الثلاثاء، 7 يناير 2020

اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ

"اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والجُبْنِ والبُخْلِ، وضَلَعِ الدَّيْنِ، وغَلَبَةِ الرِّجالِ."الراوي : أنس بن مالك - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري-الصفحة أو الرقم: 6369 - خلاصة حكم المحدث : صحيح= الدرر =

الشرح:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من الاستعاذة من الهم والحزن وبقية هذه الأمور:
والهم: هو انشغال النفس واضطراب القلب لتوقع مكروه يقع في المستقبل.
والحزن: تألم القلب والنفس لأمر مكروه وقع بالفعل.

وقد علّم النبي صلى الله عليه وسلم أمته أن تتعوذ من الهم والحزن كلما هي أمست وإذا هي أصبحت؛ وذلك لما فيهما من شدة الضرر على بدن المرء وعقله، وقلبه ونفسه، ودنياه ودينه. فهما يشوشان الفكر، ويشغلان القلب، ويثقلان البدن، ويذهبان قواه، ويقعدان عن العمل، ويفوِّتان على العبد الكثير من الخير، ويشغلان الفؤاد والنفس عن الطاعات والواجبات، ويصيبان المرء بالإحباط واليأس والتشاؤم.
فإذا تشاءم الإنسان ضاق صدره، ويئست نفسه، وجمد فكره، وفترت همته، وجلس عن الحركة، وقعد في بيته قعود اليائسين.. وأصبح هلوعا يفزع من كل حادث، ويغضب لأدنى سبب، ويشكو من غير علة، ويمرض من غير داء، ولا يرى شيئا في الحياة يستحق الحياة، فكأنه يموت قبل أن يأتيه الموت.
يعلو السواد ناظره فلا يرى في الوجود شيئا جميلا: ينظر إلى الورود فلا يرى إلا شوكها، وينظر إلى جمال السماء في الليل فلا يرى إلا ظلامها، ولا يكاد يرى لله عليه نعمة، ولا يكف أبدا عن الشكوى
أيها الشاكي وما بك داء .. كيف تغدوا إذا غدوت عليلا
شر النفوس في الأرض نفس .. تتوخي قبل الرحيل الرحيلا
وترى الشوك في الورد وتعمى . أن ترى فوق الندى إكليلا
والذي نفسه بغير جمال .. لا يرى في الوجود شيئا جميلا

قال السماء كئيبة وتجهما .. .. قلت ابستم يكفي التجهم في السما
قال الصبا ولى فقلت له ابتسم .. .. لن يرجع الأسف الصبا المتصرما

يا أخي تفاءل، دع عنك الهم والغم والحزن والعجز وتفاءل؛ فقد عاش أقوام قبلك الهم والغم والتشاؤم فما رد لهم عليهم غائبا، ولا أعاد مسلوبا، ولا قضى عنهم دينا، ولا شفى لهم مريضا، ولا أحيا ميتا، وإنما أفسد عليهم حياتهم، ونغص عليه عيشهم، وأفقدهم سعادة تلك الأيام.
لا تثقل يومك بأحزان أمسك، ولا بهموم غدك، فربما يأتي الغد ولا يأتي معه الهم فتكون حرمت نفسك من سعادة يومك
سيكون ما كان في وقته .. .. وأخو الجهالة متعب محزون
فلعل ما تخشاه ليس بكائن .. .. ولعل ما ترجوه سوف يكون

لست أقول لك لا تحزن أبدا، ولا تهتم لشيء أبدا، فهذا لا يقوله عاقل، ولا يمكن وجوده فليس هذا من طبيعة البشر، إنما أقول : لا تسترسل وراء الهموم والظنون والأوهام، ولا تجعل الحزن يطبق على حياتك، فإن ذلك يقود حتما إلى العجز والكسل والقعود والإحباط، وهذا عين ما كان يتعوذ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
........

وقد أجمع العلماء على أن التشاؤم والتفاؤل لا أثر لهما في وقوع الأحداث، فالأمر قد فرغ منه، وإنما أثرهما على نفوس أصحابهم في التعامل معها:
فأما التشاؤم فيصيب بالإحباط والعجز واليأس ويقعد عن العمل. والمتشائم والمتطير إنسان ضيق الصدر، مغلق النفس، فاتر الهمة، ثقيل الظل، كسول متبلد.

وأما التفاؤل فيفتح باب الأمل، ويبعث على الحركة والنشاط والعمل. والمتفائل يستفيد من ماضيه، ويتحمس لحاضره، ويتشوف لمستقبله، فينظر إلى كل ما حوله بعين ترى الأجمل، قلب يغفر الأسوأ، عقل يفكر بالأفضل، وروح يملؤها الأمل، فيرى الوجود من حوله جميلًا.
ولهذا كان يحبه النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث "ويعجبه الفأل"، بينما كان يستعيذ من الهم والحزن، ويدل المؤمنين على ما يذهبهما ويرد أسبابهما.
لا تحزن من مكر البشر فإن الله تعالى فوق الجميع: لقد أراد إخوة يوسف قتله فلم يمت، وأبعدوه عن أبيه لينساه فازدادت محبته له وتعلقه به، وبيع ليكون عبدا فصار ملكا. "
إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِّمَا يَشَاءُ".
والحزن لن يرد عنك القدر، ولن يمنع عنك نزول القضاء، وإنما يخفف وطأه أن ترضى وتعلم "أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك"، والأمر كما قال علي لعدي بن حاتم رضي الله عنهما لما رآه محزونا: "ياعدي من رضي بقضاء الله مضى عليه وكان له أجر، ومن لم يرض بقضاء الله مضى عليه وحبط عمله".

وإن كان يحزنك تسلط الأعداء، وتخاذل الأولياء، واشتد البلاء، فإن سنة الله الماضية في خلقه" إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ*وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ"الأعراف:128.
التفاؤل العمل:
ليس التفاؤل اعتبارك الظلام نورا ولا الظلم عدلا.
وليس التفاؤل انتظار خروج وردة من غير غرس، ولا انتظار حصاد من دون بذر.
وإنما التفاؤل أن تضيء في الظلام شمعة، وأن تبذر لتحصد، وأن تعمل وتجد وتنتظر فرج الله.
التفاؤل أن تواجه الأزمات وأنت منشرح الصدر، واثق من قرب الفرج، وقدوم اليسر.

"فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا*إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا " التفاؤل أن يقترن الأمل بالعمل "فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا ". أن تعمل وتجد وتجتهد وعينك دائما على حسن تدبير الله لك، فما رأيت منه إلا الجميل
كن عن همومك معرضًا .. وكل الأمورَ إلى القضا
أبشر بخيرٍ عاجل .. تنسى به ما قد مضى
فلرُبَّ أمرٍ مسخطٍ .. لك في عواقبه الرضا
الله يفعل ما يشاء .. فلا تكن متعرضا
الله عودك الجميل .. فقس على ما قد مضى

اللهم فرج هم المهمومين، ونفس كرب المكروبين، واقض الدين عن المدينين، واشرح صدورنا وصدور جميع المسلمين.. آمين. هنا =

فالقهر سببه الغلبة ، فالرجل إذا شعر بغلبة الرجال له ، وتسلطهم عليه ، بحق ، أو بغير حق : تسبب ذلك في حصول الكمد والقهر في نفسه .

قال الشيخ محمد شمس الحق العظيم آبادي رحمه الله " من غلبة الدين " أي كثرته وثقله ، وقهر الرجال : أي غلبتهم ... " انتهى من " عون المعبود شرح سنن أبي داود " 4/289 .

وقال رحمه الله – أيضًا - " وغلبة الرجال " أي : قهرهم وشدة تسلطهم عليه ، والمراد بالرجال الظَّلَمة ، أو الدائنون ، واستعاذ عليه الصلاة والسلام من أن يغلبه الرجال ؛ لما في ذلك من الوهن في النفس " انتهى من " عون المعبود شرح سنن أبي داود " 4/281 .
موقع الإسلام سؤال وجواب

"ما يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِن نَصَبٍ ولَا وصَبٍ، ولَا هَمٍّ ولَا حُزْنٍ ولَا أذًى ولَا غَمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ."الراوي : أبو هريرة - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم: 5641 - خلاصة حكم المحدث : صحيح = الدرر=

في هذا الحديثِ تَسليةٌ للمؤمنِ فيما يُصِيبُهُ من مصائبِ الدُّنيا ومن الأمراض؛ فكلُّ ما يُصيبُ المؤمنَ خيرٌ له؛ يقولُ صلَّى الله عليه وسلَّم" ما مِن مُصيبةٍ "، وتنكيرُ كلمة " مصيبة " يُفيد العمومَ والشُّمول؛ أيْ: أيُّ مصيبةٍ، كبيرةً كانتْ أو صغيرة، أيًّا كان قدرُها؛ تُصيب المسلمَ إلَّا كانتْ تكفيرًا لذُنوبِه، وفي حديث آخَرَ تفصيلُ هذه الأشياءِ التي تصيبُه، سواءٌ كان تعبًا أو همًّا أو غمًّا أو حزنًا، فما من مصيبةٍ تُصيب العبدَ المؤمن إلَّا ويَرفَع اللهُ بها درجتَه، ويحطُّ عنه خَطاياه ويُطهِّرُه بها مِن ذُنوبه ومعاصِيه، حتى لو كانتْ هذه المصيبةُ شوكةً تُصيب العبدَ.
= الدرر=

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق