فقدَّموني بين أيديهم، وأنا ابن ستِّ أو سبعِ سنين
قال البخاري في صحيحه:
4051 :حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ،قال:حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ،عَنْ أَيُّوبَ ،عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ،عَنْ عَمْرِو بْنِ سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو قِلَابَةَ: أَلَا تَلْقَاهُ فَتَسْأَلَهُ .قَالَ: فَلَقِيتُهُ فَسَأَلْتُهُ. فَقَالَ :كُنَّا بِمَاءٍ مَمَرَّ النَّاسِ وَكَانَ يَمُرُّ بِنَا الرُّكْبَانُ فَنَسْأَلُهُمْ: مَا لِلنَّاسِ مَا لِلنَّاسِ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُونَ: يَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرْسَلَهُ أَوْحَى إِلَيْهِ أَوْ أَوْحَى اللَّهُ بِكَذَا. فَكُنْتُ أَحْفَظُ ذَلِكَ الْكَلَامَ وَكَأَنَّمَا يُقَرُّ فِي صَدْرِي وَكَانَتْ الْعَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسْلَامِهِمْ الْفَتْحَ فَيَقُولُونَ: اتْرُكُوهُ وَقَوْمَهُ فَإِنَّهُ إِنْ ظَهَرَ عَلَيْهِمْ فَهُوَ نَبِيٌّ صَادِقٌ. فَلَمَّا كَانَتْ وَقْعَةُ أَهْلِ الْفَتْحِ بَادَرَ كُلُّ قَوْمٍ بِإِسْلَامِهِمْ وَبَدَرَ أَبِي قَوْمِي بِإِسْلَامِهِمْ ،فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ:جِئْتُكُمْ وَاللَّهِ مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقًّا، فَقَالَ "صَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَاوَصَلُّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا فَإِذَا حَضَرَتْ الصَّلَاةُ فَلْيُؤَذِّنْ أَحَدُكُمْ وَلْيَؤُمَّكُمْ أَكْثَرُكُمْ قُرْآنًا" فَنَظَرُوا فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَكْثَرَ قُرْآنًا مِنِّي لِمَا كُنْتُ أَتَلَقَّى مِنْ الرُّكْبَانِ فَقَدَّمُونِي بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَأَنَا ابْنُ سِتٍّ أَوْ سَبْعِ سِنِينَ وَكَانَتْ عَلَيَّ بُرْدَةٌ كُنْتُ إِذَا سَجَدْتُ تَقَلَّصَتْ عَنِّي فَقَالَتْ امْرَأَةٌ مِنْ الْحَيِّ أَلَا تُغَطُّوا عَنَّا اسْتَ قَارِئِكُمْ فَاشْتَزَوْا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا فَمَا فَرِحْتُ بِشَيْءٍ فَرَحِي بِذَلِكَ الْقَمِيصِ"
الكتب » صحيح البخاري »كتاب المغازي » باب وقال الليث حدثني يونس عن ابن شهاب أخبرني عبد الله بن ثعلبة بن صعير وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد مسح وجهه عام الفتح* هنا *
الشرح يُخبِر عَمْرُو بنُ سَلِمَةَ رضِي اللهُ عنه في هذا الحديثِ عن قِصَّةِ إمامَتِه لقومِه عندما سُئِلَ عن ذلك، فأَخْبَر أنَّه كان يَنزِل بماءٍ مَمَرَّ الناسِ، أي: بِمَوْضِعٍ يَمُرُّ به الناسُ، وكانوا كلَّما مَرَّ بهم الرُّكْبَانُ- وهم المسافِرون- سَأَلُوهم: ما لِلنَّاسِ؟ وما هذا الرَّجُلُ؟ أي: ما حالُ الناسِ؟ ويَسْأَلون عن النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فكان المسافِرون يَذْكُرونَ أنَّه رجلٌ يَدَّعِي أنَّ اللهَ أَرْسَلَه وأَوْحَى إليه بِكَذَا وكذا، فكان عَمْرُو بنُ سَلِمَةَ رضِي اللهُ عنه يَحْفَظُ ما يَقُولُونَ مِن القرآنِ، وكانَتِ العَرَبُ في ذلك الوقتِ تَلَوَّمُ بإسْلَامِهِمُ الفَتْحَ، أي: يَنتظِرون فَتْحَ مَكَّةَ للدُّخولِ في الإسلام، فيَقُولُون: اتْرُكُوه؛ فإنْ أَظْهَرَه اللهُ على قَوْمِه- أي نَصَره الله على قُرَيْشٍ- فهو نَبِيٌّ صادِق، فلمَّا فَتَحَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مَكَّةَ، سَارَع كلُّ قومٍ بإعلانِ إسلامِهم، وأَسْرَعَ أبوه بإسلامِه، وقَدِم إلى النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم، فلمَّا رَجَع مِن عِنْدِه أَخْبَرَ قومَه بما أَخْبَرَه النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم مِنَ الصَّلَوَاتِ المَكْتُوبَةِ عليهم ومَوَاقِيتِها، وأنْ يُؤَذِّنَ أحدُهم عندَ حُضورِ وقتِ الصلاةِ، وأن يَؤُمَّهم أكثرُهم حِفْظًا للقرآنِ، فلم يَجِدُوا أَحْفظَ مِن عَمْرِو بنِ سَلِمَةَ رضِي اللهُ عنه؛ لِمَا كان يَحْفَظُه لَمَّا كان يُقَابِلُ الرُّكْبَانَ المسافِرين، فأَمَّهُمْ وهو ابنُ سِتِّ سِنينَ أو سَبْعِ سِنِينَ، وكان يَلْبَسُ بُرْدَةً- أي كِسَاءً أَسْوَدَ مُرَبَّعًا- وهو يُصَلِّي، فكلَّما سَجَد تَقلَّصَتْ عنه، أي: انْحَسَرَتْ ورُفِعَتْ، فتَنكشِف عَوْرَتُه، فقالَتِ امرأةٌ مِن قومِه: ألَا تُغَطُّونَ عنَّا اسْتَ قَارِئِكُم؟! أي: عَوْرَتَه، فاشْتَرَوْا له قَمِيصًا، يَقُول عَمْرُو بنُ سَلِمَةَ رضِي اللهُ عنه: فمَا فَرِحْتُ بشيءٍ فَرَحِي بذلك القَمِيص.
وفي الحديثِ: فضلُ عَمرِو بنِ سَلِمة، وإمامةُ الصبيِّ المميِّزِ في الفريضةِ.*الدرر*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق