بداية الشريط الثالث
المتن
وأما
العقل فمن وجوه:
الأول: أنه قد علم بالضرورة أن بين الخالق والمخلوق تبيانًا
في الذات، وهذا يستلزم أن يكون بينهما تباين في الصفات؛ لأن صفة كل
موصوف تليق به، كما هو ظاهر في صفات المخلوقات المتباينة في الذوات، فقوة البعير
مثلاً غير قوة الذرة،
فإذا ظهر التباين بين المخلوقات مع اشتراكها في الإمكان والحدوث، فظهور التباين
بينها وبين الخالق أجلى وأقوى.
الثاني: أن يقال: كيف يكون الرب الخالق الكامل من جميع الوجوه
مشابهًا في صفاته للمخلوق المربوب الناقص المفتقر إلى من يكمله، وهل
اعتقاد ذلك إلا تنقص لحق الخالق؟! فإن تشبيه الكامل بالناقص يجعله
ناقصًا.
الشرح
تمثيل الكامل
بالناقص يجعله ناقصًا، بل إن المُقارنة بينهما تُوجب النقص كما قيل:
ألم تر أن السيف
ينقصُ قَدرُهُ.. إذا قيل إن السيفَ أمضى من العصا.
أي لو قلت
:" عندي سيف عظيم جدًا من أحسن السيوف ، وهو أمضى من العصا"، فلن يعد
الناس قولك هذا شيئًا ، لأنه لامقارنة بينهما من الأصل .
هذا ليس بشيءٍ لأن
العصا ما يمضى إلا إذا ضربت به شيئًا لينًا يتفرط ، لكن لو ضربت به شيئًا لايتفرط
ولو كان لينًا مامضى به لوتضرب كورة لينة هل يُمزقها؟ لايمزقها لكن السيف لو تضرب
به خشبة مزقها. المهم أن تمثيل الكامل بالناقص يجعله ناقصًا.
المتن
الثالث:
أننا نشاهد في المخلوقات ما يتفق في الأسماء ويختلف في الحقيقة والكيفية، فنشاهد
أن للإنسان يداً ليست كيد الفيل، وله قوة ليست كقوة الجمل، مع الاتفاق في الاسم،
فهذه يد وهذه يد، وهذه قوة وهذه قوة، وبينهما تباين في الكيفية والوصف، فعلم بذلك
أن الاتفاق في الاسم لا يلزم منه الاتفاق في الحقيقة.
والتشبيه كالتمثيل، وقد يفرق بينهما بأن التمثيل
التسوية في كل الصفات، والتشبيه التسوية في أكثر الصفات،لكن التعبير بنفي التمثيل
أولى لموافقة القرآن:"لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ" الشورى 11
الشرح
الواقع أن التعبير
بالتمثيل أولى لوجهين:
أحدهما : أن هذا تعبير القرآن.
الثاني : أن
نفي التشبيه على سبيل الإطلاق غيرُسديدٍ ، لأنه ما من شيئين موجودين إلا وبينهما
تشابه من حيثُ الجملة ، فالوجود للخالق وللمخلوق اشتركا في أصل الوجود وإن اختلفا
في حقيقتة، فوجود الخالق واجبٌ لازمٌ,أزليٌّ,أبدِيٌّ ووجود المخلوق
جائزٌ,ممكنٌ,قابلٌ للعدم كماهو ظاهر.
السمع للخالق
والمخلوق بينهما اشتراك في أصل المعنى؛ لكن هذا يختلف عن هذا،هذا من جهة
ومن جهة ثانية : أن
بعض الناس يجعل إثبات الصفات تشبيهًا. فإذا قلنا:"من غير تشبيهٍ "
أوْهَمَ مَنْ لايدري أننا نُريد" من غير إثباتٍ" ؛ لأن بعض الناس يجعل
كُلَّ مُثبَتٍ مُشَبِّهًا.فإذا قلنا:"من غيرتشبيهٍ" ظن الظان الذي لايدري عن معنى ما نُريد أن
المراد:" من غير إثباتٍ الصفة " ؛لأنه لم يدرس في الكتب التي عنده إلا
أن إثباتَ الصفاتِ تشبيهٌ، ولهذا يُسمَّوْن المُثبِتة :المشبِهة.
فمن ثم صار التعبير
بنفي التمثيل أولى من التعبير بنفي التشبيه لهذين
الوجهين: الأول: موافقة القرآن.الثاني :أن نفي التشبيه على الإطلاق
لايصلح إذ مامن شيئين موجودين إلا وبينهما اشتراكٌ في أصل الشيء وهذا الاشتراك
نوعٌ من التشابه لكنه ليس مماثلة.المماثلة تقتضي المساواة من كل وجه؛ والمشابهة
تقتضي المساواة في أكثر الصفات.
المتن
وأما التكييف: فهو أن يعتقد المثبت أن كيفية
صفات الله تعالى كذا وكذا، من غير أن يقيدها بمماثل. وهذا اعتقاد باطل بدليل السمع
والعقل.
أما السمع: فمنه قوله تعالى: "وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا" طه 110
أما السمع: فمنه قوله تعالى: "وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا" طه 110
الشرح
وإذا كنا لانُحيطُ
به علمًا ؛ فكيف يُمكن أن نُكيِّف صفاته؟؛ لا يمكن أن نُكيِّف صفاته إلا إذا أحطنا
به علمًا؛ وإلا كنا كاذبين وقائلين بغير
الحق.
المتن
وقوله: "وَلا
تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ
كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولًا" الإسراء 36.
ومن المعلوم أنه لا علم لنا بكيفية صفات ربنا؛ لأنه تعالى أخبرنا عنها ولم يخبرنا
عن كيفيتها، فيكونُ تكييفُنا قفوًا لما ليس لنا به علم، وقولًا بما لا يمكننا
الإحاطة به.
وأما العقل: فلأن الشيء لا تعرف كيفية صفاته إلا بعد العلم بكيفية ذاته أو العلم بنظيره المساوي له،أو بالخبر الصادق عنه،وكل هذه الطرقِ منتفية في كيفية صفات الله - عز وجل - فوجب بطلان تكييفها.
وأما العقل: فلأن الشيء لا تعرف كيفية صفاته إلا بعد العلم بكيفية ذاته أو العلم بنظيره المساوي له،أو بالخبر الصادق عنه،وكل هذه الطرقِ منتفية في كيفية صفات الله - عز وجل - فوجب بطلان تكييفها.
الشرح
هذه القاعدة مهمة
جدًا ،وهي : أن الشيء لاتُعرف كيفية صفاته إلا بعد العلم بأحد ثلاثة أشياء:
أولاً : العلم
بكيفية ذاته.
ثانيًا : العلم
بنظيره المساوي له.
ثالثًا: بإخبارالصادق
عنه.
وكل هذه الطرق
منتفية في كيفية صفات الله تعالى.
فمثلا : إذا
قلنا بأن لله سمعًا ، فإننا لا نستطيع أن تُكيف هذا السمع؛ لأنك لاتستطيع أن تعرف كيفية
ذات الله فكذلك كيفية سمعه.
وليس لله
تعالى نظير حتى تعرف سمع الله بمعرفة سمع نظيره،ولم يخبرنا الرسول- صلى الله عليه
وسلم- بذلك بكيفية سماعه ، فتوقف علمنا بكيفية هذه الصفة وغيرها من الصفات عند
مجرد إثباتها .
مثال آخر : " ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ" الفرقان 59 ؛ لايمكن أن نعرف كيفية الاستواء، لأننا لم نعرف كيفية
ذات الله ، وليس هناك نظير استوى على شيء مثل العرش حتى نعرف كيفية استوائه عز
وجل ، ولم يخبرنا الله عز وجل بكيفية استوائه على العرش ، ولهذا قال بعض العلماء :
إذا قال لك الجهمي
كيف استوى الله على العرش ؟فقل له:إنَّ اللهَ أخبرنا أنه استوى على العرش ؛ ولم
يخبرنا كيف استوى.
وقال بعضهم :إذا قال
لك كيف استوى؟ فقل له:كيف هوَ بذاته؟ فسيقول:لاأعرف كيفية ذاته.فقل له:إذن لانعرف
كيفية صفاته؛ لأن الكلامَ في الصفات فرعٌ عن الكلام في الذات.
المتن
وأيضًا فإننا نقول: أي كيفية تقدرها لصفات الله
تعالى؟
إن أي كيفية تقدرها في ذهنك، فالله أعظم وأجلُّ من ذلك.
وأي كيفية تقدرها لصفات الله تعالى فإنك ستكون كاذبًا فيها؛ لأنه لا علم لك بذلك.
إن أي كيفية تقدرها في ذهنك، فالله أعظم وأجلُّ من ذلك.
وأي كيفية تقدرها لصفات الله تعالى فإنك ستكون كاذبًا فيها؛ لأنه لا علم لك بذلك.
الشرح
صحيح هذا إيرادٌ مُفحمٌ.نقول
أولًا: أيُّ
كيفية تُقدرها لصفاتِ الله، فالله أعظمُ وأجلُّ مما قدرت . فمثلًا أي كيفية
تُقدرها لاستواء الله على العرش، فاستواء الله في حقيقته أعظم وأجل مما قدرت، فلا
يمكن لذهنك أن يفرض استواءً كاملاً استواءً كاملًا على أكمل مايكون من الاستواء
إلا والله أعظم من ذلك. وكذلك نقول في صفة الوجه وصفة اليد وما أشبهها.
ثانيًا : أيُّ
كيفية تُحددها في صفات الله فأنتَ كاذبٌ فيها قطعًا ؛ لأنه ليس عندك علمٌ بهذا
إطلاقاً ، لأن الله تعالى ماأخبرنا عن كيفية تلك الصفات ، فأيُّ كيفية نقدرها نكون
فيها كاذبين.
فمثلاً: "صفة
ُالكلام"؛ فإنا نعلم أن الله - سبحانه وتعالى- يتكلم
ونعلم المُتَكلَّمَ به ، ولكن كيف يتكلم الله؟ اللهُ أعلمُ.كيف
صوته بالكلام؟ اللهُ
أعلمُ. مانعرف. الآن
مثلا الطيور تنطق
والإنسانُ ينطق؛ هل
النُطق سواءٌ؟ ماهو سواءٌ
" عُلِّمْنَا مَنطِقَ الطَّيْرِ " النمل 16 . ماكل أحدٍ يعرف منطق الطير ،بل
إنك أنت العربي تتكلم والعجمي يتكلم هل كيفية أدائك للحروف ككيفية أدائه للحروف؟
أبدًا. وأعني بالعجم هنا مَنْ ليس بعربي وأما العجم معروفون فعجم فارس الآن حروفهم
حروف عربية لكن تختلف في الترتيب.
المتن
وحينئذ يجب الكف عن التكييف تقديرًا بالجنان، أو
تقديرًا باللسان، أو تحريرًا بالبنان.
ولهذا لما سئل مالك - رحمه الله تعالى - عن قوله تعالى:"الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" طه 5 كيف استوى؟ أطرق رحمه الله برأسه حتى علاه الرُّحَضَاء (العرق) ثم قال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة".
ولهذا لما سئل مالك - رحمه الله تعالى - عن قوله تعالى:"الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" طه 5 كيف استوى؟ أطرق رحمه الله برأسه حتى علاه الرُّحَضَاء (العرق) ثم قال: "الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة".
وروى عن شيخه ربيعة أيضًا: "الاستواء غير
مجهول والكيف غير معقول". وقد مشى أهل العلم بعدهما على هذا الميزان. وإذا
كان الكيف غير معقول ولم يرد به الشرع فقد انتفى عنه الدليلان العقلي والشرعي فوجب
الكف عنه.
فالحذر الحذر من التكييف أو محاولته، فإنك إن فعلت وقعت في مفاوز لا تستطيع الخلاص منها، وإن ألقاهُ الشيطانُ في قلبك فاعلم أنه من نزغاته، فالجأ إلى ربك فإنه معاذُك، وافعل ما أمرك به فإنه طبيبك، قال الله تعالى"وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"فصلت 36
فالحذر الحذر من التكييف أو محاولته، فإنك إن فعلت وقعت في مفاوز لا تستطيع الخلاص منها، وإن ألقاهُ الشيطانُ في قلبك فاعلم أنه من نزغاته، فالجأ إلى ربك فإنه معاذُك، وافعل ما أمرك به فإنه طبيبك، قال الله تعالى"وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ"فصلت 36
الشرح
هذا الكلام من
مالكٍ-رحمه الله و شيخه ربيعة؛ ميزانٌ لجميع الصفات، فإذا قال قائلٌ مثلاً:إن
اللهَ-سبحانه وتعالى- ينزل إلى السماء الدنيا، كيف ينزل؟ فنقول:
النزولُ غيرُ
مجهول، والكيفُ غيرُمعقول، والإيمانُ به واجبٌ ،والسؤالُ عنهُ بدعة.
وإذا تأملنا
قولَه:"الكيفُ غيرُ معقولٍ"فإنه يدل على إثبات كيفية لكنها غير معقولة،
وليس كما قال بعضهم:إنه يدل على أنه نفيُ الكيفية كلها ،لأن نفي
الكيفية كلها نفيٌ للوجود ، إذ ما مِن موجود إلا وله كيفية، وعلى هذا فيكون معنى
كلام مالكٍ رحمه الله وغيرهِ من السلف في نفي الكيفية ؛ المراد به نفي التكييف لا أصل الكيفية.
انتهت القاعدة السادسة من قواعد الصفات
*القاعدة السابعة* من قواعد الصفات
المتن
صفات الله تعالى توقيفية لا مجال للعقل فيها.
فلا نثبت لله تعالى من الصفات إلا ما دل الكتاب والسنة على ثبوته، قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، لا يتجاوز القرآن والحديث" "انظر القاعدة الخامسة في الأسماء".
فلا نثبت لله تعالى من الصفات إلا ما دل الكتاب والسنة على ثبوته، قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: "لا يوصف الله إلا بما وصف به نفسه، أو وصفه به رسوله، لا يتجاوز القرآن والحديث" "انظر القاعدة الخامسة في الأسماء".
الشرح
لما أحالنا على هذه القاعدة الخامسة في الأسماء؛لأجل أن
نعرف الأدلة على أن الصفات توقيفية.المقصود من هذه الإحالة بيان أدلة كون الصفات
توقيفية ، لأن الصفات كالأسماء توقيفية.وقد سبق لنا ذكر الأدلة السمعية والعقلية
على ذلك ، فلا يجوز أن نُثبت لله إلا ماأثبته لنفسه
منها.
المتن
ولدلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة ثلاثة أوجه:
الأول:التصريح بالصفة كالعزة، والقوة، والرحمة، والبطش، والوجه، واليدين ونحوِها.
الشرح
فالعزة
كقوله تعالى :"فإنَّ
العِزة َللهِ جميعًا".
والقوة
كقوله تعالى :"إنَّ اللهَ هو الرزاقُ ذو القوة".
والرحمة
كقوله تعالى :"وربُكُ الغفورُ ذو الرحمةِ".
والبطش:
كقوله تعالى :"إنَّ بطشَ ربِكَ لشديدٌ".
والوجه:
كقوله تعالى :"ويبقى وجهُ ربِكَ ذو الجلالِ والإكرام"
واليدين:
كقوله تعالى :"بل يداهُ مَبْسُوطتان".ونحو ذلك.
المتن
الثاني: تضمن الاسم لها مثل: الغفور متضمن
للمغفرة، والسميع متضمن للسمع، ونحو ذلك -انظر القاعدة الثالثة في الأسماء-.
الشرح
فقد قال في القاعدة الثالثة في الأسماء : " إذا
دلت على وصفٍ متعدٍّ تضمنت ثلاثة أمور". فقد أحالنا على ذلك ليُعْرف
ماذا يتضمن الاسم من
الصفات.
المتن
الثالث: التصريح بفعل أو وصف دال عليها
كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين العباد يوم القيامة،
والانتقام من المجرمين، الدال عليها - على الترتيب - قوله تعالى: "الرَّحْمَنُ
عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" سورة طه، الآية: 5. وقول النبي صلى الله عليه وسلم:
"ينزل ربنا إلى السماء الدنيا".
الحديث. وقول الله تعالى: "وَجَاءَ رَبُّكَ
وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا".سورة الفجر، الآية: 22. وقوله: "إِنَّا
مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ"سورة
السجدة، الآية: 22.
الشرح
فمن صفات الله تعالى
الاستواء على العرش ، إيش الدليل؛ الدليل الفعل "ويؤخذ هذا من قوله تعالى
:" الرَّحْمَنُ
عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى" سورة طه، الآية: 5
فنأخذ من
"استوى" الاستواء.
لو قال قائلٌ أنتَ
قلتَ:إنَّ من صفات الله "النزولَ إلى السماء الدنيا"؛ فأتِ بنصٍ بهذا
اللفظ"النزول إلى السماء الدنيا" إيش تقول؟ أقول:مافيه بهذا اللفظ لكن فيه فعل يدل على
هذاالمعنى وهو"ينزل ربنا إلى السماء الدنيا"
"يتنزَّل
ربُّنا تبارك وتعالى كلَّ ليلةٍ إلى السماءِ الدُّنيا ، حين يبقى ثُلُثُ الليلِ
الآخرِ ، فيقول : مَن يدعوني فأَستجيبَ له ، من يسألُني فأُعطِيَه ، من يستغفرُني
فأغفرُ له"
الراوي: أبو
هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة
أو الرقم: 7494
خلاصة حكم المحدث:صحيح-الدرر السنية
خلاصة حكم المحدث:صحيح-الدرر السنية
وكذلك "المجئ"
من صفات الله تعالى ، ولكن ليس هناك نص فيه لفظ المجيء، بل النص موجود فيه الفعل
الدال عليه ، وهو في قوله تعالى"وَجَاءَ
رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا"
سورة الفجر، الآية: 22.
الفعل بهذا اللفظ "وجاء ربُكَ" دالٌ على المجئ.
أما قوله تعالى :
" إِنَّا
مِنَ الْمُجْرِمِينَ مُنْتَقِمُونَ" سورة
السجدة، الآية: 22. ، لو
قلنا إن من صفات الله تعالى الانتقام من المجرمين ؛ فليس هناك نص فيه كلمة
"الانتقام"؛ ولكن نقول إن قوله:" مُنْتَقِمُونَ "
وصفٌ دالٌ على الصفة التي تضمنها.
إذًا فطرق إثبات
الصفة لله ثلاثة:
الأول: التصريح بالصفة، وهذا واضح ؛ كالقوة والعزة والرحمة
والمغفرة مثل قوله تعالى :"وَإِنَّ
رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِّلنَّاسِ عَلَى ظُلْمِهِمْ".الرعد 1
الثاني: أنَّ
ماتضمنه الاسم من الصفات كالغفور- مثلاً- متضمنٌ للمغفرة ،والسميعُ متضمنٌ
للسمع، والبصيرُ متضمنٌ للبصر. وهكذا.
الثالث : التصريح بفعل أو وصفٍ دالٍ عليها؛ مثل الاستواء.
فلو قيل : أين
الدليل الذي فيه كلمة "الاستواء"؟
قلنا : قوله تعالى :" ثُمَّ
اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ" الرعد 2 ؛ فهذا فعل ،
والفعل مشتق من المصدر الذي هو الاستواء ، وكذلك نقول في النزول وفي المجيء.
انتهى الفصل
الثاني
********************************
الفصل الثالث
قواعد في أدلة الأسماء والصفات
* القاعدة الأولى*
الأدلة
التي تثبت بها أسماء الله تعالى وصفاته، هي: كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله
عليه وسلم، فلا تثبت أسماء الله وصفاته بغيرهما.
*الشرح*
هذه
القاعدة مهمة، وهي أن أسماءُ اللهِ وصفاتهِ لا تؤخذ إلا من الكتاب والسُنة.ولا تؤخذ من إجماع السلف؟ لأن إجماعٌ من السلف لايمكن
أن يكون مبنيًا على غير الكتاب والسُنة أبدًا. وحينئذٍ
فالمرجع هو الكتاب والسُنة ، لأن العلم
بالأسماء والصفات العلم بهما من باب
العلم بالخبر، وليست هي أحكامًا يدخل فيها القياس حتى نقول ؛ربما يكون إجماعٌ عن
قياس، ولكنها أمورٌ تُدرك بالخبر، وحينئذٍ لا يمكن أن يوجد إجماع؛ إلا مستندِاً
إلى خبر من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ فالمرجع إذًا في إثبات
الأسماء والصفات إلى الكتاب والسنة .لكن
أحيانًا لانطلع على دليل الكتاب والسنة ؛ لكن نطلع على الإجماع .فنقول إن
الإجماع هنا لابد أن يكون مستندًا إلى الكتاب والسنة.
*المتن*
وعلى هذا فما ورد إثباته لله تعالى من ذلك في الكتاب أو السنة
وجب إثباته، وما ورد نفيه فيهما وجب نفيه، مع إثبات كمال ضده، وما لم يرد إثباته
ولا نفيه فيهما وجب التوقف في لفظه فلا يثبت ولا ينفى لعدم ورود الإثبات والنفي
فيه.
وأما معناه فيفصل فيه، فإن أريد به حق يليق بالله تعالى فهو مقبول. وإن أريد به معنى لا يليق بالله عز وجل وجب رده.
وأما معناه فيفصل فيه، فإن أريد به حق يليق بالله تعالى فهو مقبول. وإن أريد به معنى لا يليق بالله عز وجل وجب رده.
*الشرح*
القاعدة
مفهومة. مادمنا نعتمد في الإثبات والنفي
على الكتاب والسُنة؛
فما وردإثباته وجب إثباته وماورد نفيه وجب نفيه مع إثبات كمال ضده.فالظلم وردَ
نفيه؛ فيُنفى عن الله الظلم مع إثبات كمال ضده وهو- كمال العدل. والبصر ورد إثباته
فيجب علينا إثباته.
وهناك
أشياء تنازع فيها المتأخرون لأنها مما أحدِث من علم الكلام. تنازع المُتأخرون فيها
فمنهم من نفاها ومنهم من أثبتها ، والصواب أن نتوقف في اللفظ ونستفصل في المعنى،
فاللفظ لانثبته ولاننفيه؛ والمعنى نستفصل عنه ؛ هذا إن لم يكن ذلك الاسم دالاً على
نقصٍ؛ فيجب علينا نفيه بكل حال. أما إذا كان محتَمِلاً فإننا نتوقف في لفظه
ونستفصل عن معناه.
*المتن*
فمما ورد إثباته لله تعالى: كل صفة دل
عليها اسم من أسماء الله تعالى دلالة مطابقة، أو تضمن، أو التزام.
ومنه كل صفة دل عليها فعل من أفعاله كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين عباده يوم القيامة، ونحو ذلك من أفعاله التي لا تحصى أنواعها فضلاً عن أفرادها "وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ"إبراهيم : 27.
ومنه: الوجه، والعينان، واليدان ونحوها.
ومنه :الكلام، والمشيئة، والإرادة بقسميها: الكوني، والشرعي. فالكونية بمعنى المشيئة، والشرعية بمعنى المحبة.
ومنه :الرضا، والمحبة، والغضب، والكراهة ونحوها.
ومما ورد نفيه عن الله سبحانه لانتفائه وثبوت كمال ضده: الموت، والنوم، والسِنَة، والعجز، والإعياء، والظلم، والغفلة عن أعمال العباد، وأن يكون له مثيل أو كفؤ ونحو ذلك.
ومما لم يرد إثباته ولا نفيه لفظ "الجهة" فلو سأل سائل هل نثبت لله تعالى جهة؟
قلنا له: لفظ الجهة لم يرد في الكتاب والسنة إثباتًا ولا نفيًا، ويغني عنه ما ثبت فيهما من أن الله تعالى في السماء. وأما معناه فإما أن يراد به جهة سفل أو جهة علو تحيط بالله أو جهة علو علو لا تحيط به.
فالأول باطل لمنافاته لعلو الله تعالى الثابت بالكتاب والسنة، والعقل والفطرة، والإجماع.
والثاني باطل أيضًا؛ لأن الله تعالى أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته.
والثالث حق؛ لأن الله تعالى العلي فوق خلقه ولا يحيط به شيء من مخلوقاته.
ومنه كل صفة دل عليها فعل من أفعاله كالاستواء على العرش، والنزول إلى السماء الدنيا، والمجيء للفصل بين عباده يوم القيامة، ونحو ذلك من أفعاله التي لا تحصى أنواعها فضلاً عن أفرادها "وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ"إبراهيم : 27.
ومنه: الوجه، والعينان، واليدان ونحوها.
ومنه :الكلام، والمشيئة، والإرادة بقسميها: الكوني، والشرعي. فالكونية بمعنى المشيئة، والشرعية بمعنى المحبة.
ومنه :الرضا، والمحبة، والغضب، والكراهة ونحوها.
ومما ورد نفيه عن الله سبحانه لانتفائه وثبوت كمال ضده: الموت، والنوم، والسِنَة، والعجز، والإعياء، والظلم، والغفلة عن أعمال العباد، وأن يكون له مثيل أو كفؤ ونحو ذلك.
ومما لم يرد إثباته ولا نفيه لفظ "الجهة" فلو سأل سائل هل نثبت لله تعالى جهة؟
قلنا له: لفظ الجهة لم يرد في الكتاب والسنة إثباتًا ولا نفيًا، ويغني عنه ما ثبت فيهما من أن الله تعالى في السماء. وأما معناه فإما أن يراد به جهة سفل أو جهة علو تحيط بالله أو جهة علو علو لا تحيط به.
فالأول باطل لمنافاته لعلو الله تعالى الثابت بالكتاب والسنة، والعقل والفطرة، والإجماع.
والثاني باطل أيضًا؛ لأن الله تعالى أعظم من أن يحيط به شيء من مخلوقاته.
والثالث حق؛ لأن الله تعالى العلي فوق خلقه ولا يحيط به شيء من مخلوقاته.
*الـشـرح*
فمما
ورد فيه النزاع"الجهة".
فهل
اللهُ في جهة؟ الجواب: الجهات إما عُلو أو سُفل. والعُلو إما أن يُحيط بالله أولا يُحيط
به.فإن أردت بالجهة جهة السُفل –كما يقول من يقول:إن الله تعالى في كل مكان بذاته-
؛فهذا باطلٌ بلاشكٍ، لأنه مُخالفٌ لما ثبتَ من عُلوهِ الدال على كماله.
وإن
أردتَ أنه في جهةٍ تُحيط ُبه ؛جهةٍ عُليا لكن تُحيط ُبه؛-
حوله الجدران وفوقه السقف وما
أشبه ذلك - فهذا
باطلٌ لأن اللهَ تعالى لا يُحيط ُبه شيءٌ من مخلوقاته.
وإن
أردت جهة عُلوٍ لا تُحيط ُبه بل هي عدمٌ ،مافوقه شيءٌ ولاعن يمينه ولاعن شماله
شيءٌ.فكل ما هو فوق فهو عدم.يعني مافي شيءٌ من المخلوقات ،فهذه جهة عُلو لاتُحيط
ُبه ، فهذا حقٌ ، لأن الله-سبحانه وتعالى-فوق كل شيء.لايحاذيه شيء من
مخلوقاته أبدًا ؛فكل شيء هو تحته سبحانه .إذن هذه جهة علو لكن بدون إحاطة
يعني بدون أن يُحيط َبه شيءٌ من المخلوقات وهذا حقٌ . والدليل على ذلك أي على علو
الله بذاته من كتاب الله وسُنة رسوله وإجماع الصحابة والعقل والفطرة.
*المـتـن*
ودليل
هذه القاعدة السمع والعقل.
فأما السمع فمنه قوله تعالى"وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"الأنعام 155، وقوله: "فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" الأعراف 158، وقوله"وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" الحشر 7، وقوله"مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا" النساء 80، وقوله: "فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا" النساء 59، وقوله: "وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ" المائدة 49.
إلى غير ذلك من النصوص الدالة على وجوب الإيمان بما جاء في القرآن والسنة.
وكل نص يدل على وجوب الإيمان بما جاء في القرآن ؛فهو دال على وجوب الإيمان بما جاء في السنة؛ لأن مما جاء في القرآن الأمر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والردَّ إليه عند التنازع. والرد إليه يكون إليه نفسهِ في حياته وإلى سنته بعد وفاته.
فأين الإيمان بالقرآن لمن استكبرعن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم المأمور به في القرآن؟
وأين الإيمان بالقرآن لمن لم يرد النزاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أمر الله به في القرآن؟
وأين الإيمان بالرسول الذي أمر به القرآن لمن لم يقبل ما جاء في سنته؟
ولقد قال الله تعالى"وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ" النحل 89. ومن المعلوم أن كثيرًا من أمور الشريعة العلمية والعملية جاء بيانها بالسنة، فيكون بيانها بالسنة من تبيان القرآن.
فأما السمع فمنه قوله تعالى"وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ"الأنعام 155، وقوله: "فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ" الأعراف 158، وقوله"وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا" الحشر 7، وقوله"مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا" النساء 80، وقوله: "فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا" النساء 59، وقوله: "وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ" المائدة 49.
إلى غير ذلك من النصوص الدالة على وجوب الإيمان بما جاء في القرآن والسنة.
وكل نص يدل على وجوب الإيمان بما جاء في القرآن ؛فهو دال على وجوب الإيمان بما جاء في السنة؛ لأن مما جاء في القرآن الأمر باتباع النبي صلى الله عليه وسلم والردَّ إليه عند التنازع. والرد إليه يكون إليه نفسهِ في حياته وإلى سنته بعد وفاته.
فأين الإيمان بالقرآن لمن استكبرعن اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم المأمور به في القرآن؟
وأين الإيمان بالقرآن لمن لم يرد النزاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أمر الله به في القرآن؟
وأين الإيمان بالرسول الذي أمر به القرآن لمن لم يقبل ما جاء في سنته؟
ولقد قال الله تعالى"وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ" النحل 89. ومن المعلوم أن كثيرًا من أمور الشريعة العلمية والعملية جاء بيانها بالسنة، فيكون بيانها بالسنة من تبيان القرآن.
*الشرح*
هذا
كله يدل على أن ماجاء في السُنة من ذلك فهو كما جاء في القرآن سواءً بسواءٍ.
*المتن*
وأما
العقل: فنقول: إن تفصيل القول فيما يجب أو يمتنع أو يجوز في
حق الله تعالى من أمور الغيب التي لا يمكن إدراكها بالعقل، فوجب الرجوع فيه إلى ما
جاء في الكتاب والسنة.
*الشرح*
الآن
لوقال قائلٌ:إنَّ اللهَ في جهة وقال آخرٌ:إن اللهَ ليس في جهةٍ إيش نقول؟ نقول:أما
بالنسبة للفظ لانثبت ولاننفي لكن بالنسبة للمعنى نستفصل لماذا؟ لأن الذين نفَوا
الجهة ادعَو أن أهل السُنة يُثبتون أن الله في جهةٍ تُحيط ُبه فصاروا يتوصلون بنفي
الجهة إلى نفي العُلو ولهذا نحتاج أن نستفصل.طيب
لو قال قائلٌ:إن اللهَ ليس بجسم وقال آخر بل للهِ جسمٌ
لأنه استوى على العرش وينزل إلى السماء الدنيا ويأتي للفصل بين عباده ويقبضُ الصدقاتِ
ويُربيها بكفه وما أشبه ذلك.فهذا يقول جسم والثاني يقول غير جسم ؛نستفصل لأن الذين
نفوا الجسم ادعوا أن إثبات أي صفة يستلزم التجسيم وقالوا أجسامًا مُتماثلة
فقالوا:إن الله لم يستو على العرش لأنك لو قلتَ استوى على العرش معناه صار جسمًا..لاينزل
لأنك لو قلتَ ينزل صار جسمًا . ولايأتي للفصل بين العباد لأنه لو كان كذلك لكان
جسماً وليس له يدٌ حقيقية وإلا لكان جسمًا إلى آخره، فنفوا الصفات بهذه
الحجة. نقول لهم:أين في الكتاب أوالسُنةِ نفي
الجسم؟ لو أن أحدًا أثبته وقال:نعم أنا أقول له جسم . هات لي دليلاً يدل
على أن الله ليس بجسم؟ هل يستطيع يأتي بدليل؟ مايستطيع لكن إذا قال لي هات دليل
على أن اللهَ جسمٌ أنا ماعندي دليل.إذن لاتثبت أنَّ اللهَ جسمٌ ولاتنفي أن اللهَ
جسمٌ ،ولكن نستفصل عن المعنى واثبت المعنى الحق وأنفِ المعنى الباطل أما اللفظ
فدعه لاتقل الله ليس بجسم ولاتقول الله جسم.اترك هذا اللفظ هذا ماتكلم به الكتاب
ولا السُنة ولا الصحابة.
فنقول:ماتُريد
بمعنى الجسم؟ إن قال:أريدُ بمعنى الجسم الشيء المركب من
أعضاء وأبعاض وماأشبه ذلك.فهذا ممتنع على الله، ونقول نفيك الجسم بهذا المعنى
صحيحٌ وإن أراد بنفي الجسم قال:أنا
أنفي وأريد بالجسم الشيء القائم بنفسه المُتصف بالصفات اللائقة به .قلنا:هذا ليس
بصحيح يعني، نفيك إياه ليس بصحيح بل هو بهذا المعنى جسم يعني أنه ذاتٌ قائمٌ بنفسه
مُتصفٌ بالصفات التي تليقُ به يستوى على العرش وينزل إلى السماء الدنيا وماأشبه
ذلك. إذًا لفظ الجسم إثباتًا على سبيل الإطلاق خطأ ونفيه على سبيل
الإطلاق خطأ والواجب التفصيل هذا في المعنى،
أما في اللفظ فأنا لاأقول:إن اللهّ جسمٌ ؛ولاأقول : إن اللهَ ليس بجسم.ولهذا
السفاريني-رحمه الله-صار عليه انتقادٌ في قوله: وليس
ربنا بجوهر ولاجسم ولاعرضٍ تعالى ذوالعُلى هذا
خطأ ؛ولهذا أبدله شيخنا عبد الرحمن السعدي في قوله: ليسَ
الإلهُ مُشْبِِهًا عبيدَه في الوصفِ معْ أسمائِه العديدة ؛وهذا
بالحقيقةِ صحيحٌ لكن وليس ربنا بجوهر إيش يدريك؟ ولاجسم إيش يدريك؟ ولاعرض إيش
يدريك؟ لاتنف اسكُت كما سكتَ اللهُ ورسوله.مافي القرآن جسم ولاليس بجسم ولاعند
الصحابة.لكن هذه المسائل ولَّدها المتكلمون المُحْدَثون ليتوصلوا بها إلى معنىً
باطلٍ ؛لكن يوهمون العامة ومن ليس عندهم علمٌ راسخٌ بأن هذا الذي قالوه هو
الحق وأن هذا هوغاية ُالتنزيه لله-عزوجل-فينفون الصفات بمثل هذه الطرق.
الخلاصة:هذه
القاعدة مهمة.أيُّ إنسان يُجادلك في نفي شيءٍ أوإثبات عن الله تقول له:هات الدليل؛
وإلا فاسكت لا تثبت ولاتنف والمعاني الحق ثابتة لله تعالى والمعاني الباطلة منفية
عن الله .
المتن
*القاعدة الثانية*
الواجب
في نصوص القرآن والسُنة؛ إجراؤها على ظاهرها؛ دون تحريفٍ ؛ لاسيما نصوص الصفات حيثُ
لامجال للرأي فيها.
الشرح
هذه
أيضًا قاعدة مهمة فالواجب في نصوص القرآن والسُنة أن تُجرى على ظاهرها كما
سيأتي في الأدلة ،لاسيما نصوص الصفات لأن نصوص الصفات من الأمور الغيبية التي ليس
للعقل فيها مجالٌ حتى يُتحَكم ويُقال هذا لا يُرادُ به ظاهرهُ وماأشبه ذلك.فنحنُ
نُسلم بهذه النصوص ونُجريها على ظاهرها مع اعتقاد أن ظاهرَها لايُرادُ به الباطل؛
يعني لو قال قائلٌ:إن ظاهر قوله تعالى:"بل
يداهُ مبسوطتان" أن تكون له يدان تُماثلان
أيدي المخلوق.هل هذا هو الظاهر؟ أسألكم ؛ جَردوا أنفسكم من كل شيءٍ"بل
يداهُ مبسوطتان" هل تفهمون أن هاتين
اليدين تُماثلان أيدي المخلوقين؟. لأ ما نفهم هذا.إذن ليس هو ظاهر اللفظ بل
نفهم يداهُ اللائقتان به.كما لو قلتُ للهر يدان والهِر
البَس؛ هل أحد من الناس يقول إن ظاهر هذا اللفظ أن يدي الهِر كيدي الإنسان؟
لأمادام أضفته إلى الهِِر معناها تليق بالهر. للذرة
يدان هل تليق أن أحدا يفهم من هذا الكلام أن يدي الذرة كيدي الجمل
والفيل؟.لأ أبدًا مادام أضيف للذرة عارف أنها يد كيد الذرة.
إذن
ظاهر النصوص في أسماء الله وصفاته ؛ظاهرها المعنى اللائق بالله ؛ولهذا يجب علينا
إجراؤها على ظاهرها لاعلى سبيل التمثيل بل على المعنى اللائق بالله- سبحانه
وتعالى- لأن هذه صفاتٌ أضيفت إلى موصوفِها فيقتضي أن تكون لائقة ًبه .
أنا
أقول أمسكتُ الكأسَ يدَهُ بيدي ؛هل تفهم أن يدَ الكأسِ
كيدي؟ إيش يد الكأس؟ العروة ؛هذه يد الكأس لكن يدي غير يد الكأس ؛شوف يده بيدي
كلمتان في جملة واحدة ومع ذلك كلٌ يفهم من اليد المُضافة إلى الكأس غير مايفهم من
اليد المُضافة إلى الذي أمْسَكَ.
فإذن
يدُ اللهِ- عزوجل-التي نطق بها القرآن والسُنة ليس ظاهرُها أنها كأيدي المخلوقين
أبدًا بل إن ظاهرَها يدٌ تليقُ به- سبحانه وتعالى-.وحينئذٍ نقطعُ دابرَ هؤلاءِ
المحرِّفين الذين يدَّعون أن ظواهرالكتاب والسُنة هو التمثيل ويتوصلون بهذا
الاعتقاد الباطل ؛إلى نفي ماجاء في الكتاب والسُنة.
المـتـن
ودليل
ذلك: السمع، والعقل.
أما السمع: فقوله تعالى"نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ* بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ"الشعراء 193- 195. وقوله: "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" يوسف 2. وقوله"إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" الزخرف 3. وهذا يدل على وجوب فهمه على ما يقتضيه ظاهره باللسان العربي إلا أن يمنع منه دليل شرعي.
أما السمع: فقوله تعالى"نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ* عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ* بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ"الشعراء 193- 195. وقوله: "إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" يوسف 2. وقوله"إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ" الزخرف 3. وهذا يدل على وجوب فهمه على ما يقتضيه ظاهره باللسان العربي إلا أن يمنع منه دليل شرعي.
الشرح
يقول:"
بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ " إذًا ما الواجب
إذا جاءنا شيءٌ في الكتاب والسُنة ما الواجب ؟ أن
نُجريه على مايقتضيه هذا اللفظ باللسان العربي ؛لأنه
نزل باللسان العربي.كذلك يقول"إِنَّا
أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"
"
إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ
"، آياتان الأولى في يوسف والثانية في الزخرف."
لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ "هذه للتعليل؛ أي لأجل أن
تعقلوا معانيَهُ لأنه نزل بلغتكم فهذا يلزم أن نُجريه على مايقتضيه اللسان العربي ؛ولهذا
قال:وهذا يدل على وجوب فهمه على مايقتضيه ظاهره باللسان العربي إلاأن يمنع منه
دليلٌ شرعي واللهُ أعلم.
المتن
وقد
ذم الله تعالى اليهود على تحريفهم، وبين أنهم بتحريفهم من أبعد الناس عن الإيمان.
فقال: "أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ
كَانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ
بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ"البقرة
75 ". وقال تعالى" مِنَ الَّذِينَ هَادُوا
يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا"النساء
46. الآية.
وأما العقل: فلأن المتكلم بهذه النصوص أعلم بمرادِه من غيره، وقد خاطبنا باللسان العربي المبين فوجب قبوله على ظاهره وإلا لاختلفت الآراء وتفرقت الأمة.
وأما العقل: فلأن المتكلم بهذه النصوص أعلم بمرادِه من غيره، وقد خاطبنا باللسان العربي المبين فوجب قبوله على ظاهره وإلا لاختلفت الآراء وتفرقت الأمة.
. الشرح
واضح
الآن أن الواجب في نصوص القرآن والسُنة إجراؤها على ظاهرها هذا الواجب دون تحريفٍ.
دليلُ ذلك السمع والعقل. السمع
استدللنا بعدة آيات وبيَّنا في الآية الأخيرة أن التحريف من صُنع اليهود ؛وأن مَنْ
حرَّف من هذه الأمة نصوصَ الكتاب والسُنة سواء العلمية أو العملية؛ كان فيه شبهٌ
من اليهود. أما العقل:فنقول:إنَّ
المتكلمَ بهذه النصوص وهو الله ورسوله؛ أعلمُ الناس بمراده ولا لأ؟ كما أن كلَ
متكلمٍ أعلمُ الناسِ بمراده .كلُ متكلمٍ سواء الله أو رسوله أو غيرهما فإنه أعلمُ
بمراده؛ أي بمراد ماتكلم به. والله- عزوجل- خاطب
النبى بماذا؟ باللسان العربي المبين كما قال تعالى:"نَزَلَ
بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ "الشعراء193عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ
الْمُنذِرِينَ "الشعراء194 بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُّبِينٍ "الشعراء195".إذا
كان كذلك فإنه يجب قبوله على ظاهره؛
لأننا لو لم نقل بقبوله على ظاهره لكان أنا أرى أن يُؤول على هذا
الوجه وأنت ترى أن يُؤول على هذا الوجه والثالث يرى أنه يُؤول على وجهٍ ثالث وهكذا
فتختلف الأمة لاختلاف الآراء، ولهذا تجد المتاولين الآن تجدهم أكثر الناس نِزاعًا
في المُراد بالنصوص، لأن كل إنسان يُؤول على مايقتضيه رأيه ؛فيحصل الاختلاف
والتفرق وتكون الأمة ليست أمة واحدة بل أممًا .
المتن
*القاعدة الثالثة*
ظواهر
نصوص الصفات معلومة لنا باعتبار ومجهولة لنا باعتبار آخر، فباعتبار المعنى هي
معلومة، وباعتبار الكيفية التي هي عليها مجهولة.
وقد دل على ذلك: السمع والعقل.
أما السمع: فمنه قوله تعالى: "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ"ص: 29. وقوله تعالى"إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"الزخرف :3.وقوله - جل ذكره- "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ"النحل :44.
والتدبر لا يكون إلا فيما يمكن الوصول إلى فهمه، ليتذكر الإنسان بما فهمه منه.
وكون القرآن عربيًّا ليعقله من يفهم العربية يدل على أن معناه معلوم وإلا لما كان فرق بين أن يكون باللغة العربية أو غيرها.
وبيان النبي صلى الله عليه وسلم القرآن للناس شامل لبيان لفظه وبيان معناه.
وقد دل على ذلك: السمع والعقل.
أما السمع: فمنه قوله تعالى: "كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ"ص: 29. وقوله تعالى"إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"الزخرف :3.وقوله - جل ذكره- "وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ"النحل :44.
والتدبر لا يكون إلا فيما يمكن الوصول إلى فهمه، ليتذكر الإنسان بما فهمه منه.
وكون القرآن عربيًّا ليعقله من يفهم العربية يدل على أن معناه معلوم وإلا لما كان فرق بين أن يكون باللغة العربية أو غيرها.
وبيان النبي صلى الله عليه وسلم القرآن للناس شامل لبيان لفظه وبيان معناه.
. الشرح
أظن
هذه واضحة.قال اللهُ تعالى ""كِتَابٌ
أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو
الْأَلْبَابِ" ص: 29.وإذا
كان نُزل لتدبر الآيات فمعلوم أن مالا يُمكن الوصول إلى معناه؛ لافائدة من تدبره ؛لأن
المقصود بالتدبر الوصول إلى المعنى ولهذا
قال:"وَلِيَتَذَكَّرَ"ولاتذكر
إلابعد معرفة المعنى.أيضًا يقول
"إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ"
الزخرف :3 .تعقلون إيش؟ لفظه
ولَّا معناه؟ معناه ؛وكذلك
لفظه؛ بالنسبة
للسان العربي لو فُرض أنه لايُعقل معناه؛ لم يكن فرقٌ بين أن يكون باللسان العربي
أواللسان الأعجمي العجمي .أيضًا يقولُ تعالى"وَأَنْزَلْنَا
إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ" النحل :44.
والرسول- صلى الله عليه وسلم- بيَّنَ
القرآن لفظَه ومعناه.فإذا
قال قائلٌ:إذن يلزمكم على هذا أن يكون الرسول- صلى الله عليه وسلم- تفسيرٌ في
القرآن؟ تفسيرٌ كاملٌ مُجلدات للقرآن؟ فالجواب: أن القرآن بلسانٍ عربي؛ والذين نزل
القرآن بلغتهم لا يحتاجون إلى تفسيره إلا في أمورغامضة فسرها الرسول- عليه
الصلاة والسلام-. كقوله:"للذين
أحْسَنوا الحُسْنى وزيادة ٌ"قال
الزيادة:هي النظرُ إلى وجه الله.وكقوله"ألا
إنَّ القوة الرمي"في تفسير"وأعِدوا
لهم مااستطعتُم من قوةٍ"الأنفال، وما أشبه ذلك،
لكن الباقي أمره واضح عند الصحابة ما يحتاج إلى تفسير.فالرسول-صلى الله عليه وسلم-
بيَّنَ لفظ القرآن ومعناه ولم يترك منه شيئاً وحينئذٍ فنقول:نصوص الصفات معلومة
واللا غير معلومة؟ نقول معلومة باعتبار المعنى ؛أما باعتبار الكيفية التي هي عليها
فهي مجهولة لنا.
المتن
وأما
العقل: فلأن من المحال أن ينزل الله تعالى كتاباً أو يتكلم رسوله صلى الله عليه
وسلم بكلام يقصد بهذا الكتاب وهذا الكلام أن يكون هداية للخلق، ويبقى في أعظم
الأمور وأشدِّها ضرورة مجهول المعنى، بمنزلة الحروف الهجائية التي لا يفهم منها
شيء؛ لأن ذلك من السفه الذي تأباه حكمة الله تعالى، وقد قال الله تعالى عن
كتابه"كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ
مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ"هود: 1.
الشرح
نقول:اللهُ
تعالى أنزل كتابًا والنبي-صلى الله عليه وسلم تكلم بكلام ؛ما الغرضُ من هذا الكتاب
وهذا الكلام؟ هداية الخلق لمصالح دينهم ودنياهم
؛فهل من المعقول أن يكون هذا الكلام الذي يُقصد به هِداية ُالخلق لا يُعرف
معناه؟بل هو بمنزلة الحروف الهجائية؟!! الجواب:لأ ليس من المعقول أبدًا لأن لفظًا
لايُعْلم معناه لايُمكن أن يكون هِداية ، ولذلك لو جاءنا واحدٌ أعجمي يبربر يتكلم
كلامًا كثيراًطويلاً هل نعرف معناه؟ هل استفدنا من كلامه؟ مااستفدنا من كلامه.إذا
قلنا:إن الكتاب والسُنة لايُعرف معناهما فيما يتعلق بالصفات، فمعنى هذا أننا
كابرنا المعقول كما أنكرنا المنقول. فالمنقول:كما رأيتم كله فيه دليلٌ على أن
القرآن بيانٌ. وكابرنا المعقول:لأنه ليس من المعقول أن ينزل هذا الكتاب ويتكلم هذا
النبي بالكلام الذي يُرادُ به الهِداية ولكن المُخاطَبون لايعرفون المعنى.إذاً لم
يستفيدوا من هذا اللفظ شيئاً.فالضرورة العقلية
تستلزم أن يكون القرآنُ معلومَ المعنى ،وكذلك السُنة هذا أمرٌ ضروريٌ عقليٌ ؛لامحيد
عنه.
المتن
هذه
دلالة السمع والعقل على علمنا بمعاني نصوص الصفات.
وأما دلالتهما على جهلنا لها باعتبار الكيفية،فقد سبقت في القاعدة السادسة من قواعد الصفات.
وبهذا علم بطلان مذهب المفوضة الذين يفوضون علم معاني نصوص الصفات، ويدعون أن هذا مذهب السلف. والسلف بريئون من هذا المذهب، وقد تواترت الأقوال عنهم بإثبات المعاني لهذه النصوص إجمالاً أحيانًا وتفصيلاً أحيانًا، وتفويضِهم الكيفية إلى علم الله - عز وجل.
وأما دلالتهما على جهلنا لها باعتبار الكيفية،فقد سبقت في القاعدة السادسة من قواعد الصفات.
وبهذا علم بطلان مذهب المفوضة الذين يفوضون علم معاني نصوص الصفات، ويدعون أن هذا مذهب السلف. والسلف بريئون من هذا المذهب، وقد تواترت الأقوال عنهم بإثبات المعاني لهذه النصوص إجمالاً أحيانًا وتفصيلاً أحيانًا، وتفويضِهم الكيفية إلى علم الله - عز وجل.
. الشرح
انتبه
الآن عندنا مذهب يُسميه بعضُ الناس مذهب أهل السُنة أو مذهب السلف ؛وهو التفويض
ولذلك بعضهم يقول:أهلُ السُنةِ ينقسمون إلى قسمين:مفوِّضة
ومُؤَوِلة ؛ثم لايذكرون المذهب الحقيقي لأهل
السُنة.المُفوِّضة معناه عندهم الذين يقرأون النصوص ويُفوضون أمرها إلى الله
يقول"استوى على العرش"إيش معنى استوى؟ يقول اللهُ أعلم.هؤلاء أهل
التفويض.أهل التأويل إيش يقولون؟إذا سألتهم ما معنى استوى على العرش؟قالوا:استولى.هؤلاء
الجماعة الجاهلون بمذهب السلف يقولون:إن مذهب السلف هوالتفويض وهذا مشهورٌ حتى عند
علماء أكابر؛ مايفهمون مذهب السلف تماماً يقولون مذهب السلف التفويض ؛ إقرأ وفوض
الأمر إلى الله.عندهم البيت المشهور؛
في عقائدهم: وكُلُ نصٍ
أوْهَمَ التشبيهَ أوِّله أو فوِّض ورُم تنزيها .
وعندهم جميعاً نصوص الصفات كلها ؛توهم التشبيه؛ فهم يقولون:كلُ
نص أوهم التشبيه أوِّله شوف
قدم التأويل أو فوِّض ورُمْ تنزيها. وهذه قاعدة باطلة
لأنه مافي النصوص شيءٌ يوهم التشبيه أبدًا بل كلها تدل على أن الصفات لائقة بالله-
عزوجل. المهم انتبهوا لهذه المسألة
يغلط فيها من أكابرالعلماء يقول: مذهب أهل السنة ينقسم إلى قسمين: تفويض وتأويل.التفويض
هومذهب السلف والتأويل مذهب الخلف. طيب نسألهم ماهو التفويض؟ قال:إنكَ تفوض النص
ماتقول شيئًا أبداً في معناه ومعلوم أن هذا من أبطل الأقوال. أن اللهَ يُنزل علينا
كتابًا ويقول الرسول- صلى الله عليه وسلم- سُنة ًونقول في أعظم ما تَرِدُ من أجله
وهو الصفات إنه لايُفهم معناها؛هذا
من أكبر القدح في القرآن والسُنة وأهل السُنة والجماعة بريئون من هذا المذهب
ويُنكرونه؛ لأنهم يُثبتون المعاني,يُثبتون النصوص
ومعانيها اللائقة بالله-عزوجل-.لو قال لك قائلٌ:هل أهل
السُنة والسلف ينفون التفويض مطلقاٌ؟ فيه
تفصيل,التفويض في الكيفية يُثبتونه ؛والتفويض في المعنى يُنكرونه.
التفويض يقول"بإثبات المعاني لهذه النصوص إجمالاً أحياناً وتفصيلا أحيانًا
وتفويضهم الكيفية إلى علم الله- عزوجل- فيقول استوى لكن كيف استوى؟ مانقول.
المتن
قال
شيخ الإسلام ابن تيميه في كتابه المعروف بـ "العقل والنقل" ص116 جـ1
المطبوع على هامش منهاج السنة:
الشرح
هذا
الكتاب أثنى عليه ابن القيم ثناءً عظيمًا حتى قال فيه وله كتاب العقل والنقل
الذي مافي الوجود له نظيرٌ ثان يعني مما ألف الناس في إبطال مذهب أهل الإلحاد
والفلاسفة ماله نظير-"العقل والنقل" -؛لكن
لايقرأه إلا إنسانٌ مُتبحرٌ في العلم أما رجلٌ صغيرٌ يروح يقرأ هذا الكتاب فإنه
سوف يغرق ؛لأنه لايسبح في البحر إلا عوام سابح؛ تيجي للصغير مايعرف يسبح في
البِركة اللي مترين ويروح يسبح في البحر يغرق؛ لكن اللي عنده فهم يرى في هذا
الكتاب العجب العجاب-رحمه الله-من تأليفه وهو مطبوع مستقل الآن وسُمي َباسم آخر
هو"درء تعارض العقل والنقل"يعني
دفع,يعني العقل والنقل لايتعارضان حتى أنه-رحمه الله-ذكر فيه قاعدة
عجيبة قال:"كلُ إنسان ادعى أن النصوص تدل
على قول باطل فأنا مستعد أن أجعل دليلَهُ دليلاً عليه"أ.هـ
وهذه
غريبة في المصادرة يعني تأتي بدليلك وأخذه أنا وأرميك به.هذه
مصادرة غريبة من كلامه لكن هذا حق.كلُ دليلٍ استدل به أهلُ الباطلِ فإنه دليلٌ
عليهم. فمثلا إذا قالوا نحنُ نُنكر الصفات لأن الله يقول:"ليس
كمثله شيء"نقول هذه الجملة نفسها دليلٌ عليكم ؛لأن
نفي المماثلة دليل على وجود الأصل ؛ولالأ؟ إذ لو لم يكن الأصل موجوداً لكان نفي
المماثلة لهواً لافائدة َمِنه. كلُّ نصٍ يستدل به صاحب باطل على باطله فإنه يكون دليلاً
عليه عند التأمل.شيخ الإسلام-رحمه الله-التزم بذلك في هذا الكتاب.
المتن
"وأما
التفويض فمن المعلوم أن الله أمرنا بتدبر القرآن وحضنا على عقله وفهمه، فكيف يجوز
مع ذلك أن يراد منا الإعراض عن فهمه ومعرفته وعقله - إلى أن قال ص118 -: وحينئذٍ
فيكون ما وصف الله به نفسه في القرآن أو كثير مما وصف الله به نفسه لا يعلم
الأنبياء معناه. بل يقولون كلاماً لا يعقلون معناه، قال: ومعلوم أن هذا قدح في
القرآن والأنبياء .
. الشرح
غريبة
يعني أهل التفويض يقولون:إن اللي في القرآن مايُعلم معناه ؛حتى الرسول-صلى الله
عليه وسلم- لو سألته إيش معنى"بل يداهُ مبسوطتان"يقول:ما أدري. إيش
معنى"على العرش استوى"يقول:ماأدري.طيب
أنتَ يامحمد تقول:إنَّ اللهَ ينزل إلى السماء الدنيا" إيش معنى ينزل؟إيش
يقول؟ما أدري.طيب أنتَ تقول: "يضحك ربُنا إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر"
إيش معنى يضحك؟ قال:ما أدري.هل هذا معقول؟ ولهذا يقول شيخُ
الإسلام:إن هذا القول قدحٌ في القرآن
والأنبياء صح ولا لأ؟ أي نعم
صحيح.أنا الآن لو أسأل واحد منكم إيش معنى قول المؤلف كذا وكذا؟ تقول: والله ما
أدري.هل هذا يحط من مرتبتك ولا لأ؟ يحُط بلاشك من مرتبتك ؛فإذا كانت الرُسل تقول
ماتقول من الوحي فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته وهي لاتدري معناها معنى ماتقول
فهذا من أكبر القدح في الأنبياء- عليهم السلام.
المتن
إذ
كان الله أنزل القرآن وأخبر أنه جعله هدىً وبيانًا للناس، وأمر الرسول أن يبلغ
البلاغ المبين، وأن يبين للناس ما نُزل إليهم وأمر بتدبر القرآن وعقله ومع هذا
فأشرف ما فيه وهو ما أخبر به الرب عن صفاته... لا يعلم أحد معناه فلا يُعْقل ولا يُتَدبر،
ولا يكون الرسول بين للناس ما نزل إليهم، ولا بلغ البلاغ المبين، وعلى هذا التقدير
فيقول كل ملحد ومبتدع؛ الحق في نفس الأمر ما علمته برأيي وعقلي، وليس في النصوص ما
يناقض ذلك؛ لأن تلك النصوصَ مشكلة متشابهة، ولا يعلم أحد معناها، وما لا يعلم أحد
معناه لا يجوز أن يستدل به، فيبقى هذا الكلام سدًا لباب الهدى والبيان من جهة
الأنبياء، وفتحًا لباب من يعارضهم ويقول: إن الهدى والبيان في طريقنا لا في طريق
الأنبياء؛ لأننا نحن نعلم ما نقول ونبينه بالأدلة العقلية، والأنبياء لم يعلموا ما
يقولون فضلاً عن أن يبينوا مرادهم، فتبين أن قول أهل التفويض الذين يزعمون أنهم
متبعون للسنة والسلف من شر أقوال أهل البدع والإلحاد. أهـ.
كلام الشيخ وهو كلام سديد من ذي رأي رشيد، وما عليه مَزيد - رحمه الله تعالى رحمة
واسعة، وجمعنا به في جنات النعيم.
. الشرح
أظن
واضح الكلام ؛حتى هذا يفتح باب الإلحاد؛ لأن الملحد يقول:لايُمكن أن تستدلوا عليَ
بكلامٍ لاتدرون معناه ؛وأنا أستدلُ عليكم بعقلي ورأي.ثم يقول:إن من يقول إن المعنى
كذا خيرٌ ممن يقول لاأدرى .ولهذا اشتبهت هذه المسألةعلى بعض الناس وقال تلك
العبارة الصادقة الكاذبة:طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم
وأحكم هذه العبارة صادقة كاذبة صادقة في الجملة الأولى وكاذبة في الجملة
الثانية.إيش الجملة الأولى؟ طريقة السلف أسلم بلا شك.طريقة
الخلف أعلم وأحكم هذه من أكذب مايكون من
الكلام ؛ليش؟ أولا-هذه
الكلمة متناقضة كيف يقول هذه أسلم والثانية أعلم وأحكم؟ ومتى تكون السلامة؟ تكون
السلامة في العلم والحِكمة.لايُمكن أن يسلم الجاهل
أبدًا ولايُمكن أن يسلم السفيه أبدًا ،بل إن تنازلنا وقلنا لايُمكن أن يكون الجاهل
أسلم من العالم ؛ولا السفيه أسلم من الحكيم صح ولا لأ؟ هذا غيرُ ممكنٍ.فأنتَ إذا
أقررتَ بأن طريق السلف أسلم لزمك أن تكون طريقة السلف أعلم وأحكم. ثانيًا-أن
تقول:بأي وجهٍ قلتم بأن طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف
أعلم وأحكم؟ السلف الرسول-عليه الصلاة والسلام-والخلفاء الراشدون والصحابة
والتابعون لهم بإحسان من أئمة الهَدي والحق ؛كيف يكون طريقة الخلف أهدى من هذا
وأعلم وأحكم؟ هذا ممكن؟!! يعني يمكن تقول أنت يارسول الله,أبو
بكر,عمر,عثمان,عليّ,الصحابةكلهم طريقة مَنْ يأتي من هؤلاء المعتزلة والنُظار أعلم
وأحكم منكم؟ هذا معقول؟ هذاأبدًا غيرُ معقول. ولو أن إنسانًا ثبت على هذا
لأخرجناهُ من الإسلام لأن هذا من أعظم القدح في رسول الله-صلى الله عليه
وسلم-وأصحابه أن يأتي كما قال شيخُ الإسلام:أفراخ
الصابئة والمشركين واليهود والنصارى ثم يُقال هم أعلمُ وأحكم مِنْ مَنْ؟
من الرسول-عليه الصلاة والسلام وأصحابه فيما يتعلق بأسماء
الله وصفاته؟ هذا شيءٌ مستحيل. المهم أن هذاالقول وهو التفويض
وأرجو أن تنتبهوا له لأنكم ربما تجدونه في كتب علماء أجلاء في أعيُننا وأعيُنكم
يُطلقون مثل هذه العبارة"طريقة السلف أسلم وطريقة الخلف أعلم وأحكم"وهم
لو علموا مقتضى هذه العبارة ومستلزماتها ماقالوها
أبدًا لكن قد تندرج على ألسنتهم من غير تروٍ وتمهُلٍ ويأخذها الآخرعن الأول.وإلا
لو تأملوها لوجدوها متناقضة باطلة يلزم عليها لوازم فاسدة ونحنُ نرميهم بدائهم
نقول: زعماؤكم ورؤساؤكم ماذا كان منتهى أمرهم؟إيش؟
الحيرة والقلق والشك.قال
بعض العلماء وأظنه الشافعي"أكثرُ الناسِ شكًّا عندَالموت أهلُ الكلام"
اللي يقول هؤلاء إنهم أعلم وأحكم نقول تفضلوا هذا الرازي من رؤسائكم ماذا
يقول؟يقول:"لقد تأملتُ الطرقَ الكلامية والمناهج
الفلسفية فما رأيتها تُشفي عليلاً ولاتروي غليلاً ورأيتُ أقربَ الطرقِ طريقة َ
القرآن أقرأ ُفي الإثبات"الرحمنُ على العرش
استوى", "إليهِ يَصعدُ الكلمُ الطيب"وأقرا ُفي"النفي ليس كمثله
شيءُ","ولايُحِيطُونَ بهِ عِلْمًا"
ومَنْ جرَّبَ مثل تجربتي عرف مثل معرفتي". ا.هـ شوف هذا الكلام الجيد
وهو دليلٌ واضحٌ على أن أهل الكلام لاينتفعون بكلام؛ لاتشفي عليلا ولاتُروي غليلا.
وكان قد قال متمثلا أو مُنشِئًا ثلاثة َأبياتٍ متمثلا بها أو مُنشِئًا يقول: نهاية
ُأقدامِ العقولِ عِقالُ وأكثرُسعيِ العالِمينَ ضلالُ
وأرواحُنا في وحشةٍ من جُسُومِنا وغاية ُدُنيانا أذىً ووبالُ
ولم نستفد
من بحثنا طولَ عُمْرنا سِوَى أن جمعنا فيهِ قيلَ وقالوا
صارت
عباءة ُالدرويش مُرقعة ًبكلِ لونٍ وإلا كُف الدرويش فيها من كل طعام ؛قيل كذا
وقالوا كذا.
المتن
القاعدة الرابعة:
ظاهر
النصوص ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني، وهو يختلف بحسب
السياق؛ وما
يضاف إليه الكلام، فالكلمة الواحدة يكون لها
معنى في سياق، ومعنى آخر في سياق. وتركيب
الكلام يفيد معنى على وجه ومعنى آخر على وجه.
الشرح
هذا
ظاهر النصوص.ظاهر النصوص هو مايتبادر منها إلى الذهن.ماقلنا إنه هو الذي لايحتمل
غيره ؛يحتمل غيره لكن أول مايتبادر إلى ذهنك هو هذا المعنى.هذا هو ظاهر النصوص
وهذا يختلف,يقول المؤلف:يختلف بحسب السياق ومايُضافُ إليه الكلام
إذا قلت جاءني طالب علم كبير ؛وأنا
أوزع كُتُبًا فقال أنا أريدُ كتباًفقلتُ لوكيلي على المخزن؛ أعطه
مايليقُ به، وعنده الفتاوى والمُغني والمهذَّب وكتب
السنة إيش يعطيه؟ يعطيه كل هذا لأنه طالب علم.وجاءني واحد في الابتدائي؛ طلب كتبًا
فقلتُ لوكيلي أعطيه مايليقُ به إيش يعطيه؟ يُعطيه من الأشياء الصغيرة هذا مايليق
به.شوف كلمة مايليق به لفظها واحدٌ لكن اختلفت بحسب؟ لأ بسحب ما أضيفت إليه و لا
بحسب السياق. السياق واحد"أعطيه مايليقُ به"فاختلفت بحسب ما أضيفت
إليه.فالذي يليق بهذا غير الذي يليق بهذا.
المـتـن
فلفظ
"القرية"، مثلاً يراد به القوم تارة، ومساكن القوم تارة أخرى.
فمن الأول قوله تعالى"وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا "الإسراء58.
فمن الأول قوله تعالى"وَإِنْ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا نَحْنُ مُهْلِكُوهَا قَبْلَ يَوْمِ الْقِيَامَةِ أَوْ مُعَذِّبُوهَا عَذَابًا شَدِيدًا "الإسراء58.
الشرح
هنا
المراد بالقرية أهلها لأن القرى التي هي المساكن ماتُعذب الذي يُعذب الساكن دون
المساكن
. المـتـن
ومن
الثاني قوله تعالى عن الملائكة ضيف إبراهيم"إِنَّا مُهْلِكُوا أَهْلِ هَذِهِ
الْقَرْيَة"العنكبوت 31.
الشرح
أي
أهل هذه المساكن لأنه قال"أهل"فلايمكن أن يُراد بالقريةِ هنا أهلها
لأننا لو قلنا المرادُ بالقريةِ أهل القرية لكان التركيب إنا مُهلكوا أهل هذه
الأهل.تستقيم ولا لأ؟ ماتستقيم.
المتن
وتقول:
صنعت هذا بيدي، فلا تكون اليد كاليد في قوله تعالى"لِمَا
خَلَقْتُ بِيَدَيّ"ص: 75؛ لأن اليد في المثال
أضيفت إلى المخلوق فتكون مناسبة له، وفي الآية أضيفت إلى الخالق فتكون لائقة به،
فلا أحد سليم الفطرة صريح العقل يعتقد أن يد الخالق كيد المخلوق أو بالعكس.
الشرح
واضح
أنا قلتُ صنعتُ هذه بيدي وقد قال الله تعالى:
"لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ" التركيب
واحد لكن بينهما فرق فاليد التي أضافها اللهُ إلى نفسه ليست كاليد التي أضفتها إلى
نفسي مع أن التركيب واحد هذا بحسب الإضافة ؛والأول القرية
بسحب السياق.
المتن
ونقول:
ما عندك إلا زيد، وما زيد إلا عندك، فتفيد الجملة الثانية معنى غير ما تفيده
الأولى مع اتحاد الكلمات، لكن اختلف التركيب
فغير المعنى به.
. الشرح
ماعندك
إلا زيد ومازيد إلا عندك؛ يعني ماينفي أن غيره عندك لكن ينفي أن يكون زيدٌ في مكان
آخر ؛فهنا الحصر في المكان والأول الحصر في الكائن .
المتن
إذا
تقرر هذا فظاهر نصوص الصفات ما يتبادر منها إلى الذهن من المعاني.
وقد انقسم الناس فيه إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: من جعلوا الظاهر المتبادر منها معنى حقًا يليق بالله - عز وجل - وأبقوا دلالتها على ذلك، وهؤلاء هم السلف الذين اجتمعوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والذين لا يصدق لقب أهل السنة والجماعة إلا عليهم.
وقد انقسم الناس فيه إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: من جعلوا الظاهر المتبادر منها معنى حقًا يليق بالله - عز وجل - وأبقوا دلالتها على ذلك، وهؤلاء هم السلف الذين اجتمعوا على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والذين لا يصدق لقب أهل السنة والجماعة إلا عليهم.
. الشرح
انتبهوا
إلى هذه النقطة"الذين
لايصدُق لقب أهل السُنة والجماعة إلا عليهم"لقب
أهل السُنة لأنهم تمسكوا بالسُنة؛ والجماعة لأنهم اجتمعوا عليها ؛فهو لايصدُق إلا
على هؤلاء.أما من قال:إن المراد بالجماعة هنا جماعة الإمامة أهل السنة والجماعة
يعني اللذين تحت إمام واحد؛هذا كذبٌ على اللغة بل المراد
بالجماعة : الاجتماع
هذا الأصل في لفظ الجماعة كما قال شيخُ الإسلام في"الواسطية"قال
الجماعة في الأصل اسمٌ للاجتماع فيكون معنى أهل السُنة أي أهل السُنة والاجتماع
على السُنة؛ بهذا
نعر ف أن مذهب المُفوِّضة أو بعبارة أصح أن المُفويضين والمُؤَوِّلين لايصدُق عليهم
أنهم أهل السنة مع أن كثيرًا من المتأخرين يرون أن أهلَ السُنة والجماعة ينحصرون
في المفوضة والمؤولة.ولكننا نقول بملئ أفواهنا أن المفوضة والمؤولة لايصدُق عليهم
هذا اللقب لأننا نعلم أن
سُنة الرسول- صلى الله عليه وسلم-وسُنة أصحابه هو إبقاء النصوص على ظاهرها على
مايليقُ بالله-عزوجل- والمؤولة يُحرفونها عن ظاهرها.ونعلمُ أيضاً أن النبي-صلى
الله عليه وسلم-وأصحابِه أو أن سُنة النبي-عليه الصلاة والسلام-وأصحابه أن لهذه
النصوص معنىً يليقُ بالله وأن المفوضة يقولون لا معنى لها أو على الأقل يقولون
لانعلم لها معنى. فالحاصل أن لقب أهل السُنة
والجماعة نأبى أن ينطبق إلا على مذهب السلف فقط الذين يُجرون النصوص على ظاهرها
على معنى يُليقُ بالله-سبحانه وتعالى-. ونقول:
كُلٌ
يدعي وصْلاً لليلى وليلى لاتُقِرُلهم بذاك
هاتوا
برهانكم وتفضلوا على مائدة المناقشة أين السُنة من قومٍ يُخالفون سُنة الرسول
وأصحابه؟!! أجيبوا ؛غيرموجودة.فإذا كان هؤلاء المفوضة يُخالفون طريق النبي- صلى
الله عليه وسلم-وأصحابه ؛لأن النبي وأصحابه يُقِرون باللفظ والمعنى وهؤلاء يُقرون
باللفظ ولايُقرون بالمعنى.أين السُنة والجماعة من قومٍ يُحرفون الكَلِمَ عن مواضعه
ويقولون:ليس المرادُ بها ظاهرَها؟مع أن الرسول- صلى الله عليه وسلم-وأصحابه سُنتهم
أن تجرى على ظاهرها.ولكن
نقول هؤلاء الذين سلكوا مذهب التفويض أو مذهب التأويل إذا كان هذا هو مؤدى
اجتهادهم وهم يُريدون حقاً ولكن لم يُوفقوا لإصابته ؛فإن الله تعالى يعفوعنهم لأن
الرسول- صلى الله عليه وسلم- جعل لمن اجتهد فأخطأ أجرًا
واحدًا ولمن اجتهد وأصاب أجرين.فنحنُ نُخطئهم ونقول:أخطأتم
ولم تُصيبوا لكن هل أثِمتم؟
ننظر,مَنْ طلب الحق وصدق في طلبه واجتهد في الوصول إليه فإننا لانُؤثمه لكننا نُضلله في رأيه لا نُضلله في مسلكه ومنهجه لكن نُضلله في رأيه. فهمتم ؟ أما مَنْ علمنا أنه مُنازعٌ مُكابرٌ لايريدُ الحق وإنما يُريدُ نُصر رأيه ونصر متبوعيه فإننا نُضلله ونُخطئه ونُؤثمه أيضاً لأنه ليس بمجتهدٍ.وهذا هو الميزان القسط ونحنُ لانظلم أحداً على حساب ديننا أو على حساب مايجب علينا من العدل إنما نقول:العدلُ شرعُ اللهِ فإذا تمسكَ به أحدٌ وأدى مايجب عليه فليس بآثم .
ننظر,مَنْ طلب الحق وصدق في طلبه واجتهد في الوصول إليه فإننا لانُؤثمه لكننا نُضلله في رأيه لا نُضلله في مسلكه ومنهجه لكن نُضلله في رأيه. فهمتم ؟ أما مَنْ علمنا أنه مُنازعٌ مُكابرٌ لايريدُ الحق وإنما يُريدُ نُصر رأيه ونصر متبوعيه فإننا نُضلله ونُخطئه ونُؤثمه أيضاً لأنه ليس بمجتهدٍ.وهذا هو الميزان القسط ونحنُ لانظلم أحداً على حساب ديننا أو على حساب مايجب علينا من العدل إنما نقول:العدلُ شرعُ اللهِ فإذا تمسكَ به أحدٌ وأدى مايجب عليه فليس بآثم .
المتن
وقد
أجمعوا على ذلك كما نقله ابن عبد البر فقال: "أهل
السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلِّها في القرآن الكريم والسنة،
والإيمان بها، وحملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من
ذلك، ولا يحدون فيه صفة محصورة" أهـ.
وقال القاضي أبو يعلى في كتاب "إبطال التأويل" "لا يجوز رد هذه الأخبار، ولا التشاغل بتأويلها، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات الله، لا تشبه صفات سائر الموصوفين بها من الخلق، ولا يُعتقد التشبيه فيها، لكن على ما روي عن الإمام أحمد وسائر الأئمة" أهـ. نقل ذلك عن ابن عبد البر والقاضي شيخ الإسلام ابن تيميه في الفتوى الحموية ص87-89 جـ5 من مجموع الفتاوى لابن القاسم.
وهذا هو المذهب الصحيح، والطريق القويم الحكيم، وذلك لوجهين:
الأول: أنه تطبيق تام لما دل عليه الكتاب والسنة من وجوب الأخذ بما جاء فيهما من أسماء الله وصفاته كما يعلم ذلك من تتبعه بعلم وإنصاف..
وقال القاضي أبو يعلى في كتاب "إبطال التأويل" "لا يجوز رد هذه الأخبار، ولا التشاغل بتأويلها، والواجب حملها على ظاهرها، وأنها صفات الله، لا تشبه صفات سائر الموصوفين بها من الخلق، ولا يُعتقد التشبيه فيها، لكن على ما روي عن الإمام أحمد وسائر الأئمة" أهـ. نقل ذلك عن ابن عبد البر والقاضي شيخ الإسلام ابن تيميه في الفتوى الحموية ص87-89 جـ5 من مجموع الفتاوى لابن القاسم.
وهذا هو المذهب الصحيح، والطريق القويم الحكيم، وذلك لوجهين:
الأول: أنه تطبيق تام لما دل عليه الكتاب والسنة من وجوب الأخذ بما جاء فيهما من أسماء الله وصفاته كما يعلم ذلك من تتبعه بعلم وإنصاف..
الشرح
إذا
تأملت مذهب أهل السُنة والجماعة وجدته هو المُطابقُ لما دلَّ عليه الكتاب والسُنة؛
لكن يشترط لهذاالتتبُع أن يكون بعلمٍ وإنصافٍ.فإن كان بجهلٍ فإنه لا يُمكن أن
يُعرف أنه مُطابقٌ لماذا؟ لأنه جاهلٌ.الجاهل كيف يعرف أن هذا المذهب مُطابقٌ لما
دلَّ عليه الكتاب والسُنة؟ وإن كان بغيرِ عدلٍ أوبغيرِإنصافٍ ؛فإنه سيُكابر
ويقول:هذا لم يدل عليه الكتاب والسُنة ؛أنتم تقولون:إنَّ لله وجهًا والقرآن
يقول"ليس كمثله شيء"فإن
أثبتم أن لله وجهًا فقد أثبتم أن له مثيلاً. عرفتم ولا لأ؟ هل هذا مُنصِفٌ؟ نقول
له:يا أخ هل لك وجه؟قال:نعم هل الحمارله وجه ؟قال:نعم هل وجهُكَ كوجه الحمار؟ إيش
يقول؟ طبعاً يقول لأ..سبحان الله آدم فُضِّلَ على كثيرٍ ممن خلق الله تفضيلاً تقول
وجهه مثل وجه الحمار؟ إذا كنت تعرفُ الفرق بين وجهك ووجه الحمار؛ لماذا لاتعرف الفرق
بين وجه الرحمن ووجه المخلوق؟ فللهِ وجهٌ لكن
لايشبه وجهي ولايشبه وجهك.للرحمن
وجهٌ يليقُ بجلاله ولا لأ؟إذن هذاالذي يقول:إنك
أتثبت لله وجهًا فقد أثبت له مثيلا؟نقول:ينتَقِضُ عليكَ بما أنت تنقُضُهُ بنفسك
أليس كذلك؟ أي نعم. هذا الوجه الأول
ممايدلُ على صحة مذهب السلف أليس كذلك؟ماهو
الوجه الأول؟ الوجه الأول:مما يدل على أن مذهب السلف
وهوالصحيح أنه مُطابقٌ لما دل عليه الكتاب والسُنة ولكن
ليس كلُ أحدٍ يعرفُ أنه مطابقٌ إلا إذا كان عنده علمٌ وعدلٌ؛ أي إنصاف.
المتن
الثاني:
أن يقال: إن الحق إما أن يكون فيما قاله السلف أو فيما قاله غيرهم،
الشرح
أن
يكون الحقُ فيما قاله السلف أو فيما قاله غيرهم صح هذا؟ انتبه لكن لو قلنا:أن يكون
الحق فيما قاله السلف أو فيما قاله أهلُ التأويل؛ لكان يمكن أن يقول قائلٌ:أوفيما
قاله طرفٌ ثالثٌ. أما إذا قلنا أو فيما قاله غيرهم ؛فهو يشمل يعني ما أحد يَدخُل
علينا في هذه العبارة ولذلك لو قال رجل:إن كان هذا الطائِرُغراباً فزوجتي طالقٌ
وقال الثاني:إن كان حماما فزوجتي طالقٌ.
أيُّهما تُطلق زوجته؟ كلهم ماتُطلق زوجاتهم .كلهم ماتطلق
انتهى الشريط الثالث
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق