الأربعاء، 10 فبراير 2021

شهر رجب المشروع فيه والمبتدع

 شهر رجب المشروع فيه والمبتدع

تقديم

بسم الله الرحمن الرحيم
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّـه مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ.وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ.
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ"
"يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ
وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا".

"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا"
أَمَّا بَعْدُ:
فَإِنَّ أَصْدَقَ الْحَدِيثِ كِتَابُ اللَّهِ، وَخَيْرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وَكُلَّ ضَلَالَةٍ فِي النَّارِ.
ثم أَمَّا بَعْدُ:
مما عمت به البلوى اختلاط الحابل بالنابل ، والصحيح بالسقيم ، والسنة بالبدعة ، لذا لزم التنبيه على الأخطاء الشائعة ، ولزم الإرشاد للطريق القويم .
ومما احتيج إليه الإرشاد إلى المشروع في شهر رجب ، والتحذير مما ابْتُدعَ فيه ، وذلك عن طريق الدليل الصريح الصحيح بفهم سلف الأمة ؛ مع الإرشاد للطريق الوحيد للخلاص من البدع وآثارِها السيئة ، وهو الاعتصام بالكتاب والسنة اعتقادًا وعلمًا وعملًا .
فالبدع في حقيقتها سمٌّ ناقعٌ قاتل ، فهنيئًا لمن وفقه اللهُ في عبادته لاتباع السنة ولم يخالطها ببدعة .
جعلنا الله من المتبعين للسنة كيفما دارت ، والمتباعدين عن الأهواء حيثما مالت ، إنه خير مسؤول ، وأعظم مأمول .
نسأل الله التوفيق لما يحب ويرضى .، وصلى الله تعالى وسلَّم على نبيه وعبده ، وعلى آله وصحبه . آمين .

*******************
هدي النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ
عند رؤية هلال كل شهر
~~~~~~~~~~~~
قال الإمام الحافظ محمد بن عيسى بن سَوْرَةَ الترمذيّ في سننه :
حدثنا محمد بن بَشَّارٍ ، قال : حدثنا أبو عامرٍ العَقَدِيُّ ، قال حدثنا سليمانُ بن سُفيانَ المدِينيُّ ، قال : حدثني بلالُ بن يحيى بن طلحةَ بن عُبيدِ اللهِ ، عن أبيه ، عن جَدِّه طلحةَ ابن عُبيدِ اللهِ ؛
أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ كانَ إذا رَأى1 الهلالَ قالَ اللَّهمَّ أهلِلهُ علَينا باليُمنِ2، والإيمانِ3، والسَّلامَةِ4، والإسلامِ5، ربِّي وربُّكَ اللَّهُ6"سنن الترمذي / تحقيق الشيخ الألباني / 45 ـ كتاب : الدعوات / 51 ـ باب : ما يقول عند رؤية الهلال / حديث رقم : 3451 / ص : 784 / صحيح .

1 - قوله :كانَ إذا رَأى الهلالَ : وهو ـ أي الهلال ـ يكون من الليلة الأولى والثانية والثالثة ، ثم هو قمر .
2 -للَّهمَّ أهلِلهُ علَينا باليُمنِ" أي أطلعه علينا مقترنًا بالبركة .
3 - " والإيمان " : أي بدوام الإيمان .
4 - " والسلامة " : أي ـ السلامة عن كل مضرة وسوء
5 - " والإسلام " : أي بدوامه .
6- " ربِّي وربُّكَ اللَّهُ " لما توسل به ـ أي بالهلال ـ لطلب اليمن والإيمان ، دل على عظم شأن الهلال ، فقال "ربِّي وربُّكَ اللَّهُ " تنزيهًا للخالق أن يُشارك في تدبير ما خلق .
تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي / ج : 8 / كتاب : الدعوات / باب : ما يقول عند رؤية الهلال / ص : 451 / بتصرف .

شهر رجب الفرد الحرام
المشروع فيه ، والمبتدع
~~~~~~~~~~
إن الله قد اصطفى صفايا من خلقه ؛ اصطفى من الملائكة رسلًا ، ومن الناس رسلًا ، واصطفى من الكلام ذكره ، واصطفى من الأرض المساجد ، واصطفى من الشهور رمضان والأشهر الحرم ، واصطفى من الأيام يوم الجمعة ، واصطفى من الليالي ليلة القدر .
الأشهر الحُرُم هي :
رجب ، ذو القعدة ، ذو الحجة ، محرم .
وشهر رجب منفرد عن إخوته ، فبقية الأشهر الحرم متتالية ، لذا سماه العلماء " الفرد " نسبة لانفراده عن بقية الأشهر الحرم .
oفائدة :
وليس معنى اصطفاء الله لهذه الصفايا من خلقه أن نعظمها كيف نشاء ، ولكن في حدود النصوص الشرعية الخاصة بذلك .
* وقد عظم الله حرمات الأشهر الحرم ، وجعل الظلم فيها أعظم خطيئةً ووزرًا من الظلم فيما سواها ، وإن كان الظلم في كل حال عظيمًا ، سواء ظلم الإنسانُ نفسَهُ أو غيره . وقد ذكر الله الأشهر الحرم في قوله تعالى :
" إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ الْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ " .
سورة التوبة / آية : 36 .
" إن عدة الشهور عند الله " أي في حكم الله ، وفيما كتب في اللوح المحفوظ .
" يوم خلق ..... " ليبين أن قضاءه وقدره كان قبل ذلك ، وأنه سبحانه وضع هذه الشهور وسماها بأسمائها على ما رتبها عليه يوم خلق السموات والأرض . وحكمها باقٍ
على ما كانت عليه لم يزلْها عن ترتيبها تغيير المشركين لأسمائها .
والمقصود من ذلك اتباع أمر الله فيها ورفض ما كان عليه أهل الجاهلية من تأخير أسماء الشهور وتقديمها ، وتعلق الأحكام على الأسماء التي رتبوها عليه . القرطبي .
وقد بين الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ هذه الأشهر الأربعة الحرم .
* فعن أبي بكرة عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قـال
" ألا إن الزمان قد استدار(1) كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض السنة اثنا عشر شهرًا منها أربعة حرم ثلاث متواليات ذو الْقَعْدة وذو الحجة والمحرم ورجبُ مُضَرَ الذي بين جُمَادَى وشعبان " .
صحيح البخاري . متون / ( 65 ) ـ كتاب : تفسير القرآن / ( 8 ) ـ باب : قوله : " إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا ... / حديث رقم : 4662 / ص : 550 (1 )
الزمان قد استدار : قيل في التفاسير : قال " إياس بن معاوية " كان المشركون يحسبون السنة اثنى عشر شهرًا وخمسة عشر يومًا ، فكان الحج يكون في رمضان وفي ذي القعدة وفي كل شهر من السنة بحكم استدارة الشهر بزيادة الخمسة عشر يومًا . فحج أبو بكر سنة تسع في ذي القعدة بحكم الاستدارة ، ولم يحـج النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . فلما كان في العام المقبل وافق الحج ذا الحجة في العشر ، ووافق ذلك الأهِلَّة وهذا القول أشبه بقول النبي " إن الزمان قد استدار " أي زمان الحج عاد إلى وقته الأصلي الذي عينه الله يوم خلق السموات والأرض بأصل المشروعية التي سبق بها علمه ، ونفذ بها حكمه .
ثم قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم " السنة اثنا عشر شهرًا
" ينفي بذلك الزيادة التي زادوها في السنة ـ وهي الخمسة عشر يومًا ـ بتحكيمهم ، فتعين الوقت الأصلي وبطل التحكم الجهليّ .
تفسير القرطبي / مجلد رقم : 4 / ص : 3063 / تفسير التوبة .
وقوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " ورجب مُضر الذي بين جمادَى وشعبان " إنما أضافهُ إلى مُضر ليبين صحة قولهـم في رجب ومكانه بين الشهور .
وقيل له " رجب مضر " لأن ربيعة بن نزار كانوا يُحَرِّمُونَ شهر رمضان ويسمونه رجبًا وكانت مُضر تحرِّم رجبًا نفسه . القرطبي .
قال الإمام البغوي : قال قتادة :
والظلم فيهن - أي في الأشهر الحرم -أعظم من الظلم فيما سواهنّ ، وإن كان الظلم على كل حال عظيمًا .
فارتكاب محارم الله كلها ، والفواحش ما ظهر منها وما بطن ، ظلم للنفس حَرَّمه الله ، ونهى عنه ، كما نهى تعالى عن ظلم الإنسان لغيره .
* فعن أبي ذر ، عن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . فيما روى عن الله تبارك وتعالى أنه قال :
" يا عبادي ! إني حرمَتُ الظلمَ على نفسي وجعلتُه بينكم محرمًا . فلا تظَالمُوا ..... " .صحيح مسلم . متون / ( 45 ) ـ كتاب : البر والصلة والآداب / ( 15 ) ـ باب : تحريم الظلم / حديث رقم : 2577 / ص : 658 .

وحذر النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ من الظلم :
* فعن عبد الله بن عمر ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال النبي " الظلمُ ظُلُمات يوم القيامة " .
صحيح البخاري . متون / ( 46 ) ـ كتاب : المظالم والغضب / ( 8 ) ـ باب : ظلمات يوم القيامة / حديث رقم : 2447 / ص : 280 .

وخَوَّفَ النبيُّ أُمتَهُ من دعوةِ المظلوم :
* فعن ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ بعث معاذًا إلى اليمن فقال :
" اتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب " .
صحيح البخاري . متون / ( 46 ) ـ كتاب : المظالم والغضب / ( 9 ) ـ باب : الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم / حديث رقم : 2448 / ص : 280 .

فظلم النفس الذي هو ترك طاعة الله ، وترك الانقياد لامتثال أوامره ، واجتناب نواهيه ، محرم بنص القرآن الكريم ، وأيضًا ظلم الناس بعضهم لبعض محرم على الدوام . ولكنه في شهر رجب ، وبقية الأشهر الحرم أشد تحريمًا .


فالمشروع في هذا الشهر :رجب الفرد الحرام .

ترك ظلم النفس :
وذلك بالاتباع وفعل المأمورات والبعد عن المحرمات والمنهيات .

2 ـ ترك ظلم العباد :
فظلمهم يكون بشتمهم وقذفهم ، وأكل أموالهم ، وسفك دمائهم ، واغتيابهم ، والسعي بينهم بالفساد حتى يلقى الله مفلسًا .
* فعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال :
" أتدرون ما المفلس ؟ قالوا : المُفلسُ فينا من لا درهم له ولا متاع . فقال : إن المفلس من أمتي ، يأتي يوم القيامة بصلاةٍ وصيام وزكاةٍ ، ويأتي قد شتم هذا ، وقذف هذا ، وأكل مال هذا ، وسفك دم هذا ، وضرب هذا . فيُعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته . فإن فَنِيت حسناتُهُ ، قبل أن يَُقْضِي ما عليه ، أخذ من خطاياهم فطُرحت عليه . ثم طُرح في النار " . صحيح مسلم . متون / 45 ـ كتاب : البر والصلة والآداب / 15 ـ باب :
تحريم الظلم / حديث رقم : 59 ـ 2581 / ص : 659 . 
 
كيف تكون متبِعًا غير مبتدعٍ في شهر رجب ؟

ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه حذَّر من مخالفة أمره :
قال الإمام مسلم في صحيحه
وَحَدَّثَنَا
إِسْحَقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ جَمِيعًا ،عَنْ أَبِي عَامِرٍ، قَالَ عَبْدٌ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عَمْرٍو،قال: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ الزُّهْرِيُّ ،عَنْ ،سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: سَأَلْتُ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ رَجُلٍ لَهُ ثَلَاثَةُ مَسَاكِنَ فَأَوْصَى بِثُلُثِ كُلِّ مَسْكَنٍ مِنْهَا قَالَ يُجْمَعُ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي مَسْكَنٍ وَاحِدٍ ثُمَّ قَالَ أَخْبَرَتْنِي عَائِشَةُ "
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ "مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ
"

صحيح مسلم / 30 ـ كتاب : الأقضية / من عمل عملا ليس عليهأمرنا فهو رد / حديث رقم : 18 ـ 1718 / ص : 448 .
* وعن جابر بن عبد الله ؛ قال : كان رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إذا خطب ..... ويقول :
" أما بعد . فإن خير الحديث كتاب الله . وخير الهدي هدي محمد ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . وشر الأمور محدثاتها . وكل بدعة ضلالة ..... " .

صحيح مسلم / 7 ـ كتاب : الجمعة / 13 ـ باب : تخفيفالصلاة والخطبة / حديث رقم : 43 ـ 867 / ص : 204 .

ومن القواعد ـ الكلية ـ الفقهية الهامة :
الأصلُ في عاداتِنا الإباحَة حتى يجيءَ صارفُ الإباحَـهْ .



وليس مشروعًا من الأمور غيرُ الذي في شرعِنا مذكورْ .
فالأصل في العادات ، أي الأمور الدنيوية من مآكل
ومشارب : الحِل والإباحة حتى يرد في الشرع ما يحرمه .
مثل : الأصل في الطعام الحِلّ ، ولكن هناك نص يخرج لحم الخنزير من هذا الأصل فيحرم .


وعلى العكس في العبادات :
الأصل في العبادات التوقف والتحريم حتى يرد نص بمشروعية هذه العبادة فيخرجها عن الأصل وهو عدم المشروعية .

*وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في القواعد النورانية الفقهية " فباستقراء الشريعة نعلمُ أنَّ العبادات التي أوجبها الله أو أحبَّها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع " .ا . هـ .
وعلى هذا جرى السلفُ الصالحُ ـ رضي الله عنهم ـ من الصحابة والتابعين .
* فعن سعيد بن المسيب : أنه رأى رجلًا يصلي بعد طلوع الفجـر أكثر من ركعتين ، يُكثِرُ فيهما الركوع والسجود ، فنهاه .
فقـال : يا أبا محمد ! يعذبني اللهُ على الصلاة ؟ !
قال " لا ، ولكن يعذبُكَ على خلاف السنة " .
رواه البيهقي وغيره بسند حسن .

قال شيخنا العلامة الألباني ـ رحمه الله ـ في " إرواء الغليل " 2 / 236 : بعد إيرادِه هذا الأثر :
" وهذا من بدائع أجوبة سعيد بن المسيب ـ رحمه الله تعالى ـ ، وهو سلاحٌ قويٌ على المبتدعةِ الذين يستحسنون كثيرًا من البدع باسمِ أنها ذِكْرٌ وصلاةٌ ! ! ثم ينكرون على أهلِ السنةِ إنكار ذلك عليهم ، ويتهمونهم بأنهم ينكرون الذكرَ والصلاة ! وهم في الحقيقة إنما ينكرون خلافَهم للسنةِ في الذِّكرِ والصلاةِ ونحو ذلك ".ا . هـ .

علم أصول البدع / الشيخ : علي حسن علي عبد الحميد / ص : 72 .
فلا عبادة إلا بنص من القرآن أو السنة الصحيحة .

وتطبيق ذلك :

الصيام عامة مشروع في دين الله ، ولكن تخصيص أوقات معينة مثل : شهر رجب أو غيره لأفضليته ، دون نص بذلك ، فهذا غير مشروع ، ويدخل في البدع .


* وقال الحافظ ابن حجر في : تبيين العجب بما ورد في شهر رجب :
ـ لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا في صيام شيء منه معين ، ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة .

ـ وقال عبد الرزاق في مصنفه : 4 / 292 :
عن ابن جريج عن عطاء : كان " ابن عباس "
ينهى عن صيام رجب كله ؛ ألاَّ يُتَّخذ عيدًا .
إسناده صحيح .

تبيين العجب بما ورد في شهر رجب / للحافظ ابن حجر العسقلاني / ص : 70 .

روي عن أحمد عن خرشة بن الحر قال :
رأيتُ عمر يضرب أكف المترجبين حتى يضعوها في الطعام ويقول : كلوا فإنما هو شهر كانت تعظمه الجاهلية
.

إرواءالغليل في تخريج أحاديث منار السبيل / تحقيق الشيخ الألباني /ج : 4 / حديث رقم : 957 / ص : 113 / صحيح .
قال الشيخ محمد ناصر الدين الألباني :
وليس هو في " المسند " للإمام أحمد ، فهو في بعض كتبه الأخرى التي لم تصل إلينا ، وقد أخرجه ابن أبي شيبة في " المصنف " .
ورُوِي نحو ذلك ، عن أبي بكرة .
قال ابن حجر :
فهذا النهي منصرف إلى من يصومه معظمًا لأمر الجاهلية .

أمَّا إنْ صامه لقصد الصوم في الجملة ، من غير أن يجعله حتمًا ، أو يخص منه أيامًا معينة يواظب على صومها ، أو ليالٍ معينة يواظب على قيامها ، بحيث يظن أنها سُنَّة ،
فهذا مَنْ فَعَلَهُ من السلامة مما استثني ، فلا بأس به ، فإن خص ذلك ـ بشهر رجب ـ أو جعله حتمًا ،فهذا محظور

* عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ عن النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ قال " لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي . ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام . إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم " .
صحيح مسلم / 13 ـ كتاب : الصيام / 23 ـ باب : تحريم صوم أيام التشريق / حديث رقم : 148 ـ ( 1144 ) / ص : 273 .

* وقال النووي ـ رحمه الله ـ :
" ولم يثبت في صوم رجب نهي ولا ندب بعينه ،ولكن أصل (1)الصوم مندوب إليه ".
ا . هـ .السنن والمبتدعات ... للشقيري / ص : 125 .-------------------------------

( 1 ) أصل الصوم مندوب إليه : أي أن الصيام عمومًا مندوب إليه في أي وقت ، فالإسلام يرغب في عبادة الصيام لما فيها من الفضل والخير الكثير للصائم . 

بعض البدع التي يراها

كثير من الناس حسنة
ـ صيام الثلاثة أشهر سردًا كما يفعل ذلك كثير من الناس ، ونبه على ذلك الإمام ابن القيم في كتابه زاد المعاد وغيره
ـ وفي " تذكرة الموضوعات "لابن طاهر الهندي الفتني قال :ومما يُفعل في هذه الأزمان :
إخراج الزكاة في رجب
دون غيره ولا أصل له .
ومما أحدثوا في رجب إقبالهم على الطاعة أكثر ،
وإعراضهم في غيره حتى كأنهم لم يخاطبوا إلا فيه .
-هناك بعض التصرف في هذا القول -.

ـ ومن البدع الاجتماع في البيوت ، أو غيرها لقراءة قصة المعراج في ليلة السابع والعشرين من رجب ، وبعض الناس يخصصون هذه الليلة بالذكر والعبادة والقيام ، وهذا اليوم بالصيام ،وصلاة الرغائب .
ـ ومن البدع خروج النساء إلى المقابر في نصف رجب أو آخره .
ـ عمرة رجب - العمرة الرجبية - فالعمرة مشروعة في كل وقت ولكن دون تخصيص زمان وأفضلية بدون نص .
فالعمرة مشروعة في رجب وغيره دون اعتقاد بأن هناك أفضلية لأدائها في رجب على ما سواه من الأشهر .
قال ابن القيم
" كل حديث في ذكر صوم رجب وصلاة بعض الليالي
فيه فهو كذب مفترى "ا.هـ المنار المنيف /96 .
وقال الحافظ ابن حجر
" لم يرد في فضل شهر رجب ولا في صيامه ولا صيام شيء منه معيَّن ولا في قيام ليلة مخصوصة فيه حديث صحيح يصلح للحجة "ا.هـ تبيين العجب / 11 .وانظر : لطائف المعارف /228 .
وقد اشتهر حديث لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم:من يبارك الأحباب بهذا الشهر الفضيل يحرم عليه النار .x 
لا نعرف له أصلا ، ولوائح الوضع عليه ظاهرة ، فلا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم .الإسلام سؤال وجواب. 

وأعلنت دار الإفتاء المصرية إلى أن رسالة حديث من يبارك الأحباب بشهر رجب بدأت تنتشر على واتس آب وفيس بوك ويتداولها بين الأشخاص، وصرحت أن حديث من يبارك الأحباب بشهر رجب، غير صحيح.


*.*.*.*.*.*.*.*.
ونستأنس بهذه الخطبة للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله
*.*.*.*.*.*.*.*.

ونستأنس بهذا هنا
 
الأحاديث الضعيفة والموضوعة الواردة في
فضل شهر رجب


ـ حديث " رجب شهر الله ، وشعبان شهري ، ورمضان شهر أمتي " . ذكره ابن الجوزي في الموضوعات .

ـ حديث" فضل رجب على سائر الشهور كفضل القرآن على سائر الكلام " .حديث مكذوب .

ـ حديـث "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان ، وبلغنا رمضان " .ضعفه النووي في الأذكار للسيوطي .

ـ حديث " إن في الجنة نهرًا ، يقال له رجب ،ماؤه أشد بياضًا من اللبن ، وأحلى من العسل ، من صام يومًا من رجب سقاه الله من ذلك النهر " . قال الذهبي باطل .


ـ حديث " صوم أول يوم من رجب كفارة ثلاث سنين ، والثاني كفارة سنتين ، والثالث كفارة سنة ثم كل يوم شهرًا " .قال شارح الجامع إسناده ساقط .

ـ حديث " من صام ثلاثة أيام من شهر حرام الخميس والجمعة والسبت كتب له عبادة ستين سنة " . قال السخاوي باطل .

ـ حديث " صوم يوم من شهر حرام أفضل من ثلاثين من غيره ، وصوم يوم من رمضانأفضل من ثلاثين من شهر حرام " . قال العراقي لم أجده .

ـ وقصة ابن السلطان: الرجل المسرف الذي كان لا يصلي
إلا في رجب ، فلما مات ظهرت عليه علامات الصلاح ، فسئل عنه رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقال " إنه كان يجتهد ويدعو في رجب " . قصة مكذوبة تحرم قراءتها ويحرق كتابها .

ـ روى الإمام أحمد وأبو داود وابن ماجه واللفظ له عن رجل من باهلة قال : أتيت النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ،فقلت : يا رسول الله أنا الرجل الذي أتيتك عام الأول ،فقال" فمالي أرى جسمك ناحلاً ؟ " . قال :
يا
رسول الله ما أكلت طعامًا بالنهار ما أكلته إلا بالليل .
قال" من أمرك أن تعذب نفسك ؟ " . قلت : يا رسول الله إني قوي . قال : " صم شهر الصبر ويومًا بعده " . قلت : إني أقوى . قال : " صم شهر الصوم ويومين بعده " .
قلت : إني أقوى .قـال " صم شهر الصبر وثلاثة أيام بعدهوصم أشهر الحُرم " .
ولفظ أبي داود " صم من الحرم واترك " . قالها ثلاثًا .

ضعيف / ضعفه الشيخ الألباني في رياض الصالحين / حديث رقم :1256 / ص : 446 .

أصل المعلومة مستقى من كتاب :
السنن والمبتدعات المتعلقة بالأذكار والصلوات /
تأليف : محمد بن أحمد بن محمد عبد السلام خضر الشقيري الحوامدي / ص: 125 .
 
 
ما ورد في الفَرَع والعتيرة
عن نُبَيشة قال : نادى رجل رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال :يا رسول الله ! إنا كنا نَُعْتِرُ 1 عَتِيرَةً في
الجاهليةِ في رجب ، فما تأمُرُنا ؟ قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم " اذبحوا لله 2 عز وجل في أيِّ شهرٍ كان ،
وبَرُّوا
لله 3 ، وأطعموا" .
قالوا :يا رسول الله ! إنا كنا نُفْرِعُ 4 فَرَعًا في الجاهليةِ فما تأمُرُنا به ؟ قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم " في كلِّ سائمةٍ فَرَعٌ تَغْذُوه ماشِيَتُكَ 5 ،حتى إذا اسْتَحْمَلَ 6 ذَبَحْتَهُ ، فتصدقْتَ بلحمهِ - أراه قال - على ابن السبيل .فإن ذلك هو خيرٌ " .صحيح سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني/ ج : 2 / كتاب : الذبائح / باب : الفَرَع والعتيرة / حديث رقم : 2565 / ص : 207 .
1- نعتر : نذبح .
2 - اذبحوا لله : أي اذبحوا إن شئتم واجعلوا الذبح في رجب وغيره سواء .
3- بروا الله : أطيعوه .
4-
نُفْرِعُ : نذبح فرعًا وهو أولُ ما تلد الناقة . وكانوا يذبحون ذلك لآلهتهم في الجاهلية ثم نهى النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ عن ذلك .
5- تغزوه ماشيتك : يُعلف مثل ماشيتك أو مع ماشيتك .
6-إذا استحمل : أي قوي على الحمل وصار بحيث يُحملُ عليه .
عون المعبود بشرح سنن أبي داود / المجلد الرابع : 7 ـ 8 - باب :في العتيرة / حديث رقم : 2827 / ص : 23 . بتصرف يسير جدًا .

* عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " لا فَرَعَ ولا عَتِيرَةَ " سنن الترمذي / تحقيق الشيخ الألباني / 17 ـ كتاب :الأضاحي / 15 ـ باب : ما جاء في الفرع والعتيرة / حديث رقم : 1512 / ص : 358 / صحيح .

* قال أبو عيسى ـ الترمذي ـ :
والفَرَع : أول النتاج كان يُنتجُ لهم فيذبحونه .
والعتيرة : ذبيحة كانوا يذبحونها في رجب ،يعظمون شهر رجب ، لأنه أول شهر من الأشهر الحرم .
والأشهر الحرم هي : رجب ، وذو القعدة ، وذو الحجة ،
والمحرم .

* قال الشيخ الألباني ـ رحمه الله ـ في الإرواء :
هذا وقد أفادت هذه الأحاديث :
مشروعية الفرع ، وهو الذبح أول النتاج على أن يكون لله تعالى .
ومشروعية الذبح في رجب وغيره بدونتمييز وتخصيص لـ " رجب " على ما سواه من الأشهر .
فلا تعارض بينها وبين الحديث المتقدم
" لا فرع ولا عتيرة " ،
لأنه إنما أبطل ـ صلى الله عليه وسلم ـ به الفرع الذي كان أهل الجاهلية ـ يذبحونه ـ لأصنامهم ، والعتيرة ،وهي الذبيحة التي يخصون بها رجبًا .
والله أعلم .
إرواء الغليل / ج : 4 / ص : 413 .
*اختلاف العلماء في حكم العتيرة *

واختلف الفقهاء في حكم ذبيحة رجب في الإسلام على قولين للعلماء:
فذهب الجمهور من الحنفية والمالكية والحنابلة إلى
أن فعل العتيرة منسوخ واستدلوا بحديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال"لا فرع ولا عتيرة"
رواه البخاري 5473 في كتاب العقيقة باب الفرع،ومسلم 1976 في كتاب الأضاحي باب الفرع والعتيرة عن أبي هريرة.
وذهب الشافعية إلى عدم نسخ حكم العتيرة وقالوا :
تستحب العتيرة وهو قول ابن سيرين
قال ابن رجب: وحكاه الإمام أحمد عن أهل البصرة ورجحه
طائفة من أهل الحديث المتأخرين.
لطائف المعارف ـ ابن رجب الحنبلي ص 205.
ومما استدل به القائلون باستحباب العتيرة،
ما رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بسند حسن عن مخنف بن سليم الغامدي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال بعرفة"إن على كل أهل بيت في كل عام أضحية وعتيرة
وهي التي يسمونها الرجبية"
حديث حسن أخرجه أبو داود 2788 في كتاب الأضاحي،باب ما جاء في إيجاب الأضاحي، والترمذي 1523 .في كتاب الأضاحي باب رقم 19، والنسائي 7/ 167 في كتاب الفرع والعتيرة باب رقم 1، وابن ماجه 3125 في كتاب الأضاحي باب الأضاحي واجبة أم لا؟ وقال الحافظ ابن حجر في الفتح 10/6 سنده قوي وقال الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 2533 حديث حسن.
وفي سنن النسائي بسند صحيح عن نبيشة بن عمرو
الصحابي - رضي الله عنه - أنهم قالوا: يا رسول الله إنا كنا نعتر فيه في الجاهلية، يعني في رجب.
قال - صلى الله عليه وسلم "اذبحوا لله في أي شهر كان وبروا الله وأطعموا"
حديث صحيح أخرجه أبو داود 2830 في كتاب الأضاحي باب في العتيرة والنسائي 7/169-171 في كتاب الفرع والعتيرة باب تفسير العتيرة -وابن ماجه 3167 في كتاب الذبائح باب الفرعة والعتيرة ،وقال الألباني في صحيح سنن ابن ماجه 2565حديث صحيح.

قال ابن حجر في الفتح: فلم يبطل رسول الله - صلى الله
عليه وسلم - العتيرة من أصلها وإنما أبطل خصوص الذبح في شهر رجب.
قال ابن رجب رحمة الله - تعالى -عليه:
وهؤلاء جمعوا بين هذه الأحاديث وبين حديث أبي هريرة
"لا فرع ولا عتيرة" بأن المنهي عنه هو ما كان يفعله
أهل الجاهلية من الذبح لغير الله ،وحمله سفيان بن عيينة على أن المراد به نفي الوجوب. لطائف المعارف ـ ابن رجب الحنبلي ص 206.
مقتبس من هنا  
الإسـراء والمعـراج

قال تعالى " سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى ...".سورة الإسراء / آية : 1 . .

ولكن هل كان الإسراء والمعراج في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب ؟


قالوا : كان في شهر ربيع الأول .
وقالوا : في شهر ربيع الآخر .
وقالوا : كان في رجب .

وقيل : في رمضان . وقيل : في شوال .
وقيل كان في ليلة السابع والعشرين من رجب ...
الأقوال كثيرة جدًا ، والحقيقة مجهولة،لأنه لم يستند أحدٌ قط من أصحاب هذه الأقوال إلى حديث صحيح فوجب :
الإمساك عن التعيين ، والسكوت عما سكت عنه سلفنا الصالح ، والقرآن
والسنة الصحيحة فيهما الكفاية.
الضعيف في الإسراء والمعراج :
ـ حكاية ذهابه صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورجوعه ليلة الإسراء ولم يبرد فراشه . لم يثبت ذلك ، ولم يرد في مدة غيبته صلى الله عليه وعلى آله وسلم شيء .
ـ وحديث : رأى رجلًا ليلة الإسراء معلقًا في سرادق العرش فقال : أنبي هذا أم مَلَك ؟ فقيل : لا .هذا كان في الدنيا قلبه معلق في المساجد . ولسانه رطب من ذكر الله ؛ ولم يستسب لوالديه قط . خبره واهٍ جدًا .

ـ وحديث " لما عرج بي إلى السماء رأيتعلى ساق العرش مكتوبًا :لا إله إلا الله محمد رسول الله ، أبو بكر الصديق ، عمر الفاروق ، عثمان ذو النورين " .
فيه كذاب أو مجهول .
ـ وحديث " رؤيته صلى الله عليه وعلى آله وسلم لِعَليّ ليلة الإسراء في السماء في صورة سبع فتح له فاه وفيه خاتمه فلما نزل وجد خاتمه مع علي " . باطل مكذوب .

*************

ونستأنس بهذه الفتاوى
هنا
و

هنا
و
هنا 
شبهة والرد عليها
قد يقول قائل : تخصيص شهر رجب بصيام من باب " السنة الحسنة" لقول الرسول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده ..... " . ـ الحديث ـ .
ولرد هذه الشبهة نورد الحديث مع توضيح مراد الشارع منه :

ـ عن المُنْذِرِ بْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ أَبِيه ؛ قال : كُنَّا عِنْدَ رسولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ في صَدْرِ النَّهَارِ .

قال : فجاءهُ قومٌ حفاةٌ عراةٌ مُجْتَابِي النِّمَارِ "1"أوِ الْعَبَاءِ ،مُتَقَلِّدِي السُّيُوف . عَامَّتُهُمْ مِنْ مُضَرَ بَلْ كُلُّهُمْ مِنْ مُضَرَ فَتَمَعَّرَ "2" وَجْهُ رَسُولِاللهِ ـ صلى اللهُ عليه وعلى آله وسلم ـ لِمَا رَأَى بِهِمْ مِنَ الفَاقَةِ . فَدَخَلَ ثُمَّ خَرَجَ . فَأَمَرَ
بِلالاً
فَأَذَّنَ وَأَقَامَ . فَصَلَّى ثُمَّ خَطَبَ فَقَال :


" يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ ." . سورة النساء / آية : 1 .
إلى آخر الآية . " إنَّ اللهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا " .
والآيَةَ التي في الحَشْرِ " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوااتَّقُوا اللهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ
وَاتَّقُوا اللهَ ..." . سورة الحشر / آية : 18 .

تَصَدَّق "3" رَجُلٌ مِنْ دِينَارِهِ ، مِنْ دِرْهَمِهِ ، مِنْ ثَوْبِهِ ،مِنْ صَاعِ بُرِّهِ ، مِنْ صَاعِ تَمْرِهِ - حتى قَالَ - ولَوْ بِشَقِّ تَمْرَةٍ .

قَالَ : فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ بِصُرَّةٍ كَادَتْ كَفُّهُ تَعْجِزُ عَنْهَا . بَلْ قَدْ عَجَزَتْ .
قالَ : ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ حَتَّى رَأَيْتُ كَوْمَينِ مِنْ طَعَامٍ وثِيَابٍ . حَتَّى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسْولِ اللهِ– صلى الله عليه
وسلم – يَتَهَلَّلُ كَأَنَّهُ مُذْهَبَةٌ "4" .
فقالَ رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ :
" مَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنَّةً حَسَنَةً ، فَلَهُ أَجْرُهَا ،وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا بَعْدَهُ . مِنْ غَيْرِ أنْ يَنْقُصَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ " .
ومَنْ سَنَّ في الإسْلامِ سُنةً سَيئةً ، كانَ عليهِ وِزْرُهَا ووِزْرُ مَنْ عَمِلَ بها مِنْ بَعْدِهِ . مِنْ غَيْرِ
أنْ يَنْقُصَ مِنْ أوْزَارِهِمْ شَيْءٌ " .صحيح مسلم / ( 12 ) ـ كتاب : الزكاة / ( 20 ) ـ باب : الحث علىالصدقة ولو بشق تمرة ... / حديث رقم : 69 ـ ( 1017 ) / ص : 241 .
" 1 " الجَوْب : القَطْعُ . النمار : جمع نَميرة وهي كساء من صوفٍ مخطط .
مجتابيها : أي لابسيها قد خرقوها في رؤوسِهم - أي خرقوها وقوروا وسطها- .
"2 " تمعر : تغير .
" 3 " تصدق : أي ليتصدق فهو خبر بمعنى الأمر .

" 4"مُذْهَبة : الصفاء والاستنارة .
* من شرح الحديث بصحيح مسـلم :
من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها ..... .
فيه الحث على الابتداء بالخيرات ، وسن السنن الحسنات ،
والتحذير من اختراع الأباطيل والمستقبحات .
وسبب هذا الكلام في هذا الحديث أنه قال في أوله :
"فجاء رجل بصرة كادت كفه تعجز عنها ، فتتابع الناس "
وكان الفضل العظيم للبادي بهذا الخير ، والفاتح لباب هذا الإحسان .
وفي هذا الحديث تخصيص قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم " كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة " ،
وأن المراد به المحدثات الباطلة ، والبدع المذمومة .
ا . هـ. من سن سنة حسنة :
نجد أن السُّنَّة الحسنة في هذا الحديث هي الصدقة وهي لها أصل في الدين ولكن الحث عليها بالعمل - القدوة-..... فيقتدي به الناس ، يعتبر سنة حسنة .
وليس إذًا معنى السنة الحسنة أن نبتدع في دين الله أي عبادات ونقول من سن في الإسلام سنة حسنة .
فلا يخصص شهر رجب بصيام ونقول من سن في الإسلام سنة حسنة ..... .
ولا نحتفل بليلة النصف من شعبان ونحييها ونخصها بعبادات معينة تحت ستار من سن في الإسلام سنة حسنة .
فلا عبادة إلا بنص صحيح
بفهم السلف الصالح .
طريق الخلاص من البدع


بعد أن ظهر جليا أن كل بدعة ضلالة ، فما هو طريق الخلاص من البدع التي هي مفتاح الضلال ؟
فالجواب ما قاله الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ :
" تركتُ فيكم شيئين ، لن تضلوا بعدهما : كتاب الله ، وسنتي ، ولن يتفرقا حتى يردا عليَّ الحوض " .
رواه الحاكم عن أبي هريرة / صحيح الجامع الصغير وزيادته / الهجائي / تحقيق
الشيخ الألباني /
ج : 1 / حديث رقم : 2937 / ص : 566 / صحيح .
* عن جابر بن عبد الله ، قال : رأيت رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ في حجته يوم عرفة ، وهو على ناقته القصواء يخطب ، فسمعته يقول :" يا أيها الناس ! إني تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا :كتاب الله ، وعترتي ؛ أهل بيتي " .

سنن الترمذي / تحقيق الشيخ الألباني / ( 46 ) ـ كتاب : المناقب مناقب أهل بيت النبي صلى ... / عن رسول الله ..... / ( 32 ) ـ باب : حديث رقم : 3786 / ص : 855 / صحيح .
فالبدع في حقيقتها سمٌّ ناقعٌ ، فالحذر الحذر من هذا السُّمِّ ؛
فإنه قاتل ، ومِلْ مع الحقِّ حيث كان ،
وكنْ متيقِّظًا لخلاص مُهْجَتِك بالاتباع ، وترك الابتداع .
إذًا " الطريق الوحيد للخلاص من البدع
وآثارها
السيئة هو الاعتصام بالكتاب والسنة اعتقادًا وعِلمًا وعملاً " .
محوطًا ذلك كلُّه بالاهتداء بهَدْي السلف وفهمِهِم ونهجِهِم وتطبيقِهِم لهذين الوحيين الشريفين ؛ فَهُمْ ـ رحمهم الله ـ أعظمُ الناس حبًّا ، وأشدُّهم اتباعًا ، وأكثرُهم حرصًا ، وأعمقهم علمًا ، وأوسعُهم دراية .
وترجع أهمية هذا الأمر : أنه الشرط الثاني لقبول أي عبادة .....
فشرطي قبول أي عمل صالح هما :أن يكون هذا العمل :
1 ـ خالصًا لله .
2 ـ صوابًا على نهج رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
وهذا الطريق يسير على من يسَّره اللهُ له ، وسهلٌ على من سَهَّلَهُ اللهُ عليه ، لكنه يحتاج إلى جهود علمية ودَعَويَّةٍ متكاتفةٍ متعاونةٍ ، ساقُها الصِّدْقُ ، وأساسُها الحبُّ والأخوَّةُ ـ بعيدًا عن أيِّ حزبيةٍ أو تكتُّلٍ أو تمحْوِرٍ ـ ومنطَلَقُها
العملُ بأمره تعالى "
وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ" .

سورة المائدة / آية : 2 .

والله الهادي ـ وحده ـ إلى سواءِ السَّبيل .
فهنيئًا لمن وفَّقَهُ اللهُ في عبادته لاتِّباع سنة نبيه ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، ولم يخالطها ببدعةٍ ، إذن ؛ فَلْيُبْشِرْ بتقبل الله عز وجل لطاعته ، وإدخاله إياه في جنته . جعلنا اللهُ من المتبعين للسنن كيفما دارتْ ، والمتباعدينَ
عن الأهواء حيثما مالتْ ؛ إنه خير مسئول ،وأعظم مأمول . وصلى الله تعالى وسلم على نبيه وعبده وعلى آله وصحبه .
 

كلمـــة ذهبيـــة


" اقتصادٌ في سنةٍ خيرٌ من اجتهادٍ في بدعةٍ " .
هذه الكلمة الذهبية صحَّت عن غيرِ واحدٍ من الصحابةِ ـ رضي الله عنهم ـ ، منهم : أبو الدرداء ، وعبد الله بن مسعود .
ووردت أيضًا عن أُبَيّ بن كعب رضي الله عنه ؛ كما في " الحُجَّة في بيان المحجة " . 1 / 111 ؛ بلفظ :
" وإن اقتصادًا في سبيلٍ وسُنَّةٍ خيرٌ من اجتهادٍ في خلافِ سبيلٍ وسُنَّة ، فانظرُوا أنْ يكونَ عملُكم إنْ كان اجتهادًا أو اقتصادًا أن يكون ذلك على منهاج الأنبياء وسنتهم صلوات الله عليهم " . رواه اللاكائي ..... .

وهي كلمة تعطي منهاجًا عظيمًا للمسلم الذي يريد الاتباع الصحيح في أعماله وأقواله الشرعية .
وهذه الكلمة مأخوذة من عدة أحاديث نبوية صحيحة منها :
قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
" إياكم والغلو في الدين " . والغلو مجاوزة الحد .
* فعن ابن عباس ؛ قال : قال رسول الله ـ صلى الله
عليه وسلم
ـ
غداة يوم العقبة وهو على ناقته :
" ..... إياكم والغلو في الدين ، ..... " .
سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني /( 25 ) ـ كتاب : المناسك / ( 63 ) ـ باب : قدر حصى الرمي / حديث رقم : 3029 / ص : 513 / صحيح .

ومنها قوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
* عن عائشة قالت : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " أحبُّ الأعمالِ إلى الله أدومها وإن قل " .
صحيح مسلم . متون / 6 ـ كتاب : صلاة المسافرين وقصرها / 30 ـ باب : العمل الدائم من قيام الليل وغيره / حديث رقم : 218 ـ 783 / ص : 188 .
وغيرها من الأحاديث .
وقد طبق الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ والتابعون ـ
رحمهم الله تعالى
ـ هذه القاعدة تطبيقًا دقيقًا ، فكانوا
جد حريصين على اتباع السنة ولو بقليل عملٍ ،
ومن ثَمَّ ابتعدوا عن البدعة ابتعادًا كثيرًا ، ونفروا عنها ومنها ، ولو توهَّم متوهمٌ أن في هذه البدعة اجتهادًا وزيادة خير ؛ ـ تذكر قول ـ أبي الأحوص وهو يقول لنفسه :

" يا سلام نَمْ على سُنَّةٍ ، خيرٌ من أن تقوم على بدعة " .
علم أصول البدع / علي حسن على عبد الحميد .
" ألهمنا الله وإياكُم حُسن المتابعة ، وجنبنا الهوى والمخالفة "
آميـن . علم أصول البدع / ص : 88 .
 
 تم بحمد الله

وهذا رابط الملف وورد


اضغط هنا

= وهنا =
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق