الاثنين، 14 ديسمبر 2015

حقوق الأخوة



حقوق الأخوة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
"
يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍوَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًاوَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا" النساء:1.
"
يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا" الأحزاب:70-71.
أمابعد:فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، قال ابن مسعود رضي الله عنه: ما قل وكفى خير مما كثر وألهى،" إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَآتٍ وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ "[الأنعام:134].ثم أمابعد:

لقد ميز الإسلام أهله بصفات يتميزون بها عن غيرهم وينفردون بها، ومنهاالأخوة، فقد حرص الإسلام على الأخوة بين أفراده، وجعل لذلك وسائل عديدة،حتى يحقق هذه الغاية النبيلة، وما نشاهده اليوم من ضعف في العلاقة بين المسلمين مرده إلى تخلي المسلمين عن تعاليم دينهم، وابتعادهم عن توجيهاتهالعظيمة.
*فتور العلاقة بين المسلمين في هذا الزمان
فإن الناظر في علاقات الصحابة رضي الله عنهم بين بعضهم مع بعض والمقارن لهذه العلاقات بعلاقات المسلمين في هذا الزمان يجد البون شاسعاً في أخلاقهم وسلوكهم وآدابهم ومعاملاتهم، فضلاً عن عقيدتهم، ولذلك أصيب المسلمون في هذا الزمان بما يسميه بعض أهل العلم بالفتور الشديد فيالعلاقة، مما أدى إلى إماتة الرابطة الإيمانية الأخوية الشرعية الإسلاميةبين أبناء التيار الواحد، فتجد البرود والفتور قد ساد العلاقة بين الأخ وأخيه، وبين المرء وزوجه، وبين الوالد وأولاده، وبين الأولاد وآبائهم، ولمتعد العلاقة بينهم ترضي ربنا تبارك وتعالى، وسيحار المرء ولابد إذا سئل يومالقيامة عما كان بينه وبين بقية مجتمعه من العلاقات التي فرضها الله عزوجل على العباد من فوق سبع سماوات.ولو نظرنا إلى العلاقة الإيمانية بين التيارات الإسلامية في الستينات والسبعينات لوجدنا البون شاسعاً بين ذلك الوقت ووقتنا هذا، فما بالكم بالصحابة والتابعين رضي الله عنهم أجمعين؟! وقد كان الواحد منا أيام أن كنا في الجامعة وقبلها في الإعدادية والثانويةإذا رأى أخاً له في طريق آخر قطع الطريق وانتظره حتى يسلم عليه ويصافحه،وأما الآن فإن الأخ يضرب أخاه بكتفه، وربما ينطحه بقرنه ورأسه ولا يلقيعليه السلام، ولابد لنا من السؤال هنا: لماذا بلغ المسلمون هذه المنزلة؟أنجحت التيارات الإلحادية في بث العداوة بين أبناء التيارات الإسلامية؟ أم أن هذا هو البأس الشديد الذي ضرب بين هذه الأمة وفي قلوب أفرادها؟ أم هوالجهل بفضل السلام والأخوة الإيمانية؟
والإجابات كثيرة، والاختيار محير،والأولى أن نقول: لقد اجتمع كل ذلك في غياب العلم الشرعي عن أبناء هذه الأمة المباركة مما أدى إلى فساد قلوبها وتحير عقولها واضطرابها في معرفةالحق والباطل، حتى في الآداب الإسلامية التي فرضها الله عز وجل وفرضهارسوله الكريم عليه الصلاة والسلام على أبناء هذه الدعوة، ولذلك قال الله عزوجل"إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ" الحجرات:10، وقال تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ "الفتح:29. فهل بيننا نحن اليوم رحمة؟وهل نحن فعلاً وحقيقة أشداء على الكفار؟الجواب: لا، فليس بيننا رحمة، ولافي قلوبنا عداوة على أبناء الكفر وملل الكفر.

*من صفات المؤمنين
من صفاتهم ما ذكره الله في قوله تعالى"مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا "الفتح:29.وقال الله عز وجل:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلاتَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ"الحجرات:12.
وقال سبحانه "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ"الحجرات:13،
أي: عليم بأحوالكم وبما في قلوبكم، وخبير بسرائركم، ولما كانت التقوى محلهاالقلب اختار الله عز وجل اسمان من أسمائه فقال: إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ [الحجرات:13]؛ ليتناسب معرفة عملك الظاهر مع معرفة عملك القلبي الباطني، فإن أمرك مهما خفي لا يخفى على الله عز وجل؛ لأن الغيب والشهادة مشهودان لله عز وجل، وهما معلومان مكشوفان له عز وجل.
*النهي عن الحسد والبغضاء
وقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم"لا تحاسدوا، ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولاتدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض"، ثم قال النبي عليه الصلاة والسلام بعد أن حذر من هذه الأمراض"وكونوا عباد الله إخوانا"؛ ليدل على أن من أتى بهذه الخصال الذميمة، وهذه المساوئ من الأخلاق فلن يستطيع أن يحقق الأخوةالإيمانية، ولن يكون عبداً لله عز وجل كما تنبغي العبودية له سبحانه وتعالى، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:"وكونوا عباد الله إخواناً". فحذر النبي عليه الصلاة والسلام من الحسد، وهو داء الأمم السابقة، وهو خلق من أخلاق أهل الكتاب -اليهود والنصارى- لا من أخلاق المسلمين، كما قال الله عز وجل: وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْبَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ" البقرة:109، فبين الله عز وجل في هذه الآية أن الحسد خلق من أخلاق أهل الكتاب، وليس خلقاً لأهل الإسلام. كما بين ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في صحيح سنته فقال"دب إليكم داء الأمم قبلكم: الحسد والبغضاء، والبغضاء هي الحالقة، لا أقول حالقة الشعر ولكنها حالقةالدين. 1
فالحسد والبغضاء يحلقان دين المرء، فانتهوا عن الحسد الذي هو تمني زوال النعمة عن المنعَمِ عليه وانتقالها عنه، ومن الحسد ما هو شر من ذلك، وهوتمني المرء زوال النعمة عن إخوانه وإن لم يبلغه شيئاً منها، ويسعد هوويفرح كل الفرح بزوال النعمة عنهم، ولو تعرى هو عن تلك النعمة، ويسعد هو يبسطه ويفرحه أن يكون الكل مثله أو أقل منه، وهذا بلا شك ينبئ عن قلب مريض سيئ الحظ في الدنيا والآخرة، فالحسد والبغضاء ليسا من أخلاق أهل الإسلام.وقال النبي عليه الصلاة والسلام"ولا تباغضوا" والبغض هو حمل القلب لكل شر وسوء تجاه المسلمين، فلا ينبغي أن يكون المسلم على هذا الخلق الذميم.
*الاقتداء بأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم ميراث المؤمن
وقد صنف ابن أبي الدنيا كتاباً عظيماً بين فيه خطورة سوء الخلق،وسماه (مساوئ الأخلاق)، وصنف كتاباً آخر يدل على أن النبي عليه الصلاة والسلام ضرب المثل الأعلى في غير ذلك وسماه (مكارم الأخلاق)، والله تبارك وتعالى قد أثنى على نبيه وعظمه وشرفه، وبين أنه تخلق بجميل الأخلاق وعظيمهاوأحسنها فقال سبحانه"وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ"القلم:4. ولماكانت الأسوة كل الأسوة في الاقتداء بالنبي عليه الصلاة والسلام في هديه وسمته كان لابد أن نتخلق بأخلاقه الكريمة الحسنة، والنبي عليه الصلاة والسلام ضرب أمثلة عظيمة يطول الوقت بسردها، فقد كان يعامل الجفاة الغلاظ الأعتال المتعنتين معاملة حسنة، وكان ذلك سبباً في هدايتهم، 2ورجوعهم إلى دين الله عز وجل، وفي دخولهم في دين الله عز وجل، وانتقالهم من الكفر إلى الإيمان. والأخلاق الحسنة إنما هي ميراث الصالحين، وسئل أحمد بن حنبل رضي الله تبارك وتعالى عنه ورحمه عن ميراثه، وعما يعتز به في دنياه، فقال: لقاءالإخوان. لقاء الإخوان والحرص على مودتهم وصحبتهم هو ميراثكم، فاتقوا الله تبارك وتعالى، وحسنوا أخلاقكم فيما بينكم وبين الخلق أجمعين، وفيما بينكم وبين رب العالمين، ومع نسائكم في بيوتكم، ومع أولادكم، وعلموهم كتاب الله وسنة النبي عليه الصلاة والسلام، واحرصوا على أن يكونوا هداة مهديين.،وحسنوا أخلاقكم مع كل من تقابلون، لا أن يكون شعارنا تعبيس الوجه والتكشيرعن الأنياب عند اللقاء وإبداء كل السوء، فقد التقى النبي عليه الصلاة والسلام بصناديد الكفر والشرك وعبدة الأصنام والأوثان، ومع هذا هش عليه الصلاة والسلام في وجوههم ولقيهم أحسن لقاء، فهذا منافق طرق عليه الباب.....

-
أن رجلًا استَأْذَنَ على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال النبيُّ صلى الله عليه وسلم:بِئْسَ أخو العشيرةِ! فلما دخَلَ انبَسَطَ إليه رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وكلَّمَه ، فلما خَرَجَ قلتُ : يا رسولَ اللهِ ، لمَّا استَأْذَنَ قلتَ : بِئْسَ أخو العشيرةِ . فلما دخَل انبَسَطْتَ إليه ! فقال : يا عائشةُ ، إن اللهَ لا يُحِبُّ الفاحشَ المُتَفَحِّشَ. الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم- 4792:خلاصة حكم المحدث: حسن صحيح-الدرر السنية

يا عائِشَةُ إِنَّ مِنْ شَرِّ الناسِ ، مَنْ تَرَكَهُ الناسُ اتقاءَ فُحْشِهِ الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 7925- خلاصة حكم المحدث: صحيح
- الدرر السنية
ائذَنوا له ، بئسَ أخو العشيرةِ فلما دخل ؛ ألانَ له الكلامَ و في طريقِ ثانيةٍ : انبسط إليه فقلتُ : يا رسولَ اللهِ ! قلتَ الذي قلتَ ، ثم ألَنتَ الكلامَ ؟ قال : أي عائشةُ ! إنَّ شرَّ الناسِ من تركه الناسُ أو ودَعَه الناس اتِّقاءَ فُحشِه ، و في طريقِ ثالثةٍ : إنَّ اللهَ لا يحبُّ الفاحشَ المتَفَحِّشَ"الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الأدب المفرد - الصفحة أو الرقم- 984-خلاصة حكم المحدث: صحيح- الدرر السنية
وهؤلاء المنافقون لايتورعون عن سب النبي عليه الصلاة والسلام، وقد قال سيدهم وإمامهم" لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الأَعَزُّ مِنْهَا الأَذَلَّ"المنافقون:8، وقصد أنه العزيز عليه لعنة الله، وأن النبي عليه الصلاة والسلام هو الذليل، فأذله الله عز وجل، والجزاء من جنس العمل، فقد أذله الله على يد ابنه الأكبر عبد الله بن عبد الله بن أبيّ بن سلول رضي الله تبارك وتعالى عنه، فقد كان ابنه من أهل الإيمان والإحسان الذي حسن إيمانه وعمله، وعظم حبه لله تبارك وتعالى ولرسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، بخلاف والده الذي أساء مع الله، وأساء مع النبي عليه الصلاة والسلام، فرماه الله بالذل والصغار، وهو الذليل والصغير، والنبي عليه الصلاة والسلام هوالعظيم والقوي والشريف والإمام، .والأخلاق الحسنة تدل على صاحبها، والأخلاق السيئة تدل كذلك على صاحبها، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: - ما كان الرِّفْقُ في شيءٍ إلا زانَه ، وما نُزِعَ من شيءٍ إلا شانَه "الراوي: عائشة أم المؤمنين المحدث:الألباني - المصدر: إصلاح المساجد - الصفحة أو الرقم- 31- خلاصة حكم المحدث: صحيح-الدرر السنية
إذا قال الرجلُ: هلك الناسُ فهو أهلَكُهم.الراوي: أبو هريرة المحدث:الألباني - المصدر: صحيح أبي داود - الصفحة أو الرقم: 4983- خلاصة حكم المحدث: صحيح-الدرر السنية
أي: فهو أشدهم هلاكاً. فهذا الزاعم لا يخرج عن أحد هذين الشخصين، فإما أنه أشد الناس هلاكاً، وإما أنه هو الذي تسبب في هلاك الناس، ولا أرى إلا أن الله تعالى جمع له بين الأمرين، فعليه أن يتوب ويرجع،!
"
ليسَ المؤمنُ بالطَّعَّانِ ولا اللَّعَّانِ ولا الفاحشِ ولا البَذيءِ"الراوي: عبدالله بن مسعود المحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم- 1977- خلاصة حكم المحدث: صحيح
_______________
*
دَبَّ إليكم داءُالأممِ قبلَكم : الحسدُ والبغضاءُ ، والبغضاءُ هي الحالقةُ ، أما إني لا أقول : تحلِقُ الشَّعرَ ، ولكن تحلِقُ الدِّينَ.
الراوي:عبدالله بن الزبيرالمحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم- 2888: خلاصة حكم المحدث:حسن لغيره

دبَّ إليكم داءُالأُممِ قبلكم؛ البغضاءُ والحسدُ ، والبغضاءُ هي الحالقةُ ، ليس حالقةَ الشَّعرِ ، ولكن حالقةُ الدِّينِ . والذي نفسي بيدِه لا تدخلون الجنَّةَ حتى تؤمنوا ، ولاتؤمنوا حتى تحابُّوا ، ألا أُنَبِّئُكم بما يُثَبِّتُ لكم ذلك ؟ أَفشواالسلامَ بينكم"
الراوي:عبدالله بن الزبيرالمحدث:الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم- 2695: خلاصة حكم المحدث:حسن لغيره- هنا

2
-
لمَّاأعطَى رسولُ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلى آلِهِ وسلَّمَ - ما أعطَى مِن تلكَ العَطايا في قُرَيْشٍ وقبائلِ العربِ ، ولم يَكُن في الأنصارِمِنها شيءٌ ، وجدَ هذا الحيُّ منَ الأنصارِ في أنفسِهِم حتَّى كثُرَتْ فيهمُ القالةُ ، حتَّى قالَ قائلُهُم لَقيَ رسولُ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ - قَومَهُ فدخلَ علَيهِ سعدُ بنُ عبادةَ فقالَ : يا رسولَ اللَّهِ ، إنَّ هذا الحيَّ قد وَجدوا عليكَ في أنفسِهِم لماصنَعتَ في هذا الفَيءِ الَّذي أصبتَ ، قسَمتَ في قَومِكَ وأعطَيتَ عطاياعِظامًا في قبائلِ العرَبِ ، ولم يَكُن في هذا الحيِّ منَ الأنصارِ شيءٌقالَ : فأينَ أنتَ مِن ذلِكَ يا سَعدُ ؟ قالَ : يا رسولَ اللَّهِ ما أَناإلَّا امرؤٌ من قَومي وما أنا . قالَ فاجْمَع لي قَومَكَ في هذِهِ الحظيرةِقالَ : فخَرجَ سعدٌ فجمعَ النَّاسَ في تلكَ الحظيرةِ . قالَ : فجاءَ رجالٌمنَ المُهاجرينَ فترَكَهُم فدَخلوا . وجاءَ آخرونَ فردَّهم . فَلمَّااجتَمعوا أتاهُ سعدٌ فقالَ : قدِ اجتَمعَ لَكَ هذا الحيُّ مِنَ الأنصارِقالَ : فأتاهُم رسولُ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ- فحمِدَ اللَّهَ وأثنَى عليهِ بالَّذي هوَ لَهُ أهلٌ . ثمَّ قالَ : يامَعشرَ الأنصارِ مَقالةٌ بلغَتْني عنكُم ، وجِدةٌ وجدتُموها في أنفسِكُم ،ألَم آتِكُم ضُلَّالًا فَهَداكمُ اللَّهُ ، وعالةً فأغناكمُ اللَّهُ ،وأعداءً فألَّفَ اللَّهُ بينَ قلوبِكُم ؟ قالوا : بلِ اللَّهُ ورسولُهُأمَنُّ آمن الصواب أمَنُّ وأفضَلُ . قالَ : ألا تُجيبوني يا معشرَ الأنصار ؟قالوا : وبماذا نُجيبُكَ يا رسولَ اللَّهِ ، وللَّهِ ولرسولِهِ المنُّ والفَضلُ . قالَ: " أما واللَّهِ لو شئتُمْ لقلتُمْ ، فلَصَدقتُمْ وصُدِّقتُمْ أتَيتَنا مُكَذَّبًا فصدَّقناكَ ، ومَخذولًا فنصَرناكَ وطريدًافآويناكَ ، وعائلًا فأغنَيناكَ ، أوجَدتُمْ في أنفسِكُم يا معشرَ الأنصارِفي لُعاعةٍ منَ الدُّنيا تألَّفتُ بِها قَومًا ليُسلِموا ، ووَكَلتُكُم إلى إسلامِكُم أفلا تَرضَونَ يامَعشرَالأنصارِأن يذهبَ النَّاسُ بالشَّاةِ والبعيرِوتَرجِعونَ برسولِ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ - في رحالِكُم فَوالَّذي نَفسُ مُحمَّدٍ بيدِهِ لَولا الهِجرةُ لَكُنتُ امرءًا مِن الأنصارِ ولَو سلَكَ النَّاسُ شِعبًا وسلَكَتِ الأنصارُ شِعبًالسلَكْتُ شِعبَ الأنصارِ . اللَّهمَّ ارحمِ الأنصارَ وأبناءَ الأَنصارِوأبناءَ أبناءِ الأنصارِ. قالَ : فبَكَى القَومُ حتَّى أخضَلوا لِحاهُم وقالوا : رَضينا بِرَسولِ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ علَيهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ - قَسْمًا وحظًّا . ثمَّ انصَرفَ رسولُ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ عليهِ وعلَى آلِهِ وسلَّمَ - وتفرَّقْنا .
الراوي:أبو سعيد الخدريالمحدث:الوادعي - المصدر: الصحيح المسند - الصفحة أو الرقم- 402:خلاصة حكم المحدث:حسن- هنا

·
عن أبي هريرة قال : بعث النبي صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد ، فجاءتبرجل من بني حنيفة يقال له ثمامة بن أثال ، فربطوه بسارية من سواري المسجد ،فخرج إليه النبي صلى الله عليه وسلم " ما عندك ياثمامة " ؟ قال : عندي خير يامحمد إن تقتلني تقتل ذا دم ، وإن تنعم تنعم على شاكر ، وإن كنت تريد المال فسل منه ما شئت .
فتركه حتى كان الغد ثم قال له : " ما عندك يا ثمامة " ؟ فقال : عندي ما قلت لك ، إن تنعم تنعم على شاكر ، فتركه حتى بعد الغد فقال: " ما عندك يا ثمامة" ؟
فقال : عندي ما قلت لك . فقال " " أطلقوا ثمامة" ؟
فأنطلق إلى نخل قريب من المسجدفاغتسل ثمدخل المسجد ، فقال : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسولالله ، يا محمد والله ما كان على وجه الأرض وجه أبعض إلىمن وجهك ، فقد أصبحوجهك أحب الوجوه إلى ، والله ما كان دين أبغض إلى من دينك فأصبح دينك أحبالدين إلى ، والله ما كان من بلد أبغض لى من بلدك فأصبح بلدك أحب البلادإلى ، وإن خيلك أخذني وأنا أريد العمرة فماذا ترى ؟
فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر أن يعتمر ، فلما قدم مكة قال له قائل : أصبوت ؟ قال : لا ولكن أسلمت مع محمد صلى الله عليه وسلم ولا والله لا تأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم .
الحديث
بعث رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خيلًا قبلَ نجدٍ . فجاءت برجلٍمن بني حنيفةَ يقال له ثُمامةُ بنُ أُثالٍ. سيدُ أهلِ اليمامةِ . فربطوهبساريةٍ من سواري المسجدِ . فخرج إليه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقال ( ماذا عندك ؟ يا ثُمامةُ ! ) فقال : عندي ، يا محمدُ ! خيرٌ . إن تقتُلْ تقتلْ ذا دمٍ . وإن تُنعِم تُنعِمْ على شاكرٍ . وإن كنتَ تريدالمالَ فسلْ تُعطَ منه ما شئتَ . فتركه رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . حتى كان بعد الغدِ . فقال ( ما عندك ؟ يا ثمامةُ ! ) قال : ماقلتُ لك . إن تُنعِمْ تُنعِمْ على شاكرٍ . وإن تقتُلْ تقتُلْ ذا دمٍ . وإن كنتَ تريد المالَ فسلْ تُعطَ منه ماشئتَ . فتركه رسولُ الله ِصلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ حتى كان من الغدِ . فقال" ما عندك ؟ يا ثمامةُ ! " فقال : عندي ما قلتُ لك . إن تُنعِمْ تُنعِمْ على شاكرٍ . وإن تقتُلْ تقتُلْ ذا دمٍ . وإن كنت تريدُ المالَ فسلْ تُعطَ منه ماشئتَ . فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ" أَطلِقوا ثُمامةَ" فانطلق إلى نخلٍ قريبٍ من المسجد . فاغتسل . ثم دخل المسجدَ فقال : أشهد أن لا إله إلا اللهُ وأشهد أن محمدًا عبدُه ورسولُه . يا محمدُ ! واللهِ ! ماكان على الأرض وجهٌ أبغضُ إليَّ من وجهك ، فقد أصبح وجهُك أحبَّ الوجوه كلِّها إليَّ . واللهِ ! ما كان من دينٍ أبغضَ إليَّ من دِينِك . فأصبح دينُك أحبَّ الدينِ كلِّه إليَّ . واللهِ ! ما كان من بلدٍ أبغضَ إليَّ من بلدِك . فأصبح بلدُك أحبَّ البلادِ كلِّها إليَّ . وإنَّ خيلَك أخذَتْني وأنا أريد العمرةَ . فماذا ترى ؟ فبشَّره رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . وأمره أن يعتمرَ . فلما قدمَ مكةَ قال له قائلٌ : أصبَوتَ ؟ فقال : لا . ولكني أسلمتُ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ . ولا ،واللهِ ! لا يأتيكم من اليمامةِ حبةُ حنطةٍ حتى يأذن فيها رسول ُاللهِ صلَّى الله ُعليه وسلَّمَ . وفي رواية : بعث رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ خيلًا له نحو أرضِ نجدٍ . فجاءت برجلٍ يقال له ثمامةُ بنُ أثالٍ الحنفيُّ . سيدُ أهل ِاليمامةِ . وساق الحديث بمثل حديث الليث ِ. إلا أنه قال : إن تقتلني تقتل ذا دمٍ .
الراوي:أبو هريرةالمحدث:مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم- 1764-خلاصة حكم المحدث:صحيح- هنا
غريب القصة :
-
بعث خيلا : أي فرسان خيل .
-
بنو حنيفة : قبيلة مشهورة بين مكة واليمن .
-
ما عندك : أي أي شيء عندك ؟ وماذا استقر في ظنك أن أفعله بك ؟
عندي خير : أي لأنك لست ممن يظلم بل يحسن وينعم ويعفو .
-
إن تقتلني تقتل ذا دم : قال القاضي عياض (12/88نووي : معناه إن تقتل تقتل صاحب دم أي صاحب دم لدمه موقع يشتفي بقتله قاتله ويدرك قاتله به ثأره أي لرياسته وفضيلته وحذف هذا لأنهم يفهمونه في عرفهم ، وقال آخرون معناه تقتل من عليه دم ومطلوب به وهو مستحق عليه فلا عتب عليك في قتله " قلت : والاحتمال الثاني هو اختيار العقسلاني (6/433).
-
صبوت : أي خرج من دين إلى دين .
انظروا كيف كان أول الأمر عدوا له ثم أصبح آخره عدوا لعدوه فسبحان مقلب القلوب و مصرفها و صلى الله و سلم و بارك على سيد الدعاة و إمام الهداة وعلى آله و صحبه و سلم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق