال تعالـى : { إِنَّـا كُـلَّ شَـيْءٍ خَلَقْنَـاهُ بِقَـدَرٍ }
سورة القمر / آية : 49
وقـال تعالـى : { إِنَّمَـا قَوْلُنَـا لِشَـيْءٍ إِذَا أَرَدْنَـاهُ أَن نَّقُـولَ لَـهُ كُـن فَيَكُـونُ }
سورة النحل / آية : 40
فالقـدر الكونـي : كالخلـق ، والـرزق ، والإحيـاء ، والإماتـة ، والنفـع ، والضـر .
2ـ قـدر تشـريعي :
وهـو يشـمل العلـم ، والرسـالات ، والكتـب ، والوحـي ، والتحليـل ، والتحريـم .
ـ ومـن أدلـة ذلـك :
ـ ( العلـم ) : قـال تعالـى : { ... ذَلِكُمَـا مِمَّـا عَلَّمَنِـي رَبِّـي ... } .سورة يوسف / آية : 37
وقـال تعالـى : { ... وَقُـل رَّبِّ زِدْنِـي عِلْمـاً }
سورة طه / آية : 114
ـ ( الرسـالات ) : قـال تعالـى : { لِيَعْلَـمَ أَن قَـدْ أَبْلَغُـوا رِسَـالاَتِ رَبِّهِـمْ ... } .
سورة الجن / آية : 28 .
ـ ( الكتـب ) : قـال تعالـى : { ... تِلْـكَ آيَـاتُ الْكِتَـابِ وَالَّـذِيَ أُنـزِلَ إِلَيْـكَ مِـن رَّبِّـكَ الْحَـقُّ ... }
سورة الرعد / آية : 1
ـ ( الوحـي ) : قـال تعالـى : { ذَلِـكَ مِمَّـا أَوْحَـى إِلَيْـكَ رَبُّـكَ مِـنَ الْحِكْمَـةِ ... }
سورة الإسراء / آية : 39 .
ـ ( التحليـل والتحريـم ) :
قـال تعالـى : { قُـلْ تَعَالَـوْاْ أَتْـلُ مَـا حَـرَّمَ رَبُّكُـمْ عَلَيْكُـمْ ... } .سورة الأنعام / آية : 151 .
باختصـار القـدر التشـريعي يشـمل : ( افعـل ولا تفعـل ) .
3 ـ القــدر الجزائــي :
فالـذي يجـازي فـي الدنيـا والآخـرة إنمـا هـو الـرب .
مـن أمثلـة الجـزاء فـي الدنيـا :
قولـه تعالـى : { أَلَـمْ تَـرَ كَيْـفَ فَعَـلَ رَبُّـكَ بِأَصْحَـابِ الْفِيـلِ } .سورة الفيل / آية : 1 .
وقولـه تعالـى :{ أَلَـمْ تَـرَ كَيْـفَ فَعَـلَ رَبُّـكَ بِعَـادٍ }
سورة الفجر / آية : 6 .
ومـن أمثلـة الجـزاء فـي الآخـرة :
قولـه تعالـى : { إِنَّ السَّـاعَةَ ءاَتِيَـةٌ أَكَـادُ أُخْفِيهَـا لِتُجْـزَى كُـلُّ نَفْـسٍ بِمَا تَسْـعَى } .
سورة طه / آية : 15 .
وقولـه تعالـى : { ... أَدْخِلُـوا آلَ فِرْعَـوْنَ أَشَـدَّ الْعَـذَابِ } . سورة غافر / آية : 46 .
وقولـه : { ... إِنَّـا أَعْتَدْنَـا لِلظَّالِمِيـنَ نَـاراً أَحَـاطَ بِهِـمْ سُـرَادِقُهَا ... } .
سورة الكهف / آية : 29 .
وقولـه : { إِنَّ الَّذِيـنَ آمَنُـوا وَعَمِلُـوا الصَّالِحَـاتِ إِنَّـا لاَ نُضِيـعُ أَجْـرَ مَـنْ أَحْسَـنَ عَمَـلاً * أُوْلَئِـكَ لَهُـمْ جَنَّـاتُ عَـدْنٍ تَجْـرِي مِـن تَحْتِهِـمُ الأََنْهَـارُ ... } .
سورة الكهف / آية : 30 ، 31 .
فتوحيـد الربوبيـة : كـل مـا نـزل مـن الـرب إلـى العبـاد مـن رزق ، وإحيـاء ( كوني ) ، رسـالات ( تشـريعي ) .فتوحيد الربوبية توحيد الله تعالى بأفعاله كالخلق والرَّزق والإحياء والإماتة وغيرها من أفعاله التي اختص بها ولم يشاركه فيها أحد.
ومـن خـلال هـذا التعريـف نجـد أن :
أقسـام توحيـد الربوبيـة هـى :
1 ـ قــدر كونــي :
قـال تعالـى : { إِنَّـا كُـلَّ شَـيْءٍ خَلَقْنَـاهُ بِقَـدَرٍ }
سورة القمر / آية : 49
وقـال تعالـى : { إِنَّمَـا قَوْلُنَـا لِشَـيْءٍ إِذَا أَرَدْنَـاهُ أَن نَّقُـولَ لَـهُ كُـن فَيَكُـونُ }
سورة النحل / آية : 40
فالقـدر الكونـي : كالخلـق ، والـرزق ، والإحيـاء ، والإماتـة ، والنفـع ، والضـر .
2ـ قـدر تشـريعي :
وهـو يشـمل العلـم ، والرسـالات ، والكتـب ، والوحـي ، والتحليـل ، والتحريـم .
ـ ومـن أدلـة ذلـك :
ـ ( العلـم ) : قـال تعالـى : { ... ذَلِكُمَـا مِمَّـا عَلَّمَنِـي رَبِّـي ... } .سورة يوسف / آية : 37
وقـال تعالـى : { ... وَقُـل رَّبِّ زِدْنِـي عِلْمـاً }
سورة طه / آية : 114
ـ ( الرسـالات ) : قـال تعالـى : { لِيَعْلَـمَ أَن قَـدْ أَبْلَغُـوا رِسَـالاَتِ رَبِّهِـمْ ... } .
سورة الجن / آية : 28 .
ـ ( الكتـب ) : قـال تعالـى : { ... تِلْـكَ آيَـاتُ الْكِتَـابِ وَالَّـذِيَ أُنـزِلَ إِلَيْـكَ مِـن رَّبِّـكَ الْحَـقُّ ... }
سورة الرعد / آية : 1
ـ ( الوحـي ) : قـال تعالـى : { ذَلِـكَ مِمَّـا أَوْحَـى إِلَيْـكَ رَبُّـكَ مِـنَ الْحِكْمَـةِ ... }
سورة الإسراء / آية : 39 .
ـ ( التحليـل والتحريـم ) :
قـال تعالـى : { قُـلْ تَعَالَـوْاْ أَتْـلُ مَـا حَـرَّمَ رَبُّكُـمْ عَلَيْكُـمْ ... } .سورة الأنعام / آية : 151 .
باختصـار القـدر التشـريعي يشـمل : ( افعـل ولا تفعـل ) .
3 ـ القــدر الجزائــي :
فالـذي يجـازي فـي الدنيـا والآخـرة إنمـا هـو الـرب .
مـن أمثلـة الجـزاء فـي الدنيـا :
قولـه تعالـى : { أَلَـمْ تَـرَ كَيْـفَ فَعَـلَ رَبُّـكَ بِأَصْحَـابِ الْفِيـلِ } .سورة الفيل / آية : 1 .
وقولـه تعالـى :{ أَلَـمْ تَـرَ كَيْـفَ فَعَـلَ رَبُّـكَ بِعَـادٍ }
سورة الفجر / آية : 6 .
ومـن أمثلـة الجـزاء فـي الآخـرة :
قولـه تعالـى : { إِنَّ السَّـاعَةَ ءاَتِيَـةٌ أَكَـادُ أُخْفِيهَـا لِتُجْـزَى كُـلُّ نَفْـسٍ بِمَا تَسْـعَى } .
سورة طه / آية : 15 .
وقولـه تعالـى : { ... أَدْخِلُـوا آلَ فِرْعَـوْنَ أَشَـدَّ الْعَـذَابِ } . سورة غافر / آية : 46 .
وقولـه : { ... إِنَّـا أَعْتَدْنَـا لِلظَّالِمِيـنَ نَـاراً أَحَـاطَ بِهِـمْ سُـرَادِقُهَا ... } .
سورة الكهف / آية : 29 .
وقولـه : { إِنَّ الَّذِيـنَ آمَنُـوا وَعَمِلُـوا الصَّالِحَـاتِ إِنَّـا لاَ نُضِيـعُ أَجْـرَ مَـنْ أَحْسَـنَ عَمَـلاً * أُوْلَئِـكَ لَهُـمْ جَنَّـاتُ عَـدْنٍ تَجْـرِي مِـن تَحْتِهِـمُ الأََنْهَـارُ ... } .
سورة الكهف / آية : 30 ، 31 .
ونتيجـة تعاملـك مـع قـدر الله الكونـي والتشـريعي ، يكـون قـدر الله الجزائـي .
فالمعاصـي جزاؤهـا الابتـلاءات والمصائـب فـي الدنيـا ، وشـدة سـكرات المـوت ، وعـذاب القبـر ، وشـدة المـرور علـى الصـراط ، وعـذاب النـار ... .
وفـي المقابـل مـن عمـل صالحـًا لا يضيـع أجـره ، ولـه جـزاء ذلـك في الدنيا والآخرة بحكمة الله.
مـع ملاحظـة أن الابتـلاءات فـي الدنيـا قـد تكـون لتكفيـر الذنـوب ، أو لرفـع الدرجـات والتمحيـص ، وليسـت دائمـًا عقابـًا .
فقـد لا ينـال المؤمـن منزلـة عاليـة فـي الآخـرة بعملـه ، فتكـون هـذه الابتـلاءات والصبـر عليهـا سـبب لرفـع درجاتـه
**************
المجلس الثالث
ثانيًــا : توحيــد الألوهيــة
وهـو إفـراد الله تعالـى بالعبـادة ، فكـل مـا هـو صادر مـن العبـاد إلـى الله ، هـو ألوهيـة .ثانيًــا : توحيــد الألوهيــة
وهذا التوحيد توحيد الألوهية ، تشتمله وتدل عليه
كلمة التوحيد " أشـهد أن لا إله إلا الله "
فتوحيد الألوهية: توحيده تعالى بأفعال العباد كالدعاء والخوف والرجاء والرغبة والرهبة والتوكل والإنابة والاستغاثة والاستعاذة والذبح والنذر وغيرها من أفعال العباد، فإنه يجب أن يخصوا الله بها ولا يجعلوا له شريكاً فيها. هنا
فغير خافٍ على من عنده أدنى إلمام بعلم العقيدة ما لتوحيد الألوهية من الأهمية؛ فهو توحيد العبادةِ، والعبادةُ هي الغاية المرضية والمحبوبة لله عز وجل وهي الغاية العظمى والمقصود الأسمى؛فهي الغاية من خلق الإنس والجن؛
قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات : 56]
ولأجلها خلقت الجنة والنار، وقام سوق الجهاد بين المؤمنين والكفار، ولأجلها أنزلت الكتب، وأرسلت الرسل.
فتوحيد الألوهية دعوة جميع الأنبياء والمرسلين، ومن اقتفى أثرهم من العلماء، والدعاة والمصلحين.
وهـذا النـوع مـن التوحيـد هـو موضـوع دعـوة الرسـل مـن أولهـم إلـى آخرهـم .فتوحيد الألوهية دعوة جميع الأنبياء والمرسلين، ومن اقتفى أثرهم من العلماء، والدعاة والمصلحين.
قـال تعالـى : { وَلَقَـدْ بَعَثْنَـا فِـي كُـلِّ أُمَّـةٍ رَّسُـولاً أَنِ اعْبُـدُواْ اللهَ وَاجْتَنِبُـواْ الطَّاغُـوتَ ... } .
سورة النحل / آية : 36.
وكـل رسـول يبـدأ دعوتـه بتوحيـد الألوهيـة ، كمـا قـال نـوح وهـود وصالـح وشـعيب عليهـم السـلام :
{ ... يَـا قَـوْمِ اعْبُـدُواْ اللهَ مَـا لَكُـم مِّـنْ إِلَهٍ غَيْـرُهُ ... } .
سورة الأعراف / آية :59 ، 65 ، 73 ، 85 .
قال الإمام مسلم في صحيحه
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى وَابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ ابْنُ الْمُثَنَّى حَدَّثَنَا : مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي حَصِينٍ وَالْأَشْعَثِ بْنِ سُلَيْمٍ أَنَّهُمَا سَمِعَا الْأَسْوَدَ بْنَ هِلَالٍ يُحَدِّثُ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ « قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا مُعَاذُ أَتَدْرِي مَا حَقُّ اللَّهِ عَلَى الْعِبَادِ ؟ قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَلَا يُشْرَكَ بِهِ شَيْءٌ، قَالَ: أَتَدْرِي مَا حَقُّهُمْ عَلَيْهِ إِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ؟ فَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: أَنْ لَا يُعَذِّبَهُمْ»
صحيح مسلم - كِتَاب الْإِيمَانِ - حديث رقم 3045
هنا
موقع الإسلام
تعريف توحيد الألوهية
1_هو إفراد الله بأفعال العباد.
2_هو إفراد الله بالعبادة.
3_هو إفراد الله_تعالى_بجميع أنواع العبادة؛ الظاهرة، والباطنة، قولاً، وعملاً، ونفي العبادة عن كل من سوى الله_تعالى_كائناً من كان([1]).
([1]) انظر أعلام السنة المنشورة لاعتقاد الطائفة المنصورة للشيخ حافظ الحكمي، ص51.
4_وعرفه الشيخ عبدالرحمن بن سعدي*بتعريف جامع ذكر فيه حد هذا التعريف، وتفسيره، وأركانه، فقال: =فأما حدُّه، وتفسيره، وأركانه فهو أن يعلم، ويعترف على وجه العلم، واليقين أن الله هو المألوه وحده المعبود على الحقيقة، وأن صفات الألوهية ومعانيها ليست موجودة بأحد من المخلوقات، ولا يستحقها إلا الله_تعالى_.
فإذا عرف ذلك واعترف به حقَّاً أفرده بالعبادة كلها؛ الظاهرة، والباطنة، فيقوم بشرائع الإسلام الظاهرة: كالصلاة، والزكاة، والصوم، والحج، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والقيام بحقوق الله، وحقوق خلقه.
ويقوم بأصول الإيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، والقدر خيره، وشره لله.
لا يقصد به غرضاً من الأغراض غير رضا ربِّه، وطلب ثوابه، متابعاً في ذلك رسول الله".
فعقيدته ما دل عليه الكتاب والسنة، وأعماله وأفعاله ما شرعه الله ورسوله، وأخلاقه، وآدابه الاقتداءُ بنبيه"
هديه، وسمته، وكل أحواله([1]).
([1]) انظر: الحق الواضح المبين لابن سعدي 112_113 والفتاوى السعدية لابن سعدي ص10_11، والشيخ عبدالرحمن بن سعدي وجهوده في العقيدة د. عبدالرزاق العباد 151_152
قال الشيخ حافظ الحكمي*عن هذا النوع في منظومته سلم الوصول إلى علم الأصول في التوحيد:
هذا وثاني نوعي التوحيد
إفرادُ ربِّ العرش عن نديد
أن تعبد الله إلهاً واحداً
معترفاً بحقه لا جاحد([2])
([2]) سلم الوصول على علم الأصول، للشيخ حافظ الحكمي ص29.
توحيد الألوهية. تأليف الشيخ: محمد بن إبراهيم الحمد.
ومـن كتـاب عقيـدة المؤمـن لأبي بكر الجزائري : ص : 78.
قـال : إن توحيـد الألوهيـة جـزء هـام مـن عقيـدة المؤمـن ، إذ هـو ثمـرة توحيـد الربوبيـة ، وتوحيـد الأسـماء والصفـات ، وجَنـاه الطيـب .
وبدونـه يفقـد توحيـد الربوبيـة ، وتوحيـد الأسـماء والصفـات معنـاه ، وتنعـدم فائدتـه .ا.هـ
وهـذا النـوع مـن التوحيـد يسـمى توحيـد ألوهيـة باعتبـار إضافتـه إلـى الله .
ويسـمى توحيـد عبـادة باعتبـار إضافتـه إلـى العابـد .
أسمــاء توحيد الألوهية الأخـــرى
توحيد الألوهية يسمى بعدة أسماء منها:
1- توحيد الألوهية- كما مر - وسمي بذلك، باعتبار إضافته إلى الله، أو باعتبار الموحِّد، ولأنه مبني على إخلاص التأله، وهو أشد المحبة لله وحده، وذلك يستلزم إخلاص العبادة.
2- توحيد العبادة؛ باعتبار إضافته إلى الموحِّد وهو العبد، ولتضمنه إخلاص العبادة لله وحده.
3- توحيد الإرادة؛ لتضمنه الإخلاص، وتوحيد الإرادة والمراد، فهو مبني على إرادة وجه الله بالأعمال.
4- توحيد القصد؛ لأنه مبنيٌّ على إخلاص القصد المستلزم لإخلاص العبادة لله وحده.
5- التوحيد الطلبي؛ لتضمنه الطلب، والدعاء من العبد لله.
6- التوحيد الفعلي؛ لتضمنه لأفعال القلوب والجوارح.
7- توحيد العمل؛ لأنه مبني على إخلاص العمل لله وحده
وهذا التوحيد يتمثل في تحقيق شهادة ألا إله إلا الله
- عن أبي هريرة رَضِيَ اللهُ عَنْهُ في صحيح البخاري أنه قال للنبي عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ : مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ؟ قال: « مَنْ قَالَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ»1 ؛ فمن جاء يوم القيامة معه التَّوحيد والإخلاص وتحقيق « لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ » فاز برضا الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وحظي بشفاعة الشُّفعاء من الأنبياء والملائكة وغيرهم ممن يأذن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى لهم بالشَّفاعة. فـ« لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ » هي أساس الدِّين الذي عليه يبنى
كلمة التوحيد
1 - قيل : يا رسولَ اللهِ ، مَن أسعَدُ الناسِ بشَفاعتِك يومَ القيامةِ ؟ قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : لقد ظنَنتُ - يا أبا هُرَيرَةَ - أن لا يَسأَلَني عن هذا الحديثِ أحدٌ أولَ منك ، لمِا رأيتُ من حِرصِك على الحديثِ ، أسعَدُ الناسِ بشَفاعَتي يومَ القيامةِ ، مَن قال لا إلهَ إلا اللهُ ، خالصًا من قلبِه ، أو نفسِه ".
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 99-خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية
إن تجديد الإيمان لا يعني النطق بكلمة التوحيد: (لا إله إلا الله، محمدٌ رسول الله) باللسان فقط، وإنما يقتضي العمل بمعنى هذه الكلمة العظيمة، والعمل بمقتضاها امتثالاً لقوله تعالى:" فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ" [محمد:19] وإلا فإنه لا ينفع مجرد التلفظ بها مع الوقوع فيما يخالفها ويناقضها.
إن كلمة لا إله إلا الله هي الكلمة التي فطر الله الناس عليها، وهي التوحيد الذي بعث الله به رسله، وأنزل به كتبه، وهي شعار الإسلام، وهي الفارق بين الكفر والإيمان.
فمعنى شهادة: أن لا إله إلا الله: الإقرار بأنه لا يستحق العبادة إلا الله وحده، بكل ما تحمله كلمة العبادة من معنى، وأن كل معبود سواه باطل: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الْبَاطِلُ [لقمان:30].
ومقتضى شهادة أن لا إله إلا الله: إفراد الله بالعبادة
فلا يعبد معه غيره،
عبد الرحمن السديس
هنا
· معنـى الشـهادتين :
" أشـهد أن لا إله إلا الله " ( كلمـة التوحيـد ) .
أي : لا معبـود حـق إلا الله .
" أشهـد أن محمـدًا رسـول الله " .
أي : تجريـد المتابعـة لـه صلـى الله عليـه وعلـى آلـه وسـلم .
** قال الإمام مسلم في صحيحه
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْب كِلَاهُمَا ،
عَنْ إِسْمَعِيلَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ،قال : قَالَ أَبُو بَكْر حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، عَنْ خَالِد قَالَ حَدَّثَنِي ،الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِم عَنْ حُمْرَانَ عَنْ عُثْمَانَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
" مَنْ مَاتَ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ لاإِلَهَ إإلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ "
صحيح مسلم / 1- كتاب الإيمان / 10- باب الدليل على أن من مات على التوحيد دخل الجنة .. / حديث رقم : 43- (26) / ص: 21
هنا
المعنى الإجمالي
فضل التوحيد يأتي من كونه أساس الدين ولبه،
فغيره يبنى عليه،ولا يبنى هو على غيره،
ومن مات على التوحيد فقد مات على لب الدين وأساسه،
فلا غرو أن يكون له من الفضل ما يؤهله لدخول الجنة،
والفوز برضوان الله، ومعنى التوحيد
لا يقتصر على قول كلمته دون العلم بمعناها، والعمل بمقتضاها،فالدين عقيدة وشريعة،ولا تتم النجاة في الآخرة إلا بالإتيان بهما معاً . والسؤال الذي يطرح نفسه :
ماهي الآليةالتي نحتاجها كأفراد وتحتاجها الأمة عامةً للعمل بمقتضاه؟؟؟؟؟
********************
المجلس الرابع
26 صفر 1436 هـ
ومن مات على التوحيد فقد مات على لُب الدين وأساسِه،26 صفر 1436 هـ
فلا غَرْو أن يكون له من الفضل ما يؤهله لدخول الجنة،
والفوز برضوان الله، ومعنى التوحيد لا يقتصر على قول كلمته دون العلم بمعناها، والعمل بمقتضاها،فالدين عقيدة وشريعة،ولا تتم النجاة في الآخرة إلا بالإتيان بهما معاً . والسؤال الذي يطرح نفسه :
ماهي الآليةالتي نحتاجها كأفراد وتحتاجها الأمة عامةً للعمل بمقتضاه؟؟؟؟؟
الجواب
الآلية المطلوبة منا هي أن تكون جميع أعمالنا خالصة لله
وعلى نهج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكون أوامر
الله نصب أعيينا ، ماذا يريد الله منَّا في هذه اللحظة ؟!
وفي كل الأ حوال نؤثر رضا الله ومراده على مرادنا
ومراد أحبابنا
وهذا لا يتأتى في الغالب إلا في وسط بيئة إيمانيه مع صحبة يشاطرونك نفس المقصد ويعينونك عليه!!!
قال تعالى
{فِي بُيُوت أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ } النور36
{رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ }
النور37
"فِي بُيُوت أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ "
إشارة إلى المكان المناسب .
"وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا"
إشارة للأعمال الصالحه .
"رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ" إشارة إلى الرفقة الصالحه .
اللهم ارزقنا الرفقة الصالحة
سبق ونوهنا بقول
ومقتضى شهادة أن لا إله إلا الله: إفراد الله بالعبادة فلا يعبد معه غيره،
ما هي العبادة المقبولة؟
- تعريف العبادة :
*قال ابن سيده: أصل العبادة في اللغة : التذلل، من قولهم - طريق معبد - أي مذلل ، ومنه أخذ " العبد " لذلته لمولاه
*وقال الجوهري: أصل العبودية : الخضوع والذل ، والعبادة الطاعة
تسهيل العقيدة الإسلامية للدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين /ص: 38
العـبادة في الاصطلاح :
عرفها شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله:
هي اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
تسهيل العقيدة الإسلامية للدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين /ص: 38
*شروط العبادة وأصولها
حقيقة عبادة الله تعالى وأصلها : كمال المحبة له
مع كمال الذل والخضوع
.فمن يحب مَن لايخضع له ، فليس عابدًا له ، وكذلك من يخضع ويذل لمن لايحبه فليس عابدًا له
وعبادة الله تعالى لاتكون مقبولة ولا مرضية له جل وعلا حتى تستكمل شروطها وأركانها
تسهيل العقيدة الإسلامية للدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين /ص: 42
*شروط العبادة *
العمل لا يقبل إلا بشرطين :الشـرط الأول: الإخلاص: وهو : أن يقصد العبد بعبادته وجـه الله تعـالى دون سواه .
قال تعالى : " وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ
لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ
وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ "
سورة البينة / آية : 5
هنا
الشـرط الثـاني: موافقة شرع الله .
أي "خالصًا وصوابًا"
وهذا جاء في قوله تعالى
"وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ *بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ "
سورة البقرة : 111 ، 112
قوله " مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ " هذا هو الإخلاص، الإخلاص في العمل بحيث لا يكون فيه شرك لا أكبر ولا أصغر.
وقوله " وَهُوَ مُحْسِنٌ" هذا هو الشرط الثاني، فالإحسان هو المتابعة للرسول صلى الله عليه وسلم فيما جاء به من الكتاب والسنة الصحيحة
*وقال ابن كثير في تفسير قوله تعالى: ((فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)) قال: ((فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً)) أي: ما كان موافقاً لشرع الله، ((وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً)) وهو الذي يُراد به وجه الله وحده لا شريك له، وهذان ركنا العمل المتقبَّل، لا بدَّ أن يكون خالصاً لله صواباً على شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم )).
مقتبس من كتاب
:الحث على اتِّباع السنَّة والتحذير من البدع وبيان خطرها
للشيخ عبد المحسن بن حمد العباد البدر
* عـن أبـي هريـرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ قـال :
" كـل أمتـي يدخلـون الجنـة إلا مـن أبـى " .قالـوا : يـا رسـول الله ومـن يأبـى . قـال :"مـن أطاعنـي دخـل الجنـة ومـن عصانـي فقـد أبـى " .
صحيح البخاري / ( 96 ) ـ كتاب : الاعتصام بالكتاب والسنة /
باب ( 2 ) / حديث رقم : 7280 /ص : 845 .
- عن عبدِ اللهِ قالَ : ( لعنَ اللهُ الواشمَاتِ والمُتَوشِّماتِ ، والمُتَنَمِّصَات والمُتَفَلِّجَاتِ للحسْنِ ، المُغِّيراتِ خلقَ اللهِ ) . فبلغَ ذلكَ امرأةً من بني أسدٍ يُقالُ لها أمُّ يعقوبَ ، فجاءَت فقالتْ : إنَّهُ بلغَني أنكَ لعَنْتَ كيْتَ وكيْتَ ، فقالَ : وما لي لا ألعنُ مَن لعنَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ، ومَنْ هوَ في كتابِ اللهِ ، فقالت : لقدْ قرأتُ ما بينَ اللوحينِ ، فمَا وجدْتُ فيهِ ما تقولُ ، قالَ : لئن كنتِ قرَأتِيهِ لقد وجَدْتِيهِ ، أما قرأتِ : { مَا آتَاكُمْ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا } . قالتْ : بلى ، قالَ : فإنَّهُ قدْ نهَى عنهُ ، قالت : فإنِّي أرَى أهْلَكَ يفعَلونَهُ ، قالَ : فاذْهَبي فانْظُرِي ، فَذَهَبتْ فَنَظَرتْ ، فلمْ تَرَ من حاجَتِها شيئًا ، فقالَ : لو كانَتْ كذَلِك مَا جَامَعَتْنا . الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4886- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية
*- لقِيني أبو بكرٍ فقال : كيف أنت ؟ يا حنظلةُ ! قال قلت : نافق حنظلةُ . قال : سبحان اللهِ ! ما تقول ؟ قال قلتُ : نكون عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . يُذكِّرنا بالنار والجنةِ . حتى كأنا رأيَ عَينٍ . فإذا خرجنا من عند رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، عافَسْنا الأزواجَ والأولادَ والضَّيعاتِ . فنسِينا كثيرًا . قال أبو بكرٍ : فواللهِ ! إنا لنلقى مثل هذا . فانطلقتُ أنا وأبو بكرٍ ، حتى دخلْنا على رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . قلتُ : نافق حنظلةُ . يا رسولَ اللهِ ! فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " وما ذاك ؟ " قلتُ : يا رسولَ اللهِ ! نكون عندك . تُذكِّرُنا بالنارِ والجنةِ . حتى كأنا رأىُ عَينٍ . فإذا خرجْنا من عندِك ، عافَسْنا الأزواجَ والأولادَ والضَّيعاتِ . نسينا كثيرًا . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ " والذي نفسي بيده ! إن لو تدومون على ما تكونون عندي ، وفي الذِّكر ، لصافحتْكم الملائكةُ على فُرشِكم وفي طرقِكم . ولكن ، يا حنظلةُ ! ساعةٌ وساعةٌ " ثلاثَ مراتٍ . الراوي: حنظلة بن حذيم الحنفي المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2750- خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية
وممـا يبيـن عقوبـة مـن خالـف أمـر الله ورسـوله ـ صلى الله عليه وسلم ـ الحديـث الآتـي :
* قـال الإمـام مسـلم في صحيحه:
حدثنـا أبـو بكـر بـن أبـي شـيبة ، قـال: حدثنـا زيـد بـن الْحُبـابِ ،عـن عِكرمـة بـن عمـار ، قـال حدثنـي إيـاسُ بـنُ سـلمة بـن الأكـوع ؛ أن أبـاه حدثـهُ ؛ أن رجـلاً أكـل عنـد رسـول الله ـ رضي الله عنه ـ بشـماله ، فقـال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
" كـل بيمينـك " . قـال : " لا أسـتطيع " . قـال :" لا اسـتطعت " . مـا منعـه إلا الكِبـرُ .قـال : فمـا رفعهـا إلـى فيـه .
صحيح مسلم / ( 36 ) ـ كتاب : الأشربة / ( 13 ) ـ باب : آداب
الطعام والشراب وأحكامها / حديث رقم : 2021 / ص : 528
فهـذه عقوبـة عاجلـة ـ والعيـاذ بالله ـ فهـذا دليـل علـى أن مـن خالـف سـنة الرسـول ـ صلى الله عليه وسلم ـ تكبـرًا أنـه مُعَـرَّض للعقوبـة والعيـاذ بالله .
وعلـى النقيـض الحديـث الآتـي :
* عـن عبـد الله بـن عبـاس ـ رضي الله عنهما ـ ؛ أن رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ رأى خاتمًـا مـن ذهـب فـي يـد رجــل . فنزعـه فطرحـه وقـال :
"يعمـد أحدكـم إلـى جمـرة مـن نـار فيجعلهـا فـي يــده "
فقيـل للرجـل ، بعـد مـا ذهـب رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ خـذ خاتمـك انتفـع بـه، قـال : لا .والله ! لا آخـذه أبـدًا وقـد طرحـه رسـول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ .
صحيح مسلم / ( 37 ) ـ كتاب : اللباس والزينة / باب : ( 11 ) /حديث رقم : 2090 / ص : 547 .
قال البخاري في صحيحه
حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ،قال: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ" قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَحْدَثَ فِيأَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ فِيهِ فَهُوَ رَدٌّ"
صحيح البخاري - كِتَاب الصُّلْحِ - لأقضين بينكما بكتاب الله أما الوليدة والغنم فرد عليك وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام
موقع الإسلام
فمهما حسنت نية الإنسان وقصده إذا كان يعمل عملاً لم يشرعه الرسول ، فهو بدعة ومردود عليه ولا يقبل مه شيء، وهذا هو معنى شهادة أن إله إلا الله وأن محمداً رسول الله .
ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله: متابعته والاقتداء به وترك ما نهى عنه وتصديقه
أصل المعلومة مستخلصة من كتاب أهمية التوحيد للشيخ الفوزان
****************
المجلس الخامس
قال علامة الهند الإمام المحدث صديق حسن الحسيني
" لاخلاف في أن الإخلاص شرط لصحة العمل وقبوله"
وبناءًا على هذا الشرط ، فمن أدى العبادة ونوى بها غير وجه الله ،كأن يريد مدح الناس ، أو يريد مصلحة دنيوية ، أو فعلها تقليدًا لغيره دون أن يقصد بعمله وجه الله ، أو أراد بعبادته التقرب إلى أحد من الخلق، أو فعلها خوفًا من السلطان أو من غيره،فلا تقبل منه ،ولا يثاب عليها،وهذا مجمع عليه بين أهل العلم .
وإن قصد بالعبادة وجه الله وخالط نيته رياء حبط عمله أيضًا
تسهيل العقيدة الإسلامية للدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين /ص: 42
فالعبــادة حتـى تكـون مقبولـة لهـا شـرطان :
1 ـ الإخـلاص : وذلـك بألا يـراد بهـا إلا وجـه الله تعالـى وهـذا لا يتأتـى إلا بدراسـة التوحيـد .
2 ـ صوابًـا ( أي : المتابعـة ) : وذلـك بـأن تكـون العبـادة علـى الكتـاب والسـنة الصحيحـة .
وهـذا يتأتـى بتعلـم العلـم الشرعـي بمقاصـده الشرعيـة الصحيحـة ، بـأن يـراد مـن تعلـم العلـم أن يكـون وقـودًا للإيمـان فيزيـده ، وأن يكـون علـى المنهـج الصحيـح وذلـك باتبــاع الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
· والسـلف الصالـح خيـر مـن حقـق الاتبـاع .
فقد كان العرب شتيتًا متناثرًا لا يأتلف ولا يتجمع رغم وجود كل عوامل التجمع ، من وحدة الأرض ، ووحدة البيئة ، ووحدة اللغة ، ووحدة المعتقدات ، ووحدة الثقافة ، ووحدة التاريخ .. ومن هناك التقطهم الإسلام فأخرج منهم " خير أمة أخرجت للناس ".كان العرب شتيتًا متناثرًا لا يأتلف ولا يتجمع رغم وجود كل عوامل التجمع ، من وحدة الأرض ، ووحدة البيئة ، ووحدة اللغة ، ووحدة المعتقدات ، ووحدة الثقافة ، ووحدة التاريخ .. ومن هناك التقطهم الإسلام فأخرج منهم " خير أمة أخرجت للناس ".
لم تكن الأصنام وحدها هي الأرباب المعبودة في الجزيرة العربية كما تلح بعض كتب التاريخ التي تحصر قضية لا إله إلا الله في إزالة ذلك اللون الحسّي الغليظ من الشرك ، ولا كان الفساد مقصورًا على تلك المفاسد الخلقية من الخمر والميسر والزنا ووأد البنات وغارات السلب والنهب والمظالم الاجتماعية كما تلح كتب أخرى من كتب التاريخ!
لقد كانت لا إله إلا الله تستخلص النفوس من الشرك كافة ، ولم يكن الشرك لونًا واحدًا وإنما ألوانًا متعددة تندرج في النهاية تحت هاتين القضيتين الرئيسيتين : تعدد الآلهة واتباع غير ما أنزل الله ..
كانت القبيلة ربًا معبودًا ، كما يقول الشاعر:
وهل أنا من غُزَيَّة ، إن غوت غويت ، وإن ترشد غُزَيَّة أرشد!
وكان عرف الآباء والأجداد ربًا معبودًا:
( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا )سورة لقمان [ 21 ]
وكان الهوى والشهوات أربابًا معبودة:
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي؟!
وكانت قريش وغيرها من القبائل الكبيرة أربابًا تحرِّم للعرب ما تشاء وتحل ما تشاء ، كما كان كهنة الأصنام:
( إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )سورة التوبة [ 37 ]
( وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعَامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ )
" لاخلاف في أن الإخلاص شرط لصحة العمل وقبوله"
وبناءًا على هذا الشرط ، فمن أدى العبادة ونوى بها غير وجه الله ،كأن يريد مدح الناس ، أو يريد مصلحة دنيوية ، أو فعلها تقليدًا لغيره دون أن يقصد بعمله وجه الله ، أو أراد بعبادته التقرب إلى أحد من الخلق، أو فعلها خوفًا من السلطان أو من غيره،فلا تقبل منه ،ولا يثاب عليها،وهذا مجمع عليه بين أهل العلم .
وإن قصد بالعبادة وجه الله وخالط نيته رياء حبط عمله أيضًا
تسهيل العقيدة الإسلامية للدكتور عبد الله بن عبد العزيز الجبرين /ص: 42
فالعبــادة حتـى تكـون مقبولـة لهـا شـرطان :
1 ـ الإخـلاص : وذلـك بألا يـراد بهـا إلا وجـه الله تعالـى وهـذا لا يتأتـى إلا بدراسـة التوحيـد .
2 ـ صوابًـا ( أي : المتابعـة ) : وذلـك بـأن تكـون العبـادة علـى الكتـاب والسـنة الصحيحـة .
وهـذا يتأتـى بتعلـم العلـم الشرعـي بمقاصـده الشرعيـة الصحيحـة ، بـأن يـراد مـن تعلـم العلـم أن يكـون وقـودًا للإيمـان فيزيـده ، وأن يكـون علـى المنهـج الصحيـح وذلـك باتبــاع الرسـول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
· والسـلف الصالـح خيـر مـن حقـق الاتبـاع .
فقد كان العرب شتيتًا متناثرًا لا يأتلف ولا يتجمع رغم وجود كل عوامل التجمع ، من وحدة الأرض ، ووحدة البيئة ، ووحدة اللغة ، ووحدة المعتقدات ، ووحدة الثقافة ، ووحدة التاريخ .. ومن هناك التقطهم الإسلام فأخرج منهم " خير أمة أخرجت للناس ".كان العرب شتيتًا متناثرًا لا يأتلف ولا يتجمع رغم وجود كل عوامل التجمع ، من وحدة الأرض ، ووحدة البيئة ، ووحدة اللغة ، ووحدة المعتقدات ، ووحدة الثقافة ، ووحدة التاريخ .. ومن هناك التقطهم الإسلام فأخرج منهم " خير أمة أخرجت للناس ".
لم تكن الأصنام وحدها هي الأرباب المعبودة في الجزيرة العربية كما تلح بعض كتب التاريخ التي تحصر قضية لا إله إلا الله في إزالة ذلك اللون الحسّي الغليظ من الشرك ، ولا كان الفساد مقصورًا على تلك المفاسد الخلقية من الخمر والميسر والزنا ووأد البنات وغارات السلب والنهب والمظالم الاجتماعية كما تلح كتب أخرى من كتب التاريخ!
لقد كانت لا إله إلا الله تستخلص النفوس من الشرك كافة ، ولم يكن الشرك لونًا واحدًا وإنما ألوانًا متعددة تندرج في النهاية تحت هاتين القضيتين الرئيسيتين : تعدد الآلهة واتباع غير ما أنزل الله ..
كانت القبيلة ربًا معبودًا ، كما يقول الشاعر:
وهل أنا من غُزَيَّة ، إن غوت غويت ، وإن ترشد غُزَيَّة أرشد!
وكان عرف الآباء والأجداد ربًا معبودًا:
( وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا )سورة لقمان [ 21 ]
وكان الهوى والشهوات أربابًا معبودة:
ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي؟!
وكانت قريش وغيرها من القبائل الكبيرة أربابًا تحرِّم للعرب ما تشاء وتحل ما تشاء ، كما كان كهنة الأصنام:
( إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ )سورة التوبة [ 37 ]
( وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُوا هَذَا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَذَا لِشُرَكَائِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَائِهِمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُهَا إِلَّا مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعَامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعَامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِرَاءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ لِذُكُورِنَا وَمُحَرَّمٌ عَلَى أَزْوَاجِنَا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكَاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَحَرَّمُوا مَا رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِرَاءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ )
سورة الأنعام [ 136 - 140 ]
ومن كل هذه الألوان من الشرك - إلى جانب عبادة الأصنام - وعلى درجة واحدة من الأهميـة ، كان القرآن يدعو - بلا إله إلا الله - لتخليص النفوس والقلوب ، والمشاعر والسلوك.
ومن كل هذه الألوان من الشرك - إلى جانب عبادة الأصنام - وعلى درجة واحدة من الأهميـة ، كان القرآن يدعو - بلا إله إلا الله - لتخليص النفوس والقلوب ، والمشاعر والسلوك.
وكان جهاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مكة موجهًا إليها جميعًا
ولئن كانت قضية البعث والحساب قد شغلت حيزًا كبيرًا من خطاب القرآن للمشركين في مكة ، فإن الله يعلم - سبحانه - ما للإيمان باليوم الآخر من أثر في اقتلاع الشرك بجميع أنواعه وجميع آثاره من القلوب
، ذلك أنهم إن لم يؤمنوا الإيمان القاطع أنهم سيبعثون بعد الموت ،
ويحاسبون على شركهم ، فلن يَدَعُوا ذلك الشرك ولن يقلعوا عنه ، سواء كان
شرك العبادة أو شرك الاتباع ..
***************** المجلس السادس لم يكن الشرك لونًا واحدًا وإنما ألوانًا متعددة تندرج في النهاية تحت هاتين القضيتين الرئيسيتين : تعدد الآلهة واتباع غير ما أنزل الله ..
كانت القبيلة ربًا معبودًا ،وكان عرف الآباء والأجداد ربًا معبودًا،وكان الهوى والشهوات أربابًا معبودة،من كل هذه الألوان من الشرك - إلى جانب عبادة الأصنام - وعلى درجة واحدة من الأهميـة ، كان القرآن يدعو - بلا إله إلا الله - لتخليص النفوس والقلوب ، والمشاعر والسلوك.
وكان جهاد الرسول - صلى الله عليه وسلم - في مكة موجهًا إليها جميعًا
ولئن كانت قضية البعث والحساب قد شغلت حيزًا كبيرًا من خطاب القرآن للمشركين في مكة ، فإن الله يعلم - سبحانه - ما للإيمان باليوم الآخر من أثر في اقتلاع الشرك بجميع أنواعه وجميع آثاره من القلوب ، ذلك أنهم إن لم يؤمنوا الإيمان القاطع أنهم سيبعثون بعد الموت ، ويحاسبون على شركهم ، فلن يَدَعُوا ذلك الشرك ولن يقلعوا عنه ، سواء كان شرك العبادة أو شرك الاتباع ..
ـ فحيـن خَلُصَـت نفـوس المؤمنيـن بـ " لا إله إلا الله " مـن ألـوان الشـرك المختلفـة ، فقـد حـدث فـي نفوسـهم تحـول هائـل ... كأنـه ميـلاد جديـد .
لـم يكـن مجـرد التصديـق ، ولا مجـرد الإقـرار ... لقـد كـان كأنـه إعـادة ترتيـب ذرات نفوسـهم علـى وضـع جديـد ، كمـا يعـاد ترتيـب الـذرات فـي قطعـة الحديـد ، فتتحـول إلـى طاقـة مغناطيسـية كهربائيـة ... كـان الاهتـداء إلـى " الحـق " هائـل الأثـر فـي كـل جوانـب حياتهـم .
لقـد صـارت " لا إله إلا الله " هـي مفتـاح التجمـع والافتـراق ، هـي الربـاط الـذي يربـط القلـوب التـي آمنـت بهـا ، ويفصـل بينهـا وبيـن غيرهـا مـن القلـوب .
ـ ولـم ينحصـر مفهـوم " لا إله إلا الله " فـي حسـهم فـي نطـاق الشـعائر التعبديـة وحدهـا ، كمـا انحصـر فـي حـس الأجيـال المتأخـرة التـي جـاءت بفهـم للإسـلام غريـب عن الإسـلام .
إن شـعائـر التعبـد لا يمكـن بداهـةً أن تكـون هـي كـل " العبـادة " المطلـوبـة مـن الإنســان .
فمـا دامـت غايـة الوجـود الإنسـاني كمـا تنـص الآيـة الكريمـة ، محصـورة فـي عبـادة الله .
{ وَمَـا خَلَقْـتُ الْجِـنَّ وَالإِنـسَ إِلاَّ لِيَعْبُـدُونِ }
سورة الذاريات / آية : 56 .
فأنـى يستطيـع الإنسـان أن يوفـي العبـادة المطلوبـة بالشعـائر التعبديـة فحسـب ؟
كـم تستغـرق الشعـائر مـن اليـوم والليلـة ؟ وكـم تستغـرق مـن عمـرالإنسـان ؟
وبقيـة العمـر؟ وبقيـة الطاقـة ؟ وبقيـة الوقــت ؟ أيـن تُنفَـق ، وأيـن تذهــب ؟
ـ كـان فـي حسـهم أن حياتهـم كلهـا عبــادة ، وأن الشعـائر إنمـا هـي لحظـات مركـزة ، يتــزود
الإنسـان فيهـا بالطاقـة الروحيـة التـي تعينـه علـى أداء بقيـة العبــادة المطلوبـة منـه .
كانـوا يقومـون بالعبـادة وهـم يمارسـون الحيـاة فـي شتَّـى مجالاتهـا ، كانـوا يذكـرون الله فيسـألون أنفسهـم : هـل هـم فـي الموضـع الـذي يُرضـي الله ، أم فيمـا يُسـخط الله ؟ !
فإن كانـوا فـي موضـع الرضـى حمـدوا الله ، وإن كانـوا علـى غيـر ذلـك اسـتغفروا الله وتابـوا إليـه .
ـ وكانـوا يذكـرون اللـه ، فيسـألون أنفسـهم : مـاذا
يريـد الله منـا فـي هـذه اللحظـة ؟ !
أي : مـا التكليـف المفـروض علينـا فـي هـذه اللحظـة ؟ !
- إذا كـان التكليـف : { ... وَعَاشِـرُوهُنَّ بِالْمَعْـرُوفِ ... } .سورة النساء / آية : 19 .
كـان ذكـر الله مؤديـًا إلـى القيـام بهـذا الواجـب الـذي أمـر بـه الله تجـاه الزوجـات .
- وإذا كـان التكليـف : { ... قُـوا أَنفُسَـكُمْ وَأَهْلِيكُـمْ نَـاراً ... } .سورة التحريم / آية : 6 .
كـان ذكـر الله مؤديـًا إلـى القيـام بتربيـة الأهـل والأولاد علـى النهـج الربانـي الـذي يضبـط سـلوكهم بالضوابـط الشـرعية .
- وإذا كـان التكليـف : { ... فَامْشُـوا فِـي مَنَاكِبِهَـا وَكُلُـوا مِـن رِّزْقِـهِ وَإِلَيْـهِ النُّشُـورُ } .
سورة الملك / آية : 15 .
كـان
مقتضـى ذكـر الله ، هـو المشـي في مناكـب الأرض وابتغـاء رزق الله
في حـدود الحـلال الـذي أحلَّـهُ الله ، لأنـه إليـه النشـور
فيحاسـب النـاس علـى مـا اجترحـوا في الحيـاة الدنيـا .وهكـذا ... فقـد فهمـوا أن الصـلاةَ والنُّسُـك
" أى : الشـعائر " إنمـا هـي المنطلـق الـذي ينطلـق منـه الإنسـان ليقـوم ببقيـة العبـادة التـي تشـمل الحيـاة كلهـا ، بـل المـوت كذلـك .
فالشـعائر مجـرد محطـات شـحن للانطـلاق إلـى بقيـة العبـادة ، ويشمـل ذلـك المـوت
المـوت فـي حـد ذاتـه لا يمكـن أن يكـون عبـادة بطبيعـة الحـال ، لأنـه لا خيـار للإنسـان فيـه ... ولكـن المقصـود فـي قولـه تعالـى :
{ ... وَمَحْيَـايَ وَمَمَاتِـي للهِ رَبِّ الْعَالَمِيـنَ * لاَ شَـرِيكَ لَـهُ ... } .سورة الأنعام / آية : 162 ، 163 .
هـو
أن يمـوت الإنسـان غيـر مشـرك بالله ، وذلـك هـو الحـد الأدنـى
الـذي يكـون بـه الإنسـان ( فـي موتـه ) عابـدًا لله ، أمـا الحـد
الأعلـى فهـو أن يكـون موتُـه فـي سـبيل الله ، أمـا اليـوم فقـد
حدثـت انحرافـات كثيـرة فـي حيـاة المسـلمين ، وانحـراف المسـلمين
فـي سـلوكهم أمـر واضـح ، تفشَّـى فـي حياتهـم الكـذب والغـش
والنفـاق ، والضعـف والجبـن والبـدع والمعاصـي والتبلُّـد والفجـور
والمنكـر...ـ فهـذا واقــع المسـلمين ومـع ذلـك فليـس الانحـراف السـلوكي هـو الانحـراف الوحيــد فـي حيـاة
المسـلمين ، ولكـن الأمـر تجـاوز ذلـك إلـى الانحـراف فـي " المفاهيـم " كـل مفاهيـم الإسـلام الرئيسـية ابتـداءً مـن مفهـوم ( لا إله إلا الله ) .
وحيـن تجـد إنسـانًا منحرفـًا فـي سـلوكـه ،
ولكـن تصـوره لحقيقـة الديـن صحيـح ،فسـتبذل جهـدًا مـا لـرده عـن انحرافـه السـلوكي ،
ولكنـك لا تحتـاج أن تبـذل جهـدًا فـي تصحيـح مفاهيمـه ، لأنهـا صحيحـة عنـده وإن كـان
سـلوكه منحرفـًا عنهـا .
أي : أنه حيـن يقـع الانحـراف فـي المفاهيـم ذاتهـا ، فكـم تحتـاج مـن الجهـد لتصحيـح المفاهيـم أولاً ثـم تصحيـح السـلوك بعـد ذلـك .
منقول بتصرف
********
*أصول العبادة*
عبادة الله تبارك وتعالى يجب أن ترتكز على أصول ثلاثة :
المحبة *والخوف * والرجاء
فيعبد المسلم ربه
محبة له * وخوفًا من عقابه *ورجاء لثوابه
*أصول العبادة*
عبادة الله تبارك وتعالى يجب أن ترتكز على أصول ثلاثة :
المحبة والخوف والرجاء
فيعبد المسلم ربه
محبة له وخوفًا من عقابه ورجاءًا لثوابه
من أصول العبادة: أن الله تعالى يعبد بالحب والخوف والرجاء جميعًا
وعبادته ببعضها دون بعض ضلال،
قال بعض العلماء: من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق،
ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده
بالرجاء وحده فهو مرجئ).
الزنديق :
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله وأيضاً لفظ الزندقة لا يوجد في كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما لا يوجد في القرآن الكريم وهو لفظ أعجمي مُعَرَّب؛ من كلام الفرس بعد ظهور الإسلام؛ وقد تكلم به السلف والأئمة في توبة الزنديق ونحو ذلك ,,
ثم قال ( أي شيخ الإسلام ) والزنديق الذي تكلم الفقهاء في قبول توبته في الظاهر المراد به عندهم المنافق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر وإن كان يصلي ويصوم ويحج ويقرأ القرآن , وسواء كان في باطنه يهودياً أو نصرانياً أو مشركاً أو وثنياً , وسواء كان معطلاً للصانع وللنبوة أو للنبوة فقط أو لنبوة بنينا صلى الله عليه وآله وسلم فقط فهو زنديق وهو منافق , وما في القرآن والسنة من ذكر المنافقين يتناول هذا بإجماع المسلمين هنا
حروري:
حرورية " مؤنث " حروري " نسبة إلى حروراء بلدة على ميلين من الكوفة . ويقال لمن يعتقد مذهب الخوارج (حروري) لأن أول فرقة منهم خرجوا على علي رضي الله عنه بالبلدة المذكورة ، فاشتهروا بالنسبة إليها ، وهم فرق كثيرة ، ومن أصولهم المتفق عليها بينهم الأخذ بما دل عليه القرآن ورد ما زاد عليه من الحديث مطلقا ، ولهذا اسنفهمت عائشة معاذة استفهام إنكار . كذا في " فتح الباري "
هنا
المرجئ
المرجئة هم فرقة إسلامية، خالفوا رأي الخوارج وكذلك أهل السنة في مرتكب الكبيرة وغيرها من الأمور العقدية، وقالوا بأن كل من آمن بوحدانية الله لا يمكن الحكم عليه بالكفر, لأن الحكم عليه موكول إلى الله تعالى وحده يوم القيامة, مهما كانت الذنوب التي اقترفها. وهم يستندون في اعتقادهم إلى قوله تعالى (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). والعقيدة الأساسية عندهم عدم تكفير أي إنسان، أيا كان، ما دام قد اعتنق الإسلام ونطق بالشهادتين، مهما ارتكب من المعاصي، تاركين الفصل في أمره إلى الله تعالى وحده، لذلك كانوا يقولون: لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة هنا
عبادة الله عز وجل عند كل عابد لله عز وجل لا بد أن تقوم في قلبه على ثلاثة أسس وأركان موجودة جميعاً وفي آثار أعماله القلبية على جوارحه، وعلى لسانه وأعماله،
وهذه الأركان الثلاثة هي:
ثم لا بد بعد ذلك من الركنين الأساسيين، وهما: الرجاء من جانب والخوف من جانب آخر، وهما لا يفترقان، بل لا بد أن تعلق كل منهما بالمحبة؛ ولذلك شبه بعض أهل العلم العبادة بالطير، فالمحبة رأسه، والرجاء جناحه الأيمن، والخوف جناحه الأيسر، ولا يمكن أن يطير الطير إلا بهذه الكيانات الثلاث، فعلى هذا لا بد أن يتعلق قلب المسلم برجاء الله، وأن يكون راجياً لله عز وجل، لا يتطرق إليه اليأس، والرجاء لا بد أن تقترن به الأسباب.
وكذلك الخوف لا بد أن يكون الإنسان خائفاً من الله، فيجمع بين المحبة والرجاء والخوف، ويوازن بينها، فلا يطغى جانب على جانب، وعلى هذا فإن من لوازم المحبة والرجاء والخوف العمل بشرع الله عز وجل؛
لأن
مسألة المحبة إذا لم ينبثق عنها رجاء وخوف ثم عمل؛ تصبح مجرد دعوى، والله عز وجل قال على لسان نبيه:
"قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ "
[آل عمران:31]،
"وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا" الأحزاب:36
فلا بد من الاتباع، والاتباع يجمع بين الوعد والوعيد والخوف والرجاء والعمل بالأحكام.
فالمسلم لا بد أن يجمع بين هذه الأصول الثلاثة: أن يكون محباً لله، ثم راجياً لثواب الله، ويعمل بالأسباب، وخائفاً من عقاب الله ويدرأ هذا العقاب باجتناب النواهي، فيعمل بالأوامر رجاء فضل الله، وينتهي عن النواهي خوفاً من الله، ومع ذلك كله لا بد أن يحب الله، وأن يعظم الله في المحبة، وأن يحب ما يحبه الله، ويحب من يحبهم الله.
وهذه الأمور إذا ضعف فيها جانب اختل الإيمان، وإذا فقد جانب فقد يفقد الإيمان كله، فالنقص في هذه الأصول الثلاثة أو في أحدها نقص في الإيمان، مع أنه يلزم من وجود بعضها وجود البعض الآخر، بمعنى أن من اكتملت محبته لله؛ اكتمل رجاؤه وخوفه، والعكس كذلك؛ ولذلك فإن من نقص أو اختل عنده أصل من هذه الأصول نقص إيمانه واختل إيمانه، وقد يفقد الإيمان بالكلية.
وقوله: (من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق)، معنى ذلك: أنه يوجد من المتفلسفة وبعض المتعبدة الجهال الذين ينتسبون للإسلام، من يزعم أنه يكفيهم التعلق القلبي بالله، وأن الإنسان إذا وصل إلى هذه الدرجة فإنه يستغني عن العمل بالشرع، ولا يعول على الرجاء ولا على الخوف، ويزعم أنه بالمحبة حقق كمال العبادة وكمال المطلوب، وهذا خلاف قطعيات النصوص، والله عز وجل طلب من عباده أن يرجوه ويخافوه، وجعل ذلك هو أصل الدين والعبادة.
وأيضاً قد يترتب على هذه النزعة الاستهانة بشرع الله، فالذين زعموا أنهم يعبدون الله بالمحبة وتعلق القلوب بالله بالتقديس فحسب، سواء كان هذا عن طريق التفكر، أو عن طريق الرياضة القلبية أو الرياضة العقلية، أو تحت أي شعار من الشعارات التي عليها عباد الأمم وكثير من الفلاسفة؛ كل ذلك ضلال، مهما كانت المسالك المؤدية إليه؛ لأنه لا يمكن أن تكتمل المحبة إلا بتعلق القلب برجاء الله والعمل بأسباب الرجاء، وتعلق القلب بالخوف من الله والعمل بأسباب ذلك.
فعلى هذا فإن من عبد الله بالحب وحده تزندق، لأنه وقع في الاستهتار في الدين، وأقرب عبارة في عصرنا لمفهوم التزندق: الاستهتار، وهو اللامبالاة، لا يعمل بالأوامر ولا ينتهي عن النواهي، ويزعم أنه وصل إلى درجة فوق مستوى أن يلتزم الشرع.
وهناك مقولة خطيرة قال بها بعض العباد، ومن خلالها انغرست هذه المناهج الباطلة عند بعض الطرق الصوفية، وهي قول القائل: اللهم إني لا أعبدك طمعاً في جنتك ولا خوفاً من نارك، ونحن نعبد الله رجاءً وخوفاً، نعبد الله محبة له سبحانه، لكن نجمع مع ذلك رجاء الثواب والنعيم، وعلى رأس الثواب الجنة كما يلزم من محبتنا لله عز وجل الخوف من ناره ومن عقابه، نسأل الله أن يعيذنا من النار؛ فعلى هذا لا بد للمسلم أن يجمع بين هذه الأصول.
قال بعض العلماء: من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق،
ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده
بالرجاء وحده فهو مرجئ).
الزنديق :
قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله وأيضاً لفظ الزندقة لا يوجد في كلام النبي صلى الله عليه وسلم كما لا يوجد في القرآن الكريم وهو لفظ أعجمي مُعَرَّب؛ من كلام الفرس بعد ظهور الإسلام؛ وقد تكلم به السلف والأئمة في توبة الزنديق ونحو ذلك ,,
ثم قال ( أي شيخ الإسلام ) والزنديق الذي تكلم الفقهاء في قبول توبته في الظاهر المراد به عندهم المنافق الذي يظهر الإسلام ويبطن الكفر وإن كان يصلي ويصوم ويحج ويقرأ القرآن , وسواء كان في باطنه يهودياً أو نصرانياً أو مشركاً أو وثنياً , وسواء كان معطلاً للصانع وللنبوة أو للنبوة فقط أو لنبوة بنينا صلى الله عليه وآله وسلم فقط فهو زنديق وهو منافق , وما في القرآن والسنة من ذكر المنافقين يتناول هذا بإجماع المسلمين هنا
حروري:
حرورية " مؤنث " حروري " نسبة إلى حروراء بلدة على ميلين من الكوفة . ويقال لمن يعتقد مذهب الخوارج (حروري) لأن أول فرقة منهم خرجوا على علي رضي الله عنه بالبلدة المذكورة ، فاشتهروا بالنسبة إليها ، وهم فرق كثيرة ، ومن أصولهم المتفق عليها بينهم الأخذ بما دل عليه القرآن ورد ما زاد عليه من الحديث مطلقا ، ولهذا اسنفهمت عائشة معاذة استفهام إنكار . كذا في " فتح الباري "
هنا
المرجئ
المرجئة هم فرقة إسلامية، خالفوا رأي الخوارج وكذلك أهل السنة في مرتكب الكبيرة وغيرها من الأمور العقدية، وقالوا بأن كل من آمن بوحدانية الله لا يمكن الحكم عليه بالكفر, لأن الحكم عليه موكول إلى الله تعالى وحده يوم القيامة, مهما كانت الذنوب التي اقترفها. وهم يستندون في اعتقادهم إلى قوله تعالى (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). والعقيدة الأساسية عندهم عدم تكفير أي إنسان، أيا كان، ما دام قد اعتنق الإسلام ونطق بالشهادتين، مهما ارتكب من المعاصي، تاركين الفصل في أمره إلى الله تعالى وحده، لذلك كانوا يقولون: لا تضر مع الإيمان معصية، كما لا ينفع مع الكفر طاعة هنا
عبادة الله عز وجل عند كل عابد لله عز وجل لا بد أن تقوم في قلبه على ثلاثة أسس وأركان موجودة جميعاً وفي آثار أعماله القلبية على جوارحه، وعلى لسانه وأعماله،
وهذه الأركان الثلاثة هي:
من أصول العبادة المحبة
المحبة،
ومعناها أن محبة التعظيم والتقديس لا تكون إلا لله عز وجل، فالواجب
على العباد أن يحبوا الله سبحانه، وتمتلئ قلوبهم بمحبة الله تعظيماً
وإجلالاً وتقديساً وتأليهاً وانجذاباً إلى الله عز وجل، وأن يكون الله
عز وجل أحب إلى العبد من كل شيء، محبة التقديس والتعظيم والكمال.ثم لا بد بعد ذلك من الركنين الأساسيين، وهما: الرجاء من جانب والخوف من جانب آخر، وهما لا يفترقان، بل لا بد أن تعلق كل منهما بالمحبة؛ ولذلك شبه بعض أهل العلم العبادة بالطير، فالمحبة رأسه، والرجاء جناحه الأيمن، والخوف جناحه الأيسر، ولا يمكن أن يطير الطير إلا بهذه الكيانات الثلاث، فعلى هذا لا بد أن يتعلق قلب المسلم برجاء الله، وأن يكون راجياً لله عز وجل، لا يتطرق إليه اليأس، والرجاء لا بد أن تقترن به الأسباب.
وكذلك الخوف لا بد أن يكون الإنسان خائفاً من الله، فيجمع بين المحبة والرجاء والخوف، ويوازن بينها، فلا يطغى جانب على جانب، وعلى هذا فإن من لوازم المحبة والرجاء والخوف العمل بشرع الله عز وجل؛
لأن
مسألة المحبة إذا لم ينبثق عنها رجاء وخوف ثم عمل؛ تصبح مجرد دعوى، والله عز وجل قال على لسان نبيه:
"قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللَّهُ "
[آل عمران:31]،
"وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا" الأحزاب:36
فلا بد من الاتباع، والاتباع يجمع بين الوعد والوعيد والخوف والرجاء والعمل بالأحكام.
فالمسلم لا بد أن يجمع بين هذه الأصول الثلاثة: أن يكون محباً لله، ثم راجياً لثواب الله، ويعمل بالأسباب، وخائفاً من عقاب الله ويدرأ هذا العقاب باجتناب النواهي، فيعمل بالأوامر رجاء فضل الله، وينتهي عن النواهي خوفاً من الله، ومع ذلك كله لا بد أن يحب الله، وأن يعظم الله في المحبة، وأن يحب ما يحبه الله، ويحب من يحبهم الله.
وهذه الأمور إذا ضعف فيها جانب اختل الإيمان، وإذا فقد جانب فقد يفقد الإيمان كله، فالنقص في هذه الأصول الثلاثة أو في أحدها نقص في الإيمان، مع أنه يلزم من وجود بعضها وجود البعض الآخر، بمعنى أن من اكتملت محبته لله؛ اكتمل رجاؤه وخوفه، والعكس كذلك؛ ولذلك فإن من نقص أو اختل عنده أصل من هذه الأصول نقص إيمانه واختل إيمانه، وقد يفقد الإيمان بالكلية.
وقوله: (من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق)، معنى ذلك: أنه يوجد من المتفلسفة وبعض المتعبدة الجهال الذين ينتسبون للإسلام، من يزعم أنه يكفيهم التعلق القلبي بالله، وأن الإنسان إذا وصل إلى هذه الدرجة فإنه يستغني عن العمل بالشرع، ولا يعول على الرجاء ولا على الخوف، ويزعم أنه بالمحبة حقق كمال العبادة وكمال المطلوب، وهذا خلاف قطعيات النصوص، والله عز وجل طلب من عباده أن يرجوه ويخافوه، وجعل ذلك هو أصل الدين والعبادة.
وأيضاً قد يترتب على هذه النزعة الاستهانة بشرع الله، فالذين زعموا أنهم يعبدون الله بالمحبة وتعلق القلوب بالله بالتقديس فحسب، سواء كان هذا عن طريق التفكر، أو عن طريق الرياضة القلبية أو الرياضة العقلية، أو تحت أي شعار من الشعارات التي عليها عباد الأمم وكثير من الفلاسفة؛ كل ذلك ضلال، مهما كانت المسالك المؤدية إليه؛ لأنه لا يمكن أن تكتمل المحبة إلا بتعلق القلب برجاء الله والعمل بأسباب الرجاء، وتعلق القلب بالخوف من الله والعمل بأسباب ذلك.
فعلى هذا فإن من عبد الله بالحب وحده تزندق، لأنه وقع في الاستهتار في الدين، وأقرب عبارة في عصرنا لمفهوم التزندق: الاستهتار، وهو اللامبالاة، لا يعمل بالأوامر ولا ينتهي عن النواهي، ويزعم أنه وصل إلى درجة فوق مستوى أن يلتزم الشرع.
وهناك مقولة خطيرة قال بها بعض العباد، ومن خلالها انغرست هذه المناهج الباطلة عند بعض الطرق الصوفية، وهي قول القائل: اللهم إني لا أعبدك طمعاً في جنتك ولا خوفاً من نارك، ونحن نعبد الله رجاءً وخوفاً، نعبد الله محبة له سبحانه، لكن نجمع مع ذلك رجاء الثواب والنعيم، وعلى رأس الثواب الجنة كما يلزم من محبتنا لله عز وجل الخوف من ناره ومن عقابه، نسأل الله أن يعيذنا من النار؛ فعلى هذا لا بد للمسلم أن يجمع بين هذه الأصول.
****************
المجلس السابع
2- من أصول العبادة الخوف
منزلة الخوف
الخوف عبادة من أجل العبادات، بل هو أصل التقوى،وإنما سمِّي المتقي متقيًا لأنه يجعل بينه وبين ما يخاف وقاية؛ فالحامل على التقوى في الأصل هو الخوف.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: الخوف المحمود ما حجزك عن محارم الله
هنا
وقد أمر الله تعالى بإفراده بالخوف وتعظيم مقامه جلَّ وعلا فقال تعالى:" إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيطَانُ يُخَوِّفُ أوْلِيَآءَهُ فَلاَ تَخَافُـوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" هنا
من أنواع العبادة الخوف من الله:
وقد أمر الله تعالى بإفراده بالخوف وتعظيم مقامه جلَّ وعلا فقال تعالى:" إنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيطَانُ يُخَوِّفُ أوْلِيَآءَهُ فَلاَ تَخَافُـوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ"، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ} [الرَّحْمَنِ: 46]، وَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ} وَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ} [الْإِسْرَاءِ: 57]، وَقَالَ تبارك اسمه: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ} [الزُّمَرِ: 9]، الْآيَةَ وَغَيْرَهَا مِنَ الْآيَاتِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ تَعْلَمُونَ مَا أَعْلَمُ لَضَحِكْتُمْ قَلِيلًا وَلَبَكَيْتُمْ كَثِيرًا، وَمَا تَلَذَّذْتُمْ بِالنِّسَاءِ عَلَى الْفُرُشَاتِ، وَلَخَرَجْتُمْ إِلَى الصُّعُدَاتِ تَجْأَرُونَ» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ عَنْ أَبِي ذَرٍّ وَحَسَّنَهُ التِّرْمِذِيُّ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ عَنْ أُمِّ الْعَلَاءِ الْأَنْصَارِيَّةِ-رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَاللَّهِ لَا أَدْرِي، وَاللَّهِ لَا أَدْرِي وَأَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ»
طار لنا عُثمانُ بنُ مَظعونٍ في السُّكنى، حين اقتَرَعَتِ الأنصارُ على سُكنى المهاجرينَ، فاشتَكى فمرَّضْناه حتى تُوُفِّيَ، ثم جعَلْناه في أثوابِه، فدخَل علينا رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فقلتُ : رحمةُ اللهِ عليك أبا السائِبِ، فشَهادَتي عليك لقد أكرَمَك اللهُ، قال : ( وما يُدريكِ ) . قلتُ : لا أدري واللهِ، قال : ( أمَّا هو فقد جاءَه اليقينُ، إني لأرجو له الخيرَ منَ اللهِ، واللهِ ما أدري - وأنا رسولُ اللهِ - ما يُفعَلُ بي ولا بِكم ) . قالتْ أمُّ العَلاءِ : فواللهِ لا أُزَكِّي أحدًا بعدَه، قالتْ : ورَأَيتُ لعُثمانَ في النومِ عينًا تَجري، فجئتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فذكَرتُ ذلك له، فقال : ( ذاك عمَلُه يَجري له ) .
الراوي: أم العلاء عمة حزام بن حكيم الأنصاري- المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7018
خلاصة حكم المحدث:[صحيح]
الدرر السنية
وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا رَأَيْتُ مِثْلَ النَّارِ نَامَ هَارِبُهَا، وَلَا مِثْلَ الْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا»
"ما رأيتُ مثلَ النَّارِ نامَ هاربُها ، ولا مثلَ الجنَّةِ نامَ طالبُها " الراوي: أبو هريرة- المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2601 - خلاصة حكم المحدث: حسن
الدرر السنية
وَفِيهِ عَنْهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ خَافَ أَدْلَجَ، وَمَنْ أَدْلَجَ بَلَغَ الْمَنْزِلَ. أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ غَالِيَةٌ، أَلَا إِنَّ سِلْعَةَ اللَّهِ الْجَنَّةُ».
"من خافَ أدلَجَ ، ومن أدلَجَ بلغَ المنزلَ ، ألا إنَّ سلعةَ اللَّهِ غاليةٌ ، ألا إنَّ سلعةَ اللَّهِ الجنَّةُ"
الراوي: أبو هريرة-المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 2450 -خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية
سألتُ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ عن هذِهِ الآيةِ" وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ" قالت عائشةُ : أَهُمُ الَّذينَ يشربونَ الخمرَ ويسرِقونَ قالَ:" لا يا بنتَ الصِّدِّيقِ ، ولَكِنَّهمُ الَّذينَ يصومونَ ويصلُّونَ ويتصدَّقونَ ، وَهُم يخافونَ أن لا تُقبَلَ منهُم أُولَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ" الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3175 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية
شيبتني هودٌ وأخوَاتُها قبل المشيبِ الراوي: أبو بكر الصديق المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 3721
خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية
- قالَ أبو بَكْرٍ رضيَ اللَّهُ عنهُ: يا رسولَ اللَّهِ قد شِبتَ، قالَ: شيَّبتني هودٌ، والواقعةُ، والمرسلاتُ، وعمَّ يتَسَاءَلُونَ، وإِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم: 3297 - خلاصة حكم المحدث:صحيح
الدرر السنية
هنا بتصرف في الأحاديث وتخريجها
وهو ثلاثة أقسام:
الأول: خوف السر، وهو أن يخاف من غير الله: من وثن، أو طاغوت، أو ميت، أو غائب من جن أو إنس أن يصيبه بما يكره؛ كما قال الله عن قوم هود -عليه السلام- أنهم قالوا له" إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهَ وَاشْهَدُوا أَنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ مِنْ دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لَا تُنْظِرُونِي ". [هود: 54-55]
وقد خوَّف المشركون رسول الله محمدًا -صلى الله عليه وسلم- من أوثانهم؛ كما قال تعالى: ï" وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ". [الزمر: 36].
وهذا الخوف من غير الله هو الواقع اليوم من عباد القبور وغيرها من الأوثان؛ يخافونها، ويُخوِّفونَ بها أهل التوحيد إذا أنكروا عبادتها، وأمروا بإخلاص العبادة لله.
هذا الخوف من أعظم مقامات الدين وأجلها؛ فمن صرفه لغير الله؛ فقد أشرك بالله الشرك الأكبر والعياذ بالله.
وهذا النوع من الخوف من أهم أنواع العبادة، يجب إخلاصه لله وحده؛
قال تعالى: "فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ "
[آل عمران: 175]
وقال تعالى: "فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ " [المائدة: 3].
الثاني: أن يترك الإنسان ما يجب عليه خوفا من بعض الناس؛ فهذا محرم، وهو شرك أصغر، وهذا هو المذكور في قوله تعالى: " الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ" [آل عمران: 173].
الثالث: الخوف الطبيعي، وهو الخوف من عدو أو سبع أو غير ذلك؛ فهذا ليس بمذموم؛ كما قال تعالى في قصة موسى عليه السلام: "فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ " [القصص: 21]
هنا
1 -" يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم ، وصيامكم مع صيامهم ، وعملكم مع عملهم ، ويقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ، ينظر في النصل فلا يرى شيئا ، وينظر في القدح فلا يرى شيئا ، وينظر في الريش فلا يرى شيئا ، ويتمارى في الفوق"
الراوي: أبو سعيد الخدري المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5058
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية
قال البخاري في صحيحه :
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى ، قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٍ ، قَالَ أَخْبَرَنِي مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَعَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّهُمَا أَتَيَا أَبَا سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ فَسَأَلَاهُ عَنْ الْحَرُورِيَّةِ أَسَمِعْتَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا أَدْرِي مَا الْحَرُورِيَّةُ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ" يَخْرُجُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَمْ يَقُلْ مِنْهَا قَوْمٌ تَحْقِرُونَ صَلَاتَكُمْ مَعَ صَلَاتِهِمْ يَقْرَءُونَ الْقُرْآنَ لَا يُجَاوِزُ حُلُوقَهُمْ أَوْ حَنَاجِرَهُمْ يَمْرُقُونَ مِنْ الدِّينِ مُرُوقَ السَّهْمِ مِنْ الرَّمِيَّةِ فَيَنْظُرُ الرَّامِي إِلَى سَهْمِهِ إِلَى نَصْلِهِ إِلَى رِصَافِهِ فَيَتَمَارَى فِي الْفُوقَةِ هَلْ عَلِقَ بِهَا مِنْ الدَّمِ شَيْءٌ"
صحيح البخاري / كتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم/ حديث رقم : 6532
هنا
****************
المجلس الثامن
3- من أصول العبادة الرجاءفالرجاء منزلة عظيمة من منازل العبودية وهي عبادة قلبية تتضمن ذلاً وخضوعاً ، أصلها المعرفة بجود الله وكرمه وعفوه وحلمه ، ولازمها الأخذ بأسباب الوصول إلى مرضاته ، فهو) حسن ظن مع عمل وتوبة وندم .
الرجاء نقيض اليأس، وهو طمع القلب في حصول منفعة.
الرجاء غالباً ما يرد مقروناً بالخوف أو بأحد معانيه
{تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ }السجدة16
كما ورد في السنة الشريفة:
- دخلَ على شابٍّ وَهوَ في الموتِ ، فقالَ : كيفَ تَجدُكَ ؟ قالَ : أرجو اللَّهَ يا رسولَ اللَّهِ وأَخافُ ذنوبي ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ : لا يجتَمعانِ في قَلبِ عَبدٍ في مثلِ هذا الموطنِ ، إلَّا أعطاهُ اللَّهُ ما يَرجو ، وآمنَهُ مِمَّا يخافُ
الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه - الصفحة أو الرقم: 3455
خلاصة حكم المحدث:حسن
الدرر السنية
اسم الرجاء قد يطلق في بعض الأحيان ويُراد به الخوف كما ورد في قوله تعالى : نوح ، 13. {مَّا لَكُمْ لَا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً }نوح13
أي :مالكم -أيها القوم- لا تخافون عظمة الله وسلطانه.التفسير الميسر
*وجوب رجاء رحمة الله عز وجل فقد وردت في القرآن والسُّنة وأحاديث الصحابة والصالحين ، قال تعالى :{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ }الزمر53 ، الزمر ، 53 .
وقد ذم الله عز وجل اليأس والقنوط من رحمته فقال تعالى : {يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ }يوسف 87.
بيان معنى القنوط
س: ما معنى القنوط من رحمة الله وذلك من الكتاب والسنة؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: القنوط من رحمة الله هو اليأس، كونه لا يرجو الله يقنط أن الله يرحمه، هذا من الكبائر من كبائر الذنوب، ربنا جل وعلا نهانا عن هذا، قال جل وعلا: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (2) ، وقال تعالى: {إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (3) هذا لا يجوز لأحد أن يقنط من رحمة الله، يعني ييأس لكفره، أو لمعاصيه، بل عليه التوبة والرجوع إلى الله والإنابة إليه، وله البشرى بأن الله يقبل توبته، ويعظم أجره، ويجازى على ما فعل من الخير، أما اليأس والقنوط لأجل سوء العمل فهذا من تزيين الشيطان، ولا يجوز، بل يجب على العبد الحذر من ذلك، وألا يقنط وألا ييأس، بل يرجو رحمة ربه، وأن الله يتوب عليه، يرجو أن الله يقبل عمله ولا ييأس.
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 379.
(2) سورة الزمر الآية 53
(3) سورة يوسف الآية 87
س: ما معنى القنوط من رحمة الله وذلك من الكتاب والسنة؟ جزاكم الله خيرا (1) .
ج: القنوط من رحمة الله هو اليأس، كونه لا يرجو الله يقنط أن الله يرحمه، هذا من الكبائر من كبائر الذنوب، ربنا جل وعلا نهانا عن هذا، قال جل وعلا: {قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} (2) ، وقال تعالى: {إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ} (3) هذا لا يجوز لأحد أن يقنط من رحمة الله، يعني ييأس لكفره، أو لمعاصيه، بل عليه التوبة والرجوع إلى الله والإنابة إليه، وله البشرى بأن الله يقبل توبته، ويعظم أجره، ويجازى على ما فعل من الخير، أما اليأس والقنوط لأجل سوء العمل فهذا من تزيين الشيطان، ولا يجوز، بل يجب على العبد الحذر من ذلك، وألا يقنط وألا ييأس، بل يرجو رحمة ربه، وأن الله يتوب عليه، يرجو أن الله يقبل عمله ولا ييأس.
__________
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 379.
(2) سورة الزمر الآية 53
(3) سورة يوسف الآية 87
والرجاء على قسمين:
القسم الأول: رجاء العبادة.
القسم الثاني: رجاء نفع الأسباب.
- فرجاء العبادة لا يجوز صرفه لغير الله ، ومن صرفه لغير الله تعالى فهو مشرك لأنه يحمل معاني العبادة من التذلل والخضوع والمحبة والانقياد واعتقاد النفع والضر وتفويض الأمر وتعلق القلب والتقرب إلى المعبود، وهذه كلها عبادات عظيمة تقتضيها عبادة الرجاء فمن صرفها لغير الله فهو مشرك كافر.
وهذا كرجاء المشركين في آلهتهم التي يعبدونها من دون الله أنها تشفع لهم عند الله أو أنها تقربهم إلى الله زلفى، وكرجاء بعض عباد الأولياء والقبور بأنهم ينجونهم من الكربات ويدفعون عنهم البلاء ويجلبون لهم النفع ونحو ذلك مما لا يقدر عليه إلا الله تعالى.
- القسم الثاني: رجاء نفع الأسباب مع اعتقاد أن النفع والضر بيد الله .
وهذا على ثلاث درجات:
الدرجة الأولى: رجاء جائز، وهو رجاء نفع الأسباب المشروعة مع عدم تعلق القلب بها، فهذا جائز، وليس بشرك، وفي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي من حديث أبي هريرة عن النبي قال:
أَلَا أُخْبِرُكُمْ بخيرِكم مِنْ شرِّكم ؟ خيرُكم مَنْ يُرْجَى خيرُهُ ، ويُؤْمَنُ شرُّهُ ، وشرُّكم مَنْ لَا يُرجَى خيرُه ، ولَا يؤمَنُ شرُّهُ الراوي: أبو هريرة المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2603- خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية
فهذا الرجاء ليس هو رجاء العبادة، وإنما هو رجاء نفع السبب مع اعتقاد أن النفع والضر بيد الله .
الدرجة الثانية: رجاء محرم، وهو الرجاء في الأسباب المحرمة ليستعين بها على معصية الله .
الدرجة الثالث: شرك أصغر، وهو تعلق القلب بالأسباب؛ كتعلق بعض المرضى بالرقاة والأطباء تعلقاً قلبياً يغفلون معه عن أن الشفاء بيد الله ؛ فهذا من شرك الأسباب
وهذه العبادات قاعدتها واحدة من فقهها سهل عليه معرفة هذه التقسيمات وتيسر له ضبط مسائلها إن شاء الله تعالى. هنا
* ثمراتُ الرَّجاءِ:
1- يُورثُ طريقَ المجاهدةِ بالأعمالِ.
2- يُورثُ المواظبةَ على الطاعاتِ كيفما تقلَّبت الأحوالُ.
3- يُشعرُ العبدَ بالتَّلذُّذِ والمداومةِ على الإقبالِ على اللهِ والتَّنعّمُ بمناجاتهِ والتَّلطفُ في سؤالهِ والإلحاح عليهِ.
4- أنْ تظهرَ العبوديةُ من قبلِ العبدِ، والفاقةِ والحاجةِ للرَّبِّ، وأنه لا يَستغني عن فضلهِ وإحسانهِ طرفةَ عينٍ.
5- التَّخلُّصُ منْ غضبِ الرَّبِّ؛ ذلكَ بأَنَّ اللهَ يحبُّ منْ عبادهِ أنْ يسألوه ويرجوه ويُلحُّوا عليه؛ لأَنَّهُ جَوادٌ كريمٌ، أجودُ من سُئِل؛ ومنْ لا يسألِ اللهَ يغضبُ عليه، والسائلُ عادةً يكونُ راجيًا مطالبَ أن يُعطى؛ فمنْ لم يرج اللهَ يغضب عليه .هنا
فمن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ، بمعنى: من قال: الله عز وجل غفور رحيم، وسيغفر لنا جميع الذنوب، يترك الفرائض ويعمل المحرمات، ويقول: الله غفور رحيم، هذا مرجئ، المعنى أنه مال إلى مذهب غلاة المرجئة؛
هنا ( مجمل أصول أهل السنة - توحيد العبادة )
للشيخ : ( ناصر بن عبدالكريم العقل )
**************************
المجلس التاسع
الجمع بين الخوف والرجاء
"إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" [سورة يوسف الآية: 87]
ينبغي ألاّ تأمن الله، وألا تيأس منه، إن أمنته تطرفت، وإن يئست من رحمته تطرفت، يجب أن تقع في موقع متوسط بينهما، لا تأمن مكره، ولا تيأس من رحمته، لا ملجأ منه إلا إليه، ولا حافظ منه إلا به، الجمع دقيق
فالمؤمن الموفق يجمع في عبادته بين الخوف والرجاء، كما قال تعالى: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ {الزمر: 9}.
قال ابن كثير: قوله: يَحْذرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ.
أي: في حال عبادته خائف راج، ولا بد في العبادة من هذا وهذا،.......اهـ.
وكثيرا ما يقترن بالخوف والرجاء أمر ثالث وهو التذكير بعظمة الله تعالى ونعمه المتكاثرة على عباده، مما يثمر محبة الله تعالى، وبهذا تتحقق عبودية الله، كما في قوله تعالى: غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ {غافر:3}.
واعلم أنه لا تعارض بين خوف العبد من عدم القبول وبين رجائه في رحمة الله وحسن ظنه به سبحانه، فإن هذا هو حال المؤمنين، يوصفون من جهة بقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ {المؤمنون: 60}.
ومن جهة أخرى بقوله: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَلِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ {فاطر:29، 30}.
قال ابن كثير: يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ.
أي: يرجون ثوابا عند الله لا بد من حصوله. اهـ.
وذلك أن الخوف من عدم القبول لا يعني القطع بذلك، وإنما يعني عدم الركون إلى العمل وعدم القطع بالقبول، وأن يتمحض الاتكال على رحمة الله وفضله، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: - لن يُنجِّيَ أحدًا منكم عملُه . قالوا : ولا أنت يا رسولَ اللهِ ؟ قال : ولا أنا ، إلَّا أن يتغمَّدَني اللهُ برحمةٍ ، سدِّدوا وقارِبوا ، واغدوا وروحوا ، وشيءٌ من الدُّلجةِ ، والقصدَ القصدَ تبلُغوا
الراوي: أبو هريرة- المحدث: البخاري- المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6463- خلاصة حكم المحدث:[صحيح]
الدرر السنية
وفي حديث آخر، قال صلى الله عليه وسلم: - " لَن يُدخِلَ أحدًا منكُم عملُهُ الجنَّةَ قالوا : ولا أنتَ يا رسولَ اللَّهِ ؟ ! قالَ : ولا أنا . إلَّا أن يتغمَّدَنيَ اللَّهُ منهُ بفضلٍ ورحمةٍ "
الراوي:أبو هريرة- المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2816 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية
هنا
فمنهم من قال : يغلب جانب الرجاء مطلقاً ، ومنهم من قال : يغلب جانب الخوف مطلقاً .
_ومنهم من قال: ينبغي أن يكون خوفه ورجاؤه سواء ، لا يغلب هذا على هذا ، ولا هذا على هذا ؛ لأنه إن غلب جانب الرجاء ؛ أمن مكر الله ، وإن غلب جانب الخوف ؛ يئس من رحمة الله .
وقال بعضهم : في حال الصحة يجعل رجاءَه وخوفه واحداً كما اختاره النووي رحمه الله في هذا الكتاب ، وفي حال المرض يغلب الرجاء أو يمحضه .
وقال بعض العلماء أيضاً : إذا كان في طاعة ؛ فليغلب الرجاء ، وأن الله يقبل منه ، وإذا كان فعل المعصية ؛ فليغلب الخوف ؛ لئلا يقدم على المعصية .
والإنسان ينبغي له أن يكون طبيب نفسه ، إذا رأى من نفسه أنه أمن من مكر الله ، وأنه مقيم على معصية الله ، ومتمنٍ على الله .الأماني ، فليعدل عن هذه الطريق ، وليسلك طريق الخوف .
وإذا رأى أن فيه وسوسة ، وأنه يخاف بلا موجب ؛ فليعدل عن هذا الطريق وليغلب جانب الرجاء حتى يستوي خوفه ورجاؤه .
وتأمل قوله تعالى : ( اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ ) [المائدة: 98 ، 99] ؛
حيث إنه في مقام التهديد والوعيد قدم ذكر شدة العقاب
(اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .
وفي حالة تحدثه عن نفسه وبيان كمال صفاته قال : ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ) [الحجر: 49 ، 50] ؛
فقدم ذكر المغفرة على ذكر العذاب ؛ لأنه يتحدث عن نفسه عز وجل ، وعن صفاته الكاملة ورحمته التي سبقت غضبه .
ثم ذكر المؤلف أحاديث في هذا المعنى تدل على أنه يجب على الإنسان أن يجمع بين الخوف الرجاء ، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم :
( (ولو يعلمُ الكافرُ ما عند اللهِ من الرحمةِ ، ما قنط من جنتِه أحدٌ)) ، والمراد حقيقة ذلك ، وإلا فإن الكافر يعلم أن الله غفور رحيم ، ويعلم معنى المغفرة ، ويعلم معنى الرحمة .
وذكرت أحاديث في معنى ذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله ، والنار مثل ذلك"
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري -
الصفحة أو الرقم: 6488- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية.
شراك النعل يضرب به المثل في القرب ؛ لأن الإنسان
لابس نعله ، فالجنة أقرب إلى أحدنا من شراك نعله ؛ لأنها ربما تحصل للإنسان بكلمة واحدة ، والنار مثل ذلك ، ربما تحدث النار بسبب كلمة يقولها القائل ، مثل الرجل الذي كان يمر على صاحب معصية فينهاه ويزجره ، فلما تعب قال : والله لا يغفر الله لفلان .
فقال الله تعالى :- أنَّ رجلًا قال : واللهِ ! لا يغفِرُ اللهُ لفلانٍ . وإنَّ اللهَ تعالَى قال : "من ذا الَّذي يتألَّى عليَّ أن أغفرَ لفلانٍ . فإنِّي قد غفرتُ لفلانٍ? وأحبطتُ عملَك" . أو كما قال .
الراوي: جندب بن عبدالله المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2621- خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية
قال أبو هريرة : تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته .
فالواجب على الإنسان أن يكون طبيب نفسه في كونه يغلب كونه الخوف أو الرجاء ، إن رأى نفسه تميل إلى الرجاء وإلى التهاون بالواجبات وإلى انتهاك المحرمات استناداً إلى مغفرة الله ورحمته ؛ فليعدل عن هذا الطريق ، وإن رأى أن عنده وسواساً ، وأن الله لا يقبل منه ؛ فإنه يعدل عنه هذا الطريق .
هنا
وجوابه: أن يقال الخبز للجائع أفضل، والماء للعطشان أفضل، فإن اجتمعا نظر إلى الأغلب، فإن استويا، فهما متساويان، والخوف والرجاء دواءان يداوى بهما القلوب، ففضلهما بحسب الداء الموجود، فإن كان الغالب على القلب الأمن من مكر الله، فالخوف أفضل، وكذلك إن كان الغالب على العبد المعصية، وإن كان الغالب عليه اليأس والقنوط، فالرجاء أفضل، ويجوز أن يقال مطلقاً: الخوف أفضل، كما يقال: الخبز أفضل من السكنجبين لأن الخبز يعالج به مرض الجوع، والسكنجبين يعالج به مرض الصفراء، ومرض الجوع أغلب وأكثر، فالحاجة إلى الخبز أكثر، فهو أفضل بهذا الاعتبار، لأن المعاصي والاغترار من الخلق أغلب.
وإن نظرنا إلى موضع الخوف والرجاء فالرجاء أفضل،
لأن الرجاء يُسقى من بحر الرحمة, والخوف يُسقى من
بحر الغضب.
وأما المتقي، فالأفضل عنده اعتدال الخوف والرجاء، ولذلك قيل: لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا، قال بعض السلف: لو نودي: ليدخل الجنة كل الناس إلا رجلاً واحداً، لخشيت أن أكون أنا ذلك الرجل. ولو نودي: ليدخل النار كل الناس إلا رجلاً واحداً، لرجوت أن أكون أنا ذلك الرجل. وهذا ينبغي أن يكون مختصاً بالمؤمن المتقي.
فإن قيل: كيف اعتدال الخوف والرجاء في قلب المؤمن، وهو على قدم التقوى؟ فينبغي أن يكون رجاؤه أقوى.
فالجواب: أن المؤمن غير متيقن صحة عمله، فمثله من بذر بذراً ولم يجرب جنسه في أرض غريبة، والبذر الإيمان، وشروط صحته دقيقة، والأرض القلب، وخفايا خبثه وصفائه من النفاق، وخبايا الأخلاق غامضة، والصواعق أهوال سكرات الموت، وهناك تضطرب العقائد، وكل هذا يوجب الخوف عليه، وكيف لا يخاف المؤمن؟
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأل حذيفة رضي الله عنه: هل أنا من المنافقين؟ وإنما خاف أن تلتبس حاله عليه، ويستتر عيبه عنه، فالخوف المحمود هو الذي يبعث على العمل، ويزعج القلب عن الركون إلى الدنيا، وأما عند نزول الموت، فالأصلح للإنسان الرجاء، لأن الخوف كالسوط الباعث على العمل، وليس ثمة عمل، فلا يستفيد الخائف حينئذ إلا تقطيع نياط قلبه، والرجاء في هذه الحال يقوي قلبه، ويحبب إليه ربه، فلا ينبغي لأحد أن يفارق الدنيا إلا محباً لله تعالى، محباً للقائه، حسن الظن به، وقد قال سليمان التيمي عند الموت لمن حضره: حدثني بالرخص، لعلي ألقى الله وأنا أحسن الظن به. انتهى هنا
الجمع بين الخوف والرجاء
"إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ" [سورة يوسف الآية: 87]
ينبغي ألاّ تأمن الله، وألا تيأس منه، إن أمنته تطرفت، وإن يئست من رحمته تطرفت، يجب أن تقع في موقع متوسط بينهما، لا تأمن مكره، ولا تيأس من رحمته، لا ملجأ منه إلا إليه، ولا حافظ منه إلا به، الجمع دقيق
فالمؤمن الموفق يجمع في عبادته بين الخوف والرجاء، كما قال تعالى: أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ {الزمر: 9}.
قال ابن كثير: قوله: يَحْذرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ.
أي: في حال عبادته خائف راج، ولا بد في العبادة من هذا وهذا،.......اهـ.
وكثيرا ما يقترن بالخوف والرجاء أمر ثالث وهو التذكير بعظمة الله تعالى ونعمه المتكاثرة على عباده، مما يثمر محبة الله تعالى، وبهذا تتحقق عبودية الله، كما في قوله تعالى: غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ {غافر:3}.
واعلم أنه لا تعارض بين خوف العبد من عدم القبول وبين رجائه في رحمة الله وحسن ظنه به سبحانه، فإن هذا هو حال المؤمنين، يوصفون من جهة بقوله تعالى: وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ {المؤمنون: 60}.
ومن جهة أخرى بقوله: إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَلِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ {فاطر:29، 30}.
قال ابن كثير: يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ.
أي: يرجون ثوابا عند الله لا بد من حصوله. اهـ.
وذلك أن الخوف من عدم القبول لا يعني القطع بذلك، وإنما يعني عدم الركون إلى العمل وعدم القطع بالقبول، وأن يتمحض الاتكال على رحمة الله وفضله، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: - لن يُنجِّيَ أحدًا منكم عملُه . قالوا : ولا أنت يا رسولَ اللهِ ؟ قال : ولا أنا ، إلَّا أن يتغمَّدَني اللهُ برحمةٍ ، سدِّدوا وقارِبوا ، واغدوا وروحوا ، وشيءٌ من الدُّلجةِ ، والقصدَ القصدَ تبلُغوا
الراوي: أبو هريرة- المحدث: البخاري- المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6463- خلاصة حكم المحدث:[صحيح]
الدرر السنية
وفي حديث آخر، قال صلى الله عليه وسلم: - " لَن يُدخِلَ أحدًا منكُم عملُهُ الجنَّةَ قالوا : ولا أنتَ يا رسولَ اللَّهِ ؟ ! قالَ : ولا أنا . إلَّا أن يتغمَّدَنيَ اللَّهُ منهُ بفضلٍ ورحمةٍ "
الراوي:أبو هريرة- المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2816 - خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية
هنا
أيهما نغلب الخوف أم الرجاء؟
هذا الباب قد اختلف فيه العلماء هل الإنسان يغلب جانب الرجاء أو جانب الخوف ؟ . فمنهم من قال : يغلب جانب الرجاء مطلقاً ، ومنهم من قال : يغلب جانب الخوف مطلقاً .
_ومنهم من قال: ينبغي أن يكون خوفه ورجاؤه سواء ، لا يغلب هذا على هذا ، ولا هذا على هذا ؛ لأنه إن غلب جانب الرجاء ؛ أمن مكر الله ، وإن غلب جانب الخوف ؛ يئس من رحمة الله .
وقال بعضهم : في حال الصحة يجعل رجاءَه وخوفه واحداً كما اختاره النووي رحمه الله في هذا الكتاب ، وفي حال المرض يغلب الرجاء أو يمحضه .
وقال بعض العلماء أيضاً : إذا كان في طاعة ؛ فليغلب الرجاء ، وأن الله يقبل منه ، وإذا كان فعل المعصية ؛ فليغلب الخوف ؛ لئلا يقدم على المعصية .
والإنسان ينبغي له أن يكون طبيب نفسه ، إذا رأى من نفسه أنه أمن من مكر الله ، وأنه مقيم على معصية الله ، ومتمنٍ على الله .الأماني ، فليعدل عن هذه الطريق ، وليسلك طريق الخوف .
وإذا رأى أن فيه وسوسة ، وأنه يخاف بلا موجب ؛ فليعدل عن هذا الطريق وليغلب جانب الرجاء حتى يستوي خوفه ورجاؤه .
وتأمل قوله تعالى : ( اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (98) مَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ ) [المائدة: 98 ، 99] ؛
حيث إنه في مقام التهديد والوعيد قدم ذكر شدة العقاب
(اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ وَأَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .
وفي حالة تحدثه عن نفسه وبيان كمال صفاته قال : ( نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49) وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ ) [الحجر: 49 ، 50] ؛
فقدم ذكر المغفرة على ذكر العذاب ؛ لأنه يتحدث عن نفسه عز وجل ، وعن صفاته الكاملة ورحمته التي سبقت غضبه .
ثم ذكر المؤلف أحاديث في هذا المعنى تدل على أنه يجب على الإنسان أن يجمع بين الخوف الرجاء ، مثل قول النبي صلى الله عليه وسلم :
-
لو يعلم المؤمنُ ما عند اللهِ من العقوبةِ ، ما طمع بجنتِه أحدٌ . ولو
يعلمُ الكافرُ ما عند اللهِ من الرحمةِ ، ما قنط من جنتِه أحدٌ
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2755- خلاصة حكم المحدث:صحيح
هنا
والمراد لو
يعلم علم حقيقة وعلم كيفية لا أن المراد لو يعلم علم نظر وخبر ؛ فإن
المؤمن يعلم ما عند الله من العذاب لأهل الكفر والضلال ، لكن حقيقة
هذا لا تدرك الآن ، لا يدركها إلا من رقع في ذلك ـ أعاذنا الله وإياكم
من عذابه . الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2755- خلاصة حكم المحدث:صحيح
هنا
( (ولو يعلمُ الكافرُ ما عند اللهِ من الرحمةِ ، ما قنط من جنتِه أحدٌ)) ، والمراد حقيقة ذلك ، وإلا فإن الكافر يعلم أن الله غفور رحيم ، ويعلم معنى المغفرة ، ويعلم معنى الرحمة .
وذكرت أحاديث في معنى ذلك مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله ، والنار مثل ذلك"
الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري -
الصفحة أو الرقم: 6488- خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
الدرر السنية.
شراك النعل يضرب به المثل في القرب ؛ لأن الإنسان
لابس نعله ، فالجنة أقرب إلى أحدنا من شراك نعله ؛ لأنها ربما تحصل للإنسان بكلمة واحدة ، والنار مثل ذلك ، ربما تحدث النار بسبب كلمة يقولها القائل ، مثل الرجل الذي كان يمر على صاحب معصية فينهاه ويزجره ، فلما تعب قال : والله لا يغفر الله لفلان .
فقال الله تعالى :- أنَّ رجلًا قال : واللهِ ! لا يغفِرُ اللهُ لفلانٍ . وإنَّ اللهَ تعالَى قال : "من ذا الَّذي يتألَّى عليَّ أن أغفرَ لفلانٍ . فإنِّي قد غفرتُ لفلانٍ? وأحبطتُ عملَك" . أو كما قال .
الراوي: جندب بن عبدالله المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2621- خلاصة حكم المحدث: صحيح
الدرر السنية
قال أبو هريرة : تكلم بكلمة أوبقت دنياه وآخرته .
فالواجب على الإنسان أن يكون طبيب نفسه في كونه يغلب كونه الخوف أو الرجاء ، إن رأى نفسه تميل إلى الرجاء وإلى التهاون بالواجبات وإلى انتهاك المحرمات استناداً إلى مغفرة الله ورحمته ؛ فليعدل عن هذا الطريق ، وإن رأى أن عنده وسواساً ، وأن الله لا يقبل منه ؛ فإنه يعدل عنه هذا الطريق .
هنا
*أيما أفضل الخوف أو الرجاء؟
اعلم أن قول القائل: أيما أفضل الخوف أو الرجاء؟
كقوله: أيما أفضل الخبز أو الماء؟ وجوابه: أن يقال الخبز للجائع أفضل، والماء للعطشان أفضل، فإن اجتمعا نظر إلى الأغلب، فإن استويا، فهما متساويان، والخوف والرجاء دواءان يداوى بهما القلوب، ففضلهما بحسب الداء الموجود، فإن كان الغالب على القلب الأمن من مكر الله، فالخوف أفضل، وكذلك إن كان الغالب على العبد المعصية، وإن كان الغالب عليه اليأس والقنوط، فالرجاء أفضل، ويجوز أن يقال مطلقاً: الخوف أفضل، كما يقال: الخبز أفضل من السكنجبين لأن الخبز يعالج به مرض الجوع، والسكنجبين يعالج به مرض الصفراء، ومرض الجوع أغلب وأكثر، فالحاجة إلى الخبز أكثر، فهو أفضل بهذا الاعتبار، لأن المعاصي والاغترار من الخلق أغلب.
وإن نظرنا إلى موضع الخوف والرجاء فالرجاء أفضل،
لأن الرجاء يُسقى من بحر الرحمة, والخوف يُسقى من
بحر الغضب.
وأما المتقي، فالأفضل عنده اعتدال الخوف والرجاء، ولذلك قيل: لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لاعتدلا، قال بعض السلف: لو نودي: ليدخل الجنة كل الناس إلا رجلاً واحداً، لخشيت أن أكون أنا ذلك الرجل. ولو نودي: ليدخل النار كل الناس إلا رجلاً واحداً، لرجوت أن أكون أنا ذلك الرجل. وهذا ينبغي أن يكون مختصاً بالمؤمن المتقي.
فإن قيل: كيف اعتدال الخوف والرجاء في قلب المؤمن، وهو على قدم التقوى؟ فينبغي أن يكون رجاؤه أقوى.
فالجواب: أن المؤمن غير متيقن صحة عمله، فمثله من بذر بذراً ولم يجرب جنسه في أرض غريبة، والبذر الإيمان، وشروط صحته دقيقة، والأرض القلب، وخفايا خبثه وصفائه من النفاق، وخبايا الأخلاق غامضة، والصواعق أهوال سكرات الموت، وهناك تضطرب العقائد، وكل هذا يوجب الخوف عليه، وكيف لا يخاف المؤمن؟
وهذا عمر بن الخطاب رضي الله عنه يسأل حذيفة رضي الله عنه: هل أنا من المنافقين؟ وإنما خاف أن تلتبس حاله عليه، ويستتر عيبه عنه، فالخوف المحمود هو الذي يبعث على العمل، ويزعج القلب عن الركون إلى الدنيا، وأما عند نزول الموت، فالأصلح للإنسان الرجاء، لأن الخوف كالسوط الباعث على العمل، وليس ثمة عمل، فلا يستفيد الخائف حينئذ إلا تقطيع نياط قلبه، والرجاء في هذه الحال يقوي قلبه، ويحبب إليه ربه، فلا ينبغي لأحد أن يفارق الدنيا إلا محباً لله تعالى، محباً للقائه، حسن الظن به، وقد قال سليمان التيمي عند الموت لمن حضره: حدثني بالرخص، لعلي ألقى الله وأنا أحسن الظن به. انتهى هنا
****************