11 ـ النيةُ شَرْطٌ لِسَائرِ العَمَلْ * بِها الصَلاَحُ والفَسادُ للِعَمَلْ
هذه هي القاعدة الأولى :
النيةُ : العزم والقصد ، نوى كذا بمعنى قَصَدَهُ ، فمَنْ قَصَدَ شيئًا ، وعزم على فعله فقد نواه . وهذا الذي يقصده جمهور الفقهاء الذين تكلموا في مسائل النية .
أما في الاصطلاح : فهي مرادفة للإخلاص ؛ إذ بينهما عموم وخصوص مطلق . فالنية : أعم مطلقًا من الإخلاص ، فتشمل نية الرياء والشرك والإخلاص وغير ذلك .
والإخلاص : أخص من النية لأن معناه إخلاص النية من شوائب الشرك والرياء ، وإفراد الله بالقصد والإرادة .
والنية كما قال أهل العلم : تَشْرُد ، فالإنسان يحتاج إلى معاهدتِها ، وعلى مجاهدة النفس من أجل تصحيحها وتنقيتها وتجريدها لله عز وجل .
هذه هي القاعدة الأولى :
النيةُ : العزم والقصد ، نوى كذا بمعنى قَصَدَهُ ، فمَنْ قَصَدَ شيئًا ، وعزم على فعله فقد نواه . وهذا الذي يقصده جمهور الفقهاء الذين تكلموا في مسائل النية .
أما في الاصطلاح : فهي مرادفة للإخلاص ؛ إذ بينهما عموم وخصوص مطلق . فالنية : أعم مطلقًا من الإخلاص ، فتشمل نية الرياء والشرك والإخلاص وغير ذلك .
والإخلاص : أخص من النية لأن معناه إخلاص النية من شوائب الشرك والرياء ، وإفراد الله بالقصد والإرادة .
مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 34 / بتصرف .
والنية كما قال أهل العلم : تَشْرُد ، فالإنسان يحتاج إلى معاهدتِها ، وعلى مجاهدة النفس من أجل تصحيحها وتنقيتها وتجريدها لله عز وجل .
القواعد الفقهية ... / شرح : خالد الصقعبي / ص : 19 .
وبدأ الناظم بما يتعلق بالنية تنبيهًا للقارئ إلى استحضارها وتخليصها قبل البدء بهذه القواعد .
وقد استحب جماعة من السلف بدء المصنفات بحديث النيات لهذا المعنى ، كما فعله الإمام البخاري في صحيحه .
شَرْطٌ : الشرط ما يلزم من عدمه العدمُ ، ولا يلزم من وجوده وجودٌ ولا عدم لذاته . والشرط خارج العمل .
مثاله : الطهارة شرط في صحة الصلاة ، فلا يلزم من وجود الطهارة وجود صحة الصلاة ولا عدمها .
ويلزم من عدم الطهارة عدم صحة الصلاة .
فالنية شرط . وقيل ركنٌ ، والأول هو الصحيح ؛ لأنها ليست جزءًا من العمل .
والشرط والركن : يجتمعان : في انعدام صحة العمل عند عدمها .
ويفترقان : في أن الركن جزءٌ من حقيقة الفعل وماهيته ، كالركوع في الصلاة .
وأما الشرط فإنه خارج عن حقيقة الفعل وماهيته ، كاستقبال القبلة أثناء الصلاة .
قال بعض العلماء :
وقد استحب جماعة من السلف بدء المصنفات بحديث النيات لهذا المعنى ، كما فعله الإمام البخاري في صحيحه .
شَرْطٌ : الشرط ما يلزم من عدمه العدمُ ، ولا يلزم من وجوده وجودٌ ولا عدم لذاته . والشرط خارج العمل .
مثاله : الطهارة شرط في صحة الصلاة ، فلا يلزم من وجود الطهارة وجود صحة الصلاة ولا عدمها .
ويلزم من عدم الطهارة عدم صحة الصلاة .
فالنية شرط . وقيل ركنٌ ، والأول هو الصحيح ؛ لأنها ليست جزءًا من العمل .
والشرط والركن : يجتمعان : في انعدام صحة العمل عند عدمها .
ويفترقان : في أن الركن جزءٌ من حقيقة الفعل وماهيته ، كالركوع في الصلاة .
وأما الشرط فإنه خارج عن حقيقة الفعل وماهيته ، كاستقبال القبلة أثناء الصلاة .
قال بعض العلماء :
الركنُ ما في ذات الشيء ولجا والشرط عن ماهيته خرجا
لكن كلاهما إذا ما انعدما انعدمت حقيقةٌ معهما .
لِسَائرِ العَمَلْ : لفظ : سائر ؛ يأتي في اللغة ، بمعنى : كل ؛ باتفاق ، ويأتي بمعنى الباقي .
وعلامة الأول ـ أي بمعنى " كل " ـ : ألا يتقدمه ذكر شيء معين يعتبر فردًا من أفراد ما بعده ، كقولهم : سائر الطلاب مجتهدون .
وعلامة الثاني ـ أي بمعنى " الباقي " ـ : أن يتقدمه ذِكرُ شيءٍ معين هو فردٌ من أفراد ما بعده ، كقولهم : زيدٌ مجتهدٌ وسائر الطلاب كُسالى .
والمراد هنا ـ أي في هذه القاعدة ـ المعنى ـ الأول ، فيكون المعنى ، النيةُ شرطٌ لكل الأعمال ؛ وبها يُحكمُ على العمل بالصلاح أو الفساد . ويستثنى من هذا العموم أمران :
* الأول : التُّرُوك ، كترك الزنا ، وترك القتل ، وترك سائر المعاصي ، فهذه التروك داخلة في الأعمال من جهة اللفظ ، لأن الترك نوع من أنواع الفعل كما قال تعالى :
" كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ " . سورة المائدة / آية : 79 .
فالنية ليست شرطًا في صحة التروك ، فكل من ترك المعاصي فذمته بريئة من الإثم ، ولكن لا ثواب له على الترك إلا بنية الامتثال ـ أي الترك امتثالاً للنهي ـ .
* الثاني : الأعمال الدنيوية المحضة : التي يحصل المقصود منها بمجرد الفعل ، ولا يتوقف على النية ، كرد المغصوبات ، والديون والأمانات إلى أهلها ، فإن المقصود هو رجوع المال إلى صاحبه ، وهذا يحصل بمجرد الردِّ ، ولا يتوقف على النية . وكذلك النفقة على الزوجة والأولاد يقصد بها سد حاجتهم ، وهذا حاصلٌ بمجرد الفعل دون توقف على نية الامتثال ، ولكن لا ثواب إلا بنية .
* فعن الزهري قال : حدثني عامرُ بن سعد ، عن سعد بن أبي وقاص ، أنه أخبره أن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال " إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أُجِرتَ عليها ، حتى ما تجعل في فم امرأتِك " .
لِسَائرِ العَمَلْ : لفظ : سائر ؛ يأتي في اللغة ، بمعنى : كل ؛ باتفاق ، ويأتي بمعنى الباقي .
وعلامة الأول ـ أي بمعنى " كل " ـ : ألا يتقدمه ذكر شيء معين يعتبر فردًا من أفراد ما بعده ، كقولهم : سائر الطلاب مجتهدون .
وعلامة الثاني ـ أي بمعنى " الباقي " ـ : أن يتقدمه ذِكرُ شيءٍ معين هو فردٌ من أفراد ما بعده ، كقولهم : زيدٌ مجتهدٌ وسائر الطلاب كُسالى .
والمراد هنا ـ أي في هذه القاعدة ـ المعنى ـ الأول ، فيكون المعنى ، النيةُ شرطٌ لكل الأعمال ؛ وبها يُحكمُ على العمل بالصلاح أو الفساد . ويستثنى من هذا العموم أمران :
* الأول : التُّرُوك ، كترك الزنا ، وترك القتل ، وترك سائر المعاصي ، فهذه التروك داخلة في الأعمال من جهة اللفظ ، لأن الترك نوع من أنواع الفعل كما قال تعالى :
" كَانُواْ لاَ يَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُواْ يَفْعَلُونَ " . سورة المائدة / آية : 79 .
فالنية ليست شرطًا في صحة التروك ، فكل من ترك المعاصي فذمته بريئة من الإثم ، ولكن لا ثواب له على الترك إلا بنية الامتثال ـ أي الترك امتثالاً للنهي ـ .
* الثاني : الأعمال الدنيوية المحضة : التي يحصل المقصود منها بمجرد الفعل ، ولا يتوقف على النية ، كرد المغصوبات ، والديون والأمانات إلى أهلها ، فإن المقصود هو رجوع المال إلى صاحبه ، وهذا يحصل بمجرد الردِّ ، ولا يتوقف على النية . وكذلك النفقة على الزوجة والأولاد يقصد بها سد حاجتهم ، وهذا حاصلٌ بمجرد الفعل دون توقف على نية الامتثال ، ولكن لا ثواب إلا بنية .
* فعن الزهري قال : حدثني عامرُ بن سعد ، عن سعد بن أبي وقاص ، أنه أخبره أن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال " إنك لن تنفق نفقة تبتغي بها وجه الله إلا أُجِرتَ عليها ، حتى ما تجعل في فم امرأتِك " .
صحيح البخاري . متون / (2) ـ كتاب : الإيمان / (41) ـ باب : ما جاء إن الأعمال بالنية ... / حديث رقم : 56 / ص : 17 .
والناظم في هذا البيت يشير إلى القاعدة الكلية الكبرى " الأمور بمقاصدها " ، بمعنى أن تصرفات المكلَّفِ تختلف أحكامها باختلاف مقصود الشخص ونيته فيها .
مثال ذلك :
من وجد مالاً مفقودًا ، فإن أخذَه بنية التملك لنفسه يكون غاصبًا ، ويلزمه الضمان عند التلف . وأما من أخذه بنية الحفظ ، وقصد التعريف ، ـ لُقَطَة ـ ، فإنه يكون أمينًا ، ولا يضمن المال عند التلف إلا بالتفريط .
مثال ذلك :
من وجد مالاً مفقودًا ، فإن أخذَه بنية التملك لنفسه يكون غاصبًا ، ويلزمه الضمان عند التلف . وأما من أخذه بنية الحفظ ، وقصد التعريف ، ـ لُقَطَة ـ ، فإنه يكون أمينًا ، ولا يضمن المال عند التلف إلا بالتفريط .
منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
* ثلاثة أشخاص قتلوا ثلاثة أشخاص :
الأول : قتل شخصًا عمدًا وعدوانًا ، فهذا يُقتل .
الثاني : شبه العمد أي أراد إيذاء المقتول لا قتله ، أو خطأ : كمن أراد يرمي صيدًا فقتل إنسانًا ، فهذا عليه كفارة .
الثالث : أمر بقتل فلان من الناس حدًّا ، فهذا لا شيء عليه .
فالأول قَتَلَ عمدًا ؛ والثاني شبه عمد أو خطأ ؛ والثالث مأذون له في ذلك ، فصورة العمل واحدة كلها قتل ؛ لكن النتيجة والتبعية اختلفت لاختلاف النية .
الأول : قتل شخصًا عمدًا وعدوانًا ، فهذا يُقتل .
الثاني : شبه العمد أي أراد إيذاء المقتول لا قتله ، أو خطأ : كمن أراد يرمي صيدًا فقتل إنسانًا ، فهذا عليه كفارة .
الثالث : أمر بقتل فلان من الناس حدًّا ، فهذا لا شيء عليه .
فالأول قَتَلَ عمدًا ؛ والثاني شبه عمد أو خطأ ؛ والثالث مأذون له في ذلك ، فصورة العمل واحدة كلها قتل ؛ لكن النتيجة والتبعية اختلفت لاختلاف النية .
منظومة القواعد ... / شرح : خالد إبراهيم الصقعبي .
ـ وشواهد هذه القاعدة كثيرة جدًا في الكتاب والسنة :
· أما من الكتاب :فقوله تعالى " وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ " .سورة البينة / آية : 5 .
وقوله تعالى : " وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيمًا " .سورة النساء / آية : 114 .
وقوله جل شأنه " لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِىَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلوبُكمْ " .سورة البقرة / آية : 225 .
فهذه الآيات ونحوها تدل على وجوب النية في جميع الأعمال ، وأن المرءَ مؤاخذٌ بما قصد قلبه .
· وأما من السنة :
* قوله صلى الله عليه وسلم :
" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبُها أو إلى امرأةٍ ينكحُهَا فهجرته إلى ما هاجر إليه " .
صحيح البخاري . متون / ( 1 ) ـ كتاب : بدء الوحي / ( 1 ) ـ باب : كيف كان بدء الوحي إلى ... / حديث رقم : 1 / ص : 9 .
ويكفي أن نعلم أن هذه القاعدة بنيت على هذا الحديث ، فمكانتها ـ أي القاعدة ، بمكانة هذا الحديث ونذكر طرفًا مما جاء في مكانة هذا الحديث :
* فهذا الحديث قاعدة من قواعد الإسلام العظيمة ، اتفق العلماء على صحته وتلقيه بالقبول .
وبه صدَّرَ البخاري كتابه الصحيح وأقامه مقام الخطبة له إشارة منه إلى أن كل عمل لا يُراد به وجه الله تعالى فهو باطل لا ثمرة له في الدنيا ولا في الآخرة .
وهذا الحديث هو أحد الأحاديث التي عليها مدار الدين ، وقد رُوي عن الإمامين الجليلين " الشافعي " و " أحمد " رحمهما الله ، أنه ثلث العلم وثلث الإسلام ، لأن كسب العبد بقلبه وبلسانه وبجوارحه ، فالنية أحد الأقسام وهي أرجحها ، لأنها تكون عبادة بانفرادها .
وقال عبد الرحمن بن مهدي عليه رحمة الله تعالى : ينبغي أن يُجعل هذا الحديث رأس كل باب .
· أما من الكتاب :فقوله تعالى " وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ " .سورة البينة / آية : 5 .
وقوله تعالى : " وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتَغَاء مَرْضَاتِ اللهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيمًا " .سورة النساء / آية : 114 .
وقوله جل شأنه " لاَّ يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِىَ أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا كَسَبَتْ قُلوبُكمْ " .سورة البقرة / آية : 225 .
فهذه الآيات ونحوها تدل على وجوب النية في جميع الأعمال ، وأن المرءَ مؤاخذٌ بما قصد قلبه .
· وأما من السنة :
* قوله صلى الله عليه وسلم :
" إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبُها أو إلى امرأةٍ ينكحُهَا فهجرته إلى ما هاجر إليه " .
صحيح البخاري . متون / ( 1 ) ـ كتاب : بدء الوحي / ( 1 ) ـ باب : كيف كان بدء الوحي إلى ... / حديث رقم : 1 / ص : 9 .
ويكفي أن نعلم أن هذه القاعدة بنيت على هذا الحديث ، فمكانتها ـ أي القاعدة ، بمكانة هذا الحديث ونذكر طرفًا مما جاء في مكانة هذا الحديث :
* فهذا الحديث قاعدة من قواعد الإسلام العظيمة ، اتفق العلماء على صحته وتلقيه بالقبول .
وبه صدَّرَ البخاري كتابه الصحيح وأقامه مقام الخطبة له إشارة منه إلى أن كل عمل لا يُراد به وجه الله تعالى فهو باطل لا ثمرة له في الدنيا ولا في الآخرة .
وهذا الحديث هو أحد الأحاديث التي عليها مدار الدين ، وقد رُوي عن الإمامين الجليلين " الشافعي " و " أحمد " رحمهما الله ، أنه ثلث العلم وثلث الإسلام ، لأن كسب العبد بقلبه وبلسانه وبجوارحه ، فالنية أحد الأقسام وهي أرجحها ، لأنها تكون عبادة بانفرادها .
وقال عبد الرحمن بن مهدي عليه رحمة الله تعالى : ينبغي أن يُجعل هذا الحديث رأس كل باب .
القواعد الفقهية ... / للسعدي / شرح خالد الصقعبي .
* عن نافع بن جُبَيرِ بنِ مُطْعِم قال : حدثتني عائشةُ ـ رضي الله عنها ـ قالت : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم
ـ " يغزو جيش الكعبة ، فإذا كانوا ببيداء من الأرض يُخسَفُ بأولِهم
وآخرِهم " . قالت :قلتُ : يا رسول الله كيف يُخسف بأولهم وآخرهم وفيهم
أسواقُهم ومَن ليس منهم ؟ . قال" يُخسفُ بأولهم وآخرِهم ثم يبعثون على نياتِهم " .
صحيح البخاري . متون / ( 34 ) ـ كتاب : البيوع / ( 49 ) ـ باب : ما ذُكر في الأسواق / حديث رقم : 2118 / ص : 239 .
وللمزيد يُرجَع لكتاب : رياض الصالحين ؛ ( 1 ) باب الإخلاص وإحضار النية .
o تنبيه :
ـ يجب التنبيه هنا على خطأٍ شائع بين المسلمين ، عندما تخاطب أحدهم وتأمره بعمل من أعمال الجوارح المأمور بها ، يقول " إنما الأعمال بالنيات"المهم ما وقر في القلب ! ! .
وهذا فهم خاطئ للحديث ، فالرسول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لم يقل " إنما النيات بالنية " ، ولكن قال : إنماالأعمال بالنيات .
إذًا لابد من العمل الصالح ثم النية التي تجعل العمل خالصًا لوجه الله .
مثال ذلك :
نهى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الصلاة في أوقات معينة وتسمى أوقات الكراهة ، ونهى صلى الله عليه وسلم عن هذه الأوقات لعدم التشبه بغير المسلمين في عقيدتهم ، رغم عدم الشك في نيته صلى الله عليه وسلم ونية أصحابه ، فلا يصلي أحد في هذه الأوقات ويقول ليس في نيتي عقيدة هؤلاء ، فنيتي صالحة ، لا . النية لا تخرجه عن النهي السابق . فلابد أن يكون العمل صالحًا ـ أي على الكتاب والسنة ـ ، والنية صالحة وخالصة لوجه الله .
نسأل الله أن يصلح أعمالنا .
ـ محل النية والقصد :
اتفق العلماء على أن القلب محل النية وموضعها .
ـ وقت النية :
النية المُقَارِنة ركن في العبادة ، فالأصل فيها أن تكون مُقارنة للفعلِ المَنوِيّ ، إلا أن الشارع جاء في بعض الأعمال وصحح سبق النية للفعل ، مثال ذك : أن الشريعة جاءت بأن من نوى الصيام في الليل صح صيامه ولو لم تكن نيته مقارنة لأول الصيام .القواعد الفقهية ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي / ص : 23 .
* فعن حفصة ؛ قالت : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا صيام لمن لم يؤرِّضْهُ من الليل "
o تنبيه :
ـ يجب التنبيه هنا على خطأٍ شائع بين المسلمين ، عندما تخاطب أحدهم وتأمره بعمل من أعمال الجوارح المأمور بها ، يقول " إنما الأعمال بالنيات"المهم ما وقر في القلب ! ! .
وهذا فهم خاطئ للحديث ، فالرسول ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لم يقل " إنما النيات بالنية " ، ولكن قال : إنماالأعمال بالنيات .
إذًا لابد من العمل الصالح ثم النية التي تجعل العمل خالصًا لوجه الله .
مثال ذلك :
نهى الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ عن الصلاة في أوقات معينة وتسمى أوقات الكراهة ، ونهى صلى الله عليه وسلم عن هذه الأوقات لعدم التشبه بغير المسلمين في عقيدتهم ، رغم عدم الشك في نيته صلى الله عليه وسلم ونية أصحابه ، فلا يصلي أحد في هذه الأوقات ويقول ليس في نيتي عقيدة هؤلاء ، فنيتي صالحة ، لا . النية لا تخرجه عن النهي السابق . فلابد أن يكون العمل صالحًا ـ أي على الكتاب والسنة ـ ، والنية صالحة وخالصة لوجه الله .
نسأل الله أن يصلح أعمالنا .
ـ محل النية والقصد :
اتفق العلماء على أن القلب محل النية وموضعها .
ـ وقت النية :
النية المُقَارِنة ركن في العبادة ، فالأصل فيها أن تكون مُقارنة للفعلِ المَنوِيّ ، إلا أن الشارع جاء في بعض الأعمال وصحح سبق النية للفعل ، مثال ذك : أن الشريعة جاءت بأن من نوى الصيام في الليل صح صيامه ولو لم تكن نيته مقارنة لأول الصيام .القواعد الفقهية ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي / ص : 23 .
* فعن حفصة ؛ قالت : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : " لا صيام لمن لم يؤرِّضْهُ من الليل "
سنن
ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / 7 ـ كتاب : الصيام / 26 ـ باب :ما
جاء في فرض الصوم من الليل ، والخيار في الصوم / حديث رقم : 1700 / ص : 297
/ صحيح .
" لمن لم يورِّضْه " : من أَرَّضَهُ ، إذا قدره وحزمه ؛ أي : لمن ينوه بالليل .حاشية سنن ابن ماجه / ص : 297 .
* وعن عائشة ؛ قالت : دخل عَليَّ رسولُ اللهِ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال " هل عندكم شيء " ؟ . فنقول : لا ، فيقول : " إني صائم " ... .
سنن ابن ماجه / تحقيق الشيخ الألباني / 71 ـ كتاب : الصيام / 26 ـ باب :ما جاء في ... / حديث رقم : 1701 / ص : 297 / حسن .
فالأصل أن النية تصحب العمل من أول وقته حكمًا لا حقيقة ، أما الحقيقة فظاهرًا . وأما الحكم فمثاله
: كأن ينوي المكلَّف صلاة العصر ، وهو يتوضأ وضوء صلاة ولم يُحْدِث بعد
هذا الوضوء ما ينافي جنس الصلاة ، ثم شرع في صلاة العصر دون حضور الذهن
لنية ، فإنه ناوٍ حكمًا .
مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 39 .
شروط النية :ننتقل بعد ذلك للحديث عن شروط النية ، متى تكون النية صحيحة معتبرة ، ومتى لا تكون ؟ هناك عدد من الشروط منها :
* الشرط الأول : العلم بالمنوي ، فأنت إذا أردت أن تنوي شيئًا فلابد أن تكون عالمًا به .
* والشرط الثاني : الجزم بالمنوي ؛ لأنه لا يمكن أن تنوي شيئًا وتقصده إلا إذا كت جازمًا ، وبعض العلماء يجعل الجزم ركنًا من أركان النية ، ولا يجعله شرطًا لها .
* والشرط الثالث : التمييز ، فالصبي غير المميِّز لا يتمحض له قصد صحيح ، وحينذ لا يصح اعتبار النية منه ، قالوا : ليس له نية .
* الشرط الرابع : العقل ؛ لأن غير العاقل لا يتمحض له قصد صحيح ؛ ولذلك فإن النائم والمجنون والسكران لا تعتبر نياتهم ، إن كانت لهم نيات ، وكون السكران حكم بوقوع الطلاق بفعله ليس هذا من باب اعتبار نيته ، وإنما هو من باب ربط الأحكام بأسبابها بدون نظر للنية .
* هناك شرط خامس يذكره بعض الفقهاء : وهو الإسلام ، قالوا : لأن الكافر لا تصح عبادته ، وهذا الشرط لا يصح ، لا يصح أن نجعل الإسلام شرطًا في النية ؛ وذلك لأن الكافر تعتبر نيته في عدد من الأمور مثل طلاقه ، ومثل بيعه ، فدل ذلك على أن النية معتبرة من الكافر ، وأن النية تصح ، وإن كان صحة العمل فيه تفصيل .
فإن قال قائل : العبادات لا تصح من الكافر فحينئذ كيف تصح نيته ؟
قلنا : إن النية لا تتمحض أن تكون عبادة ، بل قد تقع على جهة غير العبادة ، وعدم صحة عبادات الكافر ليس معناها أنه لا تصح نيته. مثل المحدِث : هل تصح الصلاة من المحدث ؟
لا تصح الصلاة من المحدِث ، مع أن نيته معتبرة ، فعدم صحة الصلاة وعدم صحة العبادة لا يدل على عدم اعتبار النية ، هذا شيء من مباحث النية .
القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري .
* الشرط السادس : ألا يأتي بمنافٍ للنية ، والمنافي للنية أمران : أ ـ القطع : يعني أن ينوي قطع العبادة ، فعلى هذا من قام يصلي ثم نوى قطع الصلاة انقطعت صلاته ، لكن من تردد في النية هل يقطع أو لا يقطع ؟ الصحيح أنها لا تنقطع ، لأن أصل النية موجود .
ب ـ الرِّدة عنِ الإسلام ِ، على قول من اشترط الإسلام لصحة النية .
القواعد الفقهية ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي .
صور التشريك في النية :* الصورة الأولى : أن يدخل مع العبادة ما ليس بعبادة أصلاً . وهذه الصورة نوعين :
النوع الأول : أن يدخل مع العبادة ما لا يصح إدخاله ، كالذبح لله وللولي فلان ، فهذا يُبطل العبادة .
النوع الثاني : أن يُدْخِل مع العبادة ما يصح إدخاله ، كما لو اغتسل بنية الجمعة والتَّبَرّد .
* الصورة الثانية : أن ينوي مع العبادة عبادة أخرى ، وهذا له أنواع :
النوع الأول : أن يدخل الفريضة على فريضة ، هذا لا يجوز إلا في حالة واحدة فقط ،في الحج في القِران ، أي يدخل الحج على العمرة ، فيقول " اللهم لبيك عمرة
وحجًا" ، فهنا أدخل الحج على العمرة وقرنهما بنية واحدة
النوع الثاني : أن ينوي مع الفريضة سنة ، هذا يجوز في بعض الصور دون بعض .
وسيأتي تفصيل ذلك في قاعدة 42 :
وإِنْ تَسَاوى العَمَلانِ اجْتَمَعَا وَفُعلَ أَحَدُهمَا فَاسْتَمِعَا
مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 39 .
==============
12 ـ الدِّينُ مَبْنيُّ على المَصَالحِ في جَلْبِهَا والدَّرْءِ للقَبَائِحِ
الدِّينُ : في اللغة : الطاعة والجزاء . فمن الأول ـ أي : " الطاعة " ـ : قول الشاعر :
أيامٍ لنا غرٍّ طوالٍ ** عصينا الملكَ فيها أن نَدِينا
" فالدين بهذا المعنى مأخوذ من الفعل : " دان " بمعنى : أطاع ، فمن دان لغيره ، وأطاعه فإنه قد سلم الدين له ، ولما كان أهل الإيمان يطيعون الله ـ عز وجل ـ سميت شريعة الله " الدين "" . القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري / ص : 24 .
ومن الثاني ـ أي : " الجزاء " : قولهم :
" كما تَدِين تُدانُ " ، ومنه " يومُ الدينِ " أي : يوم الجزاء
وأُطلق على الشريعةِ لفظُ الدِّين لقيامها على معنى الطاعة والجزاء .
منظومة القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
المَصَالحِ : جمع مصلحة ، وهي المنفعة وزنًا ومعنى ،واحدها " مصلحة " . إلا أن المقصود من المصالح عند الفقهاء هو حفظ مقصود الشارع بالحفاظ على الكليات الخمس ، وهي : " الدين ، والنفس ، والعقل ، والنسل ، والمال " ، فقد جاء الإسلام للحفاظ على هذه الكليات الخمس .
في جَلْبِهَا : قال في القاموس : " جلب الشيء : المجيء به من مكان إلى آخر " .
الدَّرْءِ : قال في القاموس : " الدرء هو الدفع .
* وهذه القاعدة هي القاعدة العامة ـ الكلية ـ التي ترجع إليها أصول الشريعة وفروعها وسائر القواعد الفقهية .
يعني : أن بعض العلماء ، وهو العز بن عبد السلام ـ أرجَع الفقه كله إلى قاعدة واحدة وهي :
جلب المصالح ودرء المفاسد .
وقال ابنُ السبكي : بل يرجع الفقه كله إلى الجزء الأول من القاعدة، وهي : جلب المصالح " ، لأن درء المفاسد نوع من جلب المصالح .
قال تعالى " وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ"
وأعظم ما نهى الله عنه : الشرك في عبادته ، الذي هو فساد وحسرة في القلوب والأبدان ، والدنيا والآخرة .
وكذلك شرع لعباده الاجتماع للعبادة في مواضع ، كالصلوات الخمس ، والجمعة ، والأعياد ، ومشاعر الحج ، والعلم النافع ، لما في الاجتمع من الاختلاط الذي يوجب التوادد والتواصل ، وزوال التقاطع والأحقاد بينهم ومراغمة الشيطان الذي يكره اجتماعهم على الخير ، وحصول التنافس في الخيرات ، واقتداء بعضهم ببعض ، وتعليم بعضهم بعضًا ، وتعلم بعضهم من بعض ، وكذلك حصول الأجر الكثير الذي لا يحصل بالانفراد ، إلى غير ذلك من الحِكَم .
وأباح سبحانه البيع والعقود المباحة ، لما فيها من العدل ، ولحاجة الناس إليها . وحرم الربا وسائر العقود الفاسدة ، لما فيها من الظلم والفساد ، وأباح الطيبات من المآكل والمشارب ، والملابس ، والمناكح ، لما فيها من مصالح الخلق ، ولحاجة الناس إليها ، ولعدم المفسدة فيها . وحرم الخبائث من : المآكل ، والمشارب ، والملابس ، والمناكح ، لما فيها من الخبث والمضرة ، عاجلاً وآجلاً ، فتحريمها حماية لعباده ، وصيانة لهم ، لا بخلاً عليهم ، بل رحمة منه بهم ، فكما أن عطاءَه رحمة ، فمنعه رحمة ، مثال ذلك : أن إنزال المطر بقدر ما يحتاج إليه العباد : رحمة منه تعالى ، فإذا زاد بحيث تضر زيادته كان منعه رحمة . لذا شرع لنا عند زيادة المطر إلى درجة نخشى منها الضر ، الدعاء بهذا " ... اللهم حوالينا ولا علينا ... " .
صحيح البخاري . متون / ( 15 ) ـ كتاب : الاستقساء / ( 6 ) ـ باب : الاستقساء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة / حديث رقم : 1014 / ص : 117 .
وبالجملة ، فإن أوامر الرب قوت القلوب وغذاؤها ، ونواهيه داء القلوب وَكُلُومهَا ، وكذلك المواريث ، والأوقاف ، والوصايا ، وما في معناها : اشتملت كلها على غاية المصلحة والمحاسن ، فالدين مُقام على جلب المصالح ودرء المفاسد .
أما العموم : فمنه قوله تعالى -وذلك بدلالة اللزوم-
" إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحشاءِ والمنكرِ وَالْبَغيِ " .سورة النحل / آية : 90 .
وقوله سبحانه (1) " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمةً لِّلْعالَمِينَ " . سورة الأنبياء / آية : 107 .
فمقتضى كون هذه الشريعة رحمة أن تكون جالبة للمصلحة دافعة للمفسدة (1) .
وفي تعاليل الأحكام نجد أن الشريعة عللت كثيرًا من أحكامها بمصالح الخلق كما قال ـ جل وعلا ـ" وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ ". سورة البقرة / آية : 179 .
فقوله : حياة ، هذا تعليل لهذا الحكم وهو القصاص لمصلحة الخلق ـ [ حتى لا تكون فوضى ويعم الفساد ، فإذا عُلم أن هناك قصاص ارتدع المعتدي (2) ] ـ .
(2)ما بين المعكوفتين [ ] تصرف
وأما الاستقراء : ـ وهو تتبُّعُ الجزئيات للوصول إلى حكم كلِّيٍّ ـ : وتتبع الأحكام والنظر في عللها وحِكَمِهَا ، دليل قاطع على كون هذه الشريعة مصلحة للخلق .
مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 45 .
القَبَائِحِ : هي المفاسد ، جمع مفسدة ، وهي المضرَّةُ ، والقبيح ضد الحسن . * وهذه القاعدة هي القاعدة العامة ـ الكلية ـ التي ترجع إليها أصول الشريعة وفروعها وسائر القواعد الفقهية .
يعني : أن بعض العلماء ، وهو العز بن عبد السلام ـ أرجَع الفقه كله إلى قاعدة واحدة وهي :
جلب المصالح ودرء المفاسد .
وقال ابنُ السبكي : بل يرجع الفقه كله إلى الجزء الأول من القاعدة، وهي : جلب المصالح " ، لأن درء المفاسد نوع من جلب المصالح .
القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
فهذا الأصل العظيم ، والقاعدة العامة يدخل فيها الدين كله ، فكله مبني على تحصيل المصالح في الدين والدنيا والآخرة ، وعلى دفع المضار في الدين والدنيا والآخرة . ما أمر الله بشيءٍ إلا وفيه من المصالح ما لا يحيط به الوصف ، وما نهى عن شيءٍ إلا وفيه من المفاسد ما لا يحيط به الوصف . قال تعالى " وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ"
سورة الأعراف / آية : 157 .
ومن أعظم ما أمر الله به التوحيد ، الذي هو : إفراد الله بالعبادة ، وهو مشتمل على صلاح القلوب ، وسعتها ، ونورها ، وانشراحها ، وزوال أدرانها ، وفيه مصالح البدن والدنيا والآخرة . وأعظم ما نهى الله عنه : الشرك في عبادته ، الذي هو فساد وحسرة في القلوب والأبدان ، والدنيا والآخرة .
فكل خير في الدنيا والآخرة فهو من ثمرات التوحيد .
وكل شر في الدنيا والآخرة فهو من ثمرات الشرك .
ومما
أمر الله به : الصلاة ، والزكاة ، والصيام ، والحج : الذي من فوائد هذا
انشراح الصدر ونوره ، وزوال همومه وغمومه ، ونشاط البدن وخفته ، ونور الوجه
، وسعة الرزق ، والمحبة في قلوب المؤمنين ، وفي الزكاة والصدقة ، ووجوه
الإحسان : زكاة النفس وتطهيرها ، وزوال الدرن عنها ، ودفع حاجة أخيه المسلم
، وزيادة بركة ماله ونماؤه ، مع ما في هذه الأعمال من عظيم ثواب الله الذي
لا يمكن وصفه ، ومن حصول رضاه الذي هو أكبر من كل شيءٍ ، وزوال سخطه . وكل شر في الدنيا والآخرة فهو من ثمرات الشرك .
وكذلك شرع لعباده الاجتماع للعبادة في مواضع ، كالصلوات الخمس ، والجمعة ، والأعياد ، ومشاعر الحج ، والعلم النافع ، لما في الاجتمع من الاختلاط الذي يوجب التوادد والتواصل ، وزوال التقاطع والأحقاد بينهم ومراغمة الشيطان الذي يكره اجتماعهم على الخير ، وحصول التنافس في الخيرات ، واقتداء بعضهم ببعض ، وتعليم بعضهم بعضًا ، وتعلم بعضهم من بعض ، وكذلك حصول الأجر الكثير الذي لا يحصل بالانفراد ، إلى غير ذلك من الحِكَم .
وأباح سبحانه البيع والعقود المباحة ، لما فيها من العدل ، ولحاجة الناس إليها . وحرم الربا وسائر العقود الفاسدة ، لما فيها من الظلم والفساد ، وأباح الطيبات من المآكل والمشارب ، والملابس ، والمناكح ، لما فيها من مصالح الخلق ، ولحاجة الناس إليها ، ولعدم المفسدة فيها . وحرم الخبائث من : المآكل ، والمشارب ، والملابس ، والمناكح ، لما فيها من الخبث والمضرة ، عاجلاً وآجلاً ، فتحريمها حماية لعباده ، وصيانة لهم ، لا بخلاً عليهم ، بل رحمة منه بهم ، فكما أن عطاءَه رحمة ، فمنعه رحمة ، مثال ذلك : أن إنزال المطر بقدر ما يحتاج إليه العباد : رحمة منه تعالى ، فإذا زاد بحيث تضر زيادته كان منعه رحمة . لذا شرع لنا عند زيادة المطر إلى درجة نخشى منها الضر ، الدعاء بهذا " ... اللهم حوالينا ولا علينا ... " .
صحيح البخاري . متون / ( 15 ) ـ كتاب : الاستقساء / ( 6 ) ـ باب : الاستقساء في خطبة الجمعة غير مستقبل القبلة / حديث رقم : 1014 / ص : 117 .
وبالجملة ، فإن أوامر الرب قوت القلوب وغذاؤها ، ونواهيه داء القلوب وَكُلُومهَا ، وكذلك المواريث ، والأوقاف ، والوصايا ، وما في معناها : اشتملت كلها على غاية المصلحة والمحاسن ، فالدين مُقام على جلب المصالح ودرء المفاسد .
رسالة القواعد الفقهية / للسعدي / ص : 14 / بتصرف .
دليل هذه القاعدة : العموم والاستقراء . أما العموم : فمنه قوله تعالى -وذلك بدلالة اللزوم-
" إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحشاءِ والمنكرِ وَالْبَغيِ " .سورة النحل / آية : 90 .
وقوله سبحانه (1) " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمةً لِّلْعالَمِينَ " . سورة الأنبياء / آية : 107 .
فمقتضى كون هذه الشريعة رحمة أن تكون جالبة للمصلحة دافعة للمفسدة (1) .
وفي تعاليل الأحكام نجد أن الشريعة عللت كثيرًا من أحكامها بمصالح الخلق كما قال ـ جل وعلا ـ" وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ ". سورة البقرة / آية : 179 .
فقوله : حياة ، هذا تعليل لهذا الحكم وهو القصاص لمصلحة الخلق ـ [ حتى لا تكون فوضى ويعم الفساد ، فإذا عُلم أن هناك قصاص ارتدع المعتدي (2) ] ـ .
(2)ما بين المعكوفتين [ ] تصرف
وأما الاستقراء : ـ وهو تتبُّعُ الجزئيات للوصول إلى حكم كلِّيٍّ ـ : وتتبع الأحكام والنظر في عللها وحِكَمِهَا ، دليل قاطع على كون هذه الشريعة مصلحة للخلق .
منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
منظومة القواعد ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري .
ـ
بعد أن ذكر الناظم القاعدة الكلية في المصلحة ، بل هي من القواعد الخمس
الكبرى ، بعدها انتقل إلى تفريع مبني على تلك القاعدة ، وهو تزاحم المصالح
وتزاحم المفاسد . وهي القواعد التالية لهذا . منظومة القواعد ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري .
القواعد الفقهية ... / شرح : الشيخ خالد المصلح / بتصرف .
13 ـ فَإِنْ تَزَاحَمْ عَدَدُ المَصَالِحِ * يُقدَّمُ الأَعلى مِنَ المَصَالِحِ
إذا دار الأمر بين فعل إحدى المصلحتين وتفويت الأخرى ، بحيث لا يمكن الجمع بينهما ، رُوعي أكبر المصلحتين وأعلاهما فَفُعِلَتْ .
* فإن كانت إحدى المصلحتين واجبة والأخرى سُنَّة ، قُدِّمَ الواجبُ على السنة لأن مصلحته أعظم . ودليل ذلك :
* عن أبي هريرة قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " إن الله قال : من عادى لي وليًّا فقد آذنته بالحرب وما تقرب إليَّ عبدي بشيء أحبَّ إليَّ مما افترضتُ عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبَّهُ ، فإذا أحببته كنتُ سَمْعَهُ الذي يسمعُ به وبصرَه الذي يبصرُ به ويَدَهُ التي يبطش بها ، ورِجْلَه التي يمشي بها ، وإن سألني لأعطينَّه ، ولئن استعاذني لأُعيذنَّه ، وما ترددتُ عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن ، يكرَه الموتَ وأنا أكرَه مساءَتَهُ " .
صحيح البخاري . متون / ( 81 ) ـ كتاب : الرقاق / ( 38 ) ـ باب : التواضع / حديث رقم : 6503 / ص : 760 .
ـ وتطبيق هذه القاعدة :إذا أُقيمت صلاة الفريضة ، لم يجز ابتداءُ التطوع ، وكذا إذا ضاق الوقت : مثال ذلك : إذا بقي على طلوع الشمس ما يكفيك لصلاة ركعة ، فلا يجوز أن تصلي السنة القبلية لضيق الوقت ، فالمصلحة الأعلى هنا إدراك صلاة الفريضة ، في وقتها . .
* لحديث أبي هريرة ، فعن أبي هريرة ، عن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال : " إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة َ إلا المكتوبة "
صحيح مسلم . متون / ( 6 ) ـ كتاب : صلاة المسافرين وقصرها / ( 9 ) ـ باب : كراهةالشروع في نافلة بعد شروع المؤذن / حديث رقم : 63 ـ ( 710 ) / ص : 171 .
ـ وكذلك إذا تعارض صيام النفل للمرأة مع طاعة الزوج ، قُدمت طاعة الزوج ، لأنها واجبة .
* فعن همَّام بن مُنَبه . قال : هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمدٍ رسولِ اللهِ ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ .
فذكر أحاديث منها . وقال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " لا تَصُمِ المرأةُ وبعلُها شاهد
إلا بإذنه ... " .
صحيح مسلم . متون / ( 12 ) ـ كتاب : الزكاة / ( 26 ) ـ باب : ما أنفق العبد من مال مولاه / حديث رقم : 84 ـ ( 1026 ) / ص : 243 .
*
وإن كانت المصلحتان واجبتين ولم يمكن الإتيان بهما ، قدّم أوجبهما ، فيقدم
صلاة الفرض ،على صلاة النذر ، وكالنفقة اللازمة للزوجات ، والأقارب ، يقدم
الأقرب فالأقرب . [ وكالزوجة إذاتعارض في حقها أمر زوجها وأمر أبويها ، فتعمل بأمر الزوج (1) ، لأن طاعته آكدُ وأوجبُ ] .
منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
(
1 ) هذه الطاعة للزوج مقيدة بألاّ تؤدي طاعته إلى عقوق الوالدين ، وإلا
فلا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، وكل هذا بمعايير الشرع المنضبطة . منظومة القواعد ... / شرح : حسين عبد العزيز آل الشيخ .
* وإن كانت المصلحتان مسنونتين ، قُدم أفضلهما ، فتقدم الراتبة على السنة ، والسنة على النفل المطلق ، ويقدم ما فيه نفع متعدٍّ ، كالتعليم وعيادة المريض ، واتباع الجنائز ، ونحوها ؛ على ما نفعه قاصر ، كصلاة النافلة ، والذكر ، ونحوهما .
وتقدم الصدقة ، والبرّ للقريب على غيره .
* وإن كانت المصلحتان مسنونتين ، قُدم أفضلهما ، فتقدم الراتبة على السنة ، والسنة على النفل المطلق ، ويقدم ما فيه نفع متعدٍّ ، كالتعليم وعيادة المريض ، واتباع الجنائز ، ونحوها ؛ على ما نفعه قاصر ، كصلاة النافلة ، والذكر ، ونحوهما .
وتقدم الصدقة ، والبرّ للقريب على غيره .
منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
* وإن تعارضت مصلحتان عامة وخاصةٌ ، فتقدَّم المصلحة العامة ، لأنها آكدُ .
ـ ولكن هاهنا أمر ينبغي التفطن له ، وهو أنه قد يَعْرِض للعمل المفضول من العوارض ما يكون به أفضل من الفاضل ، بسبب اقتران ما يوجب التفضيل .
ومن الأسباب الموجبة للتفضيل :
* أن يكون العمل المفضول مأمورًا به بخصوص هذا الموطن ، كالأذكار في الصلاة وانتقالاتها ، والأذكار بعدها ، والأذكار الموظفة بأوقاتها ، تكون أفضل من قراءة القرآن في هذه المواطن .
* ومن الأسباب الموجبة للتفضيل : أن يكون العمل المفضول مشتملاً على مصلحة لا تكون في الفاضل ، كحصول تأليف قلوب به أو نفع متعدٍّ لا يحصل بالفاضل ، أو يكون في العمل المفضول دفع مفسدة يظن حصولها في الفاضل .
* فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال لها :
" يا عائشة لولا أن قومَكِ حديثُ عهدٍ بجاهلية ، لأمرتُ بالبيت فهُدِم فأدخلتُ فيه ما أُخرِجَ منه ، وألزقته بالأرضِ ، وجعلتُ له بابين ، بابا شرقيًا وَبابًا غربيًّا فبلغتُ به أساسَ إبراهيم " .
ـ ولكن هاهنا أمر ينبغي التفطن له ، وهو أنه قد يَعْرِض للعمل المفضول من العوارض ما يكون به أفضل من الفاضل ، بسبب اقتران ما يوجب التفضيل .
ومن الأسباب الموجبة للتفضيل :
* أن يكون العمل المفضول مأمورًا به بخصوص هذا الموطن ، كالأذكار في الصلاة وانتقالاتها ، والأذكار بعدها ، والأذكار الموظفة بأوقاتها ، تكون أفضل من قراءة القرآن في هذه المواطن .
* ومن الأسباب الموجبة للتفضيل : أن يكون العمل المفضول مشتملاً على مصلحة لا تكون في الفاضل ، كحصول تأليف قلوب به أو نفع متعدٍّ لا يحصل بالفاضل ، أو يكون في العمل المفضول دفع مفسدة يظن حصولها في الفاضل .
* فعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال لها :
" يا عائشة لولا أن قومَكِ حديثُ عهدٍ بجاهلية ، لأمرتُ بالبيت فهُدِم فأدخلتُ فيه ما أُخرِجَ منه ، وألزقته بالأرضِ ، وجعلتُ له بابين ، بابا شرقيًا وَبابًا غربيًّا فبلغتُ به أساسَ إبراهيم " .
صحيح البخاري . متون / 25 ـ كتاب : الحج / 42 ـ باب : فضل مكة وبنيانها /حديث رقم : 1586 / ص : 181 . دار ابن الهيثم .
فهنا ترك النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الأفضل ـ وهو هدم الكعبة ، وبناؤها مرة أخرى على أساس إبراهيم ـ عليه السلام ـ ، لأن الأفضل معه مفسدة . فالناس ألِفُوا صورة الكعبة هكذا ، ولو تغيرت قد يخرج بعضهم من الإسلام ، فهم مازالوا ضعاف الإيمان لأنهم حديثو عهد بالجاهلية ؛ أي خرجوا من الجاهلية منذ وقت قريب ـ .
فترك النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ مصلحة بناء الكعبة على قواعد إبراهيم دفعًا لمفسدة راجحة .
ـ وهذا أمر مركوزٌ عند العقلاء ، كما قيل :
إن اللبيب إذا بدا من جسمه مرضان مختلفان داوى الأخطرا
ـ وهذه القاعدة يدور عليها كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لابن تيمية .
فقد تحاول إزالة منكر وتُصر على ذلك ، فتتسبب في عشرات من المنكرات بسبب إزالتك لهذا النكر ، وقد تأمر بالمعروف فتتسبب في إزالة عشرات من المعروف .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
* ومن الأسباب الموجبة للتفضيل أن يكون العمل المفضول أزيد مصلحة للقلب من الفاضل ، كما قال الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ لمّا سُئل عن بعض الأعمال " انظر إلى ما هو أصلح لقلبك فافعله " فهذه الأسباب تصيِّر العمل المفضول أفضل من الفاضل بسبب اقترانها به .
رسالة القواعد الفقهية / للسعدي / ص : 17 / بتصرف .
14 ـ وَضِدُّهُ تَزَاحُمُ المَفَاسِدِ* يُرتَكَبُ الأَدْنَى مِنَ المَفَاسِدِ
وضد القاعدة السابقة ؛ تَزَاحُمُ المَفَاسِدِ :
المقصود هنا عند وجود مفسدتينِ محققتينِ ، لابد من وقوع واحدة منهما ، ولا مفر من تجنب إحداهما ، في هذه الحالة تُتَّقَى المفسدة العظمى بالمفسدة الدنيا ، لكن إذا كان يمكن تجنب المفسدتين فلا تطبق هذه القاعدة في هذه الحالة .
المفاسد : إما محرمات ، أو مكروهات ، كما أن المصالح : إما واجبات أو مستحبات ، فإذا تزاحمت المفاسد ، بأن اضطرّ الإنسانُ إلى فعلِ إحداها ، فالواجب أن لا يرتكب المفسدة الكبرى ، بل يفعل الصغرى ، ارتكابًا لأهون الشرينِ ، لدفع أعلاهما .
فإن كانت إحدى المفسدتين حرامًا والأخرى مكروهة ، قَدَّمَ المكروهَ على الحرامِ ، فيُقَدَّم الأكلَ منَ المشتبهِ على الحرامِ الخالصِ ، وكذلك يقدم سائرَ المكروهات على المحرمات .
وإن كانت المفسدتانِ مُحَرَّمَتَيْنِِ : قدَّمَ أخفهما تحريمًا ، وكذا إذا كانتا مكروهتَيْنِ ، قدَّمَ أهونَهُمَا .
ـ من تطبيقات هذه القاعدة :
* خرق الخضر للسفينة :
قال تعالى على لسانِ موسى " قَالَ أَخَرَقْتَهَا لِتُغْرِقَ أَهْلَهَا لَقَدْ جِئْتَ شيْئًا إِمْرًا" . سورة الكهف / آية : 71 .
فبيَّنَ الخَضِرُ أن هذه السفينة لو بقيت صالحة لأخذها الملك الظالم ، فكان خَرْقُها فسادًا وضررًا ، لكن يُدْفَع به ما هو أضر وهو أخذ السفينة بكاملها .
* وكون الإنسان بين اختيارَيْنِ : طلب العلم في موضع يرى فيها المنكر ويسكت ، أو ترك ذلك والبقاء على الجهل والأمية .
فالأول مُقدَّم في الاختيار إذا أُمِنَتِ الفتنةُ ، فإن طلب العلم من ضرورة حفظ الدين ، والسكوت عن إنكار المنكر فيه رخصة في أحوال . -وتفصيل ذلك يقدم القوي الذي لا يخشى عليه الفتنة ليتعلم ثم ينشر علمه بلا مفاسد-
ومنها جوازالكذب للإصلاح بين الزوجين .
"ما سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يرخصُ في شيءٍ من الكذبِ إلا في ثلاثٍ كان رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقولُ" لا أعدُّه كاذبًا الرجلُ يصلحُ بين الناسِ يقولُ القولَ ولا يريدُ به إلا الإصلاحَ ، والرجلُ يقولُ في الحربِ ، والرجلُ يحدثُ امرأتَه ، والمرأةُ تحدثُ زوجَها". الراوي : أم كلثوم بنت عقبة - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم: 4921 - خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر-
ـ ذُكر عن شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ أنه مر بقوم من التتار كانوا يشربون الخمر ولم ينههم عن شرب الخمر ، وكان معه صاحب له فقال له : لماذا لم تنههم ؟ ! قال : لأنهم لو تركوا شرب الخمر لذهبوا يهتكون أعراض المسلمين ويغصبون أموالهم ، وهذا ظلم مُتعدّ ، وأما شُرب الخمر فإنه ظلم لازم لأنفسِهِم فقط .
* ومن ذلك أيضًا : تَرْك سب آلهة المشركين مفسدة ، لأن الواجب سبب آلهتهم والتحذير منها .
فإذا لزم سبِّها سب الله عز وجل ، وجب الكف عن سَبها
لقوله تعالى " وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّواْ اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ " . سورة الأنعام / آية : 108 .
تيسير علم أصول الفقه / ص : 339 ، 340 .القواعد الفقهية / العثيمين / ص : 38 .
* ومن تطبيقات هذه القاعدة الحديث الآتي :
* عن أبي سعيد الخدري في حديثه هذا ، أن أُناسًا من عبد القيسِ قَدِموا على رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقالوا : يا نبي الله ! إنا حَيّ من ربيعةَ . وبينا وبينك كفار مُضَرَ . ولا نقدرُ (1) عليك إلا في أَشهرِ الْحُرُمِ . فَمُرْنا بأمرٍ نأمرُ به مَنْ وراءنا ، وندخلُ به الجنةَ ، إذا نحن أخذنا به .فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " آمرُكُم بأربعٍ (2) . وأنهاكم عن أربعٍ . اعبدوا الله ولا تُشركوا به شيئًا . وأقيموا الصلاة . وآتوا الزكاةَ . وصوموا رمضان . وأَعطوا الخُمُسَ من الغنائمِ . وأنهاكم عن أربعٍ . عن الدُّباء (3) . والْحَنْتَم (4) . والمُزَفَتِ (5) . والنَّقِيرِ (6) " . قالوا : يا نبي الله ! ما عِلْمُكَ بالنقير ؟ . قال : " بلى . جذعٌ تنقرونه . فتقذفونَ فيه من القُطَيْعَاءِ " .
( قال سعيد : أو قال من التمر ) ـ " ثم تصُبُّون فيه من الماء . حتى إذا سكن غليانه شربتموه . حتى إنَّ أحدكم ( أو إنَّ أحدهم ) ليضربُ ابنَ عمه بالسيف " .
قال : وفي القوم رجل أصابته جِرَاحةٌ " كذلك . قال : وكنتُ أَخْبَأُها حياءً من رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ . فقلتُ : ففيم نشربُ يا رسول الله .
قال : " في أسقية الأَدَمِ ، التي يُلاثُ على أفوَاهِهَا " . قالوا : يا رسول الله ! إن أرضنا كثيرةُ الجِرْذانِ . ولا تبقَى بها أسقيةُ الأَدمِ . فقال نبي الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : وإن أكلتها الجِرْذانُ . وإن أكلتها الجِرذان . وإن أكلتها الجرذان " . وقال نبي الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لأشَجِّ عبدِ القيسِ : " إن فيك لخصلتان يحبها اللهُ الحلمُ والأناةُ " .
صحيح مسلم . متون / ( 1 ) ـ كتاب : الإيمان / ( 6 ) ـ باب : الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ... / حديث رقم : 26 ـ ( 18 ) / ص : 19 .
( 1 ) لا نقدر عليك : أي لا نقدر على الوصول إليك .
( 2 ) آمرُكُم بأربعٍ : قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم آمركم بأربع ثم ذكر خمس . اختلف العلماء في الجواب عن هذا على أقوال ، أظهرها ما قاله الإمام ابن بَطَّال ـ رحمه الله ـ ، قال : أمرهم بالأربع التي وعدهم بها ، ثم زادهم خامسة ، يعني أداء الخمس لأنهم كانوا مجاورين لكفار مُضَر ، فكانوا أهل جهاد وغنائم . ا . هـ .
فتح الباري بشرح صحيح البخاري .
( 1 ) لا نقدر عليك : أي لا نقدر على الوصول إليك .
( 2 ) آمرُكُم بأربعٍ : قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم آمركم بأربع ثم ذكر خمس . اختلف العلماء في الجواب عن هذا على أقوال ، أظهرها ما قاله الإمام ابن بَطَّال ـ رحمه الله ـ ، قال : أمرهم بالأربع التي وعدهم بها ، ثم زادهم خامسة ، يعني أداء الخمس لأنهم كانوا مجاورين لكفار مُضَر ، فكانوا أهل جهاد وغنائم . ا . هـ .
فتح الباري بشرح صحيح البخاري .
( 3 ) الدُّباء: وهو القرع اليابس أي الوعاء منه .
[ وفيه : تُقطع القرعة نصفين وينزع منها البذور ثم تجفف وتستعمل كوعاء . ويطلق اسم الدُّّباء على القرع ، وعلى الكوسة ] .شرح صحيح مسلم .
( 4 ) الحَنْتَم : جِرار ـ مفردها ـ الْجَرَّة .
( 5 ) المُزَفَت : ما طُلي بالزفت .
( 6 ) النَّقِيرِ : أصل النخلة يُنقر فيتخذ منه وعاء .
ومعنى النهي عن هذه الأوعية الأربع : أنه نهى عن الانتباذ فيها ـ أي : النقع ـ ، وهو أن يجعل في الماء حبات من تمر أو زبيب أو نحوهما ليحلو ويُشرب .
وإنما خُصت هذه ـ الأوعية ـ بالنهي لأنه يسرع إليه الإسكار فيها ـ أي تتخمر سريعًا ـ . فنهى عنه ، ولم ينه عن الانتباذ في أسقية الأَدم ، بل أذن فيها لأنها لرقتها لا يخفى فيها المُسْكِر ، بل إذا صار مسكرًا شقها غالبًا بخلاف هذه الأوعية المذكورة وغيرها من الأوعية الكثيفة ، فإنه قد يصير فيها مسكرًا ولا يُعلم . ثم إن هذا النهي كان في أول الأمر ثم نُسخ بحديث بُرَيْدة ـ رضي الله عنه ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال :
" كنت نهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء . فاشربوا في الأسقية كلها ، ولا تشربوا مُسكرًا " .
صحيح مسلم / ( 11 ) ـ كتاب : الجنائز / ( 36 ) ـ باب : استئذان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ربه في ... / حديث رقم : 977 / ص : 231
صحيح مسلم شرح ... النووي / المنهاج / ج : 1 / ( 1 ) ـ كتاب : الإيمان /
صحيح مسلم شرح ... النووي / المنهاج / ج : 1 / ( 1 ) ـ كتاب : الإيمان /
( 8 ) ـ باب : الأمر بقتال ... / ص : 136 ، 137 / بتصرف .
وعون المعبود / المجلد الخامس / كتاب العلم / 8 ـ باب / ص : 115 .
· تطبيق القاعدة الفقهية على هذا الحديث :
يوجد بالحديث مفسدتان : الأولى : قضية انتشار الخمور ، وأن هذه الأواني المنهي عنها يسرع إليها تخمر النبيذ ( أي النقيع ، سواء كان نقيع تمر أو غيره ) ، وخوفًا من أن يصير مُسْكِرًا ولا يُعْلَم به لكثافتها فيتلف ماليته ، وربما شربه المسلم ظانًا أنه لم يُصَرْ مُسْكِرًا فيصير شاربًا للْمُسْكِر ، وكان العهد قريبًا بإباحة المُسكر .
الثانية : لتجنب ذلك ، أمر صلى الله عليه وعلى آله وسلم باستخدام أواني الجد ، لتجنب هذه المفسدة ، ولكن مع ذلك توجد مفسدة أخرى وهي : أن أواني الجلد هذه ـ أسقية الأدم ـ سريعة التلف نظرًا لانتشار الفئران في هذه المناطق وقرضها لهذه الأوعية .
نعم هذه مضرة ، لكن في المقابل سنتقي مضرة أكبر منها وهي مضرة شرب الخمر .
لذا لما طال الزمان واشتهر تحريم المسكرات ، وتقرر ذلك في نفوسهم ، نُسخ ذلك وأبيح لهم الانتباذ في كل وعاء بشرط أن لا يشربوا مسكرًا .
وعون المعبود / المجلد الخامس / كتاب العلم / 8 ـ باب / ص : 115 .
· تطبيق القاعدة الفقهية على هذا الحديث :
يوجد بالحديث مفسدتان : الأولى : قضية انتشار الخمور ، وأن هذه الأواني المنهي عنها يسرع إليها تخمر النبيذ ( أي النقيع ، سواء كان نقيع تمر أو غيره ) ، وخوفًا من أن يصير مُسْكِرًا ولا يُعْلَم به لكثافتها فيتلف ماليته ، وربما شربه المسلم ظانًا أنه لم يُصَرْ مُسْكِرًا فيصير شاربًا للْمُسْكِر ، وكان العهد قريبًا بإباحة المُسكر .
الثانية : لتجنب ذلك ، أمر صلى الله عليه وعلى آله وسلم باستخدام أواني الجد ، لتجنب هذه المفسدة ، ولكن مع ذلك توجد مفسدة أخرى وهي : أن أواني الجلد هذه ـ أسقية الأدم ـ سريعة التلف نظرًا لانتشار الفئران في هذه المناطق وقرضها لهذه الأوعية .
نعم هذه مضرة ، لكن في المقابل سنتقي مضرة أكبر منها وهي مضرة شرب الخمر .
لذا لما طال الزمان واشتهر تحريم المسكرات ، وتقرر ذلك في نفوسهم ، نُسخ ذلك وأبيح لهم الانتباذ في كل وعاء بشرط أن لا يشربوا مسكرًا .
عون المعبود / المجلد الخامس / كتاب : العلم / 8 ـ باب / ص : 116 / بتصرف .وشرح صحيح مسلم . بتصرف .
· ومن هنا يتبين أن تلازم الأحكام وتزاحمها يحتاج إلى أمرين لكي يُبَتّ في ذلك ، نص عليهما شيخ الإسلام في " المجموع " :
الأول : معرفة واقع الواقعة .
الثاني : العلم بمراتب الحسنات والسيئات ، ومقاصد الشريعة .
مجموعة الفوائد البهية على منظومة القواعد الفقهية / ص : 48 .
o لطيفة :
ــــــــ
لماذا قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأشج عبد القيس : إن فيك لخصلتين يحبهما الله الحلم والأناة ؟
الجواب يظهر في الحديث اللآتي :
قال أبو داود في سننه : حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع ، قال : حدثنا مَطَر بن عبد الرحمن الأعنَاق ، قال : حدثتني أم أبان بنتُ الوزاع بن زارع ، عن جدها زارع ـ وكان في وفد عبد القيس ـ قال : [ لما قدمنا المدينة فجعلنا نتبادر من رواحلنا ، فَنُقَبّلُ يدَ رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ] . قال : وانتظر المنذرُ الأشجُّ حتى أتى عَيْبته فلبس ثوبيه ، ثم أتى النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقال له : " إن فيك خَلتين يحبهما الله : الحلم والأناة " قال : يا رسول الله أنا أتخلق بهما أم الله جبلي عليهما ؟ . قال : " بل اللهُ جبلك عليهما " . قال : الحمد لله الذي جبلني على خَلَّتين يحبهما الله ورسوله .
سنن
أبي داود [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 35 ) ـ أول كتاب :
الأدب / ( 164 ) ـ باب :قُبلة ... / حديث رقم : 5225 / ص : 944 / ما بين
المعكوفتين : حسن / باقي الحديث : صحيح .
* ومن تطبيقات هذه القاعدة أيضا :
" إشعار الهدي وتقليده " :
فالشرع يكون حيث المصلحة المحضة ، أو المصلحة الراجحة . فإن إشعار (1) الإبل والبقر المهداة ، فيه تعذيب لها . ولكن مصلحة إشعارها ، لتعظيمها ، وإظهار طاعة الله في إهدائها ، راجح على هذه المفسدة اليسيرة .
تيسير العلام شرح عمدة الأحكام / ج : 2 / باب : الهدي / ص : 176 .
( 1 ) الإشعار معناه : الإعلام . والعبادات شعائر الله لأنها علامات طاعته .
والشعيرة : ـ هنا ـ ما يُهدَى إلى البيت من بهيمة الأنعام ، فتُعلَّم ، وذلك بإزالة شعر أحد جانبي البدنة أو البقرة ، وكشطه حتى يسيل منه الدم ، ليعلم الناس أنها مُهداة إلى البيت فلا يتعرضوا لها .
سُنة منسية :
من القربات العظيمة الأجر ، الإهداء للبيت الحرام .
فالهدي ـ التطوعي ـ : هو ما أُهدي إلى البيت الحرام من الإبل ، والبقر ، والغنم وغيرها .
ويُراد بتقديمه إلى البيت ـ الكعبة ـ ، التوسعة والإحسان إلى جيران البيت الحرام وزائريه ، من الفقراء والمساكين .
وللمُهْدِي أن يأكل من هدي التطوع والتمتع والقران .
ولا يعطي جازرها شيئًا منها ، على وجه المعاوضة ـ أي الأجرة ـ ، بل يتصدق عليه ويهدي إليه منها .
والشعيرة : ـ هنا ـ ما يُهدَى إلى البيت من بهيمة الأنعام ، فتُعلَّم ، وذلك بإزالة شعر أحد جانبي البدنة أو البقرة ، وكشطه حتى يسيل منه الدم ، ليعلم الناس أنها مُهداة إلى البيت فلا يتعرضوا لها .
تيسير العلام شرح عمدة الأحكام / ج : 2 / باب : الهدي / ص : 175 .
سُنة منسية :
من القربات العظيمة الأجر ، الإهداء للبيت الحرام .
فالهدي ـ التطوعي ـ : هو ما أُهدي إلى البيت الحرام من الإبل ، والبقر ، والغنم وغيرها .
ويُراد بتقديمه إلى البيت ـ الكعبة ـ ، التوسعة والإحسان إلى جيران البيت الحرام وزائريه ، من الفقراء والمساكين .
وللمُهْدِي أن يأكل من هدي التطوع والتمتع والقران .
ولا يعطي جازرها شيئًا منها ، على وجه المعاوضة ـ أي الأجرة ـ ، بل يتصدق عليه ويهدي إليه منها .
تيسير العلام شرح عمدة الأحكام / ج : 2 / باب : الهدي / ص : 181 .
وهو من أفضل القُرَب عند الله تعالى . لأن الصدقة ، والإنفاق من أفضل العبادات ، وينضم إليها عبادة أخرى وهي سفك الدماء لوجهه الكريم ، بعد أن كانت تُسفك للأصنام والطواغيت . لاسيما إذا كان في البلد الحرام ، وعلى المنقطعين لعبادة الله تعالى فيه ، والمجاورين لبيته .
تيسير العلام شرح عمدة الأحكام / ج : 2 / باب : الهدي / ص : 174 / بتصرف .
* عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : كنت أفتلُ القلائد للنبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فيقلد الغنم ويقيم في أهله حلالاً .
صحيح البخاري / ( 25 ) ـ كتاب : الحج / ( 110 ) ـ باب : تقليد الغنم / حديث رقم : 1702 / ص : 192 .
يؤخذ من الحديث جواز إهداء الغنم إلى البيت الشريف .
تيسير العلام شرح عمدة الأحكام / ج : 2 / باب : الهدي / ص : 177 / بتصرف .
* وعن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : فتلت قلائِدَ هدي النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ، ثم أشْعَرَهَا وقلَّدها ـ أو قلدتها ـ ثم بعث بها إلى البيت وأقام بالمدينة . فما حَرُمَ عليه شيءٌ كان حِلٌّ .
صحيح البخاري " متون " / ( 25 ) ـ كتاب : الحج / ( 108 ) ـ باب : إشعار البدْنِ / حديث رقم : 1699 / ص : 192 .
· المعنى الإجمالي للحديث :
كان النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ يعظم البيت العتيق ويقدسه . فكان إذا لم يصل إليه بنفسه بعث إليه ـ أي إلى البيت الحرام ـ الهدي ، تعظيمًا له ، وتوسعة على جيرانه ـ أي : على جيران البيت الحرام ـ
وكان إذا بعث الهدي أشعرها وقلدها ، ليعلم الناس أنها هدي إلى البيت الحرام ، فيحترموها ، ولا يتعرضوا لها بسوء . فذكرت ـ أم المؤمنين ـ عائشة ـ رضي الله عنها ـ تأكيدًا للخبر ـ : أنها كانت تفتِل قلائدها .
وكان ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إذا بعث بها ـ وهو مُقِيم في المدينة ـ لا يجتنب الأشياء التي يجتنبها المُحْرِم من : النساء ، والطيب ، ولبس المخيط ونحو ذلك ، بل يبقى مُحِلاًّ لنفسه كل شيء كان حلالاً له .
تيسير العلام شرح عمدة الأحكام / ج : 2 / باب : الهدي / ص : 175 .
· ما يؤخذ من الحديث :
ـ استحباب بعث الهدي إلى البيت الحرام من البلاد البعيدة ولو لم يصحبها المُهْدِي ، لأن الإهداء إلى البيت صدقة على مساكين الحرم ، وتعظيم للبيت ، وتقرُّب إلى الله تعالى بإراقة الدماء في طاعته .
ـ استحباب إشعار الهدي وتقليده ، بالقرب ، والنعال ، ولحاء الشجر ، مما هو خلاف عادة الناس ، ليعرفوه فيحترموه .
ـ أن المُهْدِي لا يكون محرمًا ببعث الهدي ، لأن الإحرام هو نية ونُسك .
ـ أن المُهْدِي لا يَحْرُم عليه أيضًا ما يحرم على المحرِم من محظورات الإحرام .
قال ابن المنذر : قال الجمهور : لا يصير بتقليد الهدي مُحْرِمًا ، ولا يجب عليه شيء .
وقال بعض العلماء : وإلى ذلك ذهب فقهاء الأمصار .
ـ جواز التوكيل في سَوْقِهَا إلى الحرم ، وذبحها وتفريقها .
ـ أن الشرع يكون حيث المصلحة المحضة ، أو المصلحة الراجحة . فإن إشعار الإبل والبقر المهداة ، فيه تعذيب لها .
ولكن مصلحة إشعارها ، لتعظيمها ، وإظهار طاعة الله في إهدائها ، راجح على هذه المفسدة اليسيرة .
ـ أن الأفضل بعثها مقلدة من أمكنتها ، لا تقليدها عند الإحرام ، لتكون محترمة على مَن تمر به في طريقها ، وليحصل التنافس في أنواع هذه القُرب المتعدي نفعها .
تيسير العلام شرح عمدة الأحكام / ج : 2 / باب : الهدي / ص : 176 .
ومما يتفرع على هاتين القاعدتين :
ـ درء المفاسدِ مُقدم على جلب المصالح
ـ درء المفاسد الراجحة مُقدم على جلب المصالح المرجوحة
ـ تقديم المصلحة الراجحة على المفسدة المرجوحة
هذه القواعد نظير ما سبق ، والمراد :
* أنه إذا تعارضت مفسدة ومصلحة ، وتساويا ، فإن دفع المفسدة مقدم على جلب المصلحة .
وذلك لأن وجود المفسدة يؤثر تأثيرًا سلبيًّا على تحصيل المنفعة ، لذا قالوا " التخلية قبل التحلية " ، أي إزالة العقبات من طريق جلب المصلحة أو المنفعة .
ودفع المفسدة مُقدم على جلب المنفعة لحكمة أخرى حاصلها : أن المفسدة إذا لم تُدفع في أول أمرها ربما تتفاقم وتنتشر وتجر إلى مفاسد أخرى ، وتحُول بين جلب المنافع الدنيوية والأخروية .
القواعد الفقهية بين الأصالة والتوجيه / ص : 107 / بتصرف .
فإذا تساوت المصلحة والمفسدة ، ولم ترجح إحداهما ، فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح لأن عناية الشارع بترك المنهيات آكد من عنايته بفعل المأمورات .
* فعن أبي هريرة ، قال خطب رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ الناس فقال " ... ، فإذا أمرتكم بالشيء فخذوا به ما استطعتم ، وإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه " .
سنن النسائي [ المجلد الواحد ] تحقيق الشيخ الألباني / ( 24 ) ـ كتاب : مناسك الحج /( 1 ) ـ باب : وجوب الحج / حديث رقم : 2619 / ص : 409 / صحيح .
فالمأمورات قال فيها صلى الله عليه وعلى آله وسلم " فخذوا به ما استطعتم " ، فعلقها على الاستطاعة ، وذلك باستفراغ الجهد .
أما المنهيات فقال فيها صلى الله عليه وعلى آله وسلم " فاجتنبوه " . أي ابتعدوا عن المنهيات تمامًا .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
فالمأمورات قال فيها صلى الله عليه وعلى آله وسلم " فخذوا به ما استطعتم " ، فعلقها على الاستطاعة ، وذلك باستفراغ الجهد .
أما المنهيات فقال فيها صلى الله عليه وعلى آله وسلم " فاجتنبوه " . أي ابتعدوا عن المنهيات تمامًا .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
مثال ذلك : يمنع الشخص من الترف في ملكه إذا كان تصرفه يضر بجاره ضررًا فاحشًا ؛ لأن درء المفاسد عن جاره ـ مقدم ـ وأولى من جلب المنافع لنفسه .
الدرة المرضية شرح منظومة القواعد الفقهية ... / جمعة صالح محمد / ص : 47
* أنه إذا تعارضت مفسدة ومصلحة ، وكانت المفسدة أعظم من المصلحة ، وجب تقديم دفع المفسدة ، وإن استلزم ذلك تفويت المصلحة ، لأن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات ، كما سبق توضيحه عاليه .
ومن شواهد هذه القاعدة :
قوله تعالى " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافعُ لِلناسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبرُ من نَّفْعِهِما " . سورة البقرة / آية : 219 .
فحرم الله الخمر والميسر ، لأن مفسدتهما أعظم من مصلحتهما .
قال الحافظ ابن كثير :
" أما إِثمهما فهو في الدين ، وأما المنافع فدنيوية من حيث إن فيها نفع البدن وتهضيم الطعام ، وإخراج الفضلات ، ولذة الشدة التي فيها ، وكذا بيعها والانتفاع بثمنها ، وما كان يقمِّشة بعضهم من الميسر فينفقه على نفسه أو عياله ، ولكن هذه المصالح لا توازي مضرته ومفسدته الراجحة لتعلقها بالعقل والدين ، ولهذا قال تعالى : " وَإِثْمُهُمَا أَكْبرُ من نَّفْعِهِمَا " .
القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب : إعلام الموقعين لابن القيم / ص : 339 / بتصرف .
* أنه إذا تعارضت مفسدة ومصلحة ، وكانت المفسدة أعظم من المصلحة ، وجب تقديم دفع المفسدة ، وإن استلزم ذلك تفويت المصلحة ، لأن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات ، كما سبق توضيحه عاليه .
ومن شواهد هذه القاعدة :
قوله تعالى " يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافعُ لِلناسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبرُ من نَّفْعِهِما " . سورة البقرة / آية : 219 .
فحرم الله الخمر والميسر ، لأن مفسدتهما أعظم من مصلحتهما .
قال الحافظ ابن كثير :
" أما إِثمهما فهو في الدين ، وأما المنافع فدنيوية من حيث إن فيها نفع البدن وتهضيم الطعام ، وإخراج الفضلات ، ولذة الشدة التي فيها ، وكذا بيعها والانتفاع بثمنها ، وما كان يقمِّشة بعضهم من الميسر فينفقه على نفسه أو عياله ، ولكن هذه المصالح لا توازي مضرته ومفسدته الراجحة لتعلقها بالعقل والدين ، ولهذا قال تعالى : " وَإِثْمُهُمَا أَكْبرُ من نَّفْعِهِمَا " .
القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب : إعلام الموقعين لابن القيم / ص : 339 / بتصرف .
* أما إذا دار الفعل بين مصلحة ومفسدة ، وكانت المصلحة أرجح من المفسدة ، حصلنا المصلحة مع التزام المفسدة . وهذا مُفاد القاعدة التالية :
تقديم المصلحة الراجحة على المفسدة المرجوحة
ومن دلائل هذه القاعدة :
ـ قول الله عز وجل " وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" .سورة البقرة / آية : 179 .
* قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ :
" ... فلولا القصاص لفسد العالَم ، وأهلك الناس بعضهم بعضًا استبداءً واتيفاءً ، فكان القصاص دفعًا لمفسدة التَّجَرِّي على الدماء بالجناية أو بالاستيفاء ، وقد قالت العرب في جاهليتها :
" القتال أنفع للقتل " ، وبسفك الدماء تُحقن الدماء " . ا . هـ . ( 2 / 91 ) .
ومن دلائل هذه القاعدة :
ـ قول الله عز وجل " وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاْ أُولِيْ الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" .سورة البقرة / آية : 179 .
* قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ :
" ... فلولا القصاص لفسد العالَم ، وأهلك الناس بعضهم بعضًا استبداءً واتيفاءً ، فكان القصاص دفعًا لمفسدة التَّجَرِّي على الدماء بالجناية أو بالاستيفاء ، وقد قالت العرب في جاهليتها :
" القتال أنفع للقتل " ، وبسفك الدماء تُحقن الدماء " . ا . هـ . ( 2 / 91 ) .
القواعد الفقهية المستخرجة من كتاب : إعلام الموقعين لابن القيم / ص : 343
وقال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في تفسير هذه الآية :
" وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ " . أي : تنحقن بذلك الدماء ، وتنقمع به الأشقياء ، لأن من عَرف أنه مقتول إذا قَتل ، لا يكاد يصدر منه القتل ، وإذا رؤي القاتل مقتولاً انذعر بذلك غيره وانزجر ، فلو كانت عقوبة القاتل غير القتل ، لم يحصل انكفاف الشر ، الذي يحصل بالقتل ، وهكذا سائر الحدود الشرعية ، فيها من النكاية والانزجار ، ما يدل على حكمة الحكيم الغفار ، ونكَّر سبحانه ـ أي جعلها نكرة ـ " الحياة " لإفادة التعظيم والتكثير .
ولما كان هذا الحكم ، لا يعرف حقيقته إلا أهل العقول الكاملة ، والألباب الثقيلة ، خصهم بالخطاب دون غيرهم ، وهذا يدل على أن الله تعالى يحب من عباده أن يعملوا أفكارهم وعقولهم ، في تدبر ما في أحكامه ، من الحِكَم ، والمصالح الدالة على كماله ، وكمال حكمته وحمده ، وعدله ورحمته الواسعة ، وأن من كان بهذه المثابة ، فقد استحق المدح بأنه من ذوي الألباب الذين وجه إليهم الخطاب ، وناداهم رب الأرباب ، وكفى بذلك فضلاً وشرفًا لقوم يعقلون .ا . هـ .
ومن دلائل هذه القاعدة أيضًا :
ـ ما ترجم له البخاري بـ : باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب :
..... أن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أخبرته قالت : استأذن رجل على رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقال : " ائذنوا له بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة " . فلما دخل ألان له الكلام . قالت ـ قلتُ : يا رسول الله قلتَ الذي قلتَ ثم ألنت له الكلام ؟ قال " أي عائشةُ إن شر الناس من تركَهُ الناسُ أو ودعه الناس اتقاء فُحْشِهِ " .
صحيح البخاري . متون / ( 78 ) ـ كتاب : الأدب / ( 48 ) ـ باب : ما يجوزمن اغتياب أهل الفساد والريب / حديث رقم : 6054 / ص : 714 .
وقال الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي في تفسير هذه الآية :
" وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ " . أي : تنحقن بذلك الدماء ، وتنقمع به الأشقياء ، لأن من عَرف أنه مقتول إذا قَتل ، لا يكاد يصدر منه القتل ، وإذا رؤي القاتل مقتولاً انذعر بذلك غيره وانزجر ، فلو كانت عقوبة القاتل غير القتل ، لم يحصل انكفاف الشر ، الذي يحصل بالقتل ، وهكذا سائر الحدود الشرعية ، فيها من النكاية والانزجار ، ما يدل على حكمة الحكيم الغفار ، ونكَّر سبحانه ـ أي جعلها نكرة ـ " الحياة " لإفادة التعظيم والتكثير .
ولما كان هذا الحكم ، لا يعرف حقيقته إلا أهل العقول الكاملة ، والألباب الثقيلة ، خصهم بالخطاب دون غيرهم ، وهذا يدل على أن الله تعالى يحب من عباده أن يعملوا أفكارهم وعقولهم ، في تدبر ما في أحكامه ، من الحِكَم ، والمصالح الدالة على كماله ، وكمال حكمته وحمده ، وعدله ورحمته الواسعة ، وأن من كان بهذه المثابة ، فقد استحق المدح بأنه من ذوي الألباب الذين وجه إليهم الخطاب ، وناداهم رب الأرباب ، وكفى بذلك فضلاً وشرفًا لقوم يعقلون .ا . هـ .
ومن دلائل هذه القاعدة أيضًا :
ـ ما ترجم له البخاري بـ : باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب :
..... أن عائشة ـ رضي الله عنها ـ أخبرته قالت : استأذن رجل على رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فقال : " ائذنوا له بئس أخو العشيرة أو ابن العشيرة " . فلما دخل ألان له الكلام . قالت ـ قلتُ : يا رسول الله قلتَ الذي قلتَ ثم ألنت له الكلام ؟ قال " أي عائشةُ إن شر الناس من تركَهُ الناسُ أو ودعه الناس اتقاء فُحْشِهِ " .
صحيح البخاري . متون / ( 78 ) ـ كتاب : الأدب / ( 48 ) ـ باب : ما يجوزمن اغتياب أهل الفساد والريب / حديث رقم : 6054 / ص : 714 .
ووجه الدلالة منه : أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ترك الكلام في وجه الرجل لمصلحة التأليف ، ولئلاَّ ينفر عن الإسلام ، ورجاء إسلام قومه ؛ لأنه كان سيدَهم .
ويستفاد منه أيضًا جواز غيبة الفسَّاق (1) للمصلحة الراجحة من نصح الناس وتحذيرهم من شرهم . ويدخل في هذا جرح الرواة لمصلحة حفظ السنة من الوضع .
( 1 ) جواز غيبة الفساق ... : هذا يكون في حق أولى الأمر ، وأهل العلم حقًا ، وليس من حق المتعالمين ، وإلا أصبحت فوضى وفتن لا آخر لها .
o فائدة مستخلصة :
ــــــــ
ما حرمه الشارع فإنما حَرَّمه لما يتضمنه من المفسدة الخالصة أو الراجحة ، فإن كانت مصلحة خالصة أو راجحة لم يحرمه ألْبتة .
15 ـ وَمِنْ قَوَاعِدِ الشَّرِيعَةِ التَّيْسِيرُ* في كُلِّ أَمرٍ نَابَهُ تَعْسِيرُ
الشَّرِيعَةِ: الشرع والشريعة في أصل اللغة : مورد الماء ، وأُطلق على ما شرعه الله لعباده من الأحكام ، تشبيهًا بمورد الماء ، لأن بها تحصل حياة القلوب ، ويتحقق الرِيّ المعنوي ، كما أن الماء تحصلُ به حياة الأبدان ، ويتحقق الرِّي الحسِّيّ .
وقد جاء الرِي المعنوي على لسانه صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
* فعن ابن عمر أن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ نهى عن الوصال (1) ، قالوا : فإنك تُواصِل يا رسول الله ! قال " إني لستُ كهيئتكم ، إني أُطعَم وأُسقى "
سنن أبي داود / تحقيق الشيخ الألباني / ( 8 ) ـ أول كتاب : الصيام /( 24 ) ـ باب : في الوصال / حديث رقم : 2360 / ص : 414 / صحيح .
( 1 ) الوصال : أي مواصلة الصيام لليوم التالي دون فاصل بطعام أو شراب .
( 1 ) الوصال : أي مواصلة الصيام لليوم التالي دون فاصل بطعام أو شراب .
وفي قول أبي الفتح البستيِّ :
يا أيها العالِم المرضىُّ سيرتُه أبشر فأنت بغير الماء ريَّانُ .
القواعد الفقهية / للسعدي / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم / بتصرف .
التَّيْسِيرُ: مأخوذ من اليُسْر ، وهو السهولة والليونة .
في كُلِّ أَمرٍ نَابَهُ: أي في كل أمر اعترض له وعارضه ونزل به .
تَعْسِيرُ : مأخوذ من العُسر وهو الشدة وعدم الليونة .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري .
أشار الناظم ـ رحمه الله ـ إلى قاعدة كلية هي إحدى قواعد الإسلام الكبرى وهي ما يُعَبِّر عنها الفقهاء بقولهم " المشقةُ تجلِبُ التيسيرَ " .
والمعنى الإجمالي للقاعدة : هو أن المشقة (2) والعنت إذا طرآ على المكلف كانا سببًا في المجيء باليسر له في العمل المطروء عليه تلك المشقة ، فالشرع مبناه على الرأفة والرحمة والتسهيل .
مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 49 / بتصرف .
( 2 ) وبلفظ آخر : العسر والعنت ، فقد جاءت الأدلة بكلا اللفظين : المشقة ، والعسر .
ـ تعريف المشقة : المشقة هي العُسر والعناء الخارجين عن حد العادة والاحتمال . القواعد ... / ... الصقعبي
التَّيْسِيرُ: مأخوذ من اليُسْر ، وهو السهولة والليونة .
في كُلِّ أَمرٍ نَابَهُ: أي في كل أمر اعترض له وعارضه ونزل به .
تَعْسِيرُ : مأخوذ من العُسر وهو الشدة وعدم الليونة .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري .
أشار الناظم ـ رحمه الله ـ إلى قاعدة كلية هي إحدى قواعد الإسلام الكبرى وهي ما يُعَبِّر عنها الفقهاء بقولهم " المشقةُ تجلِبُ التيسيرَ " .
والمعنى الإجمالي للقاعدة : هو أن المشقة (2) والعنت إذا طرآ على المكلف كانا سببًا في المجيء باليسر له في العمل المطروء عليه تلك المشقة ، فالشرع مبناه على الرأفة والرحمة والتسهيل .
مجموعة الفوائد البهية ... / ص : 49 / بتصرف .
( 2 ) وبلفظ آخر : العسر والعنت ، فقد جاءت الأدلة بكلا اللفظين : المشقة ، والعسر .
ـ تعريف المشقة : المشقة هي العُسر والعناء الخارجين عن حد العادة والاحتمال . القواعد ... / ... الصقعبي
o وجهة نظر :
ــــــ
قال الشيخ / سعد بن ناصر الشثري / في شرح هذه المنظومة :
( 1 ) ـ ( ..... ) ـ تصرف .
العلماء يعبرون عن هذه القاعدة بتعبير يخالف تعبير المؤلف هنا ، المؤلف هنا يقول :
( في كل أمر نابه تعسير ) (1) ـ أي التعسير سبب للتيسير ، والعلماء يعبرون عنها بلفظ آخر ، فيقولون : " المشقة تجلب التيسير " ، ولعل لفظ المؤلف ـ ( أي الناظم ) (1) ـ أولى من لفظ الفقهاء ، وذلك لعدد من الأمور :
ـ الأمر الأول : أن الشريعة إنما جاءت بنفي العُسر ، ولا يوجد فيها نفي المشقة .
ـ الأمر الثاني : أن أحكام الشريعة لا تخلو من نوع مشقة ، لاشك أن الجهاد فيه مشقة ، وأن الأمر بالمعروف فيه مشقة ، بل إن الصلاة فيها مشقة ، كما قال سبحانه" وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخَاشعِينَ ". سورة البقرة / آية : 45 .
لكن هذه المشقة ليست هي الغالبة على الفعل هذا من جهة
و من جهة ثانية : أن هذه المشقة التي فى الفعل مقدورة للمكلف .
و من جهة ثالثة : أن المصلحة في هذا الفعل أعظم من المشقة الواقعة فيه ؛ ولذلك نجد الطبيب يصف للمريض الدواء مُرًّا ، لكن المصلحة المترتبة على الدواء أعظم ، وهي الخاصية التي جعلها الله عز وجل في الدواء يُشفى بها المريض ، هذه المصلحة أعظم من المشقة الحاصلة في الدواء . وكذلك أحكام الشريعة .
والشارع لا يقصد المشقة لذات المشقة ، وإنما مقصوده المصلحة الراجحة الواقعة قي الفعل .
وسبب آخر أن المشقة ليست منضبطة ؛ متى يوصف الفعل بأنه مشقة ؟
هذا أمر تختلف فيه وجهات النظر ؛ ولذلك لا نجد الشريعة تُعوّل على المشقة في بناء الأحكام ، وإنما تعول على رفع العُسر ورفع الحرج . ا . هـ .
* وقد تظاهرت وتضافرت أدلة الشرع على اعتبار هذه القاعدة فمن ذلك :
* قوله تعالى " لَيْسَ عَلَى الأَعْمَى حَرَجٌ وَلاَ عَلَى الأَعرَجِ حَرَج و لا على الْمَرِيضِ حَرَجٌ " . سورة النور / آية : 61 .
* وقوله تعالى "وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ". سورة الحج / آية : 78 .
وقوله تعالى" يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ" . سورة البقرة / آية : 185 .
* عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال " لولا أن أشق على أمتي أو على الناس لأمرتهم بالسواك مع كل صلاة "
صحيح البخاري . متون / ( 11 ) ـ كتاب : الجمعة / ( 8 ) ـ باب : السواك يومَ الجمعة / حديث رقم : 887 / ص : 102 .
وورد في فيض القدير شرح الجامع الصغير / للمناوي / ج : 5 / ص : 442 : " لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم ":
أي : لولا مخافة أن أشق عليهم لأمرتهم أمر إيجاب ، ففيه نفي الفرضية ، وفي غيره من الأحاديث إثبات الندبية . ا . هـ .
* عن ابن شهاب ، قال : أخبرني عُبيدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُتبةَ أن أبا هريرةَ أخبره أن أعرابيًّا بال في المسجد ، فثار إليه الناسُ ليقعوا به ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم " دعوه وأهَرِيقوا على بوله ذنوبًا من ماءٍ أو سَجْلاً من ماءٍ ، فإنما بُعثتُم ميسرين ، ولم تُبعثوا معسرين " . صحيح البخاري . متون / ( 78 ) ـ كتاب : الأدب / ( 80 ) ـ باب : قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم " يسروا ولا تعسروا / حديث رقم : 6128 / ص : 721 .
* عن كبشةَ بنتِ كعبٍ ـ وكانت تحت بعض ولدِ أبي قتادةَ ـ أنها صبت لأبي قتادةَ ماءً يتوضأُ به ، فجاءت هِرَّةٌ تشربُ ، فأصغَى (1) لها الإناءَ ، فجعلتُ أنظرُ إليه ، فقال : يا ابنةَ أخي ! أتعجبين ؟ . قال رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ : " إنها ليست بنجسٍ ، هي من الطَّوافينَ أو الطوَّافاتِ " . سنن ابن ماجه [ المجلد الواحد ] / تحقيق الشيخ الألباني / ( 1 ) ـ كتاب : الطهارة وسنَنِها / ( 32 ) ـ باب :الوضوء بسؤر الهرَّةِ والرخصة في ذلك / حديث رقم : 367 / ص : 82 / صحيح .
( 1 ) " فأصغى " : أي أمال لها الإناء لتتمكن من الشرب . حاشية سنن ابن ماجه ... .ـ النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ في هذا الحديث ـ علق الحكم بمشقة التحرز منها حيث قال " إنها من الطوافين " .
القواعد والأصول الجامعة والفروق والتقاسيم ... / ص : 52 .
o نظرة تأمل : ــــــ
من تتبع الشريعة الغراء في أصولها وفروعها يجد التيسير واضحًا جليًّا في العبادات والمعاملات والحقوق والقضاء والأحوال الشخصية وغير ذلك مما يتصل بعلاقة الخلق بخالقهم ، أوعلاقة الخلق بعضهم ببعض بما يضمن سعادتهم في الدنيا والآخرة . فالشرع في ذاته يسير.
والناظر في التخفيفات الواردة في الشرع يرى أنها لا تخرج عن نوعين اثنين :
1ـ نوع شُرع من أصلِهِ للتيسير ، وهو عموم التكاليف الشرعية في الأحوال العادية ، وهنا لفتة وهي إن إيراد هذه القاعدة لا يعني ذلك أن الأصل في الشريعة العُسر ، وإنما المراد أن الأصل فيها اليسر ، لكن قد يعرض للإنسان عوارض تجعل هذا اليسير في حقه عسيرًا ، فجاءت الشريعة فخففته .
2 ـ نوع شُرع لِمَا يَجِدّ من الأعذار والعوارض وهو المسمى بالرُّخَص .
وهذا دليل عيان يَشهد بأن هذا الدين دين اليسر والسهولة ، وشاهد أيضًا على سماحته وتجاوبه مع الفِطَر المستقيمة ، ... وتقديم ما تزول به مشقتهم وعناؤهم .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي .
س : السائل أن يقول ما ضابط المشقة التي تجلب التيسير ؟ الكثير من الناس يتعلل بالمشقة كلما كُلف بأمر قال : هذا فيه مشقة . هذا لا أستطيعه ، هذا لا أقدر عليه . وربما قال : إن الدين يُسر . وربما قال : إن المشقة تجلب التيسير .
فهل كل مشقة تجلب التيسير ؟ . فنقول جواب ذلك على قسمين :
القسم الأول :
مشقة [ لا تنفك عن العبادة ](1) ، وذلك كمشقة الصوم لشدة الحر وطول النهار ، ومشقة الجهاد ، ومشقة الحج ، ومشقة الاجتهاد في طلب العلم ، فهذه المشقة لا انفكاك عنهافي الغالب ، كما أنها مشقة لا تنافي التكليف ولا تجلب التخفيف ، لأن الذي يطلب التخفيف حينئذ هو مهمل ومفرِّط .
( 1 ) ما بين المعكوفتين [ ] تصرف .
القسم الثاني :
( 1 ) ما بين المعكوفتين [ ] تصرف .
مشقة [ تنفك عن العبادات غالبًا ] (1) ، والأصل أنها لا تُلازم العبادة ، فإن كانت مشقة عظيمة ، كخوف الهلاك عند الاغتسال ، فإن هذه المشقة هي التي تجلب التيسير ، أما إن كانت مشقة خفيفة ـ [ معتادة ] ـ كأدنى صداع في الرأس أو سوء مزاج خفيف ، فهذا لا أثر له ولا التفات إليه ، لأن تحصيل مصالح العبادات أولى من دفع هذه المفسدة التي لا أثر لها . ا . هـ .
منظومة القواعد ... / خالد بن إبراهيم الصقعبي / بتصرف .
ـ وورد برسالة : الدرة المرضية شرح منظومة القواعد الفقهية : ليس كل مشقة تكون سببًا للرخصة ؛ كمشقة الوضوء والغسل في البرد ، ومشقة الصوم في شدة الحر وطول النهار ، ومشقة السفر التي لا انفكاك للحج والجهاد عنها ، ومشقة ألم الحد ، ورجم الزناة ، وقتل الجناة ، وقتل البغاة ، فهذا القسم من المشاق لا أثر له في إسقاط العبادات ، وبالتالي فلا تشمله هذه القاعدة " المشقة تجلب التيسير " .
وإنما المراد بالمشقة التي تؤدي إلى هلاك المكلف ، أو مرضه ، أو انقطاعه عن العمل .ا . هـ .
* أسباب التخفيف :
حصر بعض الفقهاء أسباب التخفيف في سبعة أسباب رئيسية وهي :
1ـ السفر : والسفر على الراجح يُرجع فيه إلى العُرْف .
" السفر " : والدليل على أن السفر مِناط به التخفيف قول الله ـ عز وجل ـ "فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ " .سورة البقرة / آية : 184 .
2ـ المرض : وهو خروج البدن عن حد الاعتدال والاعتياد .
" المرض " كما قال ـ جل وعلا ـ " فَمَن كانَ منكُم مَّرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِّن رَّأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مّن صيَامٍ أَوْ صدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ " . سورة البقرة / آية : 196 .
فْعلق الحكم بالمرض " مريضًا " ولم يطلق ، لم يقل : من كان به مرض ، فدل ذلك على أن المراد مرض خاص ، والذي يترتب عليه الفعل أو يترتب عليه الحكم و إذا كان المرض على حالة لو فعل المأمور معها لتأخر البُرْءُ أو زاد المرض ، فإنه يشرع التخفيف حينئذ .
مثال ذلك : من كان الصيام يؤخر شفاءه ، أو كان الصيام يزيد في مرضه جاز له الفطر ، ومن لم يكن كذلك لم يُجز له الفِطر ، ولو كان مريضًا ؛ ولذلك من به وجع أسنان أو صداع بحيث أن الصيام لا يزيد في مرضه ولا يؤخر شفاء المرض ، فإنه لا يجوز له الإفطار .
فالمريض قد أُذن له بأن يتخلف عن صلاة الجماعة ، وأن يصلي قاعدًا أو يصلي على جنبه حسب ما يستطيع .
ويرجع لتفصيل هذا في كتب الفقه ، فهناك من قال بمطلق المرض .
3ـ الإكراه : وهو في اصطلاح الفقهاء " حمل الغير على أن يفعل ما لا يرضاه ، ولا يختار مباشرته لو تُرك ونفسه " .
4ـ النسيان أو السهو : والنسيان هو جهل الإنسان بما كان يعلمه ضرورة ، أو هو عدم استحضار الشيء في وقت الحاجة إليه .
فإذا نسي الإنسان ، وكان لا يمكن تدارك هذا الشيء ، فإنه يسقط وجوب هذا الشيء بفواته .
وإن كان مما يقبل التدارك من حقوق الله تعالى أو حقوق عباده ؛ كالصلاة والزكاة ونفقات الزوجات وجب تداركه .
5 ـ الجهل : هو نقيض العلم ، وهو في الاصطلاح اعتقاد الشيء جزمًا على خلاف ما هو في الواقع . فالجهل سبب يرفع الإثم والحرج والمسئولية عن المكلفين ، قال تعالى :
"ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ هَاجَرُواْ مِن بَعْدِ ما فُتِنُواْ ثُمَّ جَاهَدُواْ وَصَبَرُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ " .سورة النحل / آية : 119 .
وهذه ليست دعوى إلى الجهل ؛ لأن الإنسان لا يعذر بتفريطه بل نقول يجب عليه أن يتعلم ما لا تقوم العبادة إلا به ، وما لا تصح العبادة إلا به ، لكنه لو بذل واجتهد في ذلك لكنه جهل بعض المسائل فإنه يُرْفَع عنه الحرج .
6ـ العُسر وعموم البلوى : و " العسر " أي مشقة تجنب الشيء . و " عموم البلوى " أي شيوع البلاء بحيث يصعب على المرء الابتعاد عنه .
7ـ النقص الطبيعي : يراد " بالنقص " : ما يوجد في الإنسان من حالة أو صفة من شأنها عدم قدرته على القيام ببعض التكاليف الشرعية ، التي يكلف به غيره ، الذي لا توجد فيه تلك الحالة أو الصفة ، مما يجعل تكليف من كان هذا النقص فيه مرهقًا وشاقًا له ، مما استوجب التخفيف والتيسير على صاحب هذا النقص . الدرة المرضية في ... / ص : 51 .
والنقص ضد الكمال ، ولذلك لم يكلف الصبي والمجنون لنقص عقليهما ، وفوض أمر أموالهما للولي ، كذلك عدم تكليف النساء بكثير مما وجب على الرجال كحضور الجُمَع والجماعات . وهذا لا يسمى كما يزعم البعض أنه نقص غير طبيعي ، بالتالي يحمله ذلك على انتقاص المرأة ، مثلاً : كانتقاص بعضهم النساء برقة الدين ، كمن يستدل بقول النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ " ما رأيت من ناقصات عقل ولا دينٍ أغلب لذي لُبٍّ منكن ، أما نقصان العقل فشهادة امرأتين بشهادة رجل ، وأما نقصان الدين ، فإن إحداكن تُفطِر رمضان ، وتُقيم أيامًا لا تصلي " . رواه أبو داود عن ابن عمر . وصححه الشيخ الألباني في : صحيح الجامع ... تحقيق الشيخ الألباني /ج : 2 / حديث رقم : 5624 ـ 1812 / ص : 983
فهذا لا يُعد انتقاص في حق المرأة حيث بَيَّن صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنها تترك الصلاة في حال حيضها ونفاسها فهذا ليس مدعاة للانتقاص ، لأن هذا نقص طبيعي ليس شاذًا حتى يَحْمِل ذلك بعض الرجال على انتقاص المرأة ، بل قال أهل العلم بأن المرأة إذا تركت الصلاة في حال حيضها ونفاسها فإنها تكون ممتثلة امتثالاً يوازي تركها للصلاة فيغلب جانب امتثالها ويكون ذلك صفة كمال لا نقص في حقها .
منظومة القواعد الفقهية ... / شرح : خالد بن إبراهيم الصقعبي / بتصرف .
منظومة القواعد ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري / بتصرف .
* أنواع الرُّخَص : منظومة القواعد ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري / بتصرف .
ذكر الفقهاء ـ رحمهم الله تعالى ـ أن الرخص الشرعية سبعة أنواع ، وهي كما يلي :
1 ـ رخصة إسقاط : كإسقاط العبادات عند وجود أعذارها ، كإسقاط الصلاة عن الحائض وعن النفساء ، وعدم وجوب الحج على المرأة إذا لم تجد محرمًا .
2 ـ رخصة تنقيص : أي إنقاص العبادة لوجود العذر ، وهذا كالقصر في الصلاة .
3 ـ رخصة إبدال : أي إبدال عبادة بعبادة ـ [ كإحلال التيمم محل ] (1) الوضوء والغسل عند عدم الماء أو عدم القدرة على استعماله ، [ وإحلال القعود أو الاضجاع للمرض محل القيام بالصلاة ] (1) .
( 1 ) ما بين المعكوفتين [ ] تصرف .
4 ـ رخصة تقديم : كجمع التقديم بعرفات بين الظهر والعصر ، قالوا " يجوز تقديم الشيء بعد انعقاد سببه وقبل وجود شرطه " .
مثلاً : الإنسان إذا صار عنده نصاب زكاة ، هذا هو سبب الزكاة بلوغ النصاب ، يجوز أن يقدم زكاته قبل شرطه وهو حلول الحول . وكذا الحِنث في اليمين : يجوز له أن يحلف ثم يُكفِّر عن يمينه ، ثم يحنث ، لكن لا يجوز له أن يكفِّر ثم يحلف ثم يحنث لأن سبب اليمين (الذي هو الحلف) لم ينعقد (2) .
( 2 ) مثاله : شخص حلف ألا يدخل بيت أخيه 0 فيجوز له أن يكفر عن هذا القسم ( بإطعام عشر مساكين ) ، ثم يحنث أي يرجع عن قسمه ويدخل بيت أخيه .
لكن لا يجوز له أن يكفر ( بإطعام عشر مساكين ) ، ثم يحلف ألا يدخل بيت أخيه ، ثم يحنث أي يرجع عن قسمه ويدخل بيت أخيه
5ـ رخصة تأخير : كالجمع في مزدلفة بين المغرب والعشاء ، وتأخير صيام رمضان للمسافر والحائض والنفساء ... ـ [ لعدة من أيام أُخر ] ..
6ـ رخصة اضطرار : كشرب الخمر للغصة إذا لم يجد ـ [ ماء ] ـ وخشي على نفسه الهلاك ،
وأكْل الميتة والخنزير عند المسغبة وخشية الموت جوعًا . 7 ـ رخصة تغيير : كتغيير نظم الصلاة للخوف .
منظومة القواعد الفقهية ... / خالد بن إبراهيم الصقعبي / بتصرف .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق