الاثنين، 6 يناير 2020

يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ باللَّيْلِ ومَلَائِكَةٌ بالنَّهَارِ

يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ باللَّيْلِ ومَلَائِكَةٌ بالنَّهَارِ

"يَتَعَاقَبُونَ فِيكُمْ مَلَائِكَةٌ باللَّيْلِ ومَلَائِكَةٌ بالنَّهَارِ، ويَجْتَمِعُونَ في صَلَاةِ الفَجْرِ وصَلَاةِ العَصْرِ، ثُمَّ يَعْرُجُ الَّذِينَ بَاتُوا فِيكُمْ، فَيَسْأَلُهُمْ وهو أعْلَمُ بهِمْ: كيفَ تَرَكْتُمْ عِبَادِي؟ فيَقولونَ: تَرَكْنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ، وأَتَيْنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ."الراوي : أبو هريرة- المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 555 - خلاصة حكم المحدث : صحيح - الدرر -

الشرح
يُبَيِّن لنا رَسولُ اللهِ صلَّى الله علَيه وسلَّم أنَّ المَلائِكةَ تَتَناوَب على حِراسةِ البَشرِ فطائِفة تَحرُسهم لَيلًا، وطائِفة أُخرى تَحرُسهم نهارًا، ويَجتمِعون في صَلاةِ الفَجرِ، أي: تَجتمِع ملائكةُ النَّهارِ بملائِكةِ اللَّيلِ في صَلاةِ الفَجرِ؛ حيثُ يَنزِل ملائكةُ النَّهارِ عِندَ أوَّلِ الصَّلاةِ، ولا زال ملائكةُ اللَّيل مَوجودينَ فيَلتَقون بِهم. وصَلاة العَصرِ، أي: ويَجتمِع مَلائكةُ اللَّيلِ بمَلائكةِ النَّهارِ في صَلاةِ العَصرِ. ثُمَّ يَعرُج الَّذينَ باتوا فيكُم، أي: ثُمَّ يَصعَد مَلائِكةُ اللَّيلِ بعد صَلاةِ الفَجرِ فيَسأَلهم الرَّبُّ عزَّ وجلَّ وهو أعلَم بهِم: كَيفَ تَركْتُم عِبادي؟ أي: يَسأَلُهم كَيفَ تَركتُم عِبادي، وهو في غِنًى عَن سُؤالِهم هذا؛ لأنَّه عَليم بِهم، وإنَّما يَسأَلُهم عَن ذلِك في المَلأ الأعْلى؛ تَنويهًا بِشأنِ بَني آدَمَ وبَيانًا لِفَضلِهم، ولِيُباهي بهِم المَلائكةَ فيَقولون تَركْناهم وهُم يُصلُّون صَلاةَ الصُّبحِ وأَتَيْناهم وهُم يُصلُّون صَلاةَ العَصرِ، فَهم في صَلاةٍ دائِمةٍ. وكذَلِك يَسألُ عزَّ وجلَّ مَلائكةَ النَّهارِ، فيُجيبون بِمِثل ما أجابَ به مَلائكةُ اللَّيلِ.
في الحديثِ: أنَّ الصَّلاةَ أعلى العِباداتِ؛ لأنَّه عليها وَقَعَ السُّؤالُ والجوابُ.
وفيه: التَّنبيهُ على أنَّ الفَجرَ والعَصرَ مِن أعظَمِ الصَّلواتِ.
وفيه: الدَّلالةُ على أنَّ اللهَ تعالى يَتكلَّم مَعَ مَلائِكتِه.

- الدرر -
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله:
المحافظة عليهما من أعظم الأسباب في المحافظة على البقية وعلى بقية أمور الدين، وما ذاك إلا لأن الصبح تكون في أول النهار عند حلاوة النوم لمن يسهر، وعند شدة البرد في وقت البرد، وعند حلاوة النوم في القيظ، فكثير من الناس قد يكسل عنها ويضعف ولكن أهل الإيمان والتقوى وقوة الإيمان يبادرون إليها في كل وقت ويحافظون عليها في جميع الأوقات، وهكذا العصر تكون عند نهاية النهار وعند كد الإنسان في الأعمال وعند إيابه إلى أهله غالبًا فربما تساهل فيها، فمن رحمة الله أن حث على العناية بهما والمحافظة عليهما في جميع الأوقات، والصلوات الخمس كلها عمود الإسلام، وكلها فرض على العبد أن يواظب عليها في وقتها، ولكنه يخص الفجر والعصر بمزيد عناية لأن وقتهما في طرفي النهار، يعتري فيه الإنسان ما قد يكسله ويضعفه عن أدائهما مع إخوانه في جماعة، ومما ورد فيهما قوله صلى الله عليه وسلم: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار ويجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر ثم يعرج الذين باتوا فينا بعد صلاة الفجر، ويعرج الذين معنا في النهار بعد صلاة العصر فيسألهم ربهم -وهو أعلم-: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يصلون وأتيناهم وهم يصلون، هذه منقبة لأهل الصلاة وأن الملائكة تشهد لهم عند ربههم أنهم أتوهم وهم يصلون وتركوهم وهم يصلون، فليحرص المؤمن على المحافظة على الصلوات الخمس في الجماعة حتى تشهد له الملائكة بهذه الشهادة العظيمة.
الحديث الثاني
وحديث جرير بن عبدالله البجلي يقول النبي
صلى الله عليه وسلم نظر إلى القمر ليلة البدر يعني عند استكماله ليلة أربعة عشر عند قوة نوره فقال: إنكم سترون ربكم يوم القيامة كما ترون هذا القمر ليلة البدر يعني رؤية واضحة لا إشكال فيها، ولهذا قال: لا تضامون في ذلك من الضيم لا يزدحمون ولا يحتاج الزحام، ويروى لا تضامون يعني لا ينضم بعضكم لبعض للرؤية فهي رؤية واضحة، وفي اللفظ الآخر: لا تضارون في رؤيته يعني لا تشكون في رؤيته، فهذا فيه بشرى لأهل الإيمان وأنهم يرون ربهم يوم القيامة في الموقف وفي الجنة، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وصلاة قبل غروبها فافعلوا يعني المحافظة على هاتين الصلاتين أكثر من غيرهما من أسباب التلذذ برؤية الله ورؤيته يوم القيامة وفي الجنة، ويفيد أن لأهل الصلوات خصوصية المحافظين على الصلوات والمعتنين بها لهم خصوصية في رؤية وجه ربهم رؤية أكمل من غيرهم قال الله جل وعلا "لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ "يونس:26، جاء في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: الزيادة النظر إلى وجه الله فأهل الإيمان الذين أحسنوا إيمانهم لهم الحسنى وهي الجنة، ولهم زيادة وهي النظر إلى وجه الله عز وجل لكمال إيمانهم وكمال تقواهم ومحافظتهم على الصلوات وأداء حق الله وحق عباده.
الحديث الثالث
كذلك حديث بريدة: من ترك صلاة العصر حبط عمله، وفي اللفظ الآخر: من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله إن فاتته فهي مصيبة عظيمة كأنما وتر أهله وماله إذا فاتته الجماعة أو فاتته في وقتها لنوم أو غيره فكأنما وتر أهله وماله، أما من تركها عمدًا فإنه يحبط عمله يكفر بذلك، من تركها عمدًا بطل عمله وكفر بذلك كغيرها من الصلوات لقوله
صلى الله عليه وسلم: بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، وقوله صلى الله عليه وسلم: العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر فهذا يوجب العناية بالصلوات والمحافظة عليها والحذر من تركها والتساهل بأدائها في الوقت، فهي عمود الإسلام وهي الفارقة بين المسلم والكافر، وهي الحافظة من حفظها حفظ دينه ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع.
وفي الحديث الآخر يقول
صلى الله عليه وسلم: أول ما يحاسب عليه العبد من عمله صلاته أول شيء يحاسب عليه يوم القيامة صلاته فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر، وفي اللفظ الآخر: فإن قبلت صلاته قبل سائر عمله، وإن ردت عليه صلاته رد عليه سائر عمله فعليك يا عبد الله أن تحرص على المحافظة على الصلاة بطمأنينة وإخلاص وخشوع وأن تكون لك عناية بالفجر والعصر أكثر وأعظم.
رزق الله الجميع التوفيق والهداية، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.

.هنا -

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق